الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين وحرية التفكير

فريدة النقاش

2020 / 2 / 27
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



تبينت السلطات الألمانية أن الهجوم الإرهابي الأخير على مقهيين معروفين بتقديم ” الشيشة” للزبائن ، وغالبا ما يكون زبائن هذه المقاهي من المهاجرين ـ تبينت أن هذا الهجوم نفذه ما يمكننا وصفه بتنظيم متعدد الجنسيات ، إذ يحمل ثلاثة من المنفذين الجنسية الألمانية ، ويحمل إثنان الجنسية التركية ، وواحد الجنسية البلغارية ، وآخر الرومانية إضافة إلى شخص يحمل جنسية البوسنة والهرسك ، وآخر الجنسية الألمانية الأفغانية المزدوجة .

ويتشابه هذا التعدد مع تكوين تنظيمي ” داعش ” و” النصرة ” كما يتشابه مع تكوين جيوش المرتزقة التي ترسل بهم تركيا الآن إلى كل من سوريا وليبيا ، وهي تنظيمات وجيوش مكونة من عشرات الجنسيات .

ويكاد يجمع المحللون السياسيون الجادون على ما يرون أنه الإنتاج الجديد للقوى الأمبريالية العالمية التي تسعى بقدر الإمكان للحفاظ على جيوشها ، وعدم الإنخراط في حرب ، وفي نفس الوقت تريد أن تحقق هدفها الإستراتيجي وهو إغراق منطقتنا وكل بلاد منظومة التحرر الوطني التي إنهارت في الحروب الداخلية على أسس دينية وطائفية وعرقية تمهيدا لتمزيقها ، والدفع بها إلى ما قبل الدولة الحديثة ، وفي نفس الوقت إضفاء مشروعية على دولة إسرائيل كدولة يهودية لتواصل تنفيذ مشروعها لإستقدام كل يهود العالم إليها على حساب الشعب الفلسطيني .

ولكن لأن هناك شعوبا تقاوم حتى وهي في حالة من الوهن ، فلم تأت الرياح دائماً بما تشتهي السفن الامبريالية الصهيونية ، حتى وإن حققت نجاحا مؤقتا أو حزئيا هنا وهناك.

وتسعى البلدان والشعوب المستهدفة بالمشروع الأمبريالي إلى توسيع نطاق مقاومتها لهذا المشروع عبر تعرية الجذور الفكرية التي تتغذى عليها قوى التكفير والتطرف الديني ، ويدور نقاش واسع ، بل قل إنه صراع بين المحافظين والمجددين ، ويحشد كل من الطرفين قواه ، ويشحذ حججه الفكرية والدينية لا في مصر وحدها ، وإنما أيضاً على امتداد الساحة العربية والإسلامية .



وماتزال أصداء المناظرة التي جرت بين شيخ الأزهر الدكتور ” أحمد الطيب ” ورئيس جامعة القاهرة الدكتور ” عثمان الخشت ” حول التراث ـ وتتردد في المنتديات الفكرية والثقافية وعلى صفحات الصحف .

ومايزال الدكتور ” جابر عصفور ” يواصل مساجلاته النقدية العميقة حول موضوع التجديد حريصا على أن يضيئ لنا أعمال وأفكار أساتذة أزهريين تنويريين ونقديين شأن الدكتور ” محمد حمدي زقزوق ” الذي نقل النقاش في الميدان الديني الخالص إلى أفق أوسع ، إذ كانت ” حرية التفكير الديني عنده هي الوجه الآخر لحرية لحرية الموقف السياسي عند المواطن ، فحرية الفكر الديني لا تنفصل عن غيرها من أوجه الحرية على كل المستويات ، ولا يمكن للإنسان أن يكون حراً من مفهم المجازية وأنواعها في كلام ربه ، إلا إذ كان حراً بالقدر نفسه في التعامل مع القوى التي تحكمه ، ومن ثم مقاومة السلاطين الظلمة ” .

ويبرز في النقاش العام الدور المحافظ لمؤسسة الأزهر التي ترى في نفسها وصياً على المسلمين ، ولا تدرك أنها بالاستعلاء على الفكر العلماني ، وعلى الأدبيات الهائلة التي فندت خلط الدين بالسياسة لا تدفع بالحوار إلى الأمام ورغم توقيع شيخ الأزهر لوثيقة الأخوة الإنسانية قبل عام مع بابا الفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية ” فرانسيس” وهي الوثيقة التي تقول ” يحمل الإيمان المؤمن على أن يري في الآخر أخا له عليه أن يؤازره ويحبه ”

ولمؤازرة هذه الدعوى للأخوة الإنسانية ” أنعقد التجمع الإعلامي العربي بمناسبة مرور عام على إطلاقها ، ووضع مدونة من عشرين نقطة أولها نص على حرية الفكر والتعبير واحترام حرية الاعتقاد ، ودعم قيم العدل والحق والمساواة وتعزيز المواطنة ، ثم حرمة الدم بغض النظر عن الدين ” ، وتمثل تناقض ” الأزهر ” في حقيقة أنه شيخه قال كلاما مساندا لكل هذه التوجهات الديموقراطية ، ولكنه في المناقشة مع ” الخشت ” قال محتداً : إتركوا التراث لحاله ، وإبحثوا عن شيئ آخر تشتغلون به ” وبدا كأن تراث الأمة الذي توافق الجميع على أنه ليس مقدسا لا يجوز التعامل معه أو إعادة التفكير فيه إلا من قبل رجال الأزهر .

وأظن أن هذا الموقف من قبل ” الأزهر ” وهو موقف إحتكاري إقصائي هو ما دفع الدكتور سعد الدين إبراهيم للقول بأن الأزهر لا يريد ولا يستطيع تجديد الفكر الديني.

يرى ” الخشت ” أنه من المغالطة التوحيد بين الوحي والتراث لأن في هذا إضفاء للقداسة على أعمال بشرية .. وهو يكشف أيضا عن حقيقة هؤلاء الذين يقولون أنهم يحاربون الإرهاب ، وهم في الوقت نفسه يغذون أليئة الحاضنة للعقل الإرهابي ، بأفكارهم المغلفة التي تجمدت مثل الحجر الصوان ، ويكتبهم التي حولوها إلى كتب مقدسة” .

ورغم حيوية وجدية النقاش الدائر الآن حول الإرهاب والحاجة إلى تجديد الفكر الديني فنحن مطالبون بأن نخترق هذه الدائرة المغلقة التي نقف حائلا بيننا وبين تكوين رؤية شاملة ألا وهي دائرة الحريات العامة التي تقيدها السلطات وهي تدعو إلى تجديد الفكر الديني وتفصل بين قضيتين بالغتي الإرتباط بل والتكامل ، وعلينا هنا أن نعيد قراءة ما قاله محمد حمدي زقزوق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحياتي أستاذة فريدة
أنور نور ( 2020 / 2 / 27 - 22:11 )
عن الدين والبحث عن السلام
https://salah48freedom.blogspot.com/2016/09/looking-for-peace.html?q=Looking+for+peace
==========

اخر الافلام

.. المقاومة الإسلامية في لبنان ترفع من وتيرة عملياتها على الموا


.. أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم




.. شبكات | مكافآت لمن يذبح قربانه بالأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. ماريشال: هل تريدون أوروبا إسلامية أم أوروبا أوروبية؟




.. بعد عزم أمريكا فرض عقوبات عليها.. غالانت يعلن دعمه لكتيبه ني