الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروس كورونا

اسماعيل شاكر الرفاعي

2020 / 3 / 6
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


اختلفت استعدادات الدول في مواجهة فيروس كورونا باختلاف ردود فعلها حيال هذا الفيروس الذي فسر البعض اسباب انطلاق ثورته الجامحة من الصين : بنظرية المؤامرة ، احد اسلحة امريكا التي تستخدمها في اوقات بعينها لتغتال ارادة الشعوب وتعجل من انهيارها ، لتضع امريكا حداً لنمو الاقتصاد الصيني وبلوغه عتبة تجاوز الاقتصاد الامريكي ، كما يرى المؤمنون بهذه النظرية في تفسير العلاقات بين الدول . واختلفت استعدادات الدول في مواجهة فيروس كورونا باختلاف حدود سيادتها وقوتها الناعمة على مواطنيها ، ومدى ثقة المواطنين باجراءاتها ، فالصين مثلاً حصرت بين يديها كل الاجراءات التي تراها ضرورية لتحصين مواطنيها من تأثير هذا الفيروس القاتل ، فيما تركت الحكومات الضعيفة لسكنتها ان يوظفوا موروثهم الديني بما يكتظ به من ادعية وسحر وطب شعبي ، وان يكتبوا الوصفات الجاهزة لهذا المرض كما برز ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي في العراق ، وفي بعض الدول العربية . كما اختلفت استعدادات الدول في مواجهة هذه الكارثة باختلاف الخوف والهلع منها ، ففي العراق مثلاً وتحديداً في جغرافيا الانتشار الشيعي من بغداد نزولاً باتجاه الجنوب يقل الخوف منها مفسرين ذلك لا بالتخلف العميق : الفكري والسياسي الذي يتحكم برؤيتهم وسلوكهم بل بالحماية الآلهية لهم نتيجة وجود مزارات أئمتهم كالامام علي والحسين والعباس والكاظم والامامين العسكريين في سامراء …

فكرة ان قبور الائمة ، هي الدرع الواقي للشيعة من جميع الكوارث البيئية والاجتماعية ومن الظواهر الطبيعية العنيفة ، وانهم الشفعاء لهم يوم القيامة فبوساطتهم يتم اسقاط الذنوب عنهم فيدخلون الجنة : فكرة قديمة تنطلق من الحب الذي يكنه الشيعة لآل بيت النبي محمد . ولكن السلطة السياسية التي قامت في العراق بعد ٢٠٠٣ تبنت هذه الفكرة وروجت لها ، ونظمت المسيرات الجماعية الراجلة من مسافات بعيدة للقيام بزيارة الائمة وخاصة في العاشر من عاشوراء ، يوم قتل الامام الحسين ، وفي اربعينيته . ولقد اكتفت كل الحكومات بهذا ( الانجاز ) واسقطت من برنامجها الحكومي كل انجاز حقيقي في ميادين بناء مؤسسات الدولة والاقتصاد والخدمات …

بمعنى ان العراقيين غير مستعدين للتخلي عن قناعاتهم القديمة ، وعن ايمانهم القديم والتوجه الى ما يمكن ان يقوموا به من الاستعدادات العلمية التي تحد من نشاط هذا الفيروس داخل العراق اذا ما قيض له ان يدخل هذه البلاد ( وقد دخلها ) …

هل يمكن تفسير هذه الممانعة العراقية : في عدم الاخذ بالاجراءات العلمية الى حس ديني عميق ، لا يرى في ما يجري في الحياة من حروب عسكرية وصراعات اقتصادية وكوارث بيئية وصحية الا نتيجة لغضب الهي لا قدرة للانسان على صده او اصلاحه ، وان هذه القناعة تطابق قناعة الحكومات الاسلامية التي ترادفت على حكم البلاد من غير برنامج او خطة ، لايمان مجلس الوزراء العراقي بان التخطيط للمستقبل يتناقض والخطة الالهية ، الموضوعة منذ بدء الخليقة ، والتي قدر الله فيها كل شيء وحفظها في اللوح المحفوظ …

٢ ـ

يدور الدين حول عبادة آلهة أو عبادة اله واحد ، شرط ان يكون الاله المعبود صاحب سطوة وجبروت وقوة ، وقادر على قتل البشر بطرق غير مرئية ولا قدرة لهم على تجنبها ، وان تكون عقوبته جماعية تتمثل بقلب القرى والمدن على ساكنيها او توجيه الظواهر الطبيعية العنيفة اليهم في حالة تنكرهم لقوته وعدم استعدادهم للخضوع اليه وطاعته . وتزدحم في العبارات والالفاظ التي نقلوها عنه شهوة جارفة للحكم ( اي لاعلان البشر طاعته ) ، وقلقه الشديد على مصيرهم في الآخرة اذا لم يحكم ، فبحكمه يستتب النظام وتنتهي الفوضى …

انا هنا اتحدث عن : God in History وليس عن : History of God ، ولا ادري ان كان الكتاب الاخير قد ترجم الى العربية . تتحدث كاترين آرمسترونج مؤلفة هذا الكتاب عن ديانات منسوبة الى آلهة ، لم تتكامل صفاتهم بشكل ناجز الا عن طريق لاهوت او علم كلام البشر الذين عبدوهم . المقولة الاساسية في كتاب : تاريخ الله ، تشبه المقولة الاساسية في كتاب “ دين الانسان “ لفراس السواح ، فكلاهما : الاول بطريقة غير مباشرة والثاني بطريقة مباشرة يتحدثان عن حاجة فطرية ، عن غريزة او ما يشبه الغريزة تجبر الانسان على البحث عن يقين ، عن ديانة ، عن قوة عظيمة تسند الانسان اذا ما استجار بها . اي ان تكامل حياة الانسان على الارض يتحقق بالطاعة والاستسلام والعبودية لقوة علوية قد يكون اسمها يهوة او الله او المخلص كما في الديانتين البوذية والمسيحية . تجمع الديانات الثلاث : على ان هذه القوة العلوية : كلية القدرة وهي الموجدة للاشياء ومبدعتها ليس على مثال سابق ، وانها ذات يوم معلوم ستنهي هذا الوجود : تطفئه وتميته وتنهيه…

يختلف معنى عبارة : الله في التاريخ في دلالتها العامة عن عبارة : تاريخ الله ، اذ تتبد ي المؤلفة في عنوان كتابها : راصدة لقوة موجودة ومنفصلة عن البشر ، الذين اجتهدوا هم انفسهم في تعريفها ووضع صفاتها التي لا تخرج عن اطار القوة القادرة على الخلق وعلى انهاء هذا الخلق في يوم لا يعلمه سواها . وهذه هي المفارقة الكبرى لهذه القوة التي لم يستطع البشر الذين منحوها قوة القدرة على احداث : الموت والحياة ، ان تكون قادرة على دفع ما يتعرض له الانسان : مخلوقها وخالقها ، من اذى في الحياة …

هل تشبه الاستعدادات التي تقوم بها الدول لدرء خطر فيروس كورونا : طقوس الديانات ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: مقتل مسؤول في منظومة الدفاع الجوي لحزب الله بغارة إسر


.. قبيل عيد الفصح.. إسرائيل بحالة تأهب قصوى على جميع الجبهات| #




.. مؤتمر صحفي لوزيري خارجية مصر وإيرلندا| #عاجل


.. محمود يزبك: نتنياهو يفهم بأن إنهاء الحرب بشروط حماس فشل شخصي




.. لقاء الأسير المحرر مفيد العباسي بطفله وعائلته ببلدة سلوان جن