الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفلسفة الإلهية في إدارة الكون- الإيمان إمتياز!

هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث

(Havalberwari)

2020 / 2 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الفلسفة الإلهية في الدنيا هي
فلسفة الابتلاء والاختبار والامتحان
فالدنيا دار ابتلاء وليس دار فصل
وخطة الله في الخلق مبنية على ذلك
والشر له وجود وشعلة الشر يرفعها الشيطان المتمثل برمزية الشر يتبعه من خلفه المتبعون
وله حق الوجود وكامل الحرية والحركة،،
وكل الخلائق واقعين تحت بند المحدودية بحدود معينة فهم في أصلهم مركبات ناقصة،
وفلسفة الخير ممزوجة بفلسفة الشر
فليس في العالم
خير محض
ولا شر محض
فلا سعادة كاملة ولا شفاء كامل
ولا نجاح مطلق ولا إخفاق مطلق
ولا فرح دائم ولا حزن دائم

والشر منقسم الى:
1- الشر الطبيعي
2- الشر الاخلاقي الذي يحدثه البشر

وقد بين استاذ الفلاسفة أرسطو أن نظرة الفلاسفة الى الكون تنقسم الى 5 أقسام
إما هو:
1-خير مطلق
2- خير كثير وقليل من الشر
3- شر كثير مع خير قليل
4- الخير والشر متساويين
5- شر مطلق
لكن النظرة الأرسطوية انحصرت في النقطة الاولى والثانية فقط

أما الملاحدة فينظرون بنظرة النقطة الثالثة
أي أن الكون كله شر والخير فيه قليل

وهناك من ينظر الى الكون أن الله كلي الرحمة لكنه ليس قديراً!

أما النظرة القرآنية للكون فالله هو كلي الرحمة والخيرية والقدرة ....
والشر الموجود له تفسير بحيث لا يناقض كون الله هو كلي الرحمة وكلي القدرة
(وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا)

ومسألة الشر في الكون هي من مسائل علم اللاهوتي الطبيعي

أما العقلانيون
فيرون أن الله كامل القدرة لكنه ليس كامل الرحمة
فهناك من الشرور والعذاب مالا يمكن تبريره !
كما نراه من الفيضانات والزلازل التي تفتك بالناس وتمزق اواصر الأسر والعوائل ؟
ولكي نفهم ذلك علينا أن ندرك أن هناك علمين مرتبطين بالميتافيزيقيا أيما وراء الطبيعة وهو
1-علم اللاهوت الطبيعي
وهوالعلم المتعلق بالمسائل التي يمكنك ان تفسر الكون بالعقل دون اللجوء الى النقل والوحي
وأنت تؤمن بالله وأنه واجب الوجود

2- علم اللاهوت العقدي
وهو العلم الماعبق بالمسائل التي لاتدركه العقل ولابد حينئذ أن تستند الى النقل والوحي
مثل صفات الله ومعرفة ابداعه في خلقه وحكمته وعنايته


ولحل إشكالية معرفة مفهوم الخير والشر
أسس الفلاسفة قاعدة تبين أنه لا وجود للشر والخير أصلاً !
وهي في أصلها عدم لا جود لها وهي أوصاف قياسية نسبية
فالأفاعي شر لبعض الكائنات لكنه خير وضرورة لكائنات أُخرى
والأوصاف تنقسم الى قسمين
1-إما واقعية لها وجود
2-أو غير واقعية قياسية نسبية إضافية
فالنور هو وصف واقعي موجود
اما الظلام فلا وجود له بل هو انعكاس لعدم وجود النور وكلما زاد النور قل الظلال فالظل ما هو إلا المكان الدي يحجبه أي جسم عن وصول النور اليه!
وكذلك الجهل لا وجود له فهو انعدام العلم وكلما زادت رقعة المتعلمين قل مساحة الجهل بين الناس

لذلك يقول الفيلسوف والرياضياتي الفرنسي(رينه ديكارت)
[إن ما نعده شرّاً من نظرتنا الفردية سيكون خيراً إذا نظر اليه ضمن المجموع الكلي !]
لذلك هو شبه الله بالعقل من حيث أن الله والعقل يفكران وأنهما ليس لهما وجود مادي أو جسمي إلا أن الله يختلف عن العقل بأنه غير محدود وأنه لا يعتمد في وجوده على خالق آخر
وقال
(إنني أدرك بجلاء ووضوح وجود إله قدير وخير بدرجة لا حدود لها)!!
لذلك فقد شبه فلاسفة عديدين وفي مقدمتهم أبو الفلاسفة أرسطو
أن العالم هو كنفس واحدة وكعقل واحد وكيان واحد وقد صدّع عنه إله واحد
خلق كل شيء
فكل هذه التباينات والاختلافات وكل هذه المفارقات والتنوعات تعكس عن أن هناك من خلق كل ذلك وقام بربط كل ذلك ونظمها ووحدها لبناء العالم الواحد المتناسق فيما بين أجزاءه وتركيباته المتباينة والمتنافرة في نظرنا
نحن
وهذا ما وصل اليه بالفعل آخر النظريات الفيزيائية ( نظرية الكم ) التي اثبت على إمكانية تأثير لجسيم موجود هنا على جسيم موجود في آخر طرف الكون دون وجود علاقة مادية بينهما !!
عن طريق فيزياء النقل الآني
‏Teleportationوهو اعظم ما توصل اليه الفيزياء لحد الآن وهناك كتب تبين ( مبدأ التعالق)
وهذا ما بينه القرآن في قصة النبي سليمان في نقل عرش بلقيس الى فلسطين

(قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ* قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ۖ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ* قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ )

فكان صاحب العلم هو سليمان نفسه وهذه السرعة اللحظية في انتقال الاجسام بأسرع من طرفة العين قد يكون عن طريق فيزياء النقل الآني ومبدأ التعالق!
وقد يأتي الزمن الذي يستطيع الانسان أن يقوم بتطبيق هذه النظرية الفيزيائية ؟

لذلك فهم الفلاسفة أن هذا الكون متعالق ورغم اختلافاته وتبايناته إلا أنه منتظم في كلياته ، فلا وجود لشيء زائد في هذا الكون إذا تم النظر اليه ضمن النطاق الكلي والكبير والواسع للكون
لذلك فكل شيء في نظام الطبيعة له دوره ضمن المنظومة العامة للطبيعة

أما ما قاله الأديب والفيلسوف ( دوستوفويسكي) في روايته على لسان صديقه إيڤان ليطرح موضوعاً جدلياً وفلسفياً قريباً من الالحاد أو الشك في وجود إله عندما بين انه مهما كانت إبداعات الاله وجمالها وإتقانها فهو يرفض كل ذلك عندما يكون ثمن ذلك دمعة طفل !
هذا الكلام كان من بعد عاطفي وليس من بعد برهاني فقد رفضها بسبب متطلبات وضغوطات الضمير الإنساني لكن الجواب المنطقي لمثل هذه الفلسفة والفكر هو أن هذا الضمير الانساني هو نفسه ابن هذه الكلية هو ابن هذا الكون الذي انتج هذا البعد الفلسفي الموجود !!
فمن الذي نشأ ضميرنا أصلاً ؟
إنه ناتج وجود هذه المتناقضات بين الخير والشر والحق والباطل والنور والظلام والعذاب والهناء والراحة والألم
وخلال وجود هذه المتناقضات نبت الضمير الإنساني ولولا وجود هذه المتناقصات لما سمعنا صوت الضمير في داخلنا !

لذلك لولا المصائب والكوارث لما تطورت الحياة ولما أمكن قيام حياة انسانية،،
فالانسان في ظل الخير والشر ينمو أخلاقياً
وهذه القيم الاخلافية تظهر في ظل وجود الحق والباطل والنور والظلام والخير والشر
بل أن العلم لا يتقدم الا بوجود مبدأ الصراع ؟
فبسبب تلك الحروب بين الدول والامم تطورت القدرات العسكرية والصناعية والتقنية لكي تفرض إرادتها على غيرها
لذلك قيل أن الحرب العالمية الأولى قام بها الكيميائيين
والحرب العالمية الثانية قام بها الفيزيائيين!
فاللحروب دورها في التقدم العلمي
لذلك قال الفلاسفة أن مايُعد شراً قد يُعدّ ضرورة في سبيل الرقي الانساني !
وقد قال
الفيلسوف الالماني ( هيكل )
[ المعانات والألم والعذاب هي مسائل ضرورية لأرتقاء الرقي الانساني ]!
وقد قيل أن
الانسان بطبعه متدرب وأُستاذه هو الألم ؟

والإنسان الذي لا يمتلك غريزة الاستحواذ والتملك والتنافس لايسمى حينها إنساناً بل قد يتحول الى ملائكة
فلا يوجد ملك عفيف مثلاً لأن الملائكة كائنات لاتمتلك غريزة كالحب والكره بل هم يفعلون ما يُؤمرون .....
ومفهوم الفتنة تكلم عنه القرآن وبين فيه لكي يتم التمييز بين الخبيث والطيب !

أماكيفية معرفة وإدراك حكمة الله ورحمانيته في أموره وكيف أنه رحمان رحيم مع خلقه بطريقة (المطابقة )
فلايمكننا إدراكها لأننا لو أدركنا ذلك فسنكون حينها آلهة !!
ولكننا نستطيع إدراكها عن طريقة( المقاربة) ومن الخطء تشبيه رحمانيتنا برحمانية الله فلا مقارنةوهنا نتعرض الى إشكاليات اللغة حيث أننا نقارب بين رحمانيةالله وأسماءه وصفاته وأفعاله على البشر ؟ وإلا لامقارنة فنحن لن نفهم المعنى العميق كما هو في ذاته الإلهية
فـ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْء) في كل شيء !
فإحدى مميزاتنا أننا نمتلك الرحمة في البكاء عندما نتألم على حالنا أو أحوال غيرنا
فهل الله يتألم ؟
هل الله يحزن ؟
هل الله يبكي ؟!
كلا…
لكنه مع ذلك قد خلقنا في أحسن تقويم وهو الذي أعطانا الضمير لنلبي ونتضرع بالدعاء ونقدم على تلبية رغبات المحتاجين
فكم لبى الله دعاء المحتاجين ؟
وهذا هو السر في جعل افضل الاعمال عند الله هو دخول السرور على الآخرين وتلبية حاجياتهم
وجعلها الدين من أرقى القيم الاخلافية والافعال التي تقربنا الى الله....

لذلك فالله خلق الكون في انتظام دقيق وجمال بديع.... وحتى عند البحث عن الفرح والحزن والالم
فكم هي ساعات الفرح والسعادة امام ساعات الألم ...؟
والحقيقة أن جوهر الرحمة يتمثل في الإيجاد
فهو الذي خلقنا من لا شيء وأعطانا دوراً في مسرح الوجود وهيء لنا هذا المسرح لكي نستطيع العيش فيه
ولكن مع ذلك نحن لا نستطيع ان نحيط بكل المعاني الحقيقة لصفات الله فنحن لن نستطيع ببشريتنا أن نستوعب المعرفة الحقيقة لهذه الصفات شأنها شأن الذات الالهية نفسها
فليس كمثله شيء
لذلك فالفلاسفة الذين انتقدوا وقالوا كان يمكن ان يكون هناك عالم أفضل من هذا العالم
ويبررون كلامهم بوجود هذه الآلام والعذابات وأنه كان يمكن أن يخلق لنا جهازاً ينذرنا بالمرض عوضاً عن الإلم
وكأنهم لايعرفون أن الانسان محكوم عليه بالقصور الذاتي وهو بطبعهم لا يتحركون إلا إذا اصابتهم مصيبة فلو لم يكن للمرض ألماً لما هرول الانسان للمعالجة فهذه رحمة الهية بأن جعل للمرض ألماً ولذلك بين القرآن

(وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )
ومع ذلك لم يتراجعوا
وقال
(وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ)
ومع ذلك لم يتضرعوا الى الله!
وفلسفياً فإن الافتراض الخيالي لكون آخر أفضل من كوننا هو أيضاً افتراض من أبن هذا الكون؟
ولهذا فهو سيقوم ببناء نفس العالم الآخر الذي يمتزج فيه الحق والباطل والسعادة والشقاء وبالتالي فلن يكون هناك عالم أفضل !!
وسيكون عالم مشابه تماماً لهذا العالم .....

والحل هو التواضع ومحاولة فهم هذا العالم
لذلك قال العالم (وليام كروكس) مخترع مقياس اشعاع كروكس [إن من بين الصفات النادرة التي قادتني الى الاكتشافات والاختراعات هو تواضعي عن شعور صادق بجهلي ، فاستطعت بهذا الشعور
أن اتقدم باستمرار ].......





المصادر/
الاستفادة
من محاضرات الدكتور عدنان إبراهيم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار