الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطيات الوطنية خيار اصيل لمجتمعات الشقاء

كاظم محمد

2006 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


في بدايات القرن التاسع عشر ، بدأت النهضة القومية العربية ، بعد ان انتعشت مقوماتها الضرورية داخليآ ، وبتأثير من مجمل متغيرات المحيط الدولي وانعكاساته ، ومنها كانت بداية الارهاصات الاولى للنضال الوطني التحرري للانعتاق من السيطرة العثمانية والاوربية فيما بعد ، وتجسد هذا النضال في سعي وجهاد جمعيات وحركات واحزاب ، مارست مختلف اساليب الكفاح ضد السيطرة والاحتلال في سبيل الاستقلال وبناء الدولة الوطنية ، وللتأسيس لتوجه حداثي مطلوب اجتماعيآ واقتصاديآ وسياسيا وثقافيا والمدعوم من فئات اجتماعية واسعة عانت من الشقاء والضيم والتخلف وجور المستعمر .

لقد كانت اشكال وأطر السيطرة المباشرة وغير المباشرة وتغلغل النفوذ ، ترتبط دومآ بالظرف التاريخي لولادة الامبراطوريات واتساعها ، وتتأثر بنفس الوقت بالأقتصاد والسياسة والمعتقدات كعوامل محفزة ومحركة للسيطرة والأتساع ، وكان لطبيعة مراكز هذه الامبراطوريات والتحولات والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية فيها اثره الكبير على اشكال وممارسات السيطرة والهيمنة ، والذي لم تسلم منه مجتمعات كثيرة وقعت تحت حكم الامبراطوريات العالمية المتصارعة والمتوالية في الاستباحة الجغرافية والاقتصادية وتكريس النفوذ السياسي والتحكم بمصير هذه الشعوب ، ومحاولتها فرض انماط وقيم حياتها الاجتماعية والثقافية عليها .

كان الكثير من المجتمعات في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية ، ولازالت تعاني من السيطرة والهيمنة والتبعية ، حيث ضاعفت تداعيات هذه الهيمنة وعمقت المشاكل المزمنة في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والنفسية، لقد لونت مشاكلها وماسيها الاجتماعية واحزانها اليومية ببؤس وشقاء غير مألوف ، وشوهت شكل ونمط الاقتصاد فيها ، وابقت الشروط الاقتصادية متخلفة ومعاقة ، لتوفر المستلزمات الواجبة لبقاء واستمرار سيطرتها ونفوذها .
اي ان الدول المستعمرة والمهيمنة كرست العوائق الضرورية لأضعاف تراكم رأس المال الوطني كشرطٍ ضروري لنموٍ طبيعي بأتجاه خلق القاعدة الاجتماعية والسياسة المساهمة في التحرر السياسي والاقتصادي ، وشجعت ودفعت بفئاتٍ هامشية وطفيلية مستعدة بفعل اخلاق السوق وطبيعة مصالحها التابعة ، لأن تكون الذيل السياسي ( الوطني) والخادمة لأسيادها الراسماليين .
ولقد انعكس هذا التشوه في تركيبة وبنية القوى السياسية وفكرها وتوجهاتها السياسية ، حيث انحسر حيز الحريات وبرزت النزعات الفردية والانانية والتحكم ، كنتاج لترسبات امراض مجتمعاتنا المغلوبة على امرها ، فأصبح الاستبداد صفة ملازمة ، حتى لقوى وطنية توسم بالتقدمية ، ومما ادى لصراعاتٍ سياسية تعتمد الأساليب الانقلابية والدموية في الكثير من الاحيان .

لم تكن مجتمعاتنا العربية بعيدةً عن الوصف اعلاه ، فبحكم كونها مركز الجذب للأمبراطوريات الأستعمارية ، لما تتمتع به من موقع جيوسياسي ، وما تكتنزهُ أرضها من مصادرٍ طبيعية وثرواتٍ ضخمة ، اضحت فيما بعد سلعةً سياسية قبل ان تكون اقتصادية .
فبعد ان تمت الاكتشافات الجغرافية ، ورسمت طرق المواصلات البحرية بين الغرب والشرق ، وبعد ان قطعت الثورة الصناعية شوطآ ، ودارت ماكنة رأس المال لتضيف قيم جديدة ، اصبحت الحاجة ماسةً لتأمين مساحة الاتساع في الانتاج وضرورياته من مواد اولية وسوق للتصريف وطاقة رخيصةٍ للتشغيل ، وتشكيل الأحزمة الامنية والعسكرية ومتطلباتها لضمان مصالحها واستراتجيتها الاقليمية والعالمية .
وبعد ان نجحت حركة بعض التيارات الوطنية العسكرية والمدنية في اقامة انظمة حكم وطنية في بعض البلدان ، استبشرت فيها شعوبنا بمستقبل افضل ، في هامش الحرية والتحرر والتنمية ، فحوصرت وتعرضت لأساليب العوق الخارجي ، لأجبارها على التراجع والانخراط في قطيع التبعية ، شاءت ام ابت ، بالضغط او بالغزو.

لقد حالت الدول الاستعمارية دون تشابك وتوحد مجتمعاتنا العربية ، وقد ساعدها في ذلك عوامل داخلية وطنية ، خلقتها ظروف القهر والاستعباد واستراتيجية خلق الكيانات وترسيم الحدود ، ومصالح الفئات والنخب المستفيدة والمنتفعة ، والتي وجدت في الوطنية جواز مرورها لسلطة الدولة ، التي حولتها فيما بعد الى معبد يقدس تسلطها واستبدادها ، ولتضفي على دولتها ونخبها الحاكمة هالة التفرد والتملك "المُنزل" ، حيث كرست تخندقها القطري وعمقت التجزئة للمجتمعات العربية واضعفت صلات السوق العربي ، والذي ترافق مع خطابٍ سياسي وايديولوجي ابتذل الامال في الاتحاد والوحدة وعزز وحدانية السلطة والدولة ، لتمهد لظاهرة الاستبداد المزمن الذي طبع انظمة الحكم العربية .

ان الحروب والثورات والمتغيرات العنيفة ، هي احداث سياسية بالدرجة الاولى ، فأن الحرب هي سياسة ولكن بوسائل العنف كما يقول (كلاوفيتز) وكذلك فأن السياسة هي اقتصاد مكثف كما يقول (لينين) ، والاقتصاد هو العلاقات الاجتماعية التي تتجسد في القيم والانماط الحياتية ، والتي بدورها الى جانب عوامل البيئة والدين والطبيعة والمناخ ، تؤثر في الشخصية الاجتماعية ونفسيتها ، لذا فأن الأدعاءات النظرية والفكرية لمؤسسات الفكر الرأسمالي ومنظريه ومفكريه ، قد دقت ابواب الثقافة السياسية العالمية ، عبر ترسانة هائلة من وسائل التأثير الاعلامي ، لتؤسس لنظام الهيمنة المطلق لتكون اذرعا لكماشة الامبريالية وطغمة رأس المال المالي لفترة ما بعد انتهاء الحرب الباردة وسيادة القطب الامريكي ، حيث بدأت الأدارات الأمريكية بصياغة وتنفيذ حيثيات الترتيبات العالمية لأتجاهات هذه السياسة وتكريسها على الارض .
لقد تمثلت اتجاهات هذه الترتيبات العالمية عسكريآ ، بتشكيل قوات التدخل السريع الواسعة وذات المهما ت المختلفة والتي تجاوز عدد افرادها ال 300000 عسكري والمجهزة باحدث التقنيات والمدربة بشكل اساسي على تضاريس ومناخات مشابهة لمنطقتا .
ففي الوقت الذي تهاوت فيه امبراطورية (الشر السوفياتي) واصبحت دول عديدة في حلف الناتو تراجع التزاماتها العسكرية ازاء الحلف ، كانت وزارة الدفاع الامريكية تطلب المزيد لموازنتها العسكرية ، وقف تشيني 1990 وكان وزيرآ للدفاع وكذلك باول رئيس هيئة الاركان ، ليبرروا طلبهم بتكريس وزيادة قوة الجيش الامريكي كقوة عالمية يقع على عاتقها زيادة نفوذ الولايات المتحدة وفتح الاسواق العالمية امامها ، مما يضمن الحصول على كل الموارد والسيطرة على منابع الطاقة عسكريا وسياسيا .
وبذلك كانت بدايات تدشين عصر امبراطورية جديدة ، أتسع الفضاء العالمي امامها دون عائق جدي يصدها ويحدها ، لتكرس عالميتها عسكريآ وسياسيآ وثقافيآ ، مندفعة بشراهة رأس المال الأحتكاري للربح والسيطرة ، ومستفيدةً من تداعيات السياسات الأستبدادية لأنظمة الحكم الوطنية ، لتكون حاملة مشعل الحرية والديمقراطية وحقوق الأنسان ، (والمنقذ) للشعوب المقهورة من جور حكامها الذين عمق استبدادهم السلطوي والمدعوم دائمآ ولوبتباين من الامبراطورية الجديدة ، عمق الخلل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الموروث ، وانعش الاستعداد لدى بعض القوى والجماعات للميل والوقوع في كماشة اذرع السيد الجديد ، والاصطفاف السياسي والفكري مع توجهاته واهدافه المتناقضة أصلآ مع مصالح شعوبهم ومجتمعاتهم .

ترافقت اتجاهات سياسة العصرنة الامريكية بصعود اليمين المتطرف والمرتبط بالأوساط الدينية المتصهينة ، والمتأثر والمتعصب لبعض الاساطير التوراتية ، حيث اسهمت الاوساط الصهيونية وبتركيز في توجه هذه السياسات ، والتي لا تخدم فقط استراتيجية السيطرة على منابع الطاقة والتحكم بها ، بل خدمت وبشكل اساسي جوهر السياسة الاسرائيلية في المنطقة ، بتداخلها مع الاهداف العسكرية والاستراتيجية الامريكية .

لقد تميزت مديات سياسة طغمة الحرب الحاكمة في البيت الابيض بمحاولات فرض الهيمنة الشاملة على كافة وحدات نظامنا السياسي والاجتماعي والعمل على تفكيكها واعادة صياغتها بما يخدم ضرب اسس النظام الاقليمي العربي وتحقيق المشروع الامريكي بأقامة الشرق الاوسط الكبير ، وتكريس استراتيجيات الهيمنة الامبريالية،
لذلك عملت المؤسسة الامبراطورية بكافة دوائرها العسكرية والاقتصادية والفكرية والثقافية والسياسية على :
- فك وتشويه الترابط بين الطموح في اقامة انظمة وطنيةٍ ديمقراطية وبنفس الوقت الحرص على الثوابت الوطنية والقومية.
- نشر وترسيخ مفاهيم العولمة الامريكية ، مقرونةً بالسعي الحثيث لعملية افساد سياسي واجتماعي واسعة النطاق للمؤسسات الوطنية والتجمعات المدنية وتحت يافطاتٍ متعددة.
- وصم وتكريس دونية القيم والمُثل الأجتماعية والكفاحية وضرب منظومتها الفكرية ، اضافة إلى تسفيه وتقزيم الموروث النضالي الوطني والقومي وترسيخ عبثيته في وعي المواطن ، لخلخلة روح الانتماء وضرب مرتكزاته النفسية والاجتماعية .
- خلق حالة من التداعي السياسي والاجتماعي ، لتفعيل وتشجيع واستسهال التدخلات والاستجارة بالاجنبي ، تحت عناوين التحرير ونشر الديمقراطية وحقوق الانسان .
وكذلك فأن طغمة الحرب وادارتها السياسية ، سعت ونجحت الى حدٍ كبير في :
- تسخير المنظمات الدولية وخاصة مجلس الامن الدولي لشرعنة وقنونة نفوذها في شؤون الدول والمجتمعات وبما يتناسب ومصالحها ومصالح اسرائيل ، في تصفية القضية الفلسطينية وتأمين الأمن الجغرافي والأقتصادي لها ، واستخدام مفهوم التدويل كصيغة امبريالية لفرض وصايتها وتدخلاتها كحق قانوني ، تحت عناوين الشرعية الدولية .
- محاولة استلاب غاشم لحق السيادة الوطنية ، عبر الضغوط الاقتصادية والسياسية لتقليص سيادة الدول الوطنية لصالح المنافع الكبرى للشركات المتعدة الجنسية ، ولجعل الدولة الوطنية تؤدي وظيفة خدمة هذه الشركات واهداف اداراتها السياسية والاقتصادية.
- تشجيعها وسعيها على تفكيك الدول الوطنية وخلق وتغذية النزاعات الاهلية والانفصالية .
أن بلداننا العربية اصبحت عرضة وبكل يسر للتدخلات والاحتواء والاحتلال في ظل العولمة الامريكية ، واصبحت تسري عليها احكام السيطرة والهيمنة والتقييد ، في ظل نظامٍ عربي رسمي عاجز عن استنهاض ادنى مستلزمات الحصانة والمناعة الكامنة في حيثيات البناء الشعبي ، لانه وبكل بساطة يتناقض مع جوهره الاستبدادي الذي يخشى على وجوده من اي عملية انفتاح حقيقي باتجاه الحريات والممارسات الديمقراطية التي تسهم باطلاق طاقات الجماهير المكبوتة وتنظيم حياتها على اسس المواطنة الواحدة بحقوقها وواجباتها المتساوية ، في ظل دولة القانون والمؤسسات وفصل السلطات وتكافوء الفرص والتداول السلمي للسلطة ، والمقرون بدمقرطة اقتصادية واجتماعية وثقافية .
وهذا ماجعله في وضع لا يحسد عليه من التخبط والتيه والخنوع والانبطاح والانسياق الخجول والمذل احيانا للاملاءات الخارجية .
والملفت انها تستجيب لكل ذلك مستبعدة اي تفكير جدي بالانفتاح على الداخل ، الا بما يشكل تحصيل حاصل للمتغيرات الخارجية الضاغطة .
ومما يساعدها على مماطلة الاستحقاقات الداخلية في اطلاق سياسات الاصلاح والتنمية الشاملة بما تحتويه من ركائز للتنمية الوطنية والديمقراطية ، التي يعتمد على نجاحها انجاز الاستقلال والسيادة والتحرر الحقيقي لاي شعب من شعوبنا ، هو تخبط ودوران وانشداه القوى الاجتماعية والسياسية صاحبة المصلحة الاولى والحقيقية في التغيير الداخلي والخارجي ، فهي مازالت تعاني من ضعف بنيوي وتعبوي وبرنامجي لاسباب بعضها موضوعي واخر ذاتي .

ان بروز التطرف الديني والسياسي هو احد ملامح هذا الضعف الذي يتغذى باستمرار على نزعات التطرف السائدة عالميا والذي هو احد سمات الامركة العالمية الجديدة ، والذي يرتبطُ بتزايد الطبيعة العدوانية لطغمة الحرب الامريكية .

وبنفس الوقت فأن صعود التيار الاسلامي السياسي والمقاوم ، ظاهرة طبيعية على اتساع الهيمنة الامبريالية وتعمق طبيعتها الفاشية وتهديدها لمقومات الكيانات الوطنية والقومية . وما توسع هذا التيارالكبير والملموس إلا تأكيد على الفراغ الذي تركه تعثر وتراجع وارتداد الكثير من القوى اليسارية والوطنية والقومية وانحياز بعضها بشكل مشين الى جانب مشروع طغمة الحرب الفاشية وتوجهاتها العولمية .
لقد اصبح التيار الاسلامي وبأطرافٍ اساسية منه يشكل احد الدعائم الرئيسية لقوى التحرر العربية وعنصر مهم من عناصر النهوض الوطني والقومي ، والذي نجحت اطراف فاعلة منه في تأصيل الأتزان في أستمزاج الرؤى العقائدية ومتطلبات النضال الوطني وتعقيدات العولمة ومتطلبات سقوفها السياسية اقليميآ ودوليآ .
لقد حاول اليمين المحافظ وطغمة الحرب الامريكية وعبرغزل منافق ومفضوح في اجتذاب بعض اطراف التيار الاسلامي (المعتدل) كما يطلقون عليه ، والذين ابدوا الاستعداد للدخول في مشروع الهيمنة الامريكية والتخلي عن مقومات الثوابت الوطنية .
ومع تجبر وتسيد القوة الغاشمة لللأمبريالية الامريكية وتجاوزها للعصر الذري في تقنيات استراتيجياتها العسكرية ، لم يعد هناك قيمة حقيقية للتحصن وراء التسلح النووي كمظلة حماية للانظمة (المتمردة) على بيت الطاعة الامريكي ، ولم تعد هناك ضمانة اصيلة او واقية لاي نظام يتمسك بسيادة واستقلال دولته غير خيار الانفتاح الداخلي وسيادة منطق دولة المواطن .
واعتقد ان نموذج حكومة شافيز مثل حي على ذلك الخيار الوطني الذي يكتسب شرعيته من المؤسسات الديمقراطية الوطنية والمطابقة بشروطها لمعايير النزاهة والشفافية الدولية ، وليست شرعية مقلوبة او شرعية مزيفة او شرعية الوهم الثوري الذي لايقود الا الى الاستبداد .

لقد اصبح نظام الاعاقة الاستعماري اكثر تعقيدآ وخبثآ واستهتارآ ، فهو إلى جانب جعله لمجتمعاتنا وبلداننا تابعة ومتخلفة ، وتؤدي وظيفة الخادم لرأس المال الاحتكاري ، شرع بتشجيع وخلق اشكاليات الأنتماء للطوائف والاديان والاعراق وتعميق الظواهر المصاحبة لها ، ليصل بمجتمعاتنا الى حالة من التمزق والتفتت والاحتراب والتي ساهمت السياسات الاستبدادية والقمعية لأنظمة الحكم في اضعاف حصانتها الوطنية .
وبذلك يضاف همُ مصيريُ اخر امام شعوبنا وبلداننا في كيفية تجاوز محنتها المركبة ، والذي يستدعي خطابآ وبرامج ترتقي الى استحقاقات هذه المنعطفات المصيرية .

ومعنى هذا انه ليس امام شعوب الشقاء ( شعوب البلدان المعاقة ) سوى خياران لاثالث لهما اما الاستسلام والخضوع لارادة هيمنة العولمة الامريكية ونظام اعاقتها ، او انتهاج طريق المقاومة السياسية والاقتصادية لبناء قدرات ذاتية تمنح حصانة ووقاية فعالة لتساهم في تكريس توجه التنمية الوطنية التي تحقق من خلالها هذه الدول موقع قدم في النظام العالمي وتدعم توسع القاعدة الاجتماعية بنمو طبيعي تؤسس بدورها لمناخ سياسي يعتمد في اطره على الحريات الفردية والاجتماعية والاقتصادية ، لتعزز وتكرس استحقاقات الديمقراطية الاساسية في الحريات الثقافية والفكرية وسيادة القانون وحقوق الانسان ، ولتفتح الباب واسعآ لتعزيز دولة القانون والمؤسسات التي تدير شؤون المجتمع السياسية والاقتصادية وتحصن وتصون الوطنية في خياراتها المستقبلية .

ان خيارات الشعوب تتبلور وتتحدد بقدرة طلائعها واطرها السياسية والثقافية والفكرية في عملية التغيير واتجاه الخيار ، وما يستدعيه من الاستعداد الشعبي لأنجاح مقوماته الأساسية في اجبار المعوق الوطني والخارجي في التسليم بالحقوق الوطنية ، السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
ان الديمقراطية الوطنية لاتعبر عن نمطية في التفكير المعارض ولا عن عقلية تصادمية ، بل هي تعبير عن خصوصية ، وهي حالة سوية كما في المجتمعات الاخرى ، التي لها القدرة على صوغ طريقها الديمقراطي الوطني المتفاعل مع المحيط الانساني بمختلف انظمته ، والقادر على فتح المجالات الحيوية لبدايات التقارب والتكامل الاقتصادي والاجتماعي لمجتمعاتنا ، والذي يوسع الافاق الرحبة للتفاعل الانساني بأستئناف مسيرة النضال التحرري الانساني بمنجزاتها وخبراتها وتجاربها الوطنية والاقليمية والاممية .
وهذه المسيرة تقطعها كل مرة سياسات الهيمنة الامبريالية المركزة باقنعتها المتجددة والعازمة على رفع فواصل الاستعباد الداخلي عن الخارجي لتوحد عالمها تحت ناموسية شفافة خارقة القوة .
فلا حدود للجشع ما دام امبراطور السادة واحد ، في هذا العالم فهو مهيئ ليستعبد العقول قبل الابدان لما له من قدرة على الادهاش التي منحته اياه آلهة راس المال الفلكي ، وما يترتب على ذلك من حقوق مكتسبة يجب ان يخضع لها القريب والبعيد .
لكن الشعوب لن تتنازل عن منجزاتها ومكاسبها التي حققتها بنضال قاسي ومتفاني وبتضحيات جبارة ، سوف لن تذهب هباءا منثورا ، وانها لن تستسلم للبربرية المخملية التي ستنهار حتما تحت ضربات وصرخات الحرية القادمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل