الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكون الواسع والعقول الضيّقة 17

مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث

(Moayad Alabed)

2020 / 2 / 18
الطب , والعلوم


The vast universe and narrow minds17

في الحلقة 16 تطرّقت إلى ما أثاره البروفيسور ليبونوف حول العقل الأسمى، وقلت أنّ الزّمن جزء مهمّ من البنية الكونيّة، الزّمن ذاتاً (أقصد بالبنية الكونيّة لا المكانيّة فقط،للعلم لا أكثر!) لا بمعيّة شيء آخر. وذكرت أنّ الزّمن وجود ضمنيّ يتضمّنه ذلك الكون. وكذلك أثرت أنّ (في الكتب المقدّسة الكثير من البديهيّات التي تتناسق مع العديد، بل مع الكثير من القوانين العامّة ليست القابلة للتّغيير. وإن تغيّرت أو حصل تطوّر فيها (أي القوانين)، فيكون في الإطار العام. ومازلنا ضمن البديهيّة والتّغيّر في الوسائل أو طرق الكشف أو غير ذلك). ومن المعلومات التي ذكرتها هي أشكال (أو أنواع) الزّمن الذي تطرّق إليها العلماء والفلاسفة عبر التّأريخ ومن خلال الأبحاث بكلّ أشكالها الفلسفيّة والرياضيّة والتجريبيّة العمليّة وغير ذلك. وهنا أكمل هذا الموضوع من خلال الزّمن الثّرموديناميكيّ! وما يتعلّق به.

ما هو الزّمن الثّرموديناميكيّ؟

هناك كما أعتقد علاقة وثيقة ما بين الزّمن والثّرموديناميكا (أحياناً أطلق عليه بالزّمن الثّرموديناميكيّ، وأحياناً أذكره كعلاقة بينه وبين الثّرموديناميكا، وكلا الذّكرين لهما في الهدف العامّ نفس المعنى أو المغزى، كما لا يخفى على حصيف!)، من خلال التّعامل مع ما ذكرته سابقاً في الحلقة 8 وفي حلقات متفرّقة بين الحين والآخر، نتطرّق إلى ما أطلقت عليهما بالزّمن الداخليّ والزّمن الخارجيّ وأهميّة هذين التّوجهين من الزّمن، في شرح المعنى أعلاه، أي الزّمن الثّرموديناميكيّ. وحتّى في ذلك، يمكن أن أقول أنّ التأثير للزّمن، إمّا أن يكون ضمن الثّرموديناميكا أو مع الثّرموديناميكا. ولو أنّني ذكرت في حلقة ما، كذلك حين الحديث عن إتّجاه ما، بالإتّجاه الثّرموديناميكيّ للزّمن، بإعتبار هذا التأثير من وجهة أخرى، وهي تأثير خارجيّ في الزّمن، وليس العكس! والدّراسة في ذلك مختلفة، وبنفس الوقت ربّما تكون أكثر تعقيداً من جهة، وربّما أسهل منها من جهة أخرى. حيث هناك الخلايا داخل جسم الإنسان والمتكوّنة من الأجزاء المعروفة والتي تتعرّض إلى الكثير من التحوّلات والتّغيّرات الفيزيائيّة والكيميائيّة وغيرها من التغيّرات، والتي تلعب الدّور الأساس في ديمومتها، وموتها من بعد ذلك، إن سارت بشكل سليم! والزّمن الداخليّ هنا، هو زمن له علاقة بنقطة داخل الخليّة، أو بإحداثيات تنطلق من تلك النقطة، داخل الخليّة. والحديث والتّغيّر يحدث من خلال حسابنا لهذا الوضع من خلال الإحداثيّات الداخليّة المذكورة. من حركة،نمو،تغيّر،تباين،إنتقال أو حتى تبدّل وغيرها. سيكون البحث في ذلك من خلال تلك الإحداثيّات الدّاخليّة وليس غيرها.
من المناسب الحديث قليلاً، عن الثّرموديناميكا (أحياناً يطلق عليه كعلم أو عليها كما هي(!) بالدّيناميكا الحراريّة أو الحركيّة الحراريّة، وكلّها تعني إمّا حركة تنتج حرارةً أو حرارة تنتج حركةً، أو بمعنى آخر: هو علم يتعامل مع العلاقات ما بين الحرارة وغيرها من أشكال الطّاقة الآخرى، وكيفيّة تأثيرها على المادّة). وهنا سأتطرّق إلى موضوع الثّرموديناميكا وعلاقتها بالزّمن! أو التطرّق إلى مسائل مهمة فيما يتعلّق بالزّمن، إن كان زمناً لكوننا، أو لزمن قياسيّ معياريّ في العموم، أو لأيّ نوع من أنواع الزّمن الذي أشرنا إلى بعض أشكاله أو أنواعه في حلقات سابقة. وهناك أطلق عليه بالزّمن الثّرموديناميكيّ. ومن خواصّه أو من مميّزاته، التناسق الذي يطلق عليه بالتناسق الثّرموديناميكيّ. وهذه الميزة من المميّزات المهمّة التي تتعلّق بالكون الماديّ الذي نحن جزء منه. حيث تتدفّق الحرارة من الأجسام السّاخنة إلى الباردة وليس العكس. فمحرّكات السيّارات تنتج شغلاً وطاقةً حراريّةً، كما هو معروف. وتستمرّ هذه العمليّات إلى أن يحدث التوازن الحراريّ (والذي أشرنا إليه من خلال ما أطلقنا عليه بالموت الحراريّ حينما يحصل للكون بفعل التوازن الحراريّ لكلّ نقاط الكون أو لكلّ أجزاء الكون. حيث تكون الحرارة ثابتةً لكلّ جزء من أجزائه، فلا تحوّل، ولا تبدّل، ولا إنتقال من جزء إلى آخر). وبذلك لا يمكن لنا أن نتحدّث حينها عن أيّ فعل من أفعال تنتج عن هذا الوضع. فنقول إنّ سهم الإتّجاه المتعلّق بالزّمن الثّرموديناميكيّ، يشير إلى إتّجاه واحد لا غير. والسؤال الذي يثار في الكثير من الأحيان: لِمَ يحدث أو ينبغي أن يحدث التباين أو الإختلاف الثّرموديناميكيّ؟ وما تأثير الزّمن هنا؟ لنذهب نطرق باب قوانين الثّرموديناميكا قليلاً، بعدها نعرّج على ما نريد قوله وربطه مع أشياء أخرى.

قوانين الدّيناميكا الحراريّة الثلاثة

القانون الأوّل
ينصّ القانون الأوّل على أنّ الطّاقة محفوظة، لا يمكن لها أن تخلّق، ولا أن تفنى بأيّ حال من الأحوال. أي أنّ طاقة الأجسام أو النّظام الكلّيّ الذي يمثّل الكون، محفوظة! وفق هذه العلاقة:
E_(univ.) = ∆ E_(sys.)+ ∆ E_(surr.) =0∆
وهذه المعادلة تعني أنّ التّغيّر في طاقة الكون (الإبتدائيّة والنهائيّة) تساوي مجموع التّغيّر في طاقة النّظام (الإبتدائيّة والنهائيّة)، مضافاً إليها التّغيّر في طاقة المحيط. وهذا المجموع يكون مساوياً للصّفر. بمعنى أنّ قيمة تغيّر طاقة الكون تساوي صفراً، أو بمعنى آخر أنّ الطّاقة الأوّليّة أو الإبتدائيّة مساوية للطّاقة النّهائيّة. وهذا يعني أنّ طاقةّ الكون محفوظة. بإعتبار أنّ طاقته الإبتدائيّة مساوية لطاقته النّهائيّة، كما ذكرنا. أو أنّ التّغيّر في الطّاقة الداخليّة للنّظام يساوي مجموع الحرارة المكتسبة أو المفقودة من قبل النّظام والشغل المنجز من قبله أو عليه. ولا أدري إن كان مصدر الطّاقة الأوّل كما يقول ليبونوف الذي أسماه بالعقل الاسمى (الطاقة التي لها بداية وسيكون لها نهاية بلا شك على الاقل من الناحية العلميّة عندما يختفي المؤثّر إن وجدت، أينما وجدت!) قد أوجد هذا الحفظ بقانون بعد أن أوجد الطّاقة المذكورة؟! أي بمعنى آخر عند التطرّق الى وجود الطّاقة (اي ليس الى الطّاقة بحدّ ذاتها) ألا ينبغي القول بالتدفّق الأوّل، والقول، في أنّ للطاقة ووجودها بداية ولها كذلك نهاية، بلا شكّ ككلّ الموجودات؟ فمسألة الحفظ أيضاً، مسألة نسبيّة إذا ما تحدّثنا عن ماهيّة الطّاقة، كما يعرّفها أهل المعرفة والدّراية بالكلمة العامّة لننتقل إلى معناها العلميّ. والذين عرّفوها بالشّكل التّالي:هي مجموع ما نبذله من قوّة وقدرة (!) على أن تكون هذه القوّة والقدرة (!) فعّالةً (أو فعّالتين) عقليّاً وجسديّاً! هذا ما ذكره قاموس أو معجم جامعة كامبردج#. وأنا أقول: الغريب في الأمر، أنّ هذا التّعريف لا علاقة له بطاقتنا، لا من قريب ولا من بعيد! ولو إسترسلنا في الشّرح سنحتاج إلى صفحتين على الأقل! فقط أشير إلى أنّ هذا التعريف يشبه ما قيل في المثل: (فسّر الماء بعد الجّهد بالماء!). أين هي القوّة في معناها، وأين القدرة في معناها، كي تدمج هذين المعنيين مع الطّاقة، يا أيّها الرّائع! ثمّ من أين لك وضع الحالة التي يمرّ بها صاحب الطّاقة أو القوّة أو القدرة وتلك المسمّيات؟! أبداً! غير ممكن لنا أن نقول الطّاقة بهذا التعريف، ولا نقرّ به أصلاً، يا سيّدي الكريم! وهاك التّعريف من مصدر آخر## والذي لا يختلف عن الأوّل إلّا بالقليل القليل:هي القدرة على نشاط (أو فعّاليّة) قويّ، وهي كميّة كافية أو وفيرة من الطّاقة المذكورة أو المتاحة، أو الزّائدة التي تشعرك بالتوتّر! وهكذا. بنفس المعنى الأوّل كما قلت. حينها يكون جوابنا هو نفس الجواب على التساؤل الأوّل! وأبسط إعتراض على هذا، هو:كما ذكرنا في النسبيّة العامّة أمور تقول بأنّ النّظام الذي يعمل على الأرض غير النّظام الذي يعمل في جهات أو أماكن أخرى في الكون. فهل ينطبق معنى الطّاقة هنا على نفس معنى الطّاقة هناك؟! أو بمعنى آخر، هل ما يكتسبه جسم ما، من طاقة في لحظة زمنيّة معيّنة، هو نفس ما يكتسبه نفس الجّسم أو توأمه في مكان ما، من الكون في نفس اللحظة الزّمنيّة؟! هل للزّمن دور هنا، في تغيير نصّ القانون فيما يتعلّق بحفظ الطّاقة كقانون؟!
بالتأكيد، القانون الذي يتحدّث عن العلاقة التي تربط بين ماهو متغيّر بفعل التأثير المكانيّ، لا محالة سيتأثر بمتغيّر آخر في مكان آخر من الكون.
من هنا يمكن أن نطلق على القانون الأوّل بقانون حفظ الطّاقة المتعلّقة بالمنظومة العاملة. والذي يؤكّد على عدم، بل إستحالة إنشاء آلة يمكنها إنتاج طاقة! أي عدم وجود هذه الحالة في الوقت الحاليّ للأسباب التي يحوّلها العالم المكتشف للقانون إلى بديهيّة هنا! وهنا نتعامل مع إصطلاح نطلق عليه بالطّاقة الداخليّة للنّظام (وهي عبارة عن مجموع للطاقتين الحركيّة وطاقة الجّهد أو الكمون للجّسيمات أو للجّزيئات التي يتشكّل منها النّظام). مقابل الطّاقة الخارجيّة التي تؤثّر في النّظام بفعل تأثير خارجيّ. والطّاقة الداخليّة للنّظام تمثّل دالةً لمتغيّرات عيانيّة (ماكروسكوبيّة) مثل درجة الحرارة والحجم وغير ذلك. ومن المهمّ القول أنّ الوضع بهذا الشّكل لا يصلح إلّا إذا إتّفقنا على كون النّظام نظاماً مثاليّاً كالغاز المثاليّ (مثلاً) الذي لا يحدث أيّ تفاعل ما بين مكوّناته. وستكون طاقته الحركيّة عبارةً عن مجموع الطّاقات الحركيّة لجزيئات ما داخل النّظام. أي لا وجود لطاقة كامنة. وتنصّ النظريّة الحركيّة للجّزيئات على أنّ درجة الحرارة لغاز ما، تتناسب طرديّاً مع معدّل الطّاقة الحركيّة للجّزيئات. حينها تكون الطّاقة الحركيّة لغاز مثاليّ متناسبةً مع درجة حرارة الغاز طرديّاً وفق العلاقة التّالية:
Esys = 3/2 RT
أي أنّ معدّل طاقة النّظام الحركيّة تساوي ثلاثة على إثنين (أو واحداً ونصف الواحد) مضروباً في ثابت الغاز المثاليّ في درجة الحرارة المطلقة مقاسةً بالكلفن، حيث أنّ ثابت الغاز هو:
R = 8.3145 J/mol .K
وحدات هذا الثابت كما هو واضح جول على مول في كلفن
هذه العلاقة التي ذكرت لا يظهر فيها الزمن،أي أن الزمن تمّ التعامل معه على أنّه واحد في هذا الحال. ولا علاقة له بما يحدث للنظام بإعتبار الدراسة تتمّ على الأرض وضمن تلك الشروط التي لا تختلف من مكان الى آخر على الأرض. أي لو قمنا بوضع هذه العلاقة على ما هي عليه في مكان آخر في الكون، وبإعتبار أنّ العلاقة ما بين الطاقة الدّاخلية للنظام تتناسب مع درجة الحرارة المطلقة للنظام! سيُفترض على أنّ الزمن واحد. ويكون التعامل مع الزمن على أنّه واحد فيه من التساؤل الكثير الكثير الذي سنلاحظه عند الإستمرار في الكشف عن مكنونات أشكال أو أنواع الزمن! وسنرى

زمن آينشتاين والزّمن الآخر!

لقد ذكر العالم الكبير آينشتاين الكثير من الطّروحات التي ذكرتها المصادر العلميّة والفلسفيّة، عن الزّمن المرتبط بالمكان، والذي لا يعتمد إلّا على المكان، وقد أثار موضوع الزّمان ـ المكان المرتبطين مع بعضهما في تلك الطّروحات وفي المعادلات التي تخصّ نسبيّته التي لا يمكن أن نستغني عنها إلى الآن! لكن لا أحد يعرف هل ستستمرّ هذه الحالة، أي حالة اللاإستغناء عنها لزمن طويل! لن يطول الزّمن لإكتشاف طريقة مهمّة على الصّعيد الزّمنيّ كما أعتقد. وسيكون زمناً ذا معنى آخر. أي يحمل مواصفات منها ما يتضمّنه الشيء الآخر ومنها ما لا يشير إلى هذا الشيء بأيّ صورة من الصّور. يقول آينشتاين أنّ الزّمن والمكان متواصلان في الإرتباط في كلّ ظرف من الظّروف ولا يمكن الفصل بينهما! هذا الشيء فهمناه وعرفناه عبر عدد من الحلقات وربّما سنتطرق إليه ثانيةً في أمور تتعلّق بها، لا من أجل هذا الرابط المكرّر ذكره!
لقد أخذت الجاذبية من آينشتاين الكثير حينما تحدّث عن الأجسام القريبة والبعيدة من مركز الجاذبيّة في نسبيّته العامّة. وقد ذكر (أنّ الأجسام القريبة من مركز الجاذبيّة لكتلة كبيرة ستختبر وقتًا أبطأ من الأجسام البعيدة. من خلال إلغاء طغيان الزّمن المطلق، يمكن للنسبيّة أن تجعل السّفر عبر الزّمن ممكنًا، طالما أنّ روّاد الفضاء لديهم ما يكفي من الوقود والقوّة للتحرّك بالقرب من سرعة الضّوء). لم يذكر باي حال، السرعة ما فوق سرعة الضوء، وقد أشار إليها العديد من العلماء الروس بإدراك عال. حينما أثاروا وجود التخيون (أو التكيون أو التكسيون). وهذا الجسيم (ليس هناك ما يطلق عليه بالعربية الا كلمة الجسيم، وفي الحقيقة لا علاقة له بهذه التسمية لانّ الجسيم له كتلة وفق القياسات والتعبيرات الفيزيائية التقليدية بضمنها نسبية آينشتاين! اما هذا فليس له من هذه المواصفات التي يحملها الجسيم! لكنّنا سنستخدم هذه التسمية للهروب من المحاسبة العلميّة القديمة (!) وليست الحديثة) يسير بسرعة أكبر من سرعة الضوء وإذا إقترب من الحاجز الضوئي تقلّ سرعته (ذكرنا ذلك في إحدى حلقات هذه السلسلة! وللضرورة أكتب هنا بعض الامور المتعلقة بذلك) أي عكس الجسيمات الآخرى، حينما يفقد طاقته يتسارع التخيون أكثر.
جسيمات أسرع من سرعة الضوء!
ليس بالامر الهيّن الحديث عن الزّمن بانواع قد اثير بعضها في فيزيائيتنا الحبيبة! مثلا الزّمن النيوتوني التقليديّ، الزّمن الكمي، الزّمن التخيلي، الزّمن النسبي (لآينشتاين والذي تغيّر من خلاله الكثير من معنى الزّمن بعد إكتشافه أو وضعه لنظريته النسبية العامة)، الزّمن المرتبط بالاحساس وانا اطلق عليه بالزّمن الحسّي! وربّما هناك الكثير من هذه الاشكال الجميلة لذلك الجميل!
من ضمن هذه الانواع هناك زمن نطلق عليه بزمن بلانك. وهو نوع من انواع الزّمن الذي له معنى مهم جدا الى الدرجة التي لا يمكن ان نستغني عن مضمونه ومقداره! حيث يبلغ هذا الزّمن ما مقداره 44ـ 10×5.39 من الثانية (أي 5.39 مقسوما على عشرة للقوة 44). وهو زمن لم تتمكن الدراسات ان تصل إليه من خلال التجارب المستخدمة.
والطريف في أمر هذا المقدار هو القيام بتقديره لا أكثر، حينها سيكون لدينا وكأن لا يوجد حدثان في الامر وفق التصورات العادية، وفق القياسات الطبيعية،أي لا ماض ولا حاضر. هذه القياسات، غير دقيقة الى الدرجة التي لا يمكن أن تكتشف فيها اي خطأ! بلا شك عندما نتحدث عن الفضاء مثلا، فان الزّمن في ماضيه وحاضره ومستقبله سيكون موجودا. أي مرئيا لك ربّما يكون بأدوات غير تلك المتعارف عليها!
ليس بالامر الهين حساب سرعة أكبر من سرعة الضوء أو التعامل بدون سبب ما نمهّد من خلاله العمل مع هذا الجسيم او اي وجود كائن من خلال ما نصل إليه من نتيجة. هذا هو المقصود بالسّببيّة. وهناك رأيان في هذا:الاول ان لا يطابق الناتج ما اتفق عليه من وجود سبب. والثاني: ان التعامل مع الاشياء او النشاطات المتعددة بدون سبب ما يدعو الى حدوثها. كيف نتعامل مع النّظام الشمسي ومحيطه بالذات مع تلك الاجرام التي لا تتعامل مع الاسباب؟ فيما لو كانت سرعة هذه الاجرام بسرعة اكبر من سرعة الضوء.
يعتبر الباحث سودارشان من جامعة روتشستر، من الباحثين الذي إهتموا بمسألة سرعة ما فوق سرعة الضوء. في صيف عام 1958 كان يعمل هذا الباحث في جامعة روتشستر، فسأله
أحدهم عما يحدث في الطّاقة والزخم عندما ينتقل الجسيم أسرع من الضوء. فقال (أرى أن الطّاقة والزخم يمكن أن يكونا حقيقيين من خلال أخذ كتلة السكون لهذه الجسيمات الأسرع من سرعة الضوء لتكون كتلة خياليّة)###. بالمناسبة أستطيع أن أقول بشكل جميل أن لدينا من التخيونات وغير التخيونات،التي نتكلم عنها لا بالاسلوب الكمي فقط وإنّما بالاسلوب الاكثر تقدماً حينما نضع الدليل معززاً بالعلاقة الرياضية! لا تستغرب أبداً هذه ليست تخاريفاً لا وحياتك! لان الحديث عن التخيون قد أشير إليه بشكل طريف ومتأرجح بين الحقيقة والخيال! هاك مايقوله أصحاب الدراية البحثية (في الفيزياء الحديثة غالباً يشير المصطلح لهذا الجسيم (!) الى مجالات خياليّة بدلا من كتل فعلية. وقد لعبت هذه المجالات دوراً مهماً في الفيزياء لتلك الجسيمات (!) الاسرع من الضوء)####.
الحديث عن تفاصيل فيزيائية هنا يحوّل الموضوع الى حديث مملّ بلا شك!لكنني مضطر لكتابة بعض المعلومات ليكتمل الموضوع!
إذا تحدثنا عن علاقة الطّاقة الكلية وطاقة الكتلة السكونية لهذا الجسيم فنكتبها بالشكل التالي:
E= (mc^2)/√(1-v^2/c^2 )
ونلاحظ أن العلاقة هي علاقة كسر ما بين طاقة الكتلة السكونية للتخيون الى الجذر التربيعي،للقيمة واحد ناقصاً العلاقة ما بين مربّع سرعة التخيون الى مربّع سرعة الضوء (هنا أكرر، هذا وفق علاقة النسبية الخاصة التي تربط هذه المتغيرات مع سرعة الضوء الثابتة، بينما ما أتطرّق إليه هو علاقة جديدة تبنى بصيغة بحيث لا علاقة لشيء إسمه خيال أو وهم!). حينها لو سار هذا الجسيم بسرعة أكبر من سرعة الضوء ستكون العلاقة في مقام الكسر علاقة خيالية لان المقدار سالب تحت الجذر التربيعي. وبالتالي سيكون مقدار البسط على مقام وهمي. فلا يمكن الا ان تكون افتراضاً طاقة الكتلة السكونية للجسيم خيالية أو بمعنى آخر أن تكون كتلته خيالية (إفتراضاً!) كي يكون بسطاً خيالياً على مقام خيالي فيكون إجمالي الطّاقة حقيقياً. وبالتالي نستنتج أنّ عمليّة ربط العلاقة ما هو الا ربط رياضي مجرّد مبني على فرض ما وللتخلّص من الاشكال الرياضي في المقام افترضت الكتلة خياليّة، الى آخره كما ذكرنا. حينها يكون من الضروري ايجاد علاقة جديدة مبنية على واقع فيزيائي مقبول. وبالتالي يمكن ان تكون العلاقة ما بين سرعة الضوء وسرعة الجسيم غير تلك التي تاتي لنا بالناتج السلبي!
سنعود إلى هذا الموضوع بشكل غير تفصيليّ، خوف الملل من الدّخول إلى عالم يبعد القارئ عن غرض إيصال ما نريد إيصاله له.
وهنا يجب أن نشير الى مبدأ مهم من المباديء الفيزيائيّة المهمة، الذي إن وضّحناه سنعرف لماذا السّببيّة؟!

السّببيّة وما أدراك ماهي!؟

أودّ أن أوضّح شيئا مهما هنا وهو ان السّببيّة التي يتكلم عنها البروفسور ليبونوف الكريم على اساس اننا يمكن ان نبعد السّببيّة عن العلم، لا تسير بهذا الشكل الذي يريده هو! يقول (فاذا ابعدنا من العلم مبدا السّببيّة فاي عمل من اعمال الشر مثلا لم يكن مرتبطا بالنتائج). و (ان كل شخص في حياتنا وليس في الدين فقط يواجه مشكلة الاختيار). و(احيانا نختار بين الشر والخير ونفكر فيم سيحدث بعد القرار الذي اتخذناه، واذا لم ترتبط النّتيجة بالسبب هذا لا يعني ان لا وجود للرب، لا وجود للرب في عالم لا وجود فيه لمبدا السّببيّة). أقول:إنّ مبدأ السّببيّة من أهم المسلمات في العلم كما يقول الأستاذ يحيى محمّد##### حيث يقول (يعد مبدأ السّببيّة أهم مسلمات هذا العلم، حيث لولاه ما كان بالإمكان الكشف عن ظواهر الطبيعة وقوانينها، وعلى رأي فيلسوف العلم كارل بوبر ان مبدأ السّببيّة ميتافيزيقي، حاله في ذلك حال اضطراد قوانين الطبيعة وانتظامها. إذ يفترض المبدأ الأخير ان للطبيعة قوانيناً عامة منتظمة تمكّن العلماء من فهم الكون، رغم عدم وجود وسيلة للبرهنة عليها. فمثلاً كيف يمكن البرهنة على القوانين التي كانت تعمل منذ نشأة الكون؟ أو على مصداقية قانون الجاذبية العامة فيما يتعلق بالمجرات البعيدة؟ أو تلك التي لا تطالها يد الفحص والرؤية والاختبار؟ وهناك مسلّمة أخرى غير قابلة للبرهنة أيضاً، وهي الإعتقاد أنّ بإمكان العقل البشريّ أن يفسّر ويحلّ ما يحمله النّظام الكونيّ من غموض وإبهام، كالذي أشار إليه هوروبن). ويسترسل الأستاذ يحيى في إثبات شيء مهمّ هو أن ليس بالضّرورة أن يكون للسّببيّة عنوان يدلّ على الضّرورة الحتميّة لوجودها وإلّا فلا وجود بلا سبب! كما يقول ليبونوف! والغريب قد فاته شيء مهمّ قد أشار إليه الأستاذ يحيى هو:(إنّ التّسليم بوجود واقع موضوعيّ خارجيّ يقام عليه البحث هو أيضاً من المسلّمات العلميّة التي لا تخضع للبرهنة والدّليل. ويعدّ العلماء مثل هذه الإفتراضات ضروريّة لتكوين العلوم الطبيعيّة، ولولاها ما كان بالإمكان إنشاء أيّ علم. والبعض يصفها بأنّها إفتراضات فلسفية). وأحد من هذه الإفتراضات التي يثيرها الأستاذ يحيى هو مبدأ السّببيّة! وقد تطرّق إليه بشكل جميل بلا شكّ، رغم بعض الملاحظات الحلوة التي تتفق معه بها وتفترق معه بها!
يشير هنا الأستاذ يحيى محمّد إلى أنّ (من وجهة نظر برتراند رسل فإن المقصود بالسّببيّة الذي يشكّل الإفتراض القبليّ للبحث العلميّ هو أنّ نفس السّبب يفضي إلى نفس النّتيجة، كما أنّ إختلاف النّتيجة أو الأثر يعني إختلاف السّبب). أي بمعنى أنّ التجربة العلميّة المختبرية تحتاج الى سبب لتكون نتيجتها مقبولةً. ويبقى مبدأ السّببيّة مبدأ (لا يسع العلم الإستغناء عنه) كما يقول الأستاذ يحيى محمّد#####
الآن نقول:لو تحرّكت جسيمات التخيونات بسرعة أكبر من سرعة الضوء، ستنتهك هذه الجسيمات السّببيّة كمبدأ وفق النظرية النسبية!بإعتبار أنّ هذه النظرية تدّعي أن ليس هناك سرعة أكبر من سرعة الضوء.بحجج أوّلها هو هذا المبدأ أي السّببيّة. بينما يذكر عدد من الباحثين كما ذكرت، وجود مثل هذه السرع. رغم أننا ندّعي وغيرنا كذلك ان السّببيّة مبدأ مهم في الفيزياء، فبالتاكيد سيكون لها وقع خاص في نفوس الفيزيائيين اذا قلنا بعدم اهليتها للتعامل في تلك الحالة.
من الواجب ذكره ان ليس من السهل التعامل مع جسيم له سرعة فوق سرعة الضوء ونتعامل معه بالمعادلات والعلاقات التقليدية التي وضعها عدد من العلماء! حيث سيثير هذا الموضوع الكثير من الارتباكات العلميّة (هذا ان صحّ الاستخدام لهذه المعادلات والعلاقات الرياضية في هذه الحالة!) فالكثير من الالتباسات ستثار وبالتالي نسبة الخطأ تتجاوز الحدّ المسموح به وسنسقط في مهاوي الاضطراب! لذلك فمن المنطقي القول، أننا نحتاج الى علاقات أخرى وباساليب وادوات أخرى، منها ما يمكن ان يقال عنه انه متوفر بنسبة ما، ومنه غير ذلك! على كل حال سنتحدث عن هذه المسألة بين الحين والآخر.
مؤيد الحسينيّ العابد
Moayad Al-Abed

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
https://dictionary.cambridge.org/dictionary/english/energy #
https://www.dictionary.com/browse/energy ##
quest.ph.utexas.edu/sudarshan_tachyons.html ###
https://en.wikipedia.org/wiki/Tachyon ####
http://www.philosophyofsci.com/index.php?id=65 #####








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ممرض يشكو سوء الوضع الطبي في شمال غزة


.. اتفاق تشاوري حول المياه الجوفية بين الجزاي?ر وتونس وليبيا




.. غزة: انتشال 332 شهيدا من المقبرة الجماعية فى مجمع ناصر الطبى


.. ما الجديد الذي استحدثته مايكروسوفت في برنامج الذكاء المصغر؟




.. إطلاق مبادرة -تكافؤ- لدعم طلاب الجامعات التكنولوجية النابغين