الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحول نحو الديموقراطية نماذج... مسارات ومآلات

ثائر سالم

2020 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


نموذج ١

رغم ان اسقاط الانظمة الدكتاتورية في(العراق وليبيا) تم بتدخل عسكري دولي مباشر، وبهدف اقامة انظمة ديموقراطية، تنهي عصر  الاستبداد السياسي. الا ان هذا التدخل في هذه الدول، ومن ثم في( اليمن وسوريا)، لم يفض الا الى حروب اهلية، لازالت مستمرة(باستثناء العراق) ، حتى الان.
آثار الدمار والخراب، في كل مناحي الحياة، في المجتمع والدولة، لم يجري تداركها في معظمها، حتى الان.
شلل الدولة، وتعطيل ادواتها، وجعلها عاجزة عن القيام بوظائفها العامة، الامنية والخدمية، نتيجة تشضي مؤسساتها الامنية والاقتصادية، وظهور، تنظيمات موازية لها، داخلية وخارجية، تتقاسم معها، القرار الامني والنفوذ السياسي، والمغانم الاقتصادية، انتهت في معظمها، بالسيطرة التامة على الدولة. 

اذن المسار في هذه الدول، فشل في تحقيق الوعود والامال، المحلية والدولية، في تحقيق الاستقرار السياسي والنجاح الاقتصادي. ولم يفضي الى ولادة تجربة ديمقراطية، ناجحة او حقيقية، او حتى انظمة سياسية(مستقرة نسببا).

وبعكس كل تلك الوعود والامال، تجد الشعوب والدول، نفسها اليوم، في حالة استعصاء سياسي، وضع سياسي مضطرب، وازمة بنيوية  مستعصية،  فقدت فيها الدولة، استقلالية قرارها السياسي والسيادي. الامر الذي انعكس بوضوح، على حياة الناس المعاشية والامنية، وعلى نظرتهم للمستقبل، الذي فقدوا الامل به.
رغم ان اولويات هذه الاجندات، الاقليمية والدولية، كانت واضحة منذ البداية، في بعدها عن المصالح الوطنية لهذه الدول  والشعوب، الا ان تشابكها مع اجندات القوى الحاكمة، الحزبية او الشخصية، اي قربها من مصالح الحاكمين،..جعلها مطلوبة ومقبولة بالتاكيد، واسس لشرعنة فكرة الاستقواء بالخارج، بتاويلات عقائدية اوصداقية، ورغم ان هذا الخراب والدمار والفشل، في الدولة و المجتمع ، قد بلغ مستوى بات يشكل تهديدا لكيان الدولة السياسي ذاته .

ان هذه الذرائعية السياسية، الانتهازية والمصلحية، الحزبية او الشخصية، التي تقمصت ثوب تأويلات ايديولوجية وسياسية، وهمية او كاذبة ، اشاعت او افضت الى، حالة انقسام اجتماعي عميق وواسع،..انقسام كبير وطني (بالمعنى الحقوقي)، بعد ان البسته ثوب الطائفة او الدين، الوطنية او القومية او الخيار السياسي.
لكن الحقيقة هي انه، مهما كان الشكل الذي تستر به، هذا الانقسام، ايديولوحيا ام سياسيا، انما هو في الاخير، تعبير عن انقسام اجتماعي، حقيقي جوهره، انقسام بين معسكر السلطة واحزابها، (بحواملها الاجتماعية، من كومبرادور وطفيليون وفاسدون ، مرتبطة مصالحهم باستمرار هذه السلطة) .. وما مارسته من اهدار للمال العام واضاعة لفرص التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي....
وبين معسكر، حوامله الاجتماعية، الفقراء  والكادحون، العاملون والباحثون عن العمل، فنيون متعلمون او غير متعلمون، طلبة قلقون على مستقبلهم ام خريجون عاطلون، متاكدون من عدم قدرة هذه السياسات، على توفير فرص عمل لهم، عبر سياسات حكومية فعالة.
انهم ببساطة كل هؤلاء المتضررون من سياسات هذه الانظمة، وما جلبته من افقار وتهميش وتفاوت اجتماعي، لجمهور واسع من الشباب والشعب، وطبقات وفئات ، لاتستثني حتى البرجوازية الوطنية، التي جرى اعاقتها من المساهمة في تنمية البلد.
 هؤلاء جميعا لايطلبون مستحيلا، ولا يحلمون بشيء سوى قيام بلد عصري، يوفر حياة حرة وكريمة لابنائه، اسوة بشعوب ودول اخرى في المنطقة. وطن ذات سيادة ومستقل في قراره.

نموذج ٢
تمكنت دول مثل تونس ومصر، ومن ثم السودان والجزائر، التي شهدت حركة احتجاج او انتفاضة شعبية واسعة، من اسقاط الدكتاتورية. الا ان حياد او (انحياز) المؤسسة العسكرية، الى جانب الشعب وحركات الاحتجاج فيها، كان  عاملا هاما لضمان، عملية تحول سلمي وهاديء، يحافظ على فاعلية الدولة، وعلى السلم الاهلي، وعلى عقلانية المسار نحو الديموقراطية، ويقطع الطريق على اية مبررات (عقائدية او مصلحية انتهازية) للتدخل الخارجي.

ان احتفاظ الدولة، ولاسيما مؤسستها العسكرية والامنية ، بتماسكها ومهنيتها ووطنيتها. واحتفاظ مؤسسات الدولة الخدمية، بفاعلية الحد الضروري للمحافظة على درجة من استقرار النطام والدولة، مكن هذه البلدان من تجنب الفوضى، والحرب الاهلية، والتدخل الخارجي، واستمرار مسار التحول نحو الديموقراطية.

اذن هذه الظروف التي اعاقت غياب، عامل التدخل الخارجي المباشر، ولاسيما العسكري منه،  اعاقت في ذات الوقت  امكانية ظهور قوى سياسية داخلية ، تطرح فكرة الاستنجاد او الاستقواء  بهذا الخارج،  لاقامة نطامها السياسي الداخلي، كما حصل في البلدان التي جرت الاشارة اليها. 
الامر الذي حصر الصراع السياسي، الداخلي باطاره الوطني، وقطع الطريق على مبررات، التدخل الخارجي، تحت اي عنوان او مبرر كان.

واذا كانت تونس قد تمكنت من دخول المرحلة الديموقراطية، بدرجة واضحة من الجدية، لازال الاسلام السياسي، يلعب فيها دورا هاما.....
فان الاسلام السياسي في مصر، قد عرقل مسار تحولها نحو الديموقراطية، وساهم في النتيجة، في ولادة نظام، لم يستطع ان يعبر، حتى الان ، عن كل  طموحات ثورة يناير والشعب.
ومع ذلك، فان التجربة المصرية، اثبتت ان قطع الطريق على مشروع الاسلام السياسي في مصر، كان امرا ضروريا لبقاء المجتمع والدولة والنظام السياسي ، محتفظا بهذه الدرجة من الاستقرار  السياسي والاقتصادي النسبي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكران


.. متظاهرون يحتشدون أمام جامعة نيويورك دعما لاعتصام طلابي يتضام




.. الجناح العسكري لحركة حماس يواصل التصعيد ضد الأردن


.. وزير الدفاع الروسي يتوعد بضرب إمدادات الأسلحة الغربية في أوك




.. انتشال جثث 35 شهيدا من المقبرة الجماعية بمستشفى ناصر في خان