الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طاعة المرأة مقابل إنفاق الرجل قانون استعباد

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2020 / 2 / 24
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


من خلال قوانين الأحوال الشخصية، والزواج والطلاق، يتجلى، بوضوح، جذور الازدواجية الأخلاقية، والفساد الأخلاقى. أول بند من قانون الزواج فى بلادنا، ينص على أن واجب الزوج هو الإنفاق على الزوجة، وفى المقابل واجب الزوجة هو الطاعة مقابل الإنفاق. من هذا القانون المستمد من الشرائع الدينية، تتوالى حقوق الزوج، وامتيازاته،

وسلطته المطلقة، فى عقاب الزوجة وتأديبها وتطليقها شفويًّا. فى الحقيقة، العلاقة بين الزوج وزوجته، لا تختلف عن علاقة السيد بالعبد، طرف يملك كل شىء، وطرف لا يملك شيئًا حتى أقرب الأشياء إليه، وهى جسده. علاقة بين مالك ومملوك. يمكن للزوج أن يخلع زوجته كما يخلع حذاءه، ويطلق زوجته كما يشاء ومتى يشاء دون سبب، ويشردها فى الشوارع هى والأطفال، لمجرد مزاجه الذى يشتهى امرأة أخرى. وقد حاول رئيس الدولة المصرية الحالى إلغاء الطلاق الشفهى، ولكن الأزهر والمؤسسات الدينية، اعترضت، واعتبرته دعوة ضد أحد الثوابت الإسلامية، لا يمكن نقاشها والمساس بها. وهذا شىء مؤسف للغاية، فالدولة منذ عام 2014، تتكلم عن ضرورة تجديد الخطاب الدينى، والأزهر والمؤسسات الدينية الرسمية وغير الرسمية، تتفق على أن هذا التجديد ضرورة للتقدم والنهضة، ولكنها لا تفعل شيئًا لتحقيق هذه الضرورة.

المشكلة الرئيسية هى أن لا أحد يخلخل البناء الأسمنتى الراسخ الذى يحكم العلاقة بين نصفى المجتمع، النساء والرجال، تلك العلاقة التى تصلح لزمن استعباد البشر، وليس عام 2020.

يؤسفنى القول بأن حتى أصحاب الفكر التنويرى، لا يعتبرون أساسًا أن هناك قضية للمرأة، وإذا وجدت فهى تافهة أو فى مرتبة أدنى، من القضايا الكبيرة الهامة المصيرية، ولا يجب تضييع الوقت فى إثارة «ما هو شخصى».

إن الأخلاق الذكورية تتحكم فى مصير النساء، وتحولهن بالقانون والشرع، إلى مملوكات للأزواج، وتدمر طموحاتهن الشخصية فى العلم والإبداع والعمل وتحقيق الذات، باسم طاعة الزوج المقدسة وخدمته وتربية الأطفال المنسوبين إلى الأب، وليس إلى الأم. فى الواقع أن اسم الأم، محتقر، ومعيب، فى بلادنا، رغم كثرة الأغنيات التى تتغنى بحب الأم.

لا أفهم كيف تكون قضية المرأة تافهة أو شخصية، والمجتمع كله بثقل أخلاقه المزدوجة يكتب عقود الزواج. فقوانين الأحوال الشخصية ليست شخصية على الإطلاق، لكنها سياسية، وثقافية ودينية واجتماعية، فى المقام الأول. وهى التى تحدد كل ما فى الدولة، ولذلك أى تغيير فى هذه القوانين يقابل بالهجوم الشرس، والاعتراض المطلق، لأنها من ثوابت

الدولة فى جوهرها. وكيف تكون قضية المرأة تافهة، وهى التى فى كنفها تتربى الأجيال، وتتشرب قيمها الموروثة. إن قيم ومفاهيم وتقسيم السلطة فى البيت، هى نفسها قيم ومفاهيم وتقسيم السلطة فى البرلمان.

لقد كتبت كثيرا عن فساد الأخلاق الذكورية، وازدواجيتها المعيبة، المليئة بالتناقض وغياب العدالة، وقلت إن الحجاب وتغطية المرأة، ليس أخلاقًا، على العكس هو ضد الأخلاق الحقيقية. فاعتبار المرأة كائنًا جنسيًّا يثير شهوات الرجال المسلمين، ولابد بالتالى من تغطيتها، بقطعة من القماش، هو فساد، وتخريب لشخصية المرأة والرجل على حد سواء.

ليس من العدالة أن تدفع النساء ثمن قلة أخلاق الرجال وشهواتهم التى لا تخمد. وليس من العدالة تصوير الرجال على أنهم ذئاب بشرية. وكتبت أن جوهر الأخلاق للنساء والرجال هو الاستقامة، وإتقان العمل، والضمير الحى اليقظ، ومقاومة الظلم والقهر، وأن الشرف ينتهك باسم قيم الشرف، وأن الأخلاق تدمر باسم مفاهيم الأخلاق. وكانت النتيجة أننى منذ سبعينيات القرن الماضى، هوجمت بشراسة، وتم تكفيرى، ورُفعت ضدى ست قضايا حسبة، مع مطالبة الحكومة بسحب جنسيتى المصرية، وعشت المنفى حتى لا أتعرض للاغتيال من قبل الإخوان وتنظيماتهم المسلحة حيث كان اسمى فى أولى قوائم التصفية الجسدية، وتعاونت الدولة وقتها مع هذه التنظيمات، وفرض التعتيم الإعلامى على كتاباتى، وتمت مصادرة رواياتى حتى اضطررت لنشرها فى بيروت.

تعرضت لكل هذا، ولم تفعل النخب الثقافية والفكرية والصحفية، والأحزاب السياسية، بكل أطيافها، شيئًا لمساندتى، بل شاركت فى تدعيم موجات التأسلم ومغازلة التيارات الإسلامية، التى تدور معظم أفكارها عن تغطية عورات النساء، ورجوع المرأة إلى البيت، والزواج المبكر، واستحسان تعدد الزوجات، وترسيخ التفرقة بين المرأة والرجل.

إن الفساد الأخلاقى يرتبط بالفساد الاقتصادى والفساد الثقافى والفساد السياسى والفساد الإعلامى والفساد التعليمى والفساد المهنى والفساد التربوى. وهذا الفساد هو محلى بقدر ما هو عالمى.

ما زلت أذكر حينما كنت شابة، وأستعد للخروج ذات مساء، فجاء أخى الأكبر وقال لأبى:

«سأخرج معها عشان أراقبها». غضب أبى بشدة، ونهره وقال له «دى هى اللى تراقبك».

هذه الجملة هى التى صنعت استقامة أخلاقى، ومسؤوليتى الأخلاقية تجاه نفسى، وتجاه الآخرين، حيث أنا مصدر الفضيلة والأخلاق، وليس أبى أو أخى أو زوجى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أما بيت الطاعة فبمفرده هو أكبر إهانة للمرأة
فؤاده العراقيه ( 2020 / 2 / 24 - 22:27 )
اجمل التحايا دكتورتنا الغالية على قلوبنا
من خلال متابعتي لقوانين الاحوال الشخصية العراقية والتي لا تختلف كثيرا عن بقية البلدان العربية حيث لمستُ هدرا كبيرا لكرامة المرأة بها كأنسان مكتمل واعتبارها تابعا لزوجها وعليها الطاعة ومقابل هذا يتم التضييق على الرجل من ناحية المادة فهو المسؤول الاول من ناحية الإنفاق عليها وكأنها عاجزة عن كسب المادة
والغريب هو إن بالرغم من تحرر المرأة اقتصاديا لكنها بقيت مكبلة بقوانين لا ترحم انسانيتها واستمر القانون غير منصف حيث يعتبرها عاجزة ويحق للرجل تطليقها دون سبب بل ويطلبها لبيت الطاعة !!! عبارة مخزية تتجسد بها مدى الإذلال الواقع على المرأة وهذ البند بمفرده كفيل بأن يشمئز له أي عقل سليم فما بالنا ببقية البنود من نفقة المتعة إلى اجور الرضاعة ؟ الأدهى من هذا كله إن بعض النساء تعتبر اجور الرضاعة هو إنصاف الشرع لها وكأنها لا علاقة لها بالأبناء فهم لزوجها فقط وعليه ينبغي أن تأخذ اجرها منه , أما الضرب فيجب ان يكون غير مبرحا حيث يعطي الحق للرجل بتأديبها وكأنها طفل , ولكن القانون اعطاها الحق بتطليق نفسها فقط في حالة
كوني بخير دوما فالخير سيعم علينا جميعا


2 - الست فؤاده العراقيه ....1
عامر سليم ( 2020 / 2 / 25 - 05:35 )
كل ما ذكرتيه في تعليقك هو من صحيح الدين وتراثه لاغبار ولا تثريب عليه , اذن المشكله تكمن في هذا الدين وتراثه .
والمشكله الأكبر ان هذا الدين وتراثه هو الدين الرسمي للدوله وكذلك هو المصدر الرئيسي في تشريع القوانين كما ورد في دستاتيرنا (العظيمه).
تقول الطبيبه والروائيه والشاعره والصحفيه البنغاليه - تسليمه نسرين - : -جذور الاصوليه هو الدين وعلينا بمعالجة الجذور وليس قطع الاصوليه لانها ستنمو مجدداً بكل سهوله-.
وحين نذهب الى الجذور لأنتقادها يتفلسف بعض الليبراليون قائلين : المشكله ليست في الدين , الدين حاجه إجتماعيه (زفرة مظلوم) ولكن المشكله في الأسلام السياسي! .
يا ساده يا كِرام.... الاسلام دين ودوله ,دين وسياسه منذ نشاته والى يوم يبعثون.
اما بخصوص دعوات تجديد الخطاب الأسلامي فجوابها عند المرحومه أم كلثوم:
تجديد ايه اللي انت جاي تقول عليه ..... انت عارف قبلى معنى التجديد ايه.
التجديد الوحيد الذي يحل المشكله هو لفظ هذا الدين وتراثه.
في رائعة غوغول (المعطف) يذهب صاحب المعطف الى الخياط لأصلاح معطفه البالي ليفاجئه الخياط قائلاً :
(( -كلا، لا يمكن اصلاحه، ملبس بال.
يتبع رجاءاً


3 - الست فؤاده العراقيه ....2
عامر سليم ( 2020 / 2 / 25 - 05:38 )
أحس اكاكي اكاكيفتش عند سماعه هذه الكلمات بوخزة في قلبه.
-ولماذا لا يمكن، يا بتروفتش؟ - قال بصوت ضارع كصوت الطفل تقريبا. – كل ما فيه أنه
أصبح خفيفا عند الكتفين، وأنت لديك حتما قطع ما.
-نعم، يمكن أن أجد قطعا، القطع موجودة، -قال بتروفيتش . – لكن لا يمكن تثبيتها. النسيج
مهترئ تماما. ما أن تلمسه بالابرة حتى يتفسخ.
-فليتفسخ، أما أنت فلتضع رقعة على الفور.
-ليس هناك ما توضع عليه الرقعة، لا يوجد ما تثبت عليه، انه مستهلك جدا. الاسم فقط
جوخ، ولكن لو هبت عليه الريح فسيتطاير.))
فعن اي تجديد وترقيع نتحدث والملبس بالٍ ومتفسخ كما يقول عزيزنا الخياط بتروفيتش.
وهذه مجرد عينه بسيطه لما يحتويه هذا الملبس البالي المتهرئ والمتفسخ من حشرات وطفيليات وفايروسات قاتله عن المرأه حصراً:

لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا.
ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة.
المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان.
يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ.
ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء.
يتبع


4 - الست فؤاده العراقيه ....3
عامر سليم ( 2020 / 2 / 25 - 05:42 )
يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ.
ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء.
وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى.
ألنساء ناقصات عقل ودين.
يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين.
وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ.
ان النساء همهن زينه الحياه الدنيا و الفساد فيها.
المرأة شركلها، و شر ما فيها انه لابد منها.
غيره المرأة كفر، و غيره الرجل ايمان.
المرأة عقرب حلوه اللبسه.

بربكم, هذا المعطف الأسود الخانق يحتاج لتجديد وترقيع ام للرمي في الزباله غير مأسوفاً عليه؟


5 - الأستاذ عامر سليم
فؤاده العراقيه ( 2020 / 2 / 25 - 23:58 )
اوافقك الرأي ولكن سؤالي لك هو كيف يمكننا وبهذه السهولة في أن نرمي الدين للزبالة برأيك ؟


6 - العزيزه فؤاده (5)
عامر سليم ( 2020 / 2 / 27 - 02:25 )
الجواب : كل حسب طاقته وحسب قدرته.
الزباله لاترمي نفسها , ولكن الوعي بأنها زباله هو منْ يقوم بعزلها ورميها.
في مجتمعاتنا نفتقر لثقافة رمي الزباله , عادةً ما نحتفظ بأشياءنا وخصوصاً ما ورثناه , نعتز بها حتى لو انتفت حاجتنا لها, بل حتى وبيقيننا بأنها باتت تشكل خطراً وضرراً علينا , نربطها بـــ (النوستالجيا) تنفيساً وتبريراً لهذه العاده , وعملاً بالمثل الشعبي (من فات قديمه تاه).
بالمناسبه عادة الأحتفاظ بالكراكيب مرتبط بمرض نفسي يسمى ( Compulsive Hoarding ) وهو نتاج الأحباط والرهاب والقهريه.
وبالعلاج من هذا المرض يمكننا بسهوله من رمي ما ورثناه في الزباله , ونتخلص من اعراضه النفسيه المؤلمه كــ ندب الحظ والشكوى والأنين والنواح والولْوله .


7 - الوعي ضروري لحل كل عقدة
فؤاده العراقيه ( 2020 / 2 / 27 - 19:32 )
اوافقك الرأي ايضا مجتمعاتنا بأمس الحاجة للوعي ولكن ما يحدث هو محاولات مستمرة لتغييب الوعي لديها من قبل سلطات مأجورة من خلال تهميش دور التعليم اولا وثانيا جعل الشعب يدور بدوامة فارغة لإنهاكه وتضييع وقته بانعدام الخدمات وعرقلة المعاملات والخ... ثالثا تهميش دور المرأة والتي هي اكثر من نصف المجتمع ليكون المجتمع اعرج ويتأخر عن الركب , رابعا دور الاعلام في غياب الوعي والكثير من العراقيل التي من شأنها إحداث العجز في التغيير
إذن هي مسؤولية تقع على عاتق الواعين ولا تقع على عاتق المغيبين لكونهم لا يدرون بأنهم لا يدرون بل غرسوا في تفكيرهم بأن عقولهم مطلقة بصحتها
الدين حاجة الضعفاء صغار العقول ولا يمكنهم رميه مالم يكون لديهم الوعي بأن عقولهم لا تدرك ما يحدث لهم من خراب وهذا لن يحدث باقوة بل تدريجيا
مع اجمل التحايا .

اخر الافلام

.. الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري


.. إعلاميات مداهمة ستيرك وميديا خبر هي لطمس وإسكات صوت الحقيقة




.. دراسة بريطانية: الرجال أكثر صدقا مع النساء الجميلات


.. بسبب فرض الحجاب وقيود على الملابس.. طلاب إيرانيون يضربون عن




.. سعاد مصطفى :-المرأة السودانية هي من تدفع ثمن الحرب-