الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
بريمر لم يكن جاهلاً او غبياً!
مرتضى عبد الحميد
2020 / 3 / 3اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
(بريمر لم يكن جاهلاً او غبياً!)
عقب اسقاط الدكتاتورية على يد المحتل الامريكي، وتولي "بول بريمير" إدارة شؤون البلاد بصلاحيات مطلقة، وإتخاذه قرارات مصيرية، أدخلت العراق في نفق يزداد عتمة بمرور الايام والسنين، ومنها كما هو معروف حل الجيش العراقي، وتفتيت مؤسسات الدولة، وإستبدال التركيبة السياسية بتركيبة طائفية إثنية ثلاثية الابعاد (شيعة، سُنّة، أكراد) ليزرع بذرة المحاصصة الفاسدة في الجسد السياسي العراقي، والتي سرعان ما تلقفها طلاب الزعامة، والطامحون الى استباحة الوطن، ونهب ثرواته الطائلة، وتعهدوا تلك البذرة بالرعاية والاهتمام الاستثنائيين، لتصبح بعد حين شجرة وارفة الظلال، ثم غابة يصعب أجتثاثها.
وقد إنقسم الساسة العراقيون اَنذاك إلى ثلاثة أقسام، الاول بالغ في الترحيب بالاحتلال، وخلع على الامريكان تسمية المحررين، رغم أنهم قالوا بأنفسهم أننا محتلون، فضلاً عن القرار الشهير لمجلس الامن الدولي، بوضع العراق تحت سلطة الاحتلال الكاملة.
والاَخر كان يعتقد بأن الامريكيين إرتكبوا بعض الاخطاء، لانهم لم يتعرفوا جيداً على طبيعة المجتمع العراقي، ولم يكن لهم إلمام بعاداته وتقاليده، رغم أنهم رأوا بأم أعينهم النتائج الكارثية لسياسة وقرارات "بريمير" وربما نعته البعض من هؤلاء بالغباء.
أما القسم الثالث فكانوا يمتلكون من الوعي، ما يشفع لهم، بتفسير الأمور على حقيقتها، دون أن ينخدعوا باليافطة المزيفة التي رفعها "بريمير" تحت عنوان الديمقراطية وحقوق الانسان، وأن ما قام به، ليس خطأ أو جهلاً، أو غباءً، وإنما هو جزء من إستراتيجية الهيمنة الأمريكية على العراق ومنطقة الشرق الأوسط برمتها.
لا حاجة لأستعراض الخطوات التي إتبعها المتنفذون والفاسدون، للأبقاء على المحاصصة الطائفية والحزبية، والتشبث بها تشبث المحتضر بالحياة، لأنها طوق النجاة لهم، والسلّم الذهبي الذي أوصلهم الى الفردوس التي ما داعبت جفونهم حتى في المنام، لكنهم عملوا على تغطيتها لسنوات طويلة بدثار سميك من الكذب والخداع والضحك على العقول، مدعين زوراً بأنهم مدافعون أصلاء عن الطائفية والهويات الفرعية الأخرى، وبالتالي عن الشعب العراقي دون إقصاء أو تهميش لأحد، وحققوا له مكاسب وإنجازات، تحسده عليها شعوب البلدان المختلفة !
وعندما إندلعت الأنتفاضة البطولية منذ خمسة أشهر، وقدمت ثمناً باهضاً جداً من الشهداء والجرحى والمعوقين، من أجل تحقيق أهدافها وطموحاتها في تشكيل حكومة وطنية، نزيهة تستطيع تمهيد الطريق لأنتشال العراق شعباً ووطناً من المستنقع الأسن لحكمهم الغارق في الفساد واللصوصية، أخذوا يصرحون بوقاحة ما بعدها وقاحة، بأنهم داعمون للأنتفاضة ومطالبها المشروعة، وضد المحاصصة المقيتة والفساد وسوء الأدارة، وليس لديهم مطامع شخصية أو فئوية، وقد تنازلوا عن حصصهم في الوزارة الجديدة، وخولوا السيد "علاوي" تشكيل حكومة من المستقلين الأكفاء إستجابة لما يريده الشارع العراقي وساحات الأحتجاج.
لكن الغربال لا يمكن أن يغطي ضوء الشمس، وسرعان ما إنكشف زيفهم، وتضليلهم وأمراضهم المزمنة في تقديس المحاصصة، وكرسي السلطة، بمجرد أن أعلن المكلف أسماء كابينته الوزارية ، التي لم تلب مطالب المتظاهرين أصلاً، وخلوها نسبياً من ممثليهم المشبعين بفكرة هي الأسوأ في عالم السياسة، ومفادها أن المسؤول والكادر الحزبي الناجح هو من يستطيع سرقة أكبر قدر من المال العام والخاص لصالح حزبه، وله أيضاً.
إن المنتفضين من الشباب والنساء وسائر فئات المجتمع، سيواصلون تصديهم البطولي لهذا النهج المدمر، وسيقبرونه، ويشيّدوا على أنتفاضة نظاماً ديمقراطياً يتسع لجميع العراقيين، ويعيد لهم الوطن الذي سلبتموه، وخربتم أجمل ما فيه.
مرتضى عبد الحميد
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الاحتلال الإسرائيلي يغلف عدوانه على غزة بأردية توراتية
.. بالأرقام.. كلفة قوات الاحتياط بالجيش الإسرائيلي منذ بدء الحر
.. تزوجتا من شخص واحد.. زفاف أشهر توأم ملتصق من جندي أميركي ساب
.. لحظة اقتحام القوات الإسرائيلية بلدة المغيّر شمال شرق رام الل
.. نساء يتعرضن للكمات في الوجه من شخص مجهول أثناء سيرهن في شوار