الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
متى يصبح الدين أفيونا للشعوب- 2
أيمن عبد الخالق
2020 / 3 / 7الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
متى يصبح الدين أفيونا للشعوب – 2
في المقالة الأولى أشرت إلى أن البحث العلمي الموضوعي في تحليل مقولة ماركس كعالم اجتماع " الدين أفيون الشعوب" يحتاج إلى تقديم بعض المقدمات العلمية التي في مقدمتها حقيقة الإنسان الذي يمثل قمة الكائنات الحية، والذي منه ومن فاعلياته وأنشطته الاجتماعية تتشكل الشعوب والمجتمعات البشرية التي قال ماركس أن الدين أفيونها ومخدرها، وبالتالي فالبحث عن طبيعة الإنسان الانطولوجية والابستمولوجية يُعد مقدمة ضرورية لمعرفة كيفية تأثير الدين عليه سواء كان بالإيجاب أو السلب، ولن اعتمد في تحقيق هذه المسألة ـ كما هي العادة ـ إلا على مااعتمده الفلاسفة العقليون من المنهج العقلي الفلسفي الموضوعي الذي يضمن لنا الواقع بعيدا عن الظنون والأوهام
فقد أثبت الحكماء بمنهجهم العقلي أن الإنسان يتألف من جزئين، جزء أصلي معنوي مجرد وهي نفسه وروحه التي تمثل حقيقته الإنسانية السامية، وجزء مادي عنصري وهو جسمه الطبيعي، وأن روحه قد تعلقت بجسمه من أجل التكامل الإنساني في هذه الحياة الزمانية المؤقتة، وبالتالي فالجسم يعتبر آلة استكمال الروح في البعدين المعرفي النظري، والأخلاقي العملي، كما سأبين ذلك لاحقا.
فالإنسان يأتي إلى هذا العالم كصفحة بيضاء ليس فيها أي كمال حقيقي، إلا القدرة على التكامل بعد ذلك، بعد أن جهزه الباري تعالى بكل مايحتاجه في هذا السبيل من قوى نفسية إدراكية ومحركة، ووهبه الإرادة والاختيار، وسنشير إلى هذه القوى النفسانية بنحو مختصر يتناسب مع عمومية البحث.
أما القوى المدركة فهي الحس والعقل، حيث يدرك الحس ظواهر الأشياء الخارجية من الأشكال والألوان والأنغام والروائح والطعوم، ويحفظ صورها في الخيال، ومعانيها وذكرياتها الجزئية في الذاكرة بحيث يستدعيها متى شاء.
وأما العقل فيدرك المعاني العامة التي في الأشياء وعلاقاتها ببعضها البعض، و المنتزعة من الحس والمحفوظة في الخيال والذاكرة، مثل الإنسانية والحرية والسلام والعدالة والمساواة، ليقوم بعد ذلك بتحليلها وتركيبها والحكم عليها في النهاية إما بالإيجاب أو السلب.
ومن هنا نفهم أن الحس وظيفته تأمين المواد المعلوماتية الأولى التي يحفظها الخيال والذاكرة، ليعمل عليها العقل بعد ذلك ويكتشف النظريات العلمية ويبني المنظومة الفكرية للإنسان، ولذلك يقول أرسطو من فقد حسا فقد علما.
وقسم الحكماء أيضا العقل إلى عقل نظري وظيفته التفكير والتخطيط والبرمجة واتخاذ القرارت، وعقل عملي وظيفته التدبير والتحكم في أفعال الإنسان الاختيارية، والتي تحركها قوى الشوق والإرادة.
ولكم أطباء النفس قسموا عقل الإنسان إلى عقل واعي لتحليل وفرز وفلترة المعلومات وسموه بالحارس الأمين لذهن الإنسان، وعقل باطن يختزن كل الصور والمعاني والمعلومات التي أدخلها الحس وأنتجها العقل وصنعتها البيئة، والتي بدورها تشكل شخصية الإنسان وتتحكم في تصرفاته وقراراته ومواقفه المختلفة، ويمكن تسميتها أيضا بالمخيال الذي يحرك أغلب الناس، وهو الذي يتلاعب به في الغالب الساسة الانتهازين وأكثر رجال الدين الساعيين للسيطرة على الرأي العام عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، وسأتكلم عنه لاحقا بنحو من التفصيل.
ومن الواضح أن جسم الإنسان بما يشتمل عليه من الجوارح الخمس من العين والأذن والأنف واللسان يُعتبر المنفذ الوحيد الذي تتدفق من خلاله المعلومات الأولية التى تدخل إلى ذهن الإنسان، وهذا هو الدور المعرفي الذي يلعبه الجسم في التكامل المعرفي للإنسان، أما الدور الأخلاقي الإنساني فإنّ جميع مايريده الإنسان في هذه الحياة من تصرفات وأعمال اختيارية إنما يتحقق من خلال أعضاء جسمه...ومن هنا نفهم معنى كون الجسم آلة لاستكمال الروح في هذه الحياة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الحملة الانتخابية لبايدن تجمع أموال أكثر من حملة ترامب |#امي
.. 33 قتيلا من المدنيين والعسكريين بينهم 5 من عناصر حزب الله ال
.. فيديوهات متداولة على منصات فلسطينية لاقتحام منطقة جبل النصر
.. حرب غزة.. محادثات مبكرة لتمويل مهمة قوات حفظ سلام في القطاع
.. هل فقدت الشهادة الجامعية أهميتها؟ |#رمضان_اليوم