الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخبرةُ البشرية... مابين الواقع والتطبيق

بكر محي طه
مدون حر

(Bakr Muhi Taha)

2020 / 2 / 24
الادارة و الاقتصاد


مُنذ القدمِ والإنسان يسعى للتعلم والتطور في مجالاتٍ مختلفة بهدف الوصول الى النتائج التي يراها مناسبةً، حيث إن هذه النتائج ستكون عُصارة عدةِ تجارب بعضها كتب له النجاح وبعضها كتب له الفشل، والمهم هو مدى تعلم الإنسان من تجاربه الفاشلة لكي لا يقع بنفس الخطأ مرةً أُخرى.
وتُعرف الخبرة بأنها المعرفة المُسبقة بالأشياءِ والأمور الحياتية والعلمية وغيرها، يمتلكها أفراد أو مجموعة من البشر، والتي بُنيت على أساس المعرفة المتراكمة للأمور، فقد تكون بسبب التكرار المتماثل لعملٍ معين، أو الطموح المعرفي، والذي يجعل الإنسان يتعلمُ أموراً قد تكون خارج إختصاصهِ، لإجل إثبات ذاتهِ، أو لإجل حاجة خاصة مُلحة تتعلق بهِ.
حيث أصبحت الخبرة من ضروريات الحياة، فهى لا تتعلق بكم المعلومات التي يملُكها الإنسان بقدر الطريقة المناسبة التي سيوصل بها معرفتهُ للمتلقي بدون نمطيةٍ، فمثلاً الفيزياء لمجرد أن يسمع المتلقي إسمها سيشعرُ بالمللِ، لأن الصورة النمطية التي بُنيت عليها تتخذُ من المعادلات والأرقام الصم شكلاً لها، بعيداً عن التجارب الفيزيائية الحية الضرورية لإثبات معادلةٍ ما، لتنحصر بـ(التخيل) فقط مما يؤدي الى نفور البعض منها، كذلك الرياضات أو الكيمياء، الخبرة هنا مهمة، حيثُ ستلعب دورها في تقريب الصور العلمية للمتلقي بدونِ نمطيةٍ كلاسيكية، حتى وإن كانت الأدوات المتوفرة فقيرة أو شبه معدومة، المهم هو إيصال الفكرة بأبسط الطرق، لمخاطبة أكبر عددٍ ممكن من الناس المتباينيين بطريقة تلقيهم للمعلوماتِ، وهذا العمل يتطلب مرونة بالفكر وإرتجال في إستخدام أبسط الأدوات المتوفرة.
لابدَ من الإشارةِ الى أن الخبرة لاتنحصرُ بشخصٍ أو مجموعةِ شخوص ذو تخصصٍ واحد، ففي بعض الأحيان هناك مواقف تتطلب تظافر عدة جهود وخبرات لإجل الوصول الى الهدف المرجو، فمثلاً في أفلام الكوارث، وعلى سبيل المثال، فلم اليوم بعد الغد أو (The Day After Tomorrow)، والذي يتحدث عن تغير المناخ- وهذه الكارثة نشهدها اليوم فعلاً- بشكل فجائي متسبباً بمناخ جليدي يضرب دول العالم، لتتظافر فيما بعد عدة جهود لتخطي الأزمة، ولو تمعنا جيداً في الفلم لوجدنا بأن العالم الجيلوجي والعسكري والطبيب وعامل المكتبة وغيرهم، صحيح بأن إتخصاصاتهم بعيدة كل البعد عن الآخر، إلا إن كل الجهود والإختصاصات تظافرت لأجل هدفٍ واحد وهو (البشرية)، حيث إستطاعوا أن يتعدوا الكارثة بسبب خبراتهم المتراكمة والأهم هو (الإرادة)، حيث إن بعضهم ضحى بحياته لإجل إستمرار الحياة، إيماناً منهُ بأن بقية البشر سيُكملون الطريق، بغض النظر عن إنهُ مُجرد فلم سينمائي أو سيناريو مُقترح لكارثة بيئية، لكن لو فعلاً تظافرت الجهود اليوم لتم إيجاد حلٍ لمشكلة التغير المناخي التي ستتحول الى أزمة كبيرة ستعصف بنا بأي لحظة، بدل أن نعيش الفلم واقعاً!.
والجدير بالذكر فأنهُ سينمائياً تُصورُ الأفلام العُلماء وأصحاب المعرفة المتراكمة (الخبرات) بأنهم غريبي أطوار، فمنهم شكلهُ غريب أو زيهُ الفنتازي، أو هوسهُ في السيطرة على العالم!، لكن واقع الحال يختلف تماماً، فأنهم فقط يفكرون بصورة بعيدة عن النمطية التي تحيط بنا، وينظرون للأمور من زاويةٍ مختلفةٍ تماماً، بسبب التراكمات العلمية والفكرية والبحث والتطوير المستمر، لذا يمكن القول بأنهم (خُبراء) في مجالِ عملِهم.
وبالتأكيد فأن الخبرات المتراكمة لم تأتي من الفراغ، بل ترتب عليها بذل المزيد من الجهد والوقت لتعلم وتطوير الخبرات الحالية، لتتبلور بصورة نجاحاتٍ ملموسة، من خلال التجارب الفعلية الحياتية الكثيرة، والأهم فأن أي خبرة لا تاتي إلا من خلال المحاولة ولمرات متعددة، أي إن الخبرة وليدة مجموعة من الأخطاء السابقة، وليست مجرد نجاحات متوالية أو مايعرف بــ(حظ المبتدئين).
وللخبرة عدة أوجه، أهمها:
1- الخبرة العملية / خبرات تتطلب رؤية شاملة ولا تحتمل أي أخطاء، مثل العمليات الجراحية في الطب تتطلب خبرات طبية مُتخصصة، أو الهندسة المعمارية التي تتطلب خبرات بناء وتصاميم عصرية.
2- الخبرة الذهنية / وتعتمد بالشكل الاساسي على الرؤية العقلية للموضوعات قبل البدء بتنفيذها كونها معقدة أو مكلفة أو إنها تحتاج الى صياغة خاصة، مثلاً كتابة القصص والحكايات تتطلب مَلَكَة الكتابة والتعبير كونها العامل الأساس في التأثير بالمتلقي.
3- خبرات فطرية / وتتمثل بالأشخاص الذين يولدون بمواهب فذة تميزهم عن غيرهم، مثلاً الرسم أو الصوت الغنائي المميز أو السرعة في الحسابات الرياضية.
4- خبرات مُكتسبة / وتتمثل بالأشخاص الذين يتعلمون أشياء جديدة بغض النظر عن ميلهم لها من عدمه، فيسعون الى تطوير هذه الخبرات المكتسبة وتفردهم بأسلوبٍ خاصٍ بهم، وخير مثال على ذلك لاعبي كرة القدم وما يقومون به من حركات أو طريقة لعبٍ خاصة، حيث من الممكن بعد إعتزالهم اللعب، يتوجهون الى تدريب الفرق الكروية بأساليب تميزهم عن غيرهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر جرام الذهب اليوم الخميس 18-4-2024 بالصاغة


.. بينما تستقر أسعار النفط .. قفزات في أسعار الذهب بسبب التوتر




.. مباشر من أمريكا.. تفاصيل مشاركة مصر فى اجتماعات صندوق النقد


.. كيف يمكن أن نتأثر اقتصادياً بالمواجهة بين إسرائيل وإيران ؟ |




.. ما هي التكلفة الاقتصادية للضربات التي شنتها إيران على إسرائي