الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رواية تحت عنوان سيرة العقرب الذي يتصبب عرقا للكاتب الفلسطيني أكرم مسلم واختفاء القضية الفلسطينية وراء حشرة مسمومة .

حسن ابراهيمي

2020 / 2 / 26
الادب والفن


إن المتتبع لأحداث الرواية التي اتخذت عنوان العقرب الذي يتصبب عرقا لصاحبها أكرم مسلم ليلاحظ الاختفاء الشبه الكلي للأحداث التي تناولت القضية الفلسطينية , إذ لم ترد إلا قليلا .
ولعل في ذلك ما يفسر لجوء السارد إلى اتخاذ حشرة العقرب شخصية روائية ,وما تعلق بهذه الحشرة من أحداث تضمنتها الرواية منذ بدايتها إلى أخرها .
أيضا بالمناسبة لابد من الإشارة إلى كون أغلب الشخصيات الروائية لم تأخذ أسماءا,على الرغم من كون الواقع الفلسطيني يعج بها , ذلك انه باستثناء شخصية صدام حسين ,والقليل من الشخصيات الأخرى لم يرد بالرواية أسماء للشخصيات التي اختارها السارد من اجل أن تلعب أدوارا فيما يتعلق ببناء الأحداث ,وبناء فضاء روائي ,واختيار مكان ,أو أمكنة مناسبة تدور فيها هذه الأحداث .
وكما تم تغييب أسماء الشخصيات الروائية يكاد السارد يكون منفردا بخصوص اختيار بعض الأمكنة ,وتخصيصها لبناء بعض الأحداث ,ذلك أن اختيار مرأب السيارات له دور فيما يتعلق باستفزاز القراء ,بل استفزاز أفق انتظارهم ,وبالتالي قد يكون الهدف هو دفعهم لطرح
أسئلة حول الدافع الذي أدى بالسارد إلى اختيار هذا المكان .
وعليه فإذا كانت الفنادق ,والساحات العمومية أولى من هذا المكان كما جاء ببعض الروايات الفلسطينية الأخرى ,فإن السارد بتقديري قد اختاره من اجل اختفاء بعض الشخصيات عن أنظار الصهاينة ,حيث يعود السبب في ذلك إلى قوة القمع الممنهج الذي تمارسه الآلة العسكرية الصهيونية في حق المناضلين الفلسطينيين ,وفي حق الشعب الفلسطيني ككل ,وبالتالي فإذا كانت الفنادق معرضة للتفتيش من قبل جيش الاحتلال حيث يتم اقتحامها بسهولة فإن مراب السيارات قد يعتبر مكانا أمنا لبعض الشخصيات التي اختار لها السارد هذا المكان لتلعب فيه أدوارا لا تقل أهمية عن غيرها .
وعليه فانه باختيار السارد لهذا المكان سوف يمكن لبعض الشخصيات من أن تسرد بعض الأحداث , وتنقل بعض أخبار المقاومة الفلسطينية ,وبعض نتائجها ,ويتعلق الأمر بأسر شخصية من الشخصيات بسبب انخراطها في العمل الميداني ,والنضال من اجل مقاومة الكيان الصهيوني ,وبالتالي من اجل تحرر الشعب الفلسطيني ,وحصوله على الاستقلال .
إن هذا المكان بسبب ما ورد لا يعتبر مكانا مشبوها بالنسبة للحشرة المسمومة , وبالتالي فإنه بتقدير السارد غير خاضع للتفتيش من قبل الصهاينة مما يوفر حماية لبعض الشخصيات ,ومجالا مكانيا من اجل أن تلعب أدوارها بحرية نسبيا .
ولعل في ذلك ما يفيد دفع القراء إلى طرح أسئلة أخرى ,وبالتالي إلى إمكانية التدخل من اجل إيجاد ايجا بات وتعبئة بعض الفراغات في إطار التفاعل مع الرواية ومساءلتها .
ومن ثم فإذا كان الهدف هو ما تمت الإشارة إليه , فإن السارد بتقديري موفق في اختيار هذا المكان لاعتبارات منها أيضا الرغبة في تمرير الموقف من القضية الفلسطينية إلى النخبة المثقفة ,ودفعها للدفاع عنه ,في إطار فتح جبهة ثقافية يلعب فيها الأدب دورا مهما في شحذ قيم التنشئة الفلسطينية ,وتصليب مواقفها ,وبالتالي من اجل جعل السارد لبعض الشخصيات الروائية جسورا تربط بين الأجيال فيما يتعلق ليس فقط بتناقل الأخبار ,ولكن أيضا وهذا هو المهم في تمرير الموقف الصحيح من القضية الفلسطينية ,واعتبارها قضية وطنية ,ودفع التنشئة للتربية على هذا الموقف لمواصلة النضال ضد هذه الحشرة المسمومة ,والمضرة .
كل ذلك بالالتزام بالوعي الوطني وتمريره بأقل جهد بالتلميح له أحيانا ,واختيار الاقتصاد من أجل ذلك أحيانا أخرى .
ومن جهة أخرى تجدر الاشارة إلى كون الكاتب قد تمكن من تكسير عامل الزمن في هذه الرواية خلافا لما كان عليه الأمر بخصوص الروايات الكلاسيكية حيث البداية ,ثم العقدة , ثم النهاية ذلك انه بهذه الرواية كثيرا ما يتم الرجوع إلى مجموعة من الأحداث التي يجعلنا الكاتب نعتقد أنها قد انتهت , ولهذا جاءت بعض مضامين الأحداث التي لها صلة بالعقرب منذ بداية الرواية إلى أخرها ممططة , وقد يعود السبب في ذلك إلى حجم التأثير الذي مارسته الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني بمصادرة أرضه ونفيه , أو اعتقاله وتعذيبه بسجون الاحتلال .
كما جاء ذلك ببعض الأحداث ذات الصلة ببتر رجل الأب أيضا منذ بداية الرواية إلى نهايتها
ومن هنا يمكن تصنيف الرواية ضمن الأعمال الروائية الحديثة التي ثارت على التقليد الروائي في بعض جوانبه خاصة عنصر الزمن بالانطلاقة من حدث ثم الانتقال إلى حدث أخر ثم العودة إلى الحدث الأول .
في نفس السياق يمكن أن نجزم بما لا يدع مجالا للشك ان الكاتب موفق في اخيار معجمه اللغوي ,ذلك أن المفردات الموظفة ضمن هذه الرواية تعبر بحق عن الواقع الفلسطيني ,حيث لا يمكن للسارد أن يحكي حكايات عن واقع أخر خاصة وان الموقف يتطلب الالتزام بقضية يناضل الشعب من اجلها .
ومن هنا يمكن الحكم على هذا العمل ,واعتباره عملا موفقا من حيث الحبكة ,والتبئيير حيث على الرغم من تكسير الزمن جاءت اغلب الأحداث متسلسلة .
أيضا لابد من الاشارة إلى كون السارد توفق في ممارسة نوع من الخدع تجاه المتلقي ودفعه من اجل التقاط الموقف ,وتمريره للغير .
هكذا تتبدى العقرب في نظر السارد على أنها حشرة مسمومة مضرة للإنسان ومن هنا لابد من قتلها لتفادي تمرير السم للأجيال القادمة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفل تا?بين ا?شرف عبد الغفور في المركز القومي بالمسرح


.. في ذكرى رحيله الـ 20 ..الفنان محمود مرسي أحد العلامات البار




.. اعرف وصايا الفنانة بدرية طلبة لابنتها في ليلة زفافها


.. اجتماع «الصحافيين والتمثيليين» يوضح ضوابط تصوير الجنازات الع




.. الفيلم الوثائقي -طابا- - رحلة مصر لاستعادة الأرض