الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهملنا مجتمعنا

علاء هادي الحطاب

2020 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


كل المجتمعات المتقدمة والمتطورة في العالم لا تذهب باتجاه معالجة مشكلاتها بشكل ترقيعي وقتي وان كانت بعض هذه المعالجات تحل مشكلة وقتية هنا او هناك، بل تذهب هذه المجتمعات الى جذور المشكلة لتعالجها وإن أخذت وقتا وجهدا على المستوى القريب، لذلك تراها تسير في مجتمعاتها نحو التقدم المستمر على الصعد كافة سواء الاجتماعية ومعالجة جذور مشكلاتها الاجتماعية ووضعها في إطار " قانوني " او غيره بما يكفل التزام الجميع بهذا الإطار، او الاقتصادية او السياسية او حتى الثقافية، نتيجة تطور المفاهيم والثقافات وتبدلها تبعا لتطور وسائل الحياة المتسارعة وتداخلها مع بعضها، لكنهم وضعوا نظاما عاما لمعالجة ما يطرأ على مجتمعاتهم بشكل مستمر، لذا نرى الاستقرار الداخلي بحده الادنى على الاقل الذي يكفل عيش المواطن بكرامة وإن كان دخله الشهري بسيطا او حالته الاقتصادية ضعيفة.
وهنا يعرف عالم الاجتماع الشهير (إميل دوركايم) التنشئة الاجتماعية بأنها " عملية استبدال الجانب البيولوجي بأبعادٍ اجتماعية وثقافية، تصبح هي الموجهات الأساسية لسلوك الفرد داخل مجتمعه" وهنا ذهب (دوركايم) لمعالجة جذور ما يطرأ على المجتمع من مشكلات وازمات بشكل ممنهج.
في مجتمعنا -مع الاسف- أهملنا هذا الجانب بشكل كبير، وبتنا نتعامل مع اولادنا وشبابنا وأسرنا بشكل عام بردود الافعال لا المبادرة الممنهجة وفق نظام يكفل تنشئة هذا الجيل بطريقة يمكنها ان تساهم في ايجاد الحلول بشكل مستمر من دون انسدادات مجتمعية من شأنها ان تنعكس على الواقع الاقتصادي والسياسي والثقافي والتربوي، وتؤدي بالنتيجة إلى عدم الاستقرار المجتمعي الداخلي بشكل مستمر ؛ الامر الذي يولد باستمرار وجود المشكلات والصراعات وعدم الاستقرار بدءا من الاسرة وصولا للمجتمع.
نعم لدينا نخب علمية وثقافية وفكرية، لكن لم تصل لمرحلة انضاج نظام اجتماعي يكفل التنشئة الاجتماعية الصحيحة تارةً بسبب ابتعادها عن الواقع نتيجة ترفعها واخرى بسبب إبعادها قسرا من قبل اصحاب القرار التربوي والسياسي والعلمي وغيره.
ما لم تنهض النخبة ( معلمين ومدرسين واساتذة جامعات والمثقفين بمختلف توصيفاتهم الثقافية ) بأدوارها مجتمعيا، مما ينعكس ايجابا على الطفل في المدرسة، والمراهق في الثانوية، والشاب في الجامعة، ومنهم الى اقرانهم الذين لم تتوفر لهم فرصة التعليم؛ لن نستطيع معالجة هذه الانسدادات المجتمعية، اذ نلاحظ اليوم في واقعنا أن أي خلاف بسيط بين أي مختلفين يتحول إلى تخوين وعداء مستحكم، الأمر الذي يؤدي بمجمله الى صراعات، ومن ثم عدم الاستقرار السياسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكونغرس الأمريكي يقر مشروع قانون مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا


.. لازاريني: آمل أن تحصل المجموعة الأخيرة من المانحين على الثقة




.. المبعوث الأمريكي للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط: على إسرا


.. آرسنال يطارد لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الذي غاب عن خزائنه




.. استمرار أعمال الإنقاذ والإجلاء في -غوانغدونغ- الصينية