الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما سر عداء العروبان والمتأسلمين لعلم المنطق؟

ياسين المصري

2020 / 2 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كثير من العلماء والمفكرين تناولوا محنة الفلسفة وتشويه صورتها في الفكر العروبي الإسلاموي، بالبحث والفحص والتمحيص، والقليل منهم أشار عرضًا إلى محنة المنطق في نفس الفكر وعدائه المطلق له. في هذا المقال سوف أحاول استيضاح هذا الأمر ببساطة شديدة وبعيدًا عن التعقيدات الفلسفية والفزلكات اللغوية.
تشيع بين العربان والمتأسلمين بالتبعية مقولة تدل بوضوح على مدى ازدرائهم وتبخيسهم للعقل البشري، هي : ”من تمنطق فقد تزندق“ وهي مقولة قد يظن البعض أنها عديمة الأهمية في الوقت الراهن، مع ما يحظى به العقل من ريادة فائقة في مجالات الحياة على مستوى العالم، ولكن بالنظر إلى آثرها الكبير في تخلف أمة بكاملها، يجعلها ذات أهمية قصوى.
الجملة تعني أن من أخذ بعلم المنطق واعتقد مبادئه واعتمد على قواعده، والتزم بلوازمه، فإن ذلك يقوده إلى الزندقة، وكلمة الزّندقة كلمة معرَّبة من الفارسيّة، للتعبير عن الملحدين، و(قد يكون) قائلها الشيخ الإيراني أبو حامد الغزالي (ولد عام 1058م في مدينة طوس في خراسان شمالي شرق إيران، وتوفي عام1111م) وهو يلقَّب في التراث الإسلاموي بـ”حجة الإسلاموية“، ومن المعروف بين المفكرين أنه قضى بكتابه: ”تهافت الفلاسفة“، على المنطق والفلسفة في بلاد العربان وفي العالم الإسلاموي بأسره.
قبل التطرق إلى أوجه العداء والكراهية الشديدة لعلم المنطق، وأثر ذلك على حياة العربان والمتأسلمين، نتعرف أولا على:
ما هو المنطق؟
المنطق هو ببساطة: أسلوب الكلام الذي ينطق به الإنسان، إختياره للكلمات المناسبة وترتيبها بحيث تعبِّر عن فكرة معينة لديه، وتؤدي إلى معنى لا يلتبس على عقل السامع المتلقِّي، فيفهمه دون الحاجة إلى تأويل أو تفسير. ونحن عادة ما نصف القول المفهوم بأنه منطقي أو موضوعي أو عقلاني، أي أنه ينقل مضمون ينسجم مع فهم العقل وقواعد المنطق.
وتكمن قيمة المنطق وأهميته في العمل على تكوين قدرة التفكير السليم في البحث والنقد وطرح النتائج بأسلوب واضح ومفهوم، كما يعمل على تقييم الآراء والأفكار وتقدير الأدلة والبراهين في مختلف مجالات الفكر الإنساني، إذْ يبرمج المعلومات الذهنية المسبقة ويرتِّبها في تعبيرات لفظية؛ لتؤدي إلى نتيجةً صحيحةً مطابقة للواقع، فيستجيب معها العقل بالفهم والموافقة أو الرفض.
ويُعَد المنطق أهم وأقدم العلوم الإنسانية على الإطلاق، بل هو أبو العلوم جميعها، فبدونه لا تقوم لأي علم قائمة، ولا تكون له أهمية تذكر. إذ يستهدف حقيقةً واحدة لا لبس فيها، وهي: نمط أو قانون التفكير والتعبير الصحيحين. فإذا أراد الإنسان أن يفكِّر تفكيرًا صحيحًا، ويعبر عما يفكر فيه تعبيرًا صحيحًا، لا بدَّ أن يُراعي هذا النمط أو القانون، وإلا فسوف يزلُّ ويَنحرف في تفكيره، فتخرج كلماته بلا معنى، فيحسب السامع المتلقِّي ما ليس بنتيجةٍ على أنه نتيجةً، وما ليس بحجةٍ على أنه حجَّةً. ولهذا يبحث علم المنطق عن القواعد أو المبادئ العامة للتفكير الصحيح والتعبير عما يتمخض عنه بأسلوب صحيح، كما يقوم بالإشراف الدقيق على مدى صحة الفكرة والأسلوب الحامل لها أو سقمهما. وبذلك يكون هو الوسيلةٌ الحتمية للتفكير الصحيح في كافة مجالات العلوم على اختلافها.
إن انعدام المنطق أو الحط من شأنه هو السبب الحقيقي وراء الكثير من المشاكل بين البشر. لذلك يتم تدريسه في جميع المعاهد والجامعات في العالم وبجميع اللغات البشرية المتداولة، فبدونه لا يستطيع أي إنسان على وجه الأرض أن يمارس عمله أو ينقل رسائله إلى الآخرين. الطبيب مثلًا لا بد وأن يستعمل المنطق ليمكنه إفهام المريض بحالته المرضية وما يجب عليه عمله كي يشفى أو يتجنب الإصابة بنفس المرض مرة أخرى … إلخ، وبكلمات واضحة وتتناسب مع المستوى العلمي والثقافي للمريض. هذا الأمر ينطبق على كل إنسان مهما كان وضعه الاجتماعي أو مهنته وسواء كان بين أسرته أو بين زملائه في العمل. وكما يُعَد المنطق وسيلة هامة للإقناع، فهو أيضًا، وفي الأساس، أهم وسائل نقل الرسائل والمعلومات بين البشر. وتكمن غايته في حاجة التفكير الإنساني له، فالتفكير الإنساني معرّض بطبيعته للخطأ والصواب، ولكي يكون سليمًا، ونتائجه صحيحة، يحتاج الإنسان إلى قواعد عامة تهيء له مجال التفكير الصحيح متى سار على ضوئها. وعندما يكون على دراية بهذه القواعد يتمكن من نقد الأفكار والنظريّات العلميّة، ويتبين أنواع الأخطاء التي يقع فيها، وأسبابها، وبالتالي فالمنطق ينمي روح النقد لدى الإنسان. ولا مندوحة من الحاجة إليه في التمييز بين المناهج العلميّة السليمة التي تؤدي إلى نتائج صحيحة والمناهج العلميّة غير السليمة التي تؤدي إلى نتائج غير صحيحة. والتفريق بين قوانين العلوم المختلفة، والمقارنة بينها لتبيان مواطن الالتقاء والشبه ومواطن الافتراق والاختلاف.

لماذا يكره العربان المنطق ويناصبونه العداء؟
لم ترد كلمة المنطق في القرآن إلَّا مرة واحدة، عندما قال سليمان لقومه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ} ( النمل 16)، أي ربه علَّمَه وفُهِّمَه كلام الطير. وفيما عدا ذلك جاء فعل ”نطق" في صيغ مختلفة بعضها تتهكم من الأصنام أو عن المشركين الذين لا ينطقون بحجة يدفعون بها عن أنفسهم ما حلَّ بهم من سوء العذاب… إلخ
كذلك لم يطلب إلله من المتأسلمين قط أن يستعملوا عقولهم، لان نبيهم {مَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ} (النجم 3). وجاء فعل عقل ومشتقاته فقط في معرض محاججة إلله المشركين ودعوتهم إلى استخدام العقل وتقديم البراهين:” أفلا يعقلون”، ”لعلهم يعقلون“، ”قل هاتوا برهانكم إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ”.
عندما ظهرت الإسلاموية بين العربان، لم يكونوا يعرفون شيئًا عن علم المنطق، مع أنه في ذلك الوقت كان في قمة إزدهاره بين اليونانيين الذين اعتبرونه منذ زمن أرسطو (وحتى الآن) الجزء الأهم والذي لا يتجزأ مِن الفلسَفة، وبرزت معه أهمية استعمال العقل والتفكير. وعندما وصلت أول معارف الفلسفة والمنطق إلى العربان عبر عمليات الترجمة التي أنجزها السريان (أشهرهم إسحاق بن حنين 950م)، وجدها الفقهاء تهديدًا شديدًا للعقيدة التي استسلموا لها، فاخترعوا علم الكلام بهدف التصدي لهما والدفاع عن عقيدتهم، ودار ومازال يدور الجدل حول آليات المنطق وأشكالياته الاستدلالية على أساس أنه “نمط الفكر” و”بديهيات البُرهان“. مما خلَّف آراءً مُتضاربة في جانب معارفهم الإسلاموية، وفي مقدمتها ما يختص باعتقادهم في الإلهيات والغيبيات، إلى درجة اعتبرت الفلسفة والمنطق فتنةً حقيقيَّة وضلال مبين. لكن الغزالي كان أول من حاول إدخال المنطق في أصول الفقه ومزجه بالمعارف الإسلاموية في مقدمة مطولة لكتابه " المستصفى في أصول الفقه "، وشكك في علم وفقه من لم يتعلم علم المنطق، ولكنه عاد وذمه في آخر حياته، وبعد موته انتشر هذا المزج، وذاع في الآفاق بين المتكلمين، فصار من مقدّمة لما يسمى بـ ”الاجتهاد“ عند الكثيرين من الفقهاء. بيد أن الاجتهاد نفسه لم يسلم من الشطط والتناقض، فتم إلغاؤه حينًا والعمل به أحيانًا!
أمَّا الشيخ المصري جلال الدين السيوطي (1445-1505م)، فكان أكثر حدة من الغزالي في هجومه على علم المنطق، ففي كتابه ”صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام“ سلسلة إحياء التراث الإسلامي ج 1،
https://ia801703.us.archive.org/11/items/gyunf8/gyunf8.pdf
ذكر صراحة في مقدمة هذا الكتاب (ص 3 - 4)، أن سبب تأليفه الكتاب هو تحريم المنطق والكلام، وقال: « ولقد رأيت أن أصنف كتابًا مبسوطًا في تحريمه على طريقة الاجتهاد والاستدلال جامعًا مانعًا وبالحق صادعًا، ولما شرعت في ذلك ولزم منه الانجرار إلى نقل نصوص الأئمة في منع النظر في علم الكلام، لما بينهما من التلازم، سميت الكتاب "صون المنطق والكلام عن فن المنطق والكلام».
ويستمر في إداناته للمنطق في باب:«القول المشرق في تحريم الاشتغال بالمنطق»، الموجود ضمن كتاب يجمع فتاويه بعنوان: الحاوي للفتاوى، (طبعة القاهرة 1933/ 1352. ج. 1. ص. 255- 257)، فيقول: « فن المنطق فن خبيث مذموم، يحرم الاشتغال به، مبني بعض ما فيه على القول بالهيولى الذي هو كفر يجر إلى الفلسفة والزندقة، وليس له ثمرة دينية أصلا بل ولا دنيوية».
مشكلة أولئك الفقهاء وغيرهم من ورجال الدين الإسلاموي أن علم المنطق يتعارض مع العقيدة التي يخضعون لها، ويقتاتون من ورائها، فالعقيدة لغويًّا من العقْد، وهو الربط والإبرام والإحكام والتوثق والشد بقوة والتماسُك والثبات؛ ومنه اليقين والجزم. وهي نقيض الحل، فيقال: عقده يعقده عقدًا، ويقول القرآن: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ } (المائدة 89). وبذلك تكون العقيدة هي الشيء الذي لا يقبل الشك في صحته لدى المُعتقدين. بينما المنطق (بالإنجليزية Logic المشتقة من اليونانية  Logos)، يعني: الكلمة، وما وراء الكلمة من عملية عقلية، أي الاستدلال على الأحكام والبرهنة عليها وارتباطها ارتباطاً عقلياً ببعضها البعض، وهذا يتعارض مع العقيدة الإسلاموية وتحديدا ما يتعلق منها بالإلهيات وماوراء المادة، أي بالغيب الذي يمثِّل الخط النهائي لقدرة العقل وبداية العجز المطلق له، فلا يوجد منطق صحيح يتجاوز ذلك الخط. ومع ذلك يُعَد الإيمان بالغيب هو أول الصفات التي يجب أنْ يؤمن بها المتأسلمون، تبعًا لقول القرآن في بداية سورة البقرة: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}. وبما أنه لا يوجد منطق صحيح يستطيع أن يصل إلى حِمَى الغيب، ويسبر أغواره، فقد كثر الخلط والخطأ والتناقض في منطق الفقهاء والمتكلمين، لعدم وجود نتيجة منطقية يمكن أن يصلوا إليها.
كما أنَّ المنطق الصحيح ينكر التناقض وينفي كليًا وجزئيًا إمكان الجمع بين الشيء ونقيضه، فلا يصح لإنسان عاقل أن يصدق الشيء ونقيضه في نفس الوقت وفي ظل نفس الظروف. لا يصح القول مثلًا، إن هذا الشيء أحمر وفي الوقت ذاته ليس أحمر، مِمَّا يعني أن أحد المتناقضين لابد أن يكون صادقًا، لهذا يكون الشيء إمَّا أنه أحمر وإمَّا أنه ليس أحمر، ومن المستحيل أنَّ يجمع بين متناقضين في وقت واحد، ولكن هناك احتمالًا ثالثًا بجانب المتناقضين يمكن أن يكذبهما معًا، بمعنى أن يكون لا هذا ولا ذاك، أسود مثلًا، ولا يوجد وسط بينها، كما لا يمكننا القول بأن الشمس تشرق من الشرق والغرب معًا، فإما إثبات الشيء أونفيه.
وبصرف النظر عن الغيبيات والخرافات التي يرفضها علم المنطق جملة وتفصيلًا، فإنه لا يستطيع أيضًا قبول كلمات (إلهية) تعج بالمتناقضات:
• فهل كلام الله يتبدَّل؟
{لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ} (يونس 46).
{لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ} (الكهف 27).
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّ الهُ لَحَافِظُونَ (سورة الحجر 15: 9).
• أم أنه يتبدَّل؟
{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} (النحل 101).
{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (البقرة 106).
{يَمْحُو اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أَمُّ الكِتَابِ} (الرعد 39).
 
• وهل اليوم عند الله ألف سنة؟
{يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ} (السجدة 5).
أم أنه خمسون ألف سنة؟
{تَعْرُجُ المَلاَئِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَة} (المعارج 4).
 
• وهل قليلٌ من أهل الجنة مسلمون؟
{ثُلَّةٌ مِن الأوَّلين وقليلٌ مِن الآخِرين} (الواقعة 13 و14).
أم كثيرٌ من أهل الجنة مسلمون؟
{ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِريِنَ} (الواقعة 39 و40).
 
• وهل الخلاص لليهود والنصارى والصابئين والمسلمين؟
{إِنَّ الذِينَ آمَنُوا وَالذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون} (المائدة 69).َ
أم أن الخلاص للمسلمين وحدهم؟
{مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِين} (آل عمران 85).
  
• وهل الله ينهي عن الفحشاء؟
{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَالا تَعْلَمُونَ } (الأعراف 28).
أم يأمر بالفحشاء؟
{وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً} (الإسراء 16).
  
• وهل ينهي عن إيذاء الكفار؟
وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَّكَلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً (الأحزاب 48)
أم يأمر بقتلتهم؟
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى القِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مَائَتَيْن (الأنفال 65)

• وهل لا إكراه في الدين؟
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (البقرة 256).
أم فيه قتال؟
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلهِ (البقرة 193)
 
وهل القرآن مبين؟
{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَالسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} (النحل 103).
أم به متشابهات؟
{هُوَ الذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} (آل عمران 7).
وأخيرًا وليس آخرًا:
إذا كان الله ينسى مثل البشر وينسخ ما يقوله من آيات، فالعقل يفهم أنْ يأتي بآيات أفضل منها، ولكنه لا يأتي بمثلها.
الأستاذ سامي المنصوري أحصى في مقال له على هذا الموقع 40 تناقضًا في القرآن:     
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=393871&r=0
إذن من الصعب على العقل السليم أنْ يقبل هذه التناقضات وغيرها الكثير، ومن المستحيل لعلم المنطق أنَّ يتعامل معها بموضوعية تفضي إلى قناعة علمية تحقق الاستقرار الذهني! خاصة وإن المنطق كما هو واضح عبارة عن نشاط عقلي خالص، وأن جانبه العملي يتمثل بكونه علماً معيارياً لكافة الأقوال والأفعال البشرية، وذلك بما يتضمنه من أحكام تحدِّد وتعيّن ما يجب أن تكون عليه الأشياء ... مما يعني أنه يخبرنا عمَّا يجب علينا الأخذ أو عدم الأخذ به، من خلال الكشف عن زيف القضايا التي تشغل أذهاننا، أو اثبات صحتها بما فيها معتقداتنا الدينية وأساليب حياتنا التربوية والتعليمية، وقضايانا السياسية والاقتصادية … وتبيان ما تمتاز به تلك القضايا من اتساق أو عدم اتساق وما تحتويه من انسجام مع العقل أو التناقض معه. كما يوضح مدى انسجام الفرضيات مع النتائج ومن ثم الحكم على إلتزام أو عدم إلتزام تلك الفرضيات بالنتائج القائلة بها، فجميعنا نتكلم، ولكن العبرة بما يحمله كلانا من مضامين وما يحققه من نتائج.
كذلك لابد من أنَّ يكون هناك تناغم بين تقنيات العلم ومبادئ المنطق، فالعلم يقوم بتقديم الفرضيات التي تشكل معارفنا، بينما يتداخل المنطق معه بتقديم مجموعة من القوانين، ليعصم الذهن من الشطط أو الوقوع في الخطأ، فتلك القوانين تمكن الذهن من تصنيف القضايا إلى صادقة وأخرى كاذبة وتمييز البراهين السليمة والفاسدة، وتكشف عن المنهج النافع أو الضار. وحيث تكون الفرضيات في القضايا مقبولة نتيجة علاقاتها المنطقية بفرضيات سابقة ثبتت صحتها بالملاحظة والمشاهدة والتجربة، يمكن الوثوق بها وتوقع نتائج جيدة من ورائها.
من هنا لا مفر أمام العربان والمتأسلمين إذا أردوا أن يبنوا حضارة وينهضوا بمجتمعاتهم أن يكون لهم السبق كغيرهم من الشعوب في علم المنطق وإدخاله في كافة العلوم الإنسانية والتطبيقية، ولا تتوقف ثقافتهم ومعارفهم عند علوم الشريعة وحدها، فليس من الحكمة والمنطق أن يعيش الإنسان في الظلام ويعتبر النور عدوا له!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطين.. اقتحامات للمسجد لأقصى في عيد الفصح اليهودي


.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال صبيحة عي




.. هنية: نرحب بأي قوة عربية أو إسلامية في غزة لتقديم المساعدة ل


.. تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل




.. العقيدة النووية الإيرانية… فتوى خامنئي تفصل بين التحريم والت