الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التوثيّة

ستار جبار سيبان

2020 / 2 / 6
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


التوثيّة *
ذكر صاحب كتاب ( السعادات في كثرة الوفيات ) ، في باب ( التواثي ) ، ما نصه :
ان التوثية هي خشبة اذاقها الموت شره بعد ما كانت تنبض بحياة هانئة في شجرة مورقة ، يلاعب النسيم اغصانها ، وتهب الراحة والحياة لمن يستظل بها . تعاطف بعض من ممن ملكوا البلاد والعباد في غابر الزمان واصابهم الحزن لما اصاب التوثيّة ، فقرر بعضهم ان يعوضها جزء من خسارتها ويجعلها تهب الموت والالم لمن كان السبب في تخشبها وموتها ، ويذكر ان المكتشف الأول للتوثية ، هو سلطان ملكَ بلاد واسعة تمتد من النهر الى البحر ، رأى في منامه ذات ليلة ، ان عبداً من عبيده يربط الملك على شجرة عظيمة يحتضنها وقيدت كفيه بحبل غليظ خلفها ، والعبد يهدده بسبعين توثية على مؤخرته الكبيرة المكشوفة اذا ما اذاق الرعية والعبيد شر هذه الخشبة الغليظة الصماء ، فزّ من نومه مرعوباً يتصبب عرقاً ، ما دعاه الى ان يأمر رئيس حراسه باستدعاء جميع وزرائه ومستشاريه وهيئة الافتاء لانعقاد جلسة طارئة لتفسير رؤياه التي قد تكون لا تقل اهمية عن رؤيا فرعون مصر . بعد اجتماع دام يوم او اكثر ، صدر عن المجتمعين بياناً مشتركاً مذيلاً بهامش الهيئتين السياسية والشرعية لمجلس الافتاء العام ، ينص بعضاً منه على ان التوثيّة كيان مقدس مستقل بحد ذاته ، لايمكن المساس بقدسيته ، مستمداً قدسيته منذ ايام النبي موسى حين خاطب الخالق قائلاً هي عصاي اتوكأ عليها واهش بها على غنمي ولي فيها مآرب اخرى ، وان المقصود بالمآرب الاخرى ، ان ترفع التواثي عالياً كما رفعت المصاحف على اسنة الرماح للاحتكام الى قول الحق في الازمان الغابرة . انبرى الشعراء لكتابة قصائدهم والتفاخر للسطوة الروحية للتوثية المقدسة ، وشاع بين الناس ان يقسموا على الخالق بروح التوثية بصلاة جامعة موحدة للاستسقاء اذا ما اصابهم الجفاف والعطش ، وعلقت على مداخل البيوت تواثي صغيرة ملونة لحماية اصحاب الدار من الحسد والجذام والبرص ، كما حصلت موافقة السلطان على مقترح بعض المشايخ في مجلس الافتاء العام ، على ان إقامة نصب عظيم من الذهب الخالص للتوثية ، عند مدخل بوابة المدينة ، لايقل ولا يزيد ارتفاعه عن مأذنة مسجد الدولة الكبير ، يرتكز على سبع دعامات مشابهة لمؤخرة الملك التي رآها مكشوفة في رؤياه تلك الليلة ، محفور عليها بالخط الكوفي ( اتوكأ عليها ولي فيها مآرب أخرى ) ، يعتبر جزء من الوفاء لهذا المقدس الخشبي الذي سيكون الجندي المجهول على مر العصور والأزمنة اللاحقة لابناء الامة المجيدة في استتباب أمنها لخير العباد والبلاد .

-------
*التوثيّة : خشبة غليضة يقابله النبّوت عند المصريين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة