الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


112 شركة تنمي الإستيطان .. فماذا أنتم فاعلون يا عرب ؟

رضي السماك

2020 / 2 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


على مدى أكثر من 70 عاماً منذ نكبة 1948 أضاع الفلسطينيون والعرب - أنظمةً وحركات -عقوداً من عمر القضية الفلسطينية في المماحكات والمزايدات حول الطريق الأنجع لتحرير فلسطين ، فمن مزايدة الأنظمة القومية المتصارعة فيما بينها للأنفراد بالوصاية على القضية الفلسطينية ورفع شعار تحرير فلسطين من النهر إلى البحر بجيوشها النظامية الذي ظل بمثابة حبر على ورق كغيره من شعاراتها ، إلى رفع شعار حرب التحرير الشعبية الذي تبنته وجربته كل فصائل المقاومة على اختلاف أيديولوجياتها ، وقد باءت كل هذه الشعارات بالفشل الذريع ، حتى أن حركة فتح لم تتوان في نهاية مسيرة هذا الفشل على المراهنة على الخيار التسووي السلمي وليس غيره مجردة في المفاوضات من أي أوراق قوة ، وذلك منذ توقيعها بإسم المنظمة على اتفاق اوسلو 1993 مع إسرائيل التي تمكنت من حشر المنظمة في قفصه ومأزقه الذي يراوح مكانه منذ نحو 27 عاماً في ظل تنصلها من استكمال استحقاقاته الموقعة عليها رغم تدني سقف هذه الاستحقاقات .
لكن ثمة أسلحة عديدة فاعلة وضاغطة على إسرائيل في يد الفلسطينيين والعرب لطالما فرطوا وما زالوا يمعنون في التفريط فيها ، وعلى رأس هذه الأسلحة " سلاح المقاطعة " في شتى المجالات ، وعلى الأخص المجال الاقتصادي ، حتى باتت الغالبية العظمى من دول جامعة الدول العربية الموقعة على قرار مقاطعة إسرائيل لا تتورع عن ضرب هذا القرار بعرض الحائط ، وهو القرار الذي بموجبه فتحت هذه الدول مكاتب المقاطعة لتنفيذ وتفعيل القرار . ومن المفارقات الساخرة البالغة الخزي والعار أن يأتي تصاعد وتتوسع انتهاكات الدول العربية للمقاطعة وتتزايد وتائر تقاربها التطبيعي مع العدو الأسرائيلي بالتزامن مع انبثاق حركة عالمية منذ العقد الماضي لمقاطعة إسرائيل بإسم BDS في جميع المجالات بسبب تغول انتهاكاتها الوحشية المنافية لحقوق الإنسان بحق الشعب الفلسطيني أمام مرأى الملأ العالمي واستهتارها بكل قرارات الشرعية الدولية بشرعية حقوق هذا الشعب كافة ، بما فيها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على أراضي 1967 وعاصمتها القدس ، ومن ثم عدم تخليها عن مخططات تهويد هذه الأراضي من خلال التوسع في إقامة المستوطنات وعدم تورعها عن إعلان إلحاقها بالدولة العبرية .
مؤخراً وبعد أيام قليلة من أعلان واشنطن صفقة القرن المشؤومة الرامية لتصفية القضية الفلسطينية جملةً وتفصيلاً صدر عن الامم المتحدة تقرير يتضمن القائمة السوداء ل 112 شركة غربية تمارس أنشطة استثمارية في المستوطنات الاسرائيلية في أراضي 67 غير المشروعة بموجب القانون الدولي والمدانة من المنظمة الاممية نفسها ، ومن هذه الشركات 84 شركة إسرائيلية و18 شركة من ست دول اخرى هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وهولندا وتايلند ولوكسمبورغ ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر : شركة ( إير بي إن بي ) الامريكية لتأجير المساكن عن طريق النيت ، و( بوكنغ كوم ) لحجز الفنادق و ( اكسبيديا ) للسفر والرحلات و ( وتريب أدفايزور ) وكوكا كولا الامريكية وهي الشركة التي سبق أن قاطعتها معظم البلدان العربية بعد عدوان يونيو حزيران 1967 ثم تراجعت عن مقاطعتها لها منذ الثمانينيات وسمحت لها بالعودة مجدداً ، علماً بأن عدد الشركات المتورطة في الاستثمار داخل المستوطنات يصل إلى أكثر من 300 شركة .
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا كيف سمحت دول غربية تدعي الديمقراطية ودفاعها عن حقوق الإنسان في العالم وسبق لها أن أدانت المستوطنات واحتلال اسرائيل لأراضي 67 لهذه الشركات التي تحمل جنسياتها بالعمل في المستوطنات ؟ بطبيعة الحال إسرائيل ثارت ثائرتها فور صدور تقرير القائمة السوداء للشركات العاملة في المستوطنات ، ووجهت شتائمها للمنظمة الدولية وأعلنت قطع علاقتها مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان التي أصدرت التقرير ، كما أعلنت تدابير لحماية الشركات المشهّر بها ، وطلبت من حاميتها وحليفتها أمريكا معاقبة كل دولة تقاطع الشركات المدرج أسمائها في القائمة ، فيما رحّبت السلطة الفلسطينية بالتقرير . لكنها بدلاً من أن تطلب من الدول العربية وتضغط عليها بأن يكون لها موقف حازم من شركات غربية المدرجة في القائمة العاملة في المستوطنات فإنها أعلنت عن عزمها أن توجه حسب مزاعمها انذارات لتلك الشركات واذا لم تستجب فستقاضيها أمام المحاكم في مدينة لا هاي ، فيما تعلم أشد العلم بأنها لا تملك أي قوة حقيقية لحمل تلك الشركات على الانصياع لانذاراتها في ظل مراهنتها على المفاوضات وتورطها في الانقسام الفلسطيني - الفلسطيني الذي طال أمده وتمسكها بسياسة الاستخذاء أمام الانظمة العربية والولايات المتحدة العديمة الجدوى ، وقد رأينا خطاب الرئيس محمود أبو عباس الاستجدائي الذليل داخل مجلس الأمن قبل أيام ، ففاقد الشيء لا يعطيه .. وإذا كان هذا هو حال السلطة الفلسطينية فماذا نتوقع من الأنظمة العربية الملتحقة بغالبيتها العظمى بقطار التطبيع ارضاءً للعم سام ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تكتل- الجزائر وتونس وليبيا.. من المستفيد الأكبر؟ | المسائي


.. مصائد تحاكي رائحة الإنسان، تعقيم البعوض أو تعديل جيناته..بعض




.. الاستعدادات على قدم وساق لاستقبال الألعاب الأولمبية في فرنسا


.. إسرائيل تعلن عزمها على اجتياح رفح.. ما الهدف؟ • فرانس 24




.. وضع كارثي في غزة ومناشدات دولية لثني إسرائيل عن اجتياح رفح