الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بمناسبة انطلاق الثورة الكردية

اسماعيل شاكر الرفاعي

2020 / 2 / 24
ملف: الحراك الجماهيري والثوري في العالم العربي، موقف ودور القوى اليسارية والديمقراطية


الشعب الكردي كالشعب التركي ، وكالشعب الفارسي والعربي له شخصيته القومية التي تميزه عن باقي الامم والشعوب ، فهو كغيره من شعوب الشرق الاوسط يتوفر على حيازة المقومين الاساسين من مقومات الوجود العريق للامم والشعوب : اللغة والارض الواحدة ، وباضافة مقوم الارادة : اي الشعور الشعبي العميق بظلم النظام الدولي لهم ، الذي تواجهه متأججاَ لدى الكردي الذي تلتقيه : اكان من اكراد العراق او تركيا او ايران او سوريا مما يجعلك تؤمن بعمق بأن الكرد في الطريق الى بناء دولتهم . هذا هو الهدف التاريخي الذي يرنو اليه كل كردي من اكراد كردستان الموزعة بكرم امبريالي بين دول العراق وتركيا وايران وسوريا . وكان المفروض بقوميات هذه الدول : ان تعمل جاهدة لمساعدة الكرد على تحقيق حلمهم التاريحي هذا ، وهي في هذا لن تخسر الكثير بل ستربح الكثير : ستربح قبل كل شيء انسانيتها وتتجنب السقوط في حرب اهلية داخلية كما حدث في العراق وسوريا ، وكما سيحدث في السنين المقبلة في : تركيا وايران ، اذ ان التسامح مع الاقليات القومية الشريكة في سكن الوطن الواحد ، يقود حتماً الى التسامح بين طوائف الدين الواحد . اذا لم يتحقق هدف الوحدة الكردية يظل التوتر سيد العلاقة بين قوميات ودول المنطقة ، فالكردي اليوم يشعر بان كرامته كبشر ناقصة من غير تحقق هذا الهدف : ومن يريد ان ينزع فتيل الاضطرابات الاقليمية ، عليه ان يسارع الى حل القضايا القومية الشائكة كقضيتي الكرد والامازيغ ، الى جانب ايجاد الحل العادل للقضية الفلسطينية ، ذلك ان الكرد اليوم يوجهون سهام نقدهم ـ بعد ان انسحب الاستعمار ـ الى العرب والفرس والاتراك كصناع مباشرين لمأساتهم التاريخية …

فعلت الاسباب الداخلية ـ بعد تلاشي الحضور المباشر للكولونيات الغربية ـ فعلها الكبير في منع الكرد من الاستقلال بدولة خاصة بهم ، وهي اسباب تشبه الى حد كبير الاسباب التي منعت عرب المشرق ( دول العربيا + الشام والعراق والاردن ) من التوحد في اطار دولة واحدة . في المقدمة من هذه الاسباب ، عدا التبعية السياسية والاقتصادية ، : العشائرية والطائفية …

يمنع الشعور العشائري ـ اذا تحول الى سلطة سياسية ـ نفسه ومن يحيط به من تكوين وعي سليم حول الدولة ، اذ ان هذا النوع من الوعي القديم جداً في التاريخ : كثيراً ما يطابق بين وجوده ووجود الامة والدولة ، وفي الممارسة العملية لا تشعر بوجود هذه الامة الا في الاناشيد وفي الخطب الحماسية . يسلب الزعيم من الامة ، مع انه ينطق باسمها ويستمد شرعيته كسلطة منها ، كل حضور سياسي لها : لا برلمان حقيقي ولا رقابة فعالة على حكومة الزعيم ، ولا شفافية في العمليات الاقتصادية . وقد انتهت جميع تجارب الزعيم الاوحد والقائد الضرورة بحكم وراثي في سوريا ، ولو امتد العمر بصدام والقذافي وعلي صالح لكونوا عوائل وراثية حاكمة في العراق وليبيا وايمن …

بعد ٢٠٠٣ تأسست في العراق عوائل حاكمة : الحكيم والصدر والنجيفي والبارزاني وطالباني ، ارتبط وجودها بوجود المحاصصة كاستراتيجية لطبقة سياسية عابرة للقومية والطائفية والقبلية ، وهذه الطبقة في الوقت الذي تبيح هذا العبور لنفسها مكونة تحالفات داخل البرلمان : تمنع عموم المواطنين من مزاولته ، فكل كيان سياسي منها يخاطب اعضاء تنطيمه بالقول : ان العراقيين شيعة وسنة واكراد لا يمكن التواصل السياسي فيما بينهم ، ومن الافضل لهم ان يتحاصصوا ويوزعوا في ما بينهم الثروات والمناصب السياسية …

لعبة هذه الطبقة السياسية بدأت بالانكشاف التدريجي للشيعي والسني والكردي خاصة بعد ٢٠١٠ ، بعد ان هدأت الحرب الاهلية الطائفية وبدأ الناس يكتشفون بأن حصة الكرد من الثروة الوطنية تذهب لحزب العائلة البارزانية وحزب العائلة الطالبانية ، مثلما تستولي عوائل الجكيم والصدر وزعماء الاحزاب والميليشيات على حصتي الشيعة والسنة ، فوصل الفقر والفساد والخرافة الفقهية التي تبرر هذا السلوك الى مستويات غير مسبوقة …

صراعات الحزبين العائليين في اربيل وفي السليمانية على النفوذ والمال ، اضرت ضرراَ فادحاً بوحدة المجتمع الكردستاني : الاجتماعية والثقافية وباعدت بينهما اكثر مما قاربت بينهما ، وكوادر الحزبين المستفيدة من الوظائف والامتيازات ، لا يمكن ان تحقق وحدة مجتمعية بين المدينتين : نتيجة ولاؤهما المطلق للعائلتين ، والعودة الى هذا الولاء بعد الانفصال ، لا بد وان تكون تسعيرته غالية ، كما حدث مع عودة القيادي في حزب الاتحاد الوطني : برهم صالح ، الذي طالب برئاسة العراق ثمناً لدمج تنظيمه ( قوته ) مجدداً في الحزب الام . وكوادر الحزبين الكردستانيين لا يمكن مقارنتها بالطبقة الوسطى أو بالبرجوازية التي يدفعها نشاطها الاقتصادي الى ممارسة توحيدية نتيجة سعيها الحثيث الى الانتاج وتكبير الاسواق لتصريفه والبحث عن مواد اولية له . لأنها بلا نشاط اقتصادي اصلاً ، وهي تتقاضى الرواتب الضخمة والامتيازات من غير اي نشاط انتاجي سوى نشاط الولاء للعائلتين وتكريس هيمنتهما السياسية والاقتصادية على مدن الاقليم . وهذه ظاهرة اجتاحت العراق من اقصاه الى اقصاه حيث يستولي في الجنوب والوسط كوادر الاحزاب الاسلامية على حصة من الناتج القومي تحت عناوين شتى لا تتضمن اي عمل واي انناج …

الثورتان : العربية والكردية ، ثورتان ضد اللامعقول السياسي ، اذ ان معقول السياسة سينطلق من ساحات الثورتين ، وليس من جحور الاحزاب الدينية والميلاشوية في الوسط والجنوب أو من قصور الحزبين في كردستان ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. WSJ: لاتوجد مفاوضات بين حماس وإسرائيل في قطر حاليا بسبب غياب


.. إسرائيل تطلب أسلحة مخصصة للحروب البرية وسط حديث عن اقتراب عم




.. مصادر أميركية: هدف الهجوم الإسرائيلي على إيران كان قاعدة عسك


.. الاعتماد على تقنية الذكاء الاصطناعي لبث المنافسات الرياضية




.. قصف إسرائيلي يستهدف منزلا في مخيم البريج وسط قطاع غزة