الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بينما كورنا يتفشى بالصين... واو يتفشى بالشرق الأوسط

بكر محي طه
مدون حر

(Bakr Muhi Taha)

2020 / 2 / 24
كتابات ساخرة


تتظافرُ الجهود البشرية لإيجاد الحلول المشتركة للعقبات التي تواجه الناس، وبالتأكيد فأن هذه (الحلول) لم تأتي من الفراغ أو العدم، بل جاءت من خلال التجارب والأبحاث أو الأخطاء السابقة وهو الاهم، وكما يقال فأن الأمم تعرف بإنجازاتها وتطور شُعوبها في مجالات الحياة المُختلفة، كالطب والهندسة المعمارية والصناعات بأنواعها... الخ.
إن هذا التطور الحاصل خلقَ عُنصر المُنافسة بين الناس، فتنوعت الإنجازات وأصبحت بمُتناول الجميع على قدر الإمكان، الأمر الذي تعدى المُنافسة التجارية فقط، بل صارَ الإعتماد على ما مدى فائدتهُ الفعلية للبشرية، وهذا ما نشهدهُ اليوم من تطور تكنلوجي وعلمي على حدٍ سواء.
ما يجعلُ الإنسان يتطور ويبتكر هي (الحاجة للتجديد)، وأبسطُ مثالٍ على ذلك الامر هو الهواتف التي كانت في السابق عبارة عن أجهزة تتصلُ ببعضها بواسطة (بدالة الإتصالات) من خلال شبكة خطوط (أسلاك)، أما اليوم فقد أصبح الهاتف محمولاً، غير متقيد بمكان ولا متقيد بجهاز محدد أو شبكة واحدة، وهذا التطور قد مرَ بعدة منافسات وتجارب وإختبارات وغيرها وعلى مدى سنوات طويلة من غير ملل أو كلل، ليصل الآمر الى ما هو عليهِ اليوم، حيث إن غالبية الناس اليوم تمتلكُ هواتفَ ذكية.
الفضولُ المعرفي وحُب الإطلاع هو ما يجعلُ الإنسان مُختلفٌ ومُتباين في إنجازهِ، الأمر الذي يُشجع الناس على الإبتكار، كذلك وجود داعمين للأفكار مهما كانت بسيطة فهي بنهاية المطاف تخدم المجتمع والبشرية، لذلك نجد بأن أغلب المُجتمعات تُشجع على العمل والأهم تنوع أشكالهِ، ليس بغرض المنافسة فقط، بل لإتاحة الفرصة لأكبر عددٍ مُمكن من الأفكار بالظهور للواقع الملموس.
والجديرُ بالذكر فأن مثل هكذا قرارات لا تُتخذ إلا في بيئة عملٍ وجدت لأجل العمل فقط، لا لأجل ترضية شخوصٍ مُعنيين أو لأجل صلة قرابة، فأن المجتمعات الصناعية (عملية جداً)، تُشجع الافراد والجماعات على الإنتاج، حيث تُرحب بالأفكار والإقتراحات الجديدة، أي إنها تعتمد على التنوع لا التفرد، لذلك نجد بأن هذه المجتمعات تُشجع على العمل الجماعي والأهم إتاحة الفرصة لذوات الخبرة أو المقترح الجديد، ويُلمتس هذا في إنجازاتهم الفعلية والتي يتحدون الوقت والجهد فيها، لأجل الوصول الى الأهداف المرجوة، وخير مثال على ذلك مدينة (ووهان) الصينية التي إنتشر فيها فيروس (كورنا)، تحدوا الوقت والجهد في بناء مستشفى يضم (1000) سرير لمعالجة المصابين، وكل هذا بــ(10) أيامٍ فقط!.
بينما في بلداننا العربية الممتدة من المحيط الى الخليج، فأن أي مشروع يُراد تنفيذهُ يأخذ ما لايقل عن عشر أضعاف الوقت الذي تطلبهُ بناء مستشفى ووهان الصيني، في حين إننا نمتلك عقول فذة في مجالاتٍ مختلفة وموارد بشرية غنية، إلا إن الواقع يفرض نفسهُ على إننا شعوب كسولة لا تريد العمل ولا تشجع على الإنجاز، بل تنتقد وتحارب اي إنطلاقة نحو غدٍ أفضل، وهذا الامر يتم إستغلالهُ من قبل الإعلام الموجه (مجهول التمويل)، والذي ثبت هذه الأفكار، لنجد بأن أغلب الشباب في الوطن العربي يعيش حالة من التخبط والكآبة بدأءً من المناهج الدراسية الى التخرج من الجامعة الى البحث عن وظيفة مناسبة، لينتهي بهم المطاف ليعملوا بغير تخصصهم، وبهذه الحالة فأن عجلة الإبداع الإنتاجي قد توقفت في مجتمعنا العربي ومنذ سنوات طويلة، تحت مجموعة مُبررات وعوائق كان بالإمكان تلافيها في وقتها بدل تركها تتضخم لتأخذ أكبر من حجمها لتكون أداة ضغطٍ على الشباب اليوم، أهمها الحروب والتدخلات السياسية بشؤون الغير، هذه الامور وغيرها تلقي اليوم بظلالها على الواقع المرير الذي نعيشهُ اليوم، الأمر لم يتوقف هنا بل صار همُ الجميع مغادرة بلدانهم الأم، بحثاً عن بلد يلبي أبسط سُبل العيش الكريم لهم، كونهُ الحل الأمثل بالنسبة لكثيرين عانوا ما عانوا من تهميش وإضطهاد وسرقة ممنهجة للحقوق والمستحقات ولسنوات طويلة بسبب المحسوبية والمنسوبية، بالإضافة إلى عدم تقدير الجهود المبذولة مهما كانت كبيرة، كل هذا وأكثر خلق حالة من عدم الإستقرار داخل المجتمع الشرقي العربي، الأمر الذي ساهم بتشتت الخبرات والجهود وضياعها.
(الثقة) هي أهم عامل لتطور أي مجتمع، وهذا العنصر طالما مازال مفقوداً في مجتمعنا لن تدور عجلة الإنتاج والإبداع، فالعامل لايثق برئيس العمل، والمريض لايثق بالطبيب، والمواطن لايثق برجل الامن الخ... الأمر الذي خلق حالة من عدم الإستقرار المجتمعي، والذي تبلور في نهاية المطاف للفوضى التي نشهدها اليوم.
وبالتأكيد فأن أزمة الثقة هذهِ لم تأتي من الفراغ، بل جائت بسببٍ مهم إلا وهو (الوساطة)، أو ما يعرف بالفيتامين واو، فايروسٍ يقتلُ ببطء منتشر منذُ سنواتٍ طويلة، تحت طائلة العادات والتقاليد أو الطائفة الدينية والمذهبية أو المكانة الإجتماعية، أشدُ فتكاً من (كورنا)، لطالما دمر أحلاماً ومشاريع، بسبب تواجد شخصٍ بغير إستحقاق في موقع عملٍ معين أو منصبٍ فعال، بسبب صلة القرابة أو الطائفة الدينية، ليُستبعد الناس الذين يستحقون الموقع أو المنصب، برغم مايمتلكوه من خبرات أو أفكار ومقترحات جديدة وعصرية تواكب التطور العالمي الحاصل،لأن ذبنهم الوحيد إنهم (لايحملون الفايروس واو)، والذي يؤهلهم الى شغل أي مكان بدون أي جهدٍ يذكر.
لذلك نجد بأن الأوضاع في بلدننا من سيء الى أسوء، ومن سابع المستحيلات بأن يتحسن الوضع المجتمعي الفوضوي، بظل غياب الثقة بفضل (الفايروس واو)، الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، فأذا الصين شيدت مستشفى ب 10 أيام، للحد من فايروس (كورونا)، فكم ستحتاج شُعوبنا العربية من وقتٍ لإحتواء فايروس (واو).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عزاء الفنانة شيرين سيف النصر تجهيزات واستعدادات استقبال نجوم


.. تفاعلكم : الفنان محمد عبده يطمئن جمهوره على صحته ويتألق مع س




.. المخرج التونسي عبد الحميد بوشناق يكشف عن أسباب اعتماده على ق


.. الموسيقي طارق عبدالله ضيف مراسي - الخميس 18 نيسان/ أبريل 202




.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024