الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معنى الجوع و الظمأ عند النخب القديرة و المتميزة و الشريفة

حمزة بلحاج صالح

2020 / 2 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


" الجوع و الظمأ عند المثقف المبدع و الباحث صاحب المشروع ليس بالضرورة فقرا مدقعا و الحاجة الى لقمة عيش يومية في حدها الزهيد فقد باتت لقمة العيش في حدها البسيط لسد الرمق ميسورة للكثير..

المثقف العضوي و الرسالي يحتاج إلى إستقلالية في العيش و الرزق تؤمن له مستقبله و مستقبل نسله و تحميهم و تمنحه هو وأهله الطمأنينة..

كلما ارتبطت علاقة المثقف و النخب بالسلط الحاكمة و ذوي النفوذ رزقا و وجودا ماديا و معنويا إلا عكر ذلك صفو عقله و نفسه و حالته الإبداعية و نال من إستقلاليته...

لا بد من ايجاد اليات لتأمين النخب المتميزة و النادرة حتى يتفرغوا فقط للإبداع و التفكير في مخارج من التخلف جدية لا تهويمات و يوطوبيات و كلام فارغ من قبيل الثرثرة...

هذا العمل لا يقدمه الفرد المتميز بل فريق بحث يقوده الفرد المتميز مرفوقا بالوسائل و الأدوات يحقق بها أهدافه و مرفوقا بتأمين و أمان...

المثقف الذي يتخبط في وحل نفسه و مع ذاته و يجد صعوبات في لقمة عيشه و تأمين مستقبل أولاده كيف به ترى يبدع بل لن يبدع إلا كلاما فارغا أو مكرورا و ثرثرة مستنسخة و ولاءات بئيسة و محنطة و ريوع و منافع مادية يلهث من وراءها على قاعدة " جوع كلبك يتبعك " ...

المثقف الذي يتخبط في وحل مصاريف الكتب و الدوريات التي يقتنيها فلا يستطيع على دفعها و في طبع و استنساخ كتب يحتاج إليها فلا يستطيع و إقتناء ما يرغب من معرض للكتاب مثلا أو تغطية مصاريف المشاركة في الورشات الجادة العلمية للملتقيات و ورشات العمل و التربصات التي لا تتم المشاركة فيها الا بمشاركة مادية حتى في العالم العربي و الاسلامي على ندرة جودتها و كذلك تفعل الجامعات و مراكز البحث في عالمنا العربي الاسلامي فما بالك عند الغرب رغم هشاشة ما يطرح عربيا و إسلاميا فتراه لا يستطيع لولا قلة مساعدة قليلة جدا تحسن إليه مشكورة لكنها لا تستطيع التكفل بحمله الثقيل وحدها ..

المثقف الذي يجد صعوبة في تغطية مصاريف هاتفه و اتصالاته و شبكة علاقاته المعرفية و العلمية و الثقافية و السياسية و مصاريف تنقله إلى العالم لاكتشاف الإضافات العالمية المعرفية الحديثة ...

و لا يملك مترجما في مؤسسة لو قدر له أن يديرها ليواكب بعض بل قليل مما تقذفه مطابع الغرب و مؤسساته البحثية كيف تطلب من هذا المثقف و المفكر و الباحث الذي يعاني من هذه المشكلات البسيطة أن يفكر بعمق في إشكاليات الراهن و يكون مانحا لأمته و لمؤسسات الأمة التي يلهيها الضجيج عن مثل هذا المفكر الجيد على قلته و ندرته و كونه تحت ركام النسيان و التغييب ..

و العبرة بل التحدي في سبل إستنساخه و إستنساخ من هو أفضل منه و توليده كما تولد النخب في مجتمعات حديثة لا يضرها أن تتأثر جماهيرها بالسياق العام

المثقف و المفكر الرسالي الذي يعجز عن إقتناء الة طابعة و جهاز إعلام الي أو " لاب توب " بسعة تخزين محترمة و " طابليت " و جهاز سكانير لاستنساخ البحوث و الكتب ...

بل الكارثة و من اجل تصوير دقيق لهزالة المشهد أنه لو كسر زجاج نظاراته لاحتار فيها و هو من يقتني إطارنظاراته الهشة من السوق الشعبية بجودة معدومة لبؤس حاله ...

و غيرها من الجزئيات البسيطة للأسف و التي ترتهنه و تستلبه و تحنطه و تقتله قتلا بطيئا في وقت تستنبت و تشيد في دول الغرب التي تحترم عباقرتها قرى و مدن تتوفر على كل شروط الراحة و الإبداع لأنهم فهموا مكانة المثقف و معنى و أهمية قول أحد أئمة المذاهب " لو كلفت بصلة ما تعلمت مسألة " فشيدوا في كل بلدانهم و أوطانهم ما يشبه " سيليكون فالاي " فمنها ما نراها و منها ما لا نراها و لا نعرفها ليس للمبدين في حقول العلوم التجريبية و النووية و النانوتكنولوجيات ..الخ بل في العلوم الانسانية و التربوية و غيرها..

كيف نطالب مثل هذا المثقف أن يكون معطاء و وضعه الصحي يتاكل يوما بعد يوم و مشكلاته الإجتماعية تغزوه و تكبله و السلطة تحاصره و نسله بلا عمل و اخواته تحت كفالته لاعاقة او مرض او حاجة ..

عندما نتكلم عن نوع من المثقفين نعني نفر/ قدوة و نعني خبراء كبار و استراتيجيين و نعني باحثين كبارا ...

و لا نعني أن يتم التكفل تكفلا رفيع الكلفة بكل جامعي يحمل الشهادة الجامعية و منهم من يسترزق و ينتهز الفرص ...

إنما نعني مساحات و حصون الابداع القوية التي تنهض بالعقول و بالمجتمعات متمثلة في رموز قليلة نقتلها و هي لا تزال حية ترزق كان يمكن أن تؤسس لميلاد النخب و تناسلها حتى تحيا المجتمعات ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت


.. #shorts - Baqarah-53




.. عرب ويهود ينددون بتصدير الأسلحة لإسرائيل في مظاهرات بلندن


.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص




.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح