الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حواري مع الشاعر حمزة قناوي

طارق سعيد أحمد

2020 / 2 / 3
الادب والفن


روايته الأخيرة تنتمي إلى "الاشتراكية الرومانسية" وتطرح أسئلة الطبقة والهُويّة
حمزة قناوي: النقاد نبلاءٌ ومُزيَّفون
• أنتمي إلى اليسار الثوري الحالم بتغيير العالم وأودعت تجربتي في "خريف الزعفران"
• نعيش انفصاماً هائلاً في البيئة الثقافية العربية بين مفاهيم كثيرة والكل يبحث عن خلاصه الفردي
• لا يوجد لدينا الآن نُقاد رواد قادرون على مساءلة الراهن ورفضه
• سلطة النص الحُر أقوى من نص السلطة
• الموروث النقلي العربي وتقديسه حجر عثرةٍ أمامَ نقد تاريخنا ومعاودة قراءته
• عاتبٌ على كثيرين.. عماد أبو غازي وحسن طلب والثقافة الرسمية في بلدي
• لم أعُد الفتى نفسه الذي غادر مصر منذ عقد ونصف.. وأحلامي لها دخلت الخريف.

• حوار :
منذ غادر مصر منذ اثني عشر عاماً، لم يتوقَّف الشاعرُ المصري حمزة قناوي عن مواصلة الكتابة بأشكالها المختلفة، فأصدر ثلاث روايات، أولاها "المثقفون" و"من أوراق شاب مصري" اللتانِ صاغ فيهما تجربته وتجربة جيل كاملٍ عاش تعقيدات الأوضاع السياسية والاقتصادية لبلاده، ومسلطاً الضوء على تناقضات الوسط الثقافي وازدواجية خطابه وممارساته، والأخيرة "خريف الزعفران" والتي تناول فيها الثورية الاشتراكية في عالم الجامعة بأجواءٍ رومانسيةٍ انتهت مع حقبة التسعينيات، ومجموعة قصصية هي "باتجاه الطريق" كما لم يَتوقَّف عن كتابة الشعر فأصدر إلى اليوم أحد عشر ديواناً شعرياً، بدأت منذ "الأسئلة العطشى" عام 2000، و "أكذوبة السعادة المغادرة"، و"أغنيات الخريف الأخيرة"، و"الغريب- قصائد باريس"، وصولاً إلى "لا شيء يوجعني" الذي ترشَّح لجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب عام 2017، كما يواصل الكتابة النقدية بشكلٍ منتظم في جريدة "القدس العربي".
قناوي- الذي يُعدُّ من بين أغزر كُتَّابِ جيلِهِ إنتاجاً أدبياً، يستعدُ لمناقشة الدكتوراة عن "سيميولوجيا الشِعر المِصري الحديث"، يحدثنا في هذا الحوار عن رؤيته للمشهد الثقافي العربي، وعن تجربته مع الكتابة، وتراسل الأنواع الفنية والثقافية، وتجربته مع النقاد واغترابه عن مصر.. في حوارٍ كانت به الكثير من الآراء الحادة والتي أملتها تجربته- الحزينة كما يقول- التي عاشها ويواصلُها منذ اثنين وعشرين عاماً.
حوار:
• أصدرت مؤخرأ روايتك "خريف الزعفران"، والتي تدور في أجواء الجامعة في تسعينيات القرن الماضي، ما الذي تحاول هذه التجربة إبرازه وتسليط الضوء عليه؟
- "خريف الزعفران" رواية تنتمي إلى أفكار "الاشتراكية الرومانسية"، وهي المرحلة الأولى النظرية من مراحِل ترسيخ الفكر الاشتراكي، تنتمي بقوةٍ إلى أفكار الروح الثورية التي كانت سائدةً لدى جيلي في الجامعة، خاصةً من طلبةِ التيار اليساري، حيثُ كنا نحلمُ بتغيير العالم، ونصدر مجلةً سياسيةٍ توعويةٍ اسمها "خطوة" كان يشرف عليها أستاذنا الراحل النبيل د. سيد البحراوي مع أساتذة آخرين، وكنا نستعدي الرأسماليةَ اللاآدمية، ونُعمّق الوعي بقضايا العمال وبيع القطاع العام، والفساد في عهد مبارك، والصحافة المُدجّنة، وننظم المعارض في ممر الطلاب الاشتراكيين بين كليتي الآداب والحقوق، ونعرِضُ فيها أشعار نجم وأغنيات الشيخ إمام وقصائد درويش ومارسيل خليفة.. هذه هي الأجواء الرئيسية للرواية التي تدور داخل جامعة عين شمس وتتشابك فيها مصائر طلابٌ حالمون ومخبرون وأساتذةُ جامعةٍ ثوريون وآخرون يأتمرون بأوامر السلطة، حين كان "حرس الجامعة" هو من يدير الجامعة بالفعل، كما تستعرض الرواية الصراع الطبقي والمواجهة بين الأفكار من خلالِ قصةِ حبٍ مرهفةٍ وغير مكتملةٍ بين بطل العمل وزميلته في الدراسة، قبل أن ينتهي كل هذا الزخم وهذه الأحلام إلى الخريف.
• وصلت مجموعتك الشعرية الأخيرة "لا شيءَ يوجعني" إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب، هل ينقسم مسارك الأدبي بين الشعر والرواية بمحاولة التحقُّق ذاتها؟
- ليس تماماً، فأنا شاعرٌ بالأساس وبعدها لا يعنيني التصنيف الأدبي الذي أوضع فيه، فأنا أكتب أيضاً الدراسات النقدية وأنشرها بصورةٍ دوريةٍ في "القدس العربي" والمجلات العربية، وأكتب القصة القصيرة وفزت بجائزة هيئة الإذاعة البريطانية أكثر من مرةٍ في مجالها، وأكتب المقال الفكري في مجلة "تراث" وغيرها، ولكن الشعر هو جوهرُ روحي ومبرر وجودي في العالم، وأتمثَّل به الموجودات والظواهر واستبطان علاقاتِ الكون ومفرداته وتفاصيله.. الشعرُ أنقذ روحي من الاحتراق في مفترقاتٍ كثيرةٍ فرضتها عليَّ تجربة الغربة، والاختيار بين القيمِ والموازنة بين الحقيقي والزائف والجوهر والعابر. تمنيت لو أنصفتني الأقدار بنيل جائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب، ولكنّ حظوظي لم تكتمل، كغيرها من الحظوظ التي وعدتني بفتنتها ومرّت.
• رغم أن أعمالك تنتمي إلى التيار الوجداني وتميل إلى تمثُّل العالم برهافةٍ ولغةٍ شفيفةٍ في قصائدك، بما يحقق مبادئ وأفكار الفلسفة المثالية، إلا أن مقالاتك تمثيل في كثير من الأحيان إلى الحدةِ وتناول كثيرٍ من الظواهر الثقافية في الواقع بالنقد الحاد.. لماذا هذا الفصل بين خلقِ النصِّ وتمثُّلِ الواقع؟
- لأن هذا الفصل موجودٌ بالفعل! فالعمل الأدبي- والقصيدة تحديداً- تحاول معاودة خلق العالم من خلال الصورة الذهنية والنفسية لمبدعها وما ينشده منه، من قيمٍ جماليةٍ وخيِّرة تواجهُ القُبحَ وتنتصرُ للحق والإنسان. أما الواقع المعيش من كل هذه "الأحلام" فلا شيءَ يطابقها فيه للأسف. الواقع الثقافي العربي مهلهلٌ ومُرتبك. لدينا نُقاد يُجاهرونَ بتبعيتهم وطوعيتهم ببيع علمهم مقابل الدولار والريال، يُحكِّمونَ المسابقات المليونية هنا وهناك بلا محددٍ معياريٍّ ولا ضابطٍ نقدي سوى أهواؤهم وما تمليه الشيكات، وآخر ما يفكرون فيه قيمة الفن ومعايير النقد (وإن كانت توجد قلةٌ قليلةً من النقاد الشرفاء المتمسكينَ بنزاهتهم ويتسمون بالنبل والانضباط العلمي والمنهجي، رحل منهم كثيرون مثل سيد البحراوي وعز الدين إسماعيل ومصطفى ناصف)، ولدينا شعراء يعبدون صورتهم، ويحتلون الساحات جميعها تقريباً من خلال "تربيطاتٍ" مع نقادٍ نافذين ومسؤولينَ يملكون مفاتيح النشر والجوائز والمشاركات الخارجية، وحتى على مستوى الفكر العربي، من الصعب أن تجد اليوم مفكراً يحاول مراجعة أفكار الموروث النقلي العربي كما فعل طه حسين والمهدي منجرة وعبد الله العروي وإدوارد سعيد ونصر أبو زيد وحسن حنفي وأنور عبد الملك، لدينا مشكلة كبيرة في التعامل مع قراءة الخطاب الفكري العربي القديم، وتحليل سلطة النص لمعاودة إنتاجها وقراءتها وفق الظرف الحضاري للعصر الذي أُنتِج فيه هذا النص، والخلفية السوسيولوجية المُكوّنة لعناصره، ولدينا إشكالية في تمثُّل العالم وقبول الآخر، إن كل فكرةٍ في التاريخ قابلةٌ للمراجَعَة والتقييم والنقد، بينما نحنُ نهرولُ في منظومةٍ مفككةٍ بلا تبصُّر للذات يحكُمُها الاستهلاكُ لا النَقد، والاقتناء لا القيمة.
• بعد اثني عشر عاماً من مغادرتك مصر واستقرارك في الخارج في رحلةٍ وَسَمَها التركيز على الأدب والكتابة والمشاركات الدولية بالفعاليات الثقافيةِ، أين تقف الآن من هذه اللحظة التي غادرت فيها مصر لأول مرةٍ.. وما الذي تثيره في نفسكَ هذه الذكرى؟
- أقف مندهشاً وحائراً، بعد كل هذه السنوات التي ابتعدتُ فيها عن مصر، لم أعُد الفتى نفسه الذي غادرَ مصر محملاً بأحلامِ تغيير العالم، وبأن يعودَ لبلدهِ ليُسهِم في حِراكِها الثقافي وريادَتِها الفكرية، أشعر بالأسى في كثير من الأحيان وأزمة وعي الذات وموقفها من العالم، نشأت في بيت أنور عبد الملك رائد اليسار المصري وتربيت على أفكار صنع الله إبراهيم وقابلت محمد حسنين هيكل، وجلال أمين الذي ربطتني به صداقة عميقة، وعبد العظيم أنيس، وتكويني الناصري لم يتغير بإقامتي في الخليج، كتبت في "الوفد" و"الطليعة" وانتميت لليسار غير أنني حزينٌ لعدم أخذي دوراً في بلدي ككافة شبابها، ربما الآن- وبعد نحو خمسة عشر عاماً أعاتب- بمحبةٍ وحكمةٍ- الدكتور عماد أبو غازي، الذي كان يشغل منصبه كأمين عام للمجلس الأعلى للثقافة- والذي أقدّره كثيراً على المستوى الإنساني وتاريخه النضالي القديم- حين طُلِبَ مني في المجلس أن أغادره (وكان تعييني به مؤقتاً آنذاك وغير مثبّت) من يومها لم أرَ مبنى الأوبرا مجدداً قدرما رأيت مطارات عشرين بلداً في العالم، أعاتب حسن طلب الذي طالما أكّد لي أنني سيكون لي دورٌ في محافل الشعر المصري الرسمي، ولم يحدث، أعاتب المشهد الثقافي الرسمي في بلدي، الذي لم يُقدرني، بعدما عشت حياتي في الخارج أكتب عن شعراء مصر وكُتّابها، وقيمتها الحضارية في المحافل كافةً.. أعاتب مسارات الحياة والعالم كله، لكنني لا أستطيع أن أعاتب مصر، ولو أنكرتني تماماً، لن أعاتب بلدي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نهال عنبر ترد على شائعة اعتزالها الفن: سأظل فى التمثيل لآخر


.. أول ظهور للفنان أحمد عبد العزيز مع شاب ذوى الهمم صاحب واقعة




.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با