الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن مستقبل الفلسفة

ماجد الحداد

2020 / 2 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تطور العلم بهذا التسارع المحموم والذي قد لايواكبه العقل من الغزارة المعلوماتية التي فُتِحت علينا من أقطار السماوات والأرض في العقود الأخيرة _ وأعني بالعلم هنا التجريبي الأمبريقي _ يزيد علينا صعوبة لإنشاء نسق معرفي كامل في قالب نظري محكم ، يضطرنا اضطرارا للعودة للمبدأ الأم وهي الفلسفة ...
فكما بدأ العلم بها ومنها سواء من انشقاقه عنها ظاهريا أو مخاضه منها في مبدأ فرض الفرضية ثم تجربتها معمليا ، واضح أننا مضطرون للعودة إليها حتى لو اعتقد غرورنا غير ذلك بسبب نجاحات الأمبريقية التطبيقية والمعلوماتية التي نشهدها ، فوصولنا لفيزياء الكم وقيمها الإحتمالية وعدم اليقين حطم الثبات المعرفي الكلاسيكي الذي أنشأه العلم إبان عصر النهضة إلى الآن ، وهو ما حدا العلماء الآن إلى إعادة استخدامها _ ولا أعلم يقينا إن كانوا يتعمدون ذلك أم بدون وعي منهم _ إلى وضع فروض عديدة متسعة التوجهات عن نشأة الكون والوجود ، ولم يستطيعوا الإتفاق على دراسة فرضية بعينها ... قد يكون ذلك لإنعدام مرتكز قياسي في تلك المنطقة المجهولة خلف جدار بلانك ، لكن أليس وضع فرضية عن شئ ما في منطقة مجهولة تنعدم فيها القياسات الإمبريقية التجريبية تخطي للإلتزام بهذا المبدأ ؟
هذا شئ لا يدعو للخجل أو التراجع ، بل يدعو لمراجعة ما اكتسبناه خطأ عن مفاهيمنا المغلوطة التي فصلت الأم عن وليدها بسبب طموحه وتحقيقه لذاته منذ لحظة المخاض ، وفي حقيقة الأمر أن الفلسفة تعاملت مع العلم في الخمسائة سنة الماضية كالربة "كي" مع ابنها "انليل" حيث تركته يلهو ويمرح ولكنه في واقع الأمر لا يفارقها .

أراها بشكل زيوس القابع في الاولمب يتابع هرقل الذي يحاول أثبات مكانتهُ.. هل هو جديد بالوصول لعالم الأولمب وهو يمتلك الكثير من الخبرات العملية

لكن الملاحظ أن العلم الأمبريقي بسبب تجرده المادي الشديد جعل الكثيرين مم العلماء وفلاسفة العلم عندما يضع فرضية ما عن نشأة الكون فلسفيا يضع في حسبانه أي فرضبة بناء على المعلومات بإستثناء فرضية الخالق ، بسبب ترسخ ذهني بين وجوده وعلاقته بالأديان ، وهي عقدة عدائية قديمة بين الكهنوت والعلم سببها اضطهاد مستمر على مدار استقرار العقيدة الإبراهيمية في الشعوب التي اعتنقتها ، وهو تكرار ملحوظ لم يسلم منه العلماء الذين ظهروا في مجتمعات الأديان الثلاثة ، لكن برأيي أن البعض تخلص من تلك العقدة وهو يعالج الأمر كما فعل أينشتين ونيلز بور على سبيل المثال لا الحصر ، ونراه يعاود إلحاحه بالظهور عندما يسمي بعض الفيزيائيون بوزون هيجز أحد الجسيمات المسؤولة عن الوجود المادي ( جسيم الرب ) وهو برأي حالة متميزة حيادية بشكل توصيفي عن وضع الخالق كفرضية احتمالية على الأقل في عشرات الفرضيات الأخرى عن النشأة ، أما استبعاده كلياً والتمسك بعدم صلاحية طرحه كفرضية بسبب صعوبة القياس أو استحالته لهو عناد نفسي لأن نفس السبب يصلح لإستبعاد الفرضيات الأخرى ، إذاً منطقيا يجب أن يوضع في المجتمع العلمي على طاولة البحث أيضا .
وقريبا جدا مهما ادعينا بأنفة العلماء سيتقابل العلم والفلسفة والعقيدة في محور ثالوثي موحّد ، بسبب هذا التداعي اللانهائي من المعلومات المتضاربة التي نتلقاها يوميا بعدما غمسنا فضولنا في هذا العالم الكمي .
وسيحدث ذلك شئنا أم أبينا أن تهيمن الفلسفة الأم على ابنها الشاب لأن اصرار الإنسان على طرح الفروض بإستمرار يقول لنا بكل بوضوح وصراحة أننا فعلا نكاد نجن لكي نعرف ونجيب عن سؤال لماذا ؟ ... لأن الإجابة عن كيف ؟ لا تشبعنا أبدا ...
فالإجابة عن كيف والإكتفاء بها تشبع الغريزة الحيوانية لدينا فقط ولا تشبع التميز الإنساني الذي ساد به الإنسان على كل ما عداه بها ...
فقط فلنعترف أننا نريد أن نعرف لماذا ...
#انسان_يفكر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تتطور الأعضاء الجنسية؟ | صحتك بين يديك


.. وزارة الدفاع الأميركية تنفي مسؤوليتها عن تفجير- قاعدة كالسو-




.. تقارير: احتمال انهيار محادثات وقف إطلاق النار في غزة بشكل كا


.. تركيا ومصر تدعوان لوقف إطلاق النار وتؤكدان على رفض تهجير الف




.. اشتباكات بين مقاومين وقوات الاحتلال في مخيم نور شمس بالضفة ا