الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شذرات في الشخصيه العراقيه ٦

أياد الزهيري

2020 / 2 / 24
المجتمع المدني


تطرقنا لعوامل عديده كان لها الأثر الكبير في صياغة الشخصيه العراقيه ،ولكن لم تكن هي العوامل النهائيه ،بل هناك عوامل أخرى مثل الجغرافية والتاريخ ،فمن الملاحظ ان لديموغرافية الأرض والمناخ الأثر الواضح على سلوكيات الناس ،فمثلاً الأرض الرملية والمناخ الحار وهبوب الرياح الكثير خلقت في نفسية ساكن الصحراء حاله من الانفعال والمزاج الحاد لان البيئه قاسيه ومنفره ولم تبعث على الارتياح .هذا الجو سبب حاله من الانزعاج والنفور في التكوين النفسي لسكان هذه المناطق،كذلك هو الحال في الجانب التأريخي فهو عامل له من الأهميه بمكان ،فقد يفوق العامل الجغرافي في أهميته في تكوين الشخصيه وصياغة مزاجها النفسي.فالتاريخ يشكل مصدر ألهام للشعوب ،وهو حصيلة ممارسات قام بها الأجداد والآباء في الزمن الماضي وأورثوها للجيل الحاضر على شكل عادات وتقاليد،ولذلك يذكر عالم الاجتماع الفرنسي (غوستاف لوبون) أن الأموات هم من يحكموا الحاضر بما أورثوه من سلوك وما أوحوه من عادات وبما الهموه من مباديء وأفكار عبر الأجيال .فالاجتماعي والتاريخي لا ينفك بعضه عن بعض ،بل هم شيئين متداخلين،فحركة المجتمع لا يمكننا فهمها وتشخيص دوافعها بدون فهم التاريخ الاجتماعي لها،كالمريض ،ترى بعض الأطباء الحاذقين يبحث عن تاريخ المريض وخاصه في الجانب النفسي ليعرف لما تعرض له المريض من احداث لكي يفكك أسباب المرض ويجد له العلاج من خلال هذه المعرفه التاريخيه لحياة المريض ،وهذا الامر هو من دفع بالدكتور علي الوردي بالإشارة الى ضرورة دراسة العهد العثماني بأعتباره مرحله مهمه لدراسة المجتمع العراقي في العهد الملكي،فهنا يتبين مدى أهمية التجوال في أحداث التاريخ لكي يستمد منها دروساً تساعد في فهم الحاضر ،والتي يمكن أن تساعد في أستشراف المستقبل لهذا المجتمع.يتضح وبشكل جلي ان للتاريخ اليد الطولى في التأثير على السلوك الفردي والاجتماعي ،وهنا علينا النظر في تاريخنا الذي يتسم بكثرة الحروب ،حتى ان الحروب تكاد تكون كل تاريخ العرب،وفعلاً ان مهنتهم الرئيسيه هو الغزو المتسم بالنهب والسلب ،يعني تاريخ يتسم بالعنف والصعلكه ،والشعر وهو ديوان العرب مليء بأشعار الحروب والغزوات،كما أن تاريخنا يؤرخ لملوك وخلفاء عاثوا في الأرض فساداً ،فقد ظلموا وتعسفوا وقتلوا ونهبوا ما طاب لهم.هذا العنف الذي مارسته السلطات على مر الزمن،ومارسه الأهالي مع بعضهم هو ما أورث السلوك العنفي في نفسية الفرد العراقي ،كما أن الشعور بالظلم والقسوه لمدد تاريخيه طويله ،قد كرس هذا السلوك في النفسيه العراقيه،وهنا يؤشر لنا ان هناك خزين هائل من المكبوتات في العقل الباطن في النفسيه العربيه عامه والعراقية خاصه.فمن الطبيعي ان تكون ومن خلال هذا التأريخ العنفي أن النفسيه العراقيه نفسيه مأزومه وأنفعاليه ،حيث تنفعل لأقل الاسباب،وهذا النوع لم يكن الوحيد في المجتمع العراقي ،فقد أخذنا في درس المجتمع الريفي ،وهو درس من دروس كلية الزراعه ،وفي أحد الدروس شرح الأستاذ لحوادث العنف التي حصلت بالريف الأفريقي ،وهو أن الأنسان الأفريقي يستفز لأتفه الاسباب ويحدث عراك دموي بينهم ،والسبب يعلله الأستاذ الى العنف والقسوه التي يتعامل به معهم المحتل الاجنبي،وعدم قدرة الأفريقي على الرد ،فيكبت في نفسه مشاعر الغضب ويفجره على مواطن أخر لأي سبب كان.نستنتج من كل ما سبق أن العنف والقسوه ،وعدم الرضى عند العراقي هي لم تكن وليدة اليوم ولكن لها من الموروثات التاريخيه التي طبعت فيه الشخصيه العراقيه الحاليه بكل أيجابياتها وسلبياته الحاليه.وما يزيد الطين بله أن العراقي يعشق الماضي ويرغب في معايشته وتقليد كل ما فيه،فهو يتنفس التاريخ الذي لا يخلو مما يزكم الأنوف ،ولا يتطلع لتنفس الهواء الطلق ليبعث في جسده ما يحيه ،وفي نفسه ما يطرد السأم والكآبه والغلو والحقد والقسوه منها.
وإنشاء الله سيكون هناك تتمه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال طلاب مؤيدين لفلسطين تظاهروا في جامعة جنوب كاليفورنيا


.. -الأونروا- بالتعاون مع -اليونسيف- تعلن إيصال مساعدات إلى مخي




.. عنف خلال اعتقال الشرطة الأميركية لطلاب الجامعة في تكساس


.. تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني




.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من خطر حدوث مجاعة شاملة في غزة