الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسلسل البريطاني - بغداد سنترال - يعيد الى الاذهان مأساة الشعب العراقي بعد الاحتلال الامريكي

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2020 / 2 / 12
الادب والفن


المسلسل البريطاني " بغداد سنترال " يعيد الى الاذهان مأساة الشعب العراقي بعد الاحتلال الامريكي؟؟

Baghdad Central

علي المسعود
عرضت في بداية هذا الشهر ( يوم الاثنين 03 فبراير) ، القناة الرابعة للتلفزيون البريطاني مسلسل ( سنترال بغداد ) أو وسط بغداد و بحلقاته الستة ، المسلسل من تأليف " ستيفن بوتشارد " وهو مستوحى من رواية الكاتب إليوت كولا وبنفس العنوان ، ومن إنتاج " اوستن فيلمز". والكاتب " إليوت كولا " الأميركي الذي درس اللغة العربية وترجم عشرات الأعمال من العربية إلى الانكليزية ، هو أستاذ الأدب العربي في جامعة جورج تاون، وحينما قرر كتابة روايته الأولى، اختار أن تكون بوليسية حسب توصيفه ، كما اختار أيضاً أن يكون بطل الرواية من النسيج العراقي وليس أميركياً، وليس أي عراقي، بل ضابط شرطة سابق ، وهو "محسن خضر الخفاجي" بطل رواية كولا، وهو ضابط شرطة يتصف بكل الصفات الجديرة ببطل رواية بوليسية رجل مهزوم ويجب الشعر. بعد دخول القوات الأميركية ، وحل الجيش والشرطة أصبح عاطلا عن العمل، وبالتالي لا يجد محسن ما يفعله سوى الجلوس في المقهى صباحاً، وفي المساء يخرج زجاجة الويسكي ويختار كتاب شعر يقضي معه سهرته ، بينما ابنته المريضة تسعل في الغرفة المجاورة ، يلتقط المشهد الأول للمسلسل الذي أعاد صياغة كتابته المؤلف" ستيفن بوتشارد ، وأما أخراج المسلسل فقد نفذته المخرجة" أليس تروتون" الحياة العادية للعراقيين قبل الحرب بفترة وجيزة، يفتتح المسلسل في حلقته الاولى بمشهد قبل دخول قوات التحالف في عام 2003 الى بغداد و سقوطها ، صخب محموم لمشهد شارع عادي في بغداد ، رجل يُصلح حاوية ( برميل) ويضرب بشكل إيقاعي كما لو كان طبل، هناك طاولة في الشارع ، سيارة وأشخاص يرمون النرد ، امرأة تبيع الفاكهة، ثم يطل علينا بطل المسلسل وهو الضابط "محسن خضر الخفاجي" بزي الشرطة العراقية وبشاربه الكث وهو يقود سيارته وبرفقة ابنتية ، سوسن الطالبة الجامعية ومروج الفتاة المريضة( بالفشل الكلوي) وهم يتوجهون الى بيت عمتهم التي اعدت كيكة عيد ميلاد سوسن ، وسط الفرح والرقص على الاغاني ومنها اغنية ( فوت بيه وعلى الزلم خليها) وهذا النمط من الاغاني والاناشيد التعبوية هي السائدة والوحيد المسموح بثه قبل عام 2003) ، وهنا تبدي سوسن تذمرها من النظام الديكتاتوري وتتمنى رحيله ، وتحلم بالحرية و الديمقراطية التي ستحل حال وصول الامريكان للعراق!!. الضابط محسن الخفاجي شخصية يحمل الكثير من الاسى والحزن ، فقد زوجته المريضة بالسرطان لعدم وجود الدواء، وبسبب الحصار الذي فرض على العراق بعد غزو الكويت ، وكذالك خسر أبنه الذي أعدمه النظام لكونه معارضا، على الرغم من ذالك بقى في موقعه فقط تم تنزيل رتبته (حسب علمي النظام السابق يقوم بطرد اي عسكري يثبت له علاقة بشخص معارض من الاهل و الاقارب وحتى الدرجة الثالثة ؟؟). والآن بعد دخول الأميركيين خسر وظيفته كضابط شرطة اعتاد العمل في الأرشيف بعد اعدام ولده. يشعر باليأس والإحباط وهو يشاهد الحالة الصحية لابنته تتدهور ولا يجد ما يفعله ، سقط العراق على يد القوات التي تقودها الولايات المتحدة في 9 أبريل 2003 ، والتي تميزت بالإطاحة بتمثال صدام حسين في ميدان الفردوس، وقرار من قوات التحالف بحلّ جهازي الجيش والشرطة وبهذا اصبح محسن الخفاجي عاطلا عن العمل. تركز الدراما المكونة من ستة أجزاء على الشرطي العراقي السابق محسن خضر الخفاجي الذي فقد كل شيء. في خضم هذه الفوضى والجريمة والبارانويا ، يحارب الخفاجي للحفاظ على سلامته وابنته المريضة. بعد ستة أشهر من سقوط صدام حسين ، أصبح العراق مكانًا مضطربًا حيث أن حل الجيش العراقي والشرطة والقيادة المدنية في أعقاب الغزو، وهذا يعني أنه لا يوجد شخص مسؤول ولا سيادة قانونية فعالة ،يرن جرس الهاتف في بيت الخفاجي ليخبره أقاربه التي تعيش معهم أبنته سوسن بغيابها منذ يومين، يبدأ الخفاجي بالبحث عن إبنته، يكتشف " محسن الخفاجي"لاحقًا أن أن سوسن وصديقتها المقربتين سناء وزهرة يعيشان حياة خفية أدت بهم إلى خطر كبير وهن يعملن مترجمات عند قوات التحالف وهذه الوظيفة تشكل خطورة على حياتهن ، يفاجئ ان ابنته هي الاخرى تعمل مترجمة مع قوات التحالف حين يعثر على الباج الخاص بها مخفي خلف اطار الصورة والاسم التي وضعته في الهوية وبالأسم ( سوزي). إختار الكاتب" إليوت كولا" شخصة عراقية لبطولة روايته، وليس أميركياً ، وليس أي عراقي، بل ضابط شرطة سابق حتى يعطي للعمل تفردأ وخصوصية . يستيقظ محسن الخفاجي ذات يوم على أزيز الرصاص، ورجال مدججون بالسلاح يُقتحمون منزله، ويفيق ليجد نفسه في زنزانة محبوساً مع فئات متنوعة من العراقيين ، يخضع محسن الخفاجي للتحقيق والتعذيب الذي يذكرنا بأسلوب السجن السئ الصيت (سجن أبوغريب) ، يعتقل باشتباه على انه عضو قيادة قطرية او احد المطلوبين القيادين ( الاسماء الماسية) ، يتعرض الخفاجي للتعذيب و الاذلال ومن ثم يتبين فيما بعد، بأنه ليس هو المقصود ، بعده يستدعي من ضابط أنكليزي فرانك تيمبل (بيرتي كارفيل) ، الذي وصل من المملكة المتحدة في مهمة لإعادة بناء قوة الشرطة العراقية من الألف إلى الياء ، ويخبره أنهم فحصوا ملفه وتبين لهم أنه لم يكن عضوا فعالاً في الحزب، والعراق الجديد يحتاج لمهاراته وخبرته في سلك الشرطة ، ويعرض عليه العمل في قوات الشرطة(أي.بي.أس) التي يجري تشكيلها تحت سلطة الاحتلال ، يرفض محسن في البداية ، لكن صفعة على الوجه تجعله يدرك أن الرفض غير مقبول، وفي المقابل، فسيتكفلون بعلاج ابنته عند موافقته في مستشفى إبن سينا في المنطقة الخضراء ، “نحتاج إلى ضباط شرطة محليين ذوي خبرة مثلك” ، يقول تيمبل للخفاجي ، حيث قدم له الدولار والعلاج الطبي لابنته المريضة. بمساعدة تيمبل ، يتمكن خفاجي من استعادة هويته باعتباره محققًا ، ويكلف بمتابعة جريمة قتل لاحد العاملين من الامريكان مع سلطة التحالف المؤقتة ، سرعان ما أصبح واضحًا أن "محسن الخفاجي" لم يقبل ان يكون متعاون إلا من أجل الوصول إلى المنطقة الخضراء الآمنة و بحثه عن ابنته ، تتكشف خيوط الحبكة البوليسية، حينما يكلفه مديره الأميركي بأول مهامه. يعطيه صورة فتاة جميلة ويطلب منه البحث عنها ، الفتاة هي واحدة من الفتيات اللواتي يعملن مع زبيدة رشيد، ألاستاذة الجامعية العراقية، صاحبة شبكة العلاقات الغامضة. يظن محسن الخفاجي إن زبيدة تورد الشباب والفتيات للعمل كمترجمين مع الجيش الأميركي، وهؤلاء المترجمون والمترجمات يتلقون التهديدات من جماعات المقاومة ويتعرضون للاغتيال والاختطاف . فالدكتورة زبيدة تقدم خدماتها للضباط الأميركيين والشخصيات النافذة ، وحينما يواجهها "محسن الخفاجي" تدافع عن نفسها بفلسفة بخاصة قوامها خطاب نسوي يرفض وضع الضحية، تقول له زبيدة رشيد( كلارا خوري)" إن النساء هن أول ضحايا الحرب، إذا لم أفعل ما أفعله، فمصير هؤلاء الفتيات الجامعيات اللواتي علمتهن، سيكون الدهس تحت عجلات الحرب، لكننا معاً بنينا شبكة نافذة ، تغلغلت في بنية السلطة التي يجري تشكيلها في البلاد . وفرت لتلك الفتيات الحماية ، والمال الذي مكنهن من الادخار ومساعدة عائلاتهن في زمن الحرب، بل وبالنسبة للكثير منهن، لا يعدو الأمر المرحلة المؤقتة، يجمعن خلالها مبلغاً من المال، يمكنهن والعائلة من الهجرة ومغادرة البلاد". بينما نتقدم في متابعة حلقات المسلسل تنحل خيوط اللغز وتنكشف اللعبة وتسقط اقنعة الكثير من القادة والعسكرين من قوات التحالف الذي إنغمسوا في الفساد وسرقة اموال العراق. وهناك سائق سيارة أجرة عراقي ، يدعى "كارل" الذي يتعاطف مع "محسن الخفاجي" ويساعده في تنقله وبحثه عن أبنته ( سوسن)، في أعقاب احتلال بلاده ، يكافح ضابط الشرطة السابق الخفاجي ، مثله مثل الكثير من الذين كانوا يعملون في النظام السابق ، للحفاظ على نفسه وابنته المريضة " مروج " في أمان، بدأ بحثًا يائسًا للعثور على إبنته المفقودة ، ليكتشف أنها تعيش حياة مزدوجة. ولكن الازدواجية والفساد والخداع ، كما يوحي المسلسل ( بغداد سنترال) ، هي الأسس التي بُني عليها العراق الجديد، وكلما زاد عمل الخفاجي مع المحتلين ، زاد فهمه أنه قادر على تحقيق أهدافه وهي ايجاد ابنته و المحافظة على عائتلته ومحاولة تسفيرهم الى الاردن . في الواقع ، قصته هي قصة فرد يكافح من أجل حماية أسرته . بعض المشاهد تغلفها السخرية بقدر ما هي مأساوية. على سبيل المثال ، عندما يتم إطلاق سراح محسن الخفاجي بعد تعرضه للاعتقال والتعذيب . يعود إلى المنزل ليجد زبيدة رشيد (كلارا خوري) ألاستاذة الجامعية ترعى ابنته المريضة في غيابه تنتظره في شقته، تسأل محسن الخفاجي عن شاربه (الذي حلقه المحققون بوحشية لغرض إذلاله واهانته) ، يرد عليها بسخرية: "لقد تمت مصادرته ، وسيتم إرساله إلى واشنطن كمثال على الثقافة العراقية". يحقق" محسن الخفاجي" في اختفاء المترجمات الشابات العاملات في الجيش الأمريكي. يقوده هذا البحث الخطير عبر المعارك الى الحانات وأماكن الدعارة ثم يعود أخيرًا إلى المنطقة الخضراء ، حيث بدأ كل شيءـ تصبح مهمة محسن الخفاجي هو المحافظة على الباقين من عائلته وهما إبنتيه مروج (جولاي نمير) المريضة وسوسن (ليم لوباني) المختفية الذي يبدا في البحث عنها ليعثر عليه مختطفة من قبل الضابط الانكليزي فرانك تيمبل (بيرتي كارفيل) والذي في النهاية يقايضه على حقيبة الدولارات المسروقة والتي استولى عليها الخفاجي مقابل تسليم ابنته سوسن له في النهاية ينجح في توصيل عائلته وبصحبة أخته وزوجها الى الحدود العراقية - الاردنية في طربيل،أما محسن الخفاجي يصرّ على العودة مع السائق وهو يردد: ( بلد له حضارة وتاريخ يمتد الى ألاف السنين يحتاج الى من يدافع عنه). المسلسل بريطاني ويتناول المراحل الأخيرة لحكم صدام حسين وبداية الاحتلال الامريكي لكن المسلسل تناول أيضا قرار حل الجيش العراقي الذي اتخذته سلطة الحكم المؤقتة الأمريكية في أعقاب سقوط نظام صدام، والذي جعل قسما كبيرا من جنوده وضباطه يتحولون إلى تشكيل ميليشيات مسلحة ومقاومة للقوات الأمريكية ، وإلى جانب القصة الرئيسية للمسلسل التي تسلط الضوء على الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتوترة خلال الفترة ذاتها ، فإن العمل يحكي قصصا لعدد من الشخصيات التي تأثرت بالوضع . الكاتب "ستيفن بوتشارد" والمخرجة أليس تروتون بريطانيان ، في حين أن الرواية الأصلية كتبت من قبل عالم الشرق الأوسط الأمريكي إليوت كولا ، وإصرارهم على عدم إغفال الشخصيات العراقية أبدًا وهو موضع ترحيب نال أستحسان عند المشاهد ومع ذلك ، يتم فقد شيء حتميًا عندما تتم صياغة ثقافة أجنبية لتلائم الأذواق البريطانية والمشاهد الغربي بالتأكيد ، الناس متماثلون في كل مكان - يحب الآباء أطفالهم والمراهقين الذين يتوقون إلى الاستقلال ولا يحب أي شخص وظيفة مكتب العمل - لكن الاحداث وتفاصيل الحياة في بلد مختلف تضيف إلى الدراما التلفزيونية المميزة بصريًا. من شوارع بغداد المدمرة بنقاط التفتيش والدوريات الأمريكية المضطربة - هناك لحظة مؤثرة ، عندما تدهس سيارة جيب أمريكية مسرعة حصان عربي أصيل في عرض الشارع بشكل مستهتر وفي مكان عام ، بحيث لايكلف نفسه سائق الهمر الامريكي عناء التوقف – ( وهذه لها دلائل كبيرة ) ، يستفز المشاهد أيضا من منظرالمنازل وصولا الى غياب أبسط الخدمات الضرورية للسكان من إمدادات المياه والكهرباء. وفي احد المشاهد وعند إنقطاع التيار الكهربائي يشعل محسن الخفاجي شمعة وهنا تتسائل ابنته المريضة "مروج " بعد انقطاع التيار الكهربائي:" لماذا لا يستطعوا الامريكان اصلاح الكهرباء؟ فيرد عليها والدها " محسن الخفاجي" : لانه بارعون الحرب فقط؟؟!!.
يقدم مسلسل بغداد سنترال في نهاية المطاف نظر واقعية للاحتلال العسكري والآثار الوخيمة التي تحدثها كل هذه المناصب و المهمات التي تكفل بها قوات التحالف. ويسلط المسلسل الضوء على إنتشار الفساد والعنف مثل فيروس معدي ينتشر الفساد والعنف في أعماق الجسم السياسي . ولذا و بتقديري فإن مسلسل "بغداد سنترال " نجح في تعرية فساد جنرالات قوات الاحتلال من الامريكان والانكليز بطريقة جذابة للغاية ، وهو في الحقيقة أكثر من ذلك بكثير . فقد تمكن المؤلف والمخرجة للمسلسل من التطرق إلى مجموعة غير عادية من الموضوعات ذات الصلة بالعراق مابعد 2003- مثل الاستبداد ؛ الانحدار الاخلاقي عندما يتحول الجار الى مصدر تهديد للخفاجي وعائلته بفعل المليشات المنفلته، وكذالك الفساد؛ التعاقد البيروقراطي، الوضع الأمني ، الخطر الحقيقي للغاية الذي ينطوي عليه التعاون مع قوة الاحتلال ؛ تدهور البنية التحتية ؛ عدم قدرة الولايات المتحدة على فهم المخاطر التي يواجهها المواطنون العراقيون ؛ رعب العيش في مجتمع بدون سيادة القانون ؛ تحريف العدالة ؛ الفن والجمال الذي افتقده المجتمع العراقي بسبب ظهور سلطة رجال الدين ؛ الاحتراب الطائفي وانقسام المجتمع العراقي بين "نحن" و "هم" ؛ وتهميش العلماء وحملة الاغتيالات وتسيد لغة كاتم الصوت مما حدا بهجرة الكثير من الكفاءات والذي إنعكس بدوره في تقديم الخدمة الاجتماعية .
بعد الغزو الأمريكي للعراق ، أصبح الضابط السابق" محسن الخفاجي" رجل متعاون مع قوات التحالف ، حين قدم فرانك تيمبل الضابط السابق في شرطة اسكوتلانديار، الذي قدم مع قوات التحالف لتأهيل وبناء جهاز الشرطة العراقية وهذا يضع حياته تحت التهديد و الخطر ، لكننا نكتشف " فرانك تيمبل " إنه فاسد و سارق للمساعدات العراقية ، وهذه إشارة ذكية على تواطؤ المملكة المتحدة الذي لا ينتهي مع المغامرة الإمبريالية الأمريكية. ربما يكون أكثر ما يلفت الانتباه هو الدور الواضح لشخصيات المرأة العراقية في السيناريو. في تحدٍ للتمثيل الإعلامي لنساء الشرق الأوسط كضحايا مضطهدين للهمجية والأصولية الدينية ، تعرض السلسلة ثلاثة أبطال أقوياء (الشقيقتان والأستاذة زبيدة رشيد) الذين نشأوا في عهد صدام حسين و أصبحت حياتهم أكثر خطورة بسبب تصاعد العنف وعدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن والعودة الاصولية الدينية بعد الاحتلال العسكري، ومع ذلك ، قدم المؤلف بوتشارد صورة جيدة وإيجابية عن نساء الشرق الأوسط وبالتحديد المراة العراقية ، اللائي يتم عرضهن في الغالب بالصور النمطية والعنصرية للمرأة المحجبة . تم تصوير المسلسل في المغرب ، لم يستطع الطاقم التصوير في العراق بسبب المخاوف الأمنية ونقص البنية التحتية لإنتاج الأفلام والتلفزيون في البلاد. عملت المخرجة " أليس تروتون" بشكل جيد من أجل العرض مع بعض التعديلات اللازمة فقط في مرحلة ما بعد الإنتاج لجعل المباني ذات اللون الوردي تبدو أكثر رمادية مثل تلك الموجودة في بغداد ،الجزء الصعب الوحيد الذي تم إنشاؤه لصانعي المسلسل هو القصر الجمهوري للرئيس صدام حسين والذي تطلب التصوير فيه الكثير من الجهد وبناء الديكور، تحدثت المخرجة الرئيسية" أليس تروتون" عن عملية التصوير موضحة "هناك عدد قليل جدًا من الأماكن التي يُسمح لك باستخدامها والتي يمكن أن تمثل العراق، ولذا توجهنا إلى جنوب إفريقيا وأجزاء من إسبانيا والمغرب قال المنتج التنفيذي كيت هاروود خلال عرض فيلم بغداد سنترال في معهد لندن السينمائي البريطاني (بي أف أي) في لندن ، إن كاتب السيناريو ستيفن بوتشارد ، المشهور بكتابته للمسلسل الناجح "بيت صدام" ، أنشأ العمود الفقري للقصة من الرواية الاصلية في نواح كثيرة ، كان على بوتشارد أن يتخطى القصة الأصلية ، مع تكييف الشخصيات الأصلية وإضافة شخصيات جديدة ، في حديثه للصحافة في لندن ، بما في ذلك موقع أكسبريس ، قال الممثل"كوري ستول" الذي يلعب دور الكابتن جون بارودي: "لم أر شيئًا من هذا المنظور من قبل، أنت تعرف ، كان هناك عدد من الأفلام والبرامج التلفزيونية التي تحدثت عن غزو العراق واحتلاله ، لكن كل ما رأيته كان كل ذلك من منظور أمريكي أو منظور غربي ، لكني في هذا المسلسل رأيت لأول مرة وجهة النظر العراقية وكانت مؤثرة جدا. محسن الخفاجي – الممثل وليد زعيتر الذي ادى الدور كان مقنعا جدا ، ولد الممثل وليد زعيتر في كاليفورنيا لكنه نشأ في الكويت من سن الخامسة حتى التاسعة عشرة . أماالممثلة "ليم لوباني" وهي فلسطينية الاصل ، التي قامت بدور سوسن الخفاجي تقول : "يظهر هذا المسلسل حياة يومية خاصة حقًا على العراق والحياة العراقية أيضًا بشكل عام ، وظروف غزو أمريكا ، وكيف أثرت على حياتهم اليومية ، أجد أنه من الرائع أن يرى الناس ذلك من وجهة النظر العراقية. كما ترى أيضًا ما يحدث في الجانب الآخر، لكنها ليست منحازة ، بل تراها من منظور واسع جدًا ، بل تراها كما هي ، كما هي الحقيقة التي تمر على العراقيين كل يوم وحتى يومنا هذا". أما الممثلة (جولاي نمير) والتي لعبت دور مروج أبنة محسن الخفاجي المريضة تتحدث عن شخصية مروج وما الذي جذبها للشخصية : "أشياء كثيرة ... أول شيء هو أنها أول شخصية متعددة الأبعاد ، لقد أتيحت لي الفرصة للعب. لقد كانت حقًا مثيرة للاهتمام حقًا . لذلك كان الدور هو بمثابة تحدي نفسي ، اللغة العربية هي لغتي الثانية ، لكن كان علي استخدام لهجة مختلفة وهي اللهجة العراقية . لذا أضطررت إلى إتقان اللغة الإنجليزية التي يتم التحدث بها باللهجة العربية واللغة العربية التي يتم التحدث بها باللهجة العراقية. والديّ مصريان. لحسن الحظ ، كان لدي مدرب حوار رائع ، ساعدني بشكل كبير. ما كنت لأفعل ذلك بدونه، كل هذا ساعد ولادة شخصية "مروج" . تبعًا للمفتش محسن خضر الخفاجي (الذي لعبه بشكل رائع وليد الزعيتر) ، وهو ضابط شرطة سابق يتمتع بخلفية وتاريخ سئ مع حبه للشعر ، وفي أحد المشاهد وعند نقطة التفتيش لبوابة المنطقة الخضراء يردد هذا البيت الشعري:
بدلت تلكم القصور تلالاً ... من رماد ومن تراب ركام
سلط البثق والحريق عليها ... فتداعت أركانها بانهدام
وهي القصيدة التي صور بها ابن الرومي مشهد خرائب البصرة وقصورها التي أضحت تلالاً . وليد زعيتر سبق وان شاهدنا له مسلسل الجاسوس الذي يحكي قصة الجاسوس الاسرائيلي " إيلي كوهين". المسلسل يدور حول حياة البشر وما يعانون عند العيش تحت قوة عسكرية أجنبية وعدت السكان بالديمقراطية والحرية ، لكنها فشلت في تحقيق ذالك، و في احدى الطلعات العسكرية، عند مرور سيارات الهمر الامريكية يرمي عليها الاطفال عليهم الحجارة فيصرخ الجندي الامريكي بهم : "الحمد لله اننا محررون ، أظهروا لنا بعض من الاحترام!". الحدث الاساسي في مسلسل" بغداد سنترال" هو الفوضى و الشخصيات المتنافرة ، هناك سائق سيارة أجرة العراقي وهو ثرثار لكنه طيب ونزيه ، يدعى كارل ، وكابتن عسكري أمريكي متغطرس جون بارودي (كوري ستول) ، وضابط شرطة سابق من المملكة المتحدة، هناك زبيدة راشد (كلارا خوري) ، أستاذة جامعية مبهمة تقوم بتجنيد نساء عراقيات كمترجمات لسلطة الائتلاف المؤقتة . من الجيد أن نرى مسلسل تلفزيوني تدور أحداثه عن الحرب العراقية و نتائج الاحتلال الامريكي ويتركز على حياة العراقيين من أجل التغيير، إلى جانب بعض الحوار الرائع . تتمثل قوة المسلسل في إظهار الأحداث بشكل رئيسي من منظور المواطنين العراقيين ، والأهم من ذلك ، أنه يسلط الضوء على المعاناة الهائلة للعراقيين الواقعين تحت قبضة الارهاب والعمليات العسكرية ، لأنه من خلال رؤية الحياة من منظور أولئك الذين أجبروا على العيش تحت تهديد القنابل أو الديكتاتوريين أو قوات الاحتلال ، يمكننا أن نفهم بشكل أكبر الآثار المترتبة على الحرب على نطاق أوسع والتعقيدات الأخلاقية والاجتماعية التي تترتب على ذلك ، العديد من المشاهد في الستين دقيقة الأولى من المسلسل - بدءًا من حفلة عيد ميلاد سوسن وحتى مطرقة الأواني في سوق الصفافير ببغداد وحتى المشهد الطابور الطويل عند بوابة المنطقة الخضراء- يعيش المشاهد إلى لحظات حية في تاريخ عائلة محسن الخفاجي . في الواقع ، المسلسل ( بغداد سنترال) يعيد الى الاذهان قصة العراق وتكشف عن شعب يتمتع بالطيبة وحب الحياة الكريمة ، حيث كان الشعب المظلوم ينتظر وعد الديمقراطية ولم يحصل الا على الفوضى و الخراب ومجموعة سياسين سفلة و سراق المال العام .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا