الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العدالة أم الانتقام.

قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا

2020 / 2 / 11
المجتمع المدني


أُلاحظُ بأنني وفي الفترة الأخيرة، بدأتُ أميل إلى التشدد في العقوبة، بحق بعض الجرائم .. بل وبدأتُ أميل إلى تأييد الحكم بالإعدام في حالات مُعينة، رغم أنني كنتُ من المُعارضين للإعدام، بل وكتبتُ في ذلك.
فحينما يقع المجتمع بكامله، تحت سطوة المنظمات الإجرامية، والتي لا تعرف خطوطا حمراء، فكل شيء مُباح... الخاوة ، التهديد بالقتل ، المتاجرة بالسلاح والمخدرات، التعامل في القروض القاتلة ذات الفوائد التي حدودها السماء ، "تجنيد" الشباب للعمل في " مشاريعها"، المُتاجرة بالبشر ، وفرض عبودية على "بائعات" الجنس ، وكل ما يخطر وما لا يخطر بالبال ... وفي النهاية يحظى زعماء الكارتيلات وعائلات الجريمة المنظمة ، بكل حقوق " الإنسان" والذين لم يتركوا حقا من هذه الحقوق إلّا وخرقوه ، ويقضون عقوبة لطيفة في سجن ، هذا فيما إذا وقعوا في قبضة "القانون" أو رجال الشرطة "الأخيار" ...هههههه
فهؤلاء الذين يسلبون حيوات البشر ، سواء بتسويقهم للمخدرات ، او استعبادهم لعاملات الجنس ، أو فرض الإتاوات والخاوة ، أو قتل المسالمين في حروبهم على السيطرة ، لماذا يجب ان يحظوا بحياة "طبيعية" في السجون؟ أليس حكم الإعدام في مثل هذه الحالات أمراً واجب الحدوث؟
هذا بالنسبة للجريمة المنظمة، أما بخصوص الجرائم الفردية فهناك تفاوت ما... فعلى سبيل المثال لا الحصر، مرتكبو الجرائم الجنسية ، كالاغتصاب والبيدوفيليا .. فبعض القوانين تتسامح أحيانا مع هؤلاء المجرمين .. لذا ولكي يكون العقاب رادعا ووقائيا ، فيجب أن يمر هؤلاء بعمليات إخصاء كيماوي إلزامي، فاليوم يُخير هؤلاء بالموافقة أو الرفض لعمليات الإخصاء . كما ويجب أن يتلقى هؤلاء علاجا متخصصا ولفترات طويلة وذلك في اطار السجون وخلال فترة السجن .
أما القتلة "العقائديون" الذين "يتلذذون" بمرأى الرؤوس المتطايرة ، والأشلاء المقطعة ، وخاصة أولئك الذين "يُنظّرون" و"يؤدلجون" القتل والذبح والتدمير ، فما هو حكمهم يا ترى؟
وبهذا يبقى السؤال مطروحا، هل الدوافع لتشديد العقوبة حتى الإعدام ، هي في جوهرها انتقام أم عدالة ؟
ثم أليس من حق كل إنسان أن يحظى بالأمن والأمان في بيئته القريبة والبعيدة؟
لقد فرضت الجريمة المنظمة سطوتها على الحيز العام ، والذي هو ملك الجميع ، فكيف سيتم تحرير هذا الحيز ، إذا لم تُكرّس كل الجهود لذلك ..؟
أليس من حق كل أب وأم ، ان يعلموا بأن في حيّهم ، يعيش بيدوفيل أو مغتصب متسلسل ؟
لذا وفي هذه الحالة ،يجب "القفز" على حق "الحفاظ على الخصوصية" ، ويجب نشر أسماء هؤلاء المعتدين المحتملين، لمنع وقوع ضحايا جدد..
فللضحية ، وحتى الضحية المحتملة ، الحق في الحماية والأمن .. والذي يعتبره عالم النفس الشهير "ماسلو"، في هرمه (هرم ماسلو للإحتياجات)، مهما جدا ويأتي بعد الحاجات الفيزيولوجية للإنسان كالطعام والشراب.
ففقدان الأمان، يؤدي الى الفوضى التي تقود الى الإنتقام .. والذي هو من أسس العدالة التي تبتغيها المجتمعات الإنسانية ، عن طريق تنفيذ القوانين التي تهدف الى العقاب والردع ..
نعم أنا مع أن تحتكر الدولة، القوة ، ومن خلال هيئاتها ومؤسساتها الرسمية ، وأن تأخذ حق كل ضحية ... لكن وبشرط أن تثبت الجريمة على المجرم دون أدنى شك ..
واجب الدولة الأول والأهم هو توفير ظروف معيشية آمنة لمواطنيها ، والتي بدونها ستسود الفوضى ..
كل هذا مع علمي بأن كثيرا من الأبرياء، قد وقعوا ضحية أخطاء جهاز القضاء ، وعوقبوا على جرائم لم يرتكبوها .. بما في ذلك الإعدام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الجريمة و الحساب
نضال الربضي ( 2020 / 2 / 12 - 03:45 )
أطيب التحيات يا صديقي!

القانون موجود من أجل حفظ النظام و تماسك المجتمع و وحدة الدولة أساساً، و كمنتج جانبي ليعطي الحقوق ما استطاع، هكذا أحلل ما هو قائم، لذلك فإن كل تغير على أو استحداث لـ: قانون جديد، لا بدَّ و أن يكون قادرا ً على تحقيق هذه الغايات من خلال انسجامه مع الإطار الثقافي و البنيوي للمجتمع.

عقوبة الإعدام موجودة في حوالي 29 ولاية أمريكية، بينما تم إلغاؤها في أوروبا، و كل هذه الدول من العالم الأول الديموقراطي الدستوري المتحضر. إذا ً نحن أمام سيادة رؤية ما تحدد الطريقة المثلى للوصول إلى غاية القانون، و في كل الحالات دون أن يكون الهدف الأسمى هو حق الفرد المتضرر من الجريمة أو إنسانية المجرم.

لا يوجد عدالة مطلقة، و لا قانون يضمن الحقوق كاملةً، إنما تبقى الأمور في دائرة التوازنات التي تحقق الأهداف العليا لأي دولة و من ضمنها ضمانات استمرارية ثقافة تلك المجتمعات و استدامة رؤيتها الفريدة للحياة و مكانة الفرد فيها.

من جهتي أعتقد أن بعض الجرائم لا بد لها من عقوبة الإعدام، و هنا أنا أتحدث عن نظرتي كشخص يعيش في الواقع لا في أحلام و رومانسيات.

دمت بكل الخير و الود!


2 - هذا اللي بقوله ..
قاسم حسن محاجنة ( 2020 / 2 / 12 - 06:10 )
اهلا سيد نضال والله مشتاقين ..
هناك بعض الجرائم تستوجب عقوبة الاعدام والتي هي غير رادعة بشكل جيد للآخرين ، كما اثبنن بعض الأبحاث..
لكن ... لا بد منها في بعض الاحيان ..
اشتقتلك يا صديقي


3 - العقوبة لا كرادع للمجرم لكن كحماية للمجتمع
نضال الربضي ( 2020 / 2 / 12 - 14:40 )
نهاراً جميلاً أتمناه لك يا صديقي،

ربما أنني أنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة، فالعقوبة مهما كانت شديدة لا تقضي على الجريمة و لا تمنعها، إنما هي بالأكثر تعزل المجرم عن قدرته على إتيانها، عزلا ً بدرجة ٍ ما، تتناسب مع نوع َالعقوبة و مدتها، و تحمِّل المجتمع دورا ً تفاعلياً في عملية العزل. .

على سبيل المثال الذي استخدمته في مقالك:
بالنسبة لجرائم الاعتداء الجنسي على النساء و الأطفال، نلاحظ أن العقوبة تعزل الجاني عن العالم لفترة زمنية قصيرة يعود بعدها إلى سيرته الأولى، و يكرر الجرم، فيشوه الصحة النفسية لضحايا جدد لا يستطيعون أن يحيوا بطريقة طبيعية بعدها أبداً، و يبقى الجاني في دخول إلى و خروج من السجن مستمرين، يُنفق عليه دافع الضرائب المتضرر منه.

هذا النوع العقيم من العقوبة ينبغي تنحيته لصالح عقوبة الإعدام التي تمنعه من جرائم جديدة و توقف نزيف الإنفاق على حالات لا يمكن معالجتها شديدة الأذى للأفراد. هنا لا يمكن التذرع بإنسانية المجرم حين تصير تلك الإنسانية سببا ً في تشويه إنسانية الضحايا الذين لا يتعافون أبداً. لا بد من تقديم إنسانية الضحية على إنسانية المجرم.

موضوع شيق يا صديقي، شكراً لك!


4 - نفس طريقة التفكير
قاسم حسن محاجنة ( 2020 / 2 / 12 - 14:57 )
اهلا يا صديقي والله نورت
نحن نفكر بنفس طريقة التفكير تقريبا ...
المشكلة في احكام الاعدام بأنها غير رادعة للغير ...
لكن لا بد منها احيانا
دمت بود

اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من خطر حدوث مجاعة شاملة في غزة


.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا




.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين


.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج




.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب