الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الشعبي: الاصلاح والثورة

ثائر سالم

2020 / 3 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


وجود ازمة بنيوية عامة، اقتصادية وسياسية، في بلد ما، تتجلى فشلا وعجزا حكوميا ، شاملا في اهم ميادين الحياة، وبلوغها حالة استعصاء سياسي، يصبح فيها، من الصعب، على الحاكم والمحكوم، الاستمرار بالوضع القديم، في العيش والحكم، لهي علامة فارقة، على ضرورة التغيير. الا ان درجة التفاف الشعب، حول فكرة ومشروع  التغيير، ودرجة الاصرار عليه، ومستوى نضج اداة التغيير، وفاعلية ادوات ضغطها، تبقى حاسمة، في تحقيق التغيير المطلوب.
كما ان ظهور مؤشرات خلاف او انقسام داخل منظومة الحكم والطبقة السياسية، حول ضرورة وجدوى الاصلاح ، والمدى الذي يمكن ان يذهب اليه من عدمه، يجب ان ينطر اليه كعامل هام آخر، يؤكد نضج اوان هذا التغيير.
وفي ظروف محددة ، يكون من غير الصحيح، عدم تقدير اهمية الدور الذي يمكن ان يلعبه، هذا العامل. فالتعامل الواعي والواقعي مع حالة الانقسام هذه، يمكن ان يقلل حجم التضحيات، ويسرع زمن انجاز التغيير سواء كان تدريجيا، جزئيا، او شاملا. (اصلاحا او ثورة).
فرغم اهمية وحاسمية دور التضحية والفداء، التي بدونهما لايمكن بلوغ التغيير المنشود، الا ان ذلك لوحده ، لايكفي لنجاح مشروع التغيير. فوجود درجة من النضج والخبرة السباسية، ليس فقط في مستوى الوعي السياسي لمشكلات الواقع والبلد، وانما في فهم الواقع السياسي وموازين القوى فيه، وكيفية تفعيل ادوات ضغطه، يمكن ان تدفع بمشروع التغيير، خطوات الى الامام.
ان رفض القديم، وادواته وسياساته وقواه الاساسية ، الحاكمة وحواضنها ، لا يجب ان يكون برؤية اطلاقية، وانما لرؤية نسبية ، تستثمر اي ممكنات واقعية، وحقيقية( متاحة او يجب خلقها)، تستفيد من تلك القوى  التي( يمكن ان) تضع نفسها،( فعلا لا قولا) ، خارج رؤية منظومة الحكم، وتشجيعها على المساهمة بفعل  نافع لمشروع التغيير.

اذا كان التباين بين مفهوم، الثورة والاصلاح، والفروق بين الفعلين، واضحة ومحسومة، على المستوى النظري، باعتبار الثورة في المعنى والمبدأ، كما هو معروف، فعلا تغييريا شاملا وجذريا، في العمق والاهداف،... ويكون التغيير الجزئي او الشكلي، المحدود المدى والاهداف، فعلا اصلاحيا(اصلاحا)، الا ان الامور في الحياة والواقع ، لا تسير على هذا النحو، من الوضوح والتمايز، الا بنتائجها النهائية. ففي الحياة والواقع، يمكن ان نكون ايضا، امام، صيروة مركبة، بين او من، الفعلين، الثورة والاصلاح.

ففي بلدان مثل( العراق، ولبنان)، وكون التغيير المطلوب، تغييرا شاملا، للواقع الاقتصادي والسياسي، والية عمل الدولة ومؤسساتها، الامنية، والقضائية والتشريعية، وتغيير اسس المنظومة السياسية، المتسترة بثقافة الانقسام المكوناتي الطائفي ، وآلية ديموقراطية( احتكار الفساد والفشل وتحاصص مغانم السلطة) ، باشاعة ثقافة التقسيم والانقسام المكوناتي،  والانتقال بها الى ثقافة تحقق انقلابا كبيرا في ثقافة المجتمع العامة (تتجاوز المكوناتية والطائفية الى الوطنية)، وتعبر عن مصالح الشعب،.. ثقافة( دولة الوطن والمواطنة، والعدالة النسبية في اعادة التوزيع، والتنمية الفعالة)... .
  مشروعا كهذا ، يجعل هذا النوع من الاصلاح المطلوب، اقرب الى معنى الثورة. خصوصا في ظل استمرار الحراك واتساع حجم الدعم  والمشاركة الشعبية، والانقلاب النوعي الذي احدثه في جدار الوعي الاجتماعي والسياسي، للشعب والشباب. فذلك ما سيفتح بالتاكيد افق الحراك على مديات فعل اكبر، يمكن ان تحصل، في اي وقت. والصعوبات التي يواجهها اليوم، لاتستطيع ايقاف زمن ازف.. زمن التغيير الضروري، الشامل او الجزئي ( الجدي وليس الشكلي)

الا ان حقيقة كون الحراك لا يستهدف، في ذات الوقت، اسقاط النظام البرلماني، وانما اصلاح مصداقية هذا النطام، بتعديل الاسس التي يقوم عليه، وتحسين مضمون آليته الديموقراطية.. يجعل منه، فعلا  وحراكا ذا طابع اصلاحي. فالاغلبية الساحقة، من الحراك، اوضحت بشكل جلي انها لاتقصد استبدال النظام الديموقراطي، بنظام دكتاتوري، او التخلي عن النظام البرلماني والالية الديموقراطية للنطام السياسي.

ان وجود مشروع تغيير، شامل وجذري، في بلد او تجربة ما، لا يعني عدم امكانية، اصطدامه،  بعقبات في الواقع، او عقبات تضعها قوى القديم،  في وجه هذا النمط من التغيير. (تأمل مثلا : بدايات التجربة التونسية والمصرية،  باختلاف المسار والمآل، في المدى والعمق، حتى الان ، على الاقل). ولاسيما حينما تكون هذه القوى، في وضع يمكنها من عرقلة هذا التغيير، وتضييق مدياته ومضمونه، ورسم  حدود خارطة جديدة له، تجعله، بالنتيجة النهائية ، فعلا لا يتجاوز منطقة الاصلاح الجزئي والشكلي وليس الشامل والجدي، ان حصل.
وخطرا كهذا، اعتقد انه ما يواجه، آفاق الحراك ، على تباين درجته، في الجزائر ولبنان، والعراق والسودان. فبهذه القراءة يبدو ان تحقيق الحراك اللبناني و العراقي، تغييرا اكثر جدية، او جذريا سيكون انجازا اعجازيا، في ظل استمرار موازين القوى الداخلية والخارجية، الحالية. الامر الذي يرجح، (وارجو ان اكون مخطئا) ، احتمال ولوجه المسار الثاني، المعاكس.

وهذا المسار يطرح امكانية، ان يكون نجاح مشروع اصلاحي ما، في مراكمة تغييرات هامة، في حياة المجتمع والدولة، بشروط موضوعية وذاتية خاصة، في كل بلد، اساسا لظهور امكانية واقعية، لتحولات اكثر عمقا، تفضي في نتيجتها النهائية، الى تجاوز حدود خارطة الاصلاح، نحو خارطة التغيير الشامل. ومسار كهذا، قد يتخذ طريقا طويلا، ويكون فيه، امر القبول بمكاسب جزئية، جدية( خطوات او تنازلات تضطر السلطة الى الاقدام عليها)، امرا نافعا او لابد منه، للوصول لمكاسب اخرى(تأمل مثلا تجربة الحراك السوداني، والحراك الجزائري،.. رغم عدم وضوح اهدافه النهائية، وتباين آفاق وظروف كل منهما).

اذن الاستغراق في هذا الجدل المفهومي، بالتاكيد لا اهمية له، الا لاعتبارات الوصول الى قراءة واقعية ، للفعل السياسي ، او التغيير السياسي الذي تنشده حركات الاحتجاج، وامكانات وآفاق ذلك.
على العموم ان اي من المفاهيم. ، ثورة، انتفاضة شعبية،.حراكا ، اصلاحيا او ثوريا، ستعكس في الواقع ، حقائق وملامح واقعية، في جوهر وشكل هذا الفعل التاريخي ، الذي لن تستقر معالمه ويترسخ مضمونه، الا في التجربة ونتائجها. فهذه المفاهيم انما يجب التعامل معها بمعناها النسبي، السياسي، المشروط بظروفه الواقعية، في حياة وظروف كل تجربة ومجتمع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Read the Socialist issue 1271 - TUSC sixth biggest party in


.. إحباط كبير جداً من جانب اليمين المتطرف في -إسرائيل-، والجمهو




.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة كولومبيا


.. يرني ساندرز يدعو مناصريه لإعادة انتخاب الرئيس الأميركي لولاي




.. تصريح الأمين العام عقب الاجتماع السابع للجنة المركزية لحزب ا