الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


و ماذا في صالات العزاء غير المفاخرة و الرياء ؟!

يوسف حمك

2020 / 2 / 23
الادب والفن


غزوُ التفاخر للعقول خصلةٌ رخيصةٌ ، و غرقٌ في الأوهام ، و تقهقرٌ في الوعي ، و عنجهيةٌ عقيمةٌ ، و آفةٌ اجتماعيةٌ خطيرةٌ .
الاهتمام بالمظاهر اكتسح مجتمعنا بكافة فئاته ، و طالت كل الشرائح .... حتى النخبة المثقفة باتت تلهث وراء بريق المظاهر الجوفاء ، و بخطواتٍ أسرع من العامة ، و هوسها بالبذخ و التقليد أعظم من ذوي الفكر المحدود .

حسب المختصين النفسيين : حب المظاهر ناتجٌ عن اضطراب الشخصية .
و ذهب البعض منهم إلى أبعد من ذلك حينما اعتبروا ذلك مرضاً نفسياً ناتجاً عن الإحساس بعقدة النقص ، أو فقد الثقة بالنفس .

بعيداً عن الإهانة ، أو انتقاص الشأن . بل بالحسرة و المرارة أقول : الإسفاف في حب المظاهر تبذيرٌ بلا مبررٍ وطيشٌ و خيلاءٌ ، كما استراتيجيةٌ فاشلةٌ ، و عروضٌ زائفةٌ بفواتير باهظة الثمن ، تثبت زيف دواخلهم الفارغة من الرصيد ، و خلو الجوهر من اللمعان الذي يشع على المظهر .

المجاملة و المديح و الأقنعة المزركشة و المظاهر المضللة كلها مفاهيمٌ عاكسةٌ لثقافة مجتمعاتنا التعيسة التي صاغها عامل الدين و التقاليد القبلية في أحسن صورةٍ و أبهى حللٍ .

لن أطيل في السرد . بل بودي أن أحدد قضية تلقي كلمات العزاء داخل صالات المفاخرة و البهرجة في دول المهجر و تقديم وجبات الطعام .
نعم كل من هاجر ، فقد حمل عقله العقيم البالي قبل حمله حقيبة أمتعته . و أراد أن يتصرف في بلدان القوانين و المؤسسات كما لو كان يعيش في بلاد حكم الرجل الوحيد ، و سلطة الفرد الأوحد ، و مجتمع الجهل و الخرافة و الخزي و حب القتل و السبي و الذبح .

الخيلاء طبعٌ سقيمٌ ، و العجرفة فكرٌ مقفرٌ ، و الكبرياء سلاحٌ خلبيٌ أُختلقت لإرضاء غرورٍ زائفٍ ، و شموخٍ كاذبٍ ، و ترهاتٍ رديئةٍ ... طبقاً للمثل الإيرلنديِّ : " البقرة الأكثر خواراً ليست الأكثر مدراراً "
فالإنسان يقاس بمبادئه التي تخدم المواطن ، و بمواقفه التي تبني الوطن ، و بجمال روحه الذي تنهض به الحياة على قدميها .
كل العالم حولنا ينطلقون نحو المستقبل بوتيرةٍ عاليةٍ ، و ما زلنا نتنفس من أوهام الماضي ، نراوح مكاننا ، و نتغذى بعقولٍ كهفية المنشأ .

الوافدون هنا مبعثرون في كل الأرجاء ، ملتزمون بالدراسة ، و بالعمل منشغلون .... و ناهيك عن مشقة الحياة .
طنين نبأ صالات العزاء على الأذن مزعجٌ ، و للذوق العام طعمه باهتٌ ، و للحلق بلعه عسيرٌ ....

في حضورهم لتلك الصالات عناءٌ شديدٌ ، كما الحرج أيضاً في تقصيرهم لعدم أداء الواجب .
لذا من الأرقى و المستحبِ الإكتفاءُ بتلقي كلمات العزاء بالتواصل عبر تعدد وسائله " الهاتف ... الماسنجر ... الواتس ...الخ "
بقدرٍ ضئيلٍ من الجرأة ، و بجرعةٍ طفيفةٍ من الشجاعة تستطيع تغيير الواقع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني