الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزيزي القارئ ..في أي سن نضجت؟

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)

2020 / 3 / 1
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


متى شعرت عزيزي القارئ أنك وصلت الى مرحلة النضج ؟
في أي سن ؟ الثلاثين أم الأربعين أم الخمسين !
ولماذا يرتبط النضج بالتجارب ، وترتبط التجاب بالعمر ؟
هل ادعي أنني أعرف السبب؟ هذا ما أظن..
فنحن نتعلم في صغرنا وفي مناهجنا التعليمية كل المهارات ما عدا مهارة التعامل مع الحياة !
نتعلم مهارة القراءة والكتابة مثلا ، لكن ماذا عن مهارة وفن التعامل مع الآخرين ؟ ماذا عن مهارة التفاوض مع قوانين ثابتة ومتحركة تشبه قوانين الفيزياء هي قوانين الحياة؟
إن جهلنا بأمور تدخل في إطار الذكاء الاجتماعي أو العاطفي هو ما ندفع ثمنه لاحقا من وقتنا وأعمارنا ، في الواقع نحن (نتعلم من كيسنا ) كما نردد بالعامية ، أي نتعلم من تجاربنا وعلى حسابنا الشخصي .
لكن لماذا ؟ وما فائدة أن نتعلم وننضج في سن متأخرة وعلى حساب تجاربنا الشخصية التي تأخذ الكثير من وقتنا وصحتنا وأموالنا..
عن ماذا أتحدث ؟
عن الكثير من تجارب الحياة التي نتعلم منها متأخرين جدا وربما بعد فوات الأوان ؟
هذا الأوان الذي ندرك فيه أن الخلل كان في مكونات شخصيتنا الغير ناضجة وان الثغرات كانت في طبيعتنا الناقصة ليس إلا ..
هل وهل وهل ..هل أدركت يوما أن ثقتك المطلقة بالآخرين كانت سببا في تعرضك للغدر ، وهل أدركت مرة أن عطائك اللامحدود جعل الآخرين ينظرون الى سلوكك باعتباره حق مكتسب ؟
وهل صدمك يوما حقيقة أنك تجنبت التعبير عن غضبك أو الاعتراض على ظلمك لتستجدي محبة الآخرين ؟ وأنك لم تحظى بإنصافهم على أية حال ؟
هل أدركت في وقت ما .. أن أغلب هؤلاء الآخرين أقرباء لك بل ومن أقرب المقربين إلا أنهم يرون سيئاتك قبل حسناتك ..لسبب أو لآخر!
أو أنهم يرفضون اختلافك عنهم الذي يتم تصنيفه أحيانا على أنه لؤم وتمرد ..
أغلبنا يدرك متأخرا أنه أخطأ عندما كان أنانيا بقسوة أو مانحا بغباء أو متسامحا بمثالية أو أنه كان نسخة مكررة عن غيرة بسذاجة ..
ترى كم أخذنا من الوقت لندرك أننا نولد لنكون حقيقيين وليس كاملين ؟
وكم احتجنا من النضج لنتفهم مبرراتنا ومبررات الآخرين قبل أن نحكم عليهم وعلى أنفسنا ؟
وكم عمر سنحتاج لنعرف الفرق بين الضعف والتسامح ، وبين قوة الشخصية واللؤم ؟
وبين أن نحب أنفسنا وأن نحب أنفسنا فقط ؟
كم زمن وعمر نحتاج لنبكي ونندم ونتحسر ونتعلم ثم لنكتشف أنه قد فات الأوان ؟
إذا كان من الصعب أو من المستحيل نقل حصيلة تجاربنا الحياتية للأجيال القادمة لنجنبهم معاناتنا، فإن عزائنا فقط أننا بعد البكاء نصبح أكثر قوة وبعد الهزيمة نصبح أكثر عزما وبعد الظلم نصبح أكثر شفافية وإنصافا وبعد الألم نصبح أكثر روحانية ونقاء.
ربما هي حكمة الحياة التي لا ندري سرها ، وقد تكون رحلتنا فيها هي رحلة عذاب وعثرات .. إلا أنها تجربة للتعلم والارتقاء بأرواحنا نحو مراتب أعلى وكالعادة علينا أن نشقى ونضحي لنحصل على أعلى المراتب .
أما نصيحتي المتواضعة ،، سامح نفسك وسامح الآخر فكلاكما يظن أن قوانينه الشخصية هي قوانين الطبيعة .. الى أن ينضج !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا زادت الجزائر إنفاقها العسكري بأكثر من 76 في المئة؟


.. لماذا تراجع الإنفاق العسكري المغربي للعام الثاني على التوالي




.. تونس: هل استمرار احتجاز المتهمين بالتآمر على أمن الدولة قانو


.. ليبيا: بعد استقالة باتيلي.. من سيستفيد من الفراغ؟ • فرانس 24




.. بلينكن يبدأ زيارة للصين وملف الدعم العسكري الصيني لروسيا على