الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقويض الفكر المغربي

خالد خالص

2020 / 2 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أصبحت الحوادث المرتبطة بالجنس والخيانة الزوجية والاجهاض والابوة خارج إطار الزواج وغيرها، التي تكون معروضة على القضاء، - وهي حوادث تقع في جميع المجتمعات -،تحضى بسجال اعلامي قل نظيره، وباهتمام وتفاعل بالغ لمعظم الفئات المجتمعية المغربية، الى حد حصر الحديث عنها إعلاميا دون سواها، بعيدا عن القضايا المصيرية للبلاد كالوحدة الترابية والتربية والتعليم والعدالة والصحة والشغل والمالية والاقتصاد والفساد المستشري هنا وهناك وبعيدا عن القضايا الدولية وعن الفلسفة والآداب والشعر والفنون وغيرها..

وأصبحت أغلبية وسائل الإعلام، تقتفي آثار هذه الحوادث، وتواكب تفاصيلها بطريقة ملحة تطرح اكثر من تسائل، وتنقلها بكل الطرق للمستهلك الذي أصبح متعطش لها، ومدمن عليها بالنظر على العدد الهائل من المشاهدات والنقرات، وهو ما يؤثر سلبا على فكر الانسان المغربي وعلى مجتمع أصبح معظمه مهوس -وربما لا اراديا- بهذه القضايا.

والغريب هو أن تجد مؤتمرات وندوات وموائد مستديرة من المستوى الرفيع، بذلت فيها مجهودات جبارة، و صرفت عليها أموالا باهظة، لا تحظى باهتمام المجتمع ولا حتى باهتمام أصحاب التخصص ناهيك عن وسائل الاعلام إلا ناذرا، بينما تجد الكل يركض حول فضيحة أو مأساة فلان أو فلانة، لان وسائل الإعلام أصبحت تتبع رغبة "السوق" ولأن "السوق" تطالب الإعلام بمثل هاته الفضائح الى درجة أن أحد الصحافيين كتب مؤخرا مقالا جديا وهزليا في نفس الوقت لبيع الفضائح يدعي من خلاله بأن له "خيانات زوجية وعلاقات جنسية خارجة عن إطار الزواج بحمل وبدونه ولكل واحدة ثمنها حسب جودتها وحسب خطورتها لمن أراد شرائها ولمن يدفع أكثر...".

حقيقة أن الامر ليس بالجديد على المجتمع المغربي، إذ الكل يتذكر قضية الكوميسير ثابث الذي حكم عليه بالاعدام سنة 1993، "لغزواته" الجنسية الموثقة بالصوت والصورة في أشرطة الفيديو؛ والذي سجل التاريخ بأنه آخر محكوم نفذ فيه الاعدام حيث كانت قضيته محل اهتمام بالغ للإعلام المكتوب وقتها.

إلا أن مثل هذه الحوادث، كانت تشكل استثناء بالنسبة لاهتمام وسائل الاعلام، قبل أن تصبح قاعدة تتسابق نحوها الكثير من المنابر داخل قاعات الجلسات وأمام ابواب المحاكم وبمكاتب المحامين وبمنازل اصحابها، بالكاميرات المتعددة والميكروفونات المتنوعة، لأن السوق تتحكم في الطلب ولأن الأمر صار مدر للدخل لكثير من الاطراف، التي لا تهتم في الواقع ببناء الإنسان، ولا تهتم ببناء العقل بقدر ما تهتم بالبوز والطاندانس وعدد النقرات.. وهو ما يهدم ما تقوم به الاسرة والمدرسة وينبىء بخطورة الوضع الصحي المستقبلي للفكر المغربي الذي أصبح يقوض منذ مدة لكي لا يبارح تحت الحزام.

ذ.خالد خالص








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى