الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرب الأفيون...الإستعمار هو الإستعمار!

هفال عارف برواري
مهندس وكاتب وباحث

(Havalberwari)

2020 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


•إنها حرب الأفيون تلك الحرب التي اندلعت على مرتين كانت الاولى من1840م الى 1842م
والثانية كانت من 1856م الى 1860م
بين الإمبراطورية البريطانية والصين !

•والحق أن حرب الأفيون تظل في تاريخ الإنسانية على الأقل في العصور الحديثة منها هي المثال الأبرز على ظلم وطغيان الإمبريالية وقهر الامبراطوريات العظمى للشعوب والدول الصغرى والاستغلال وفرض العدوان ونهب الثروات ,فلم تستند تلك الحرب الى أي مبرر أخلاقي يذكر إلا النهب والجشع ....
وكما وصفها المؤرخ البريطاني(توماس أرنولد)
بالشر المطلق واعتبرها خطيئة وطنية الى أعلى الدرجات وقال عنها : (إنني لا أذكر أنني قرأت في التاريخ كله عن حرب اشتملت على هذا القدر من الظلم والخسة مثلما اشتملت عليه هذه الحرب ..)!

•كانت الإمبراطورية البريطانية في القرن ال 18 في أوج عظمتها , كانت تحيا عصر الصناعة والانتاج ولأن الإنتاج يتطلب تصريف ما تنتجه البلاد فكان لابد من البحث عن أسواق!
ولم تكن بريطانيا لتكتفي بكل اسواق تلك البلاد التي كانت تسيطر عليها وعلى رأسهم الهند , فجاء الدور على الصين والإستفادة من تعدادها السكاني الكبير بالاضافة الى مساحتها الشاسعة وهو ما أثار شهية البريطانيين , وكان لابد للصين أن تفتح أسواقها للواردات والمنتجات البريطانية كما طلبه صراحة الملك (جورج الثالث )من الإمبراطور الصيني (تشيان لونغ) ان يفعل!

•إلا ان طلب الملك قوبل بالرفض اذ ان المجتمع الصيني كان لديه ما يحتاجه فالدولة كانت تحقق الاكتفاء الذاتي بالفعل , حاولت بريطانيا الضغط والترهيب والترغيب والتربص بالصين ومجتمعها الا ان كل محاولتها باءت بالفشل فلم تكن الصين تسمح بالتوسع بالتجارة مع الغرب في الأساس
ولم يكن لها سوى مرفأ واحد هو (كانتون) وكان ذلك منطقيا بالنسبة لدولة تحقق الاكتفاء الذاتي في أغلب السلع والمحاصيل بل أن العكس هو ما كان يحدث حيث كانت الصين تغزو تجار بريطانيا إنتاجياً بوفرة منتجاتها ورخصها واستطاعت ادخال عملات الفضة بكثرة الى بلادها عبر التجارة مع الانگليز كمصدر ومنتج لا كمستورد ومستهلك .

•أرادت بريطانيا أن توجه ضربة للدولة الصينية وقامت عن طريق مستعمرتها وشركاتها في الهند بزرع نبات (الأفيون ) بكثرة في المناطق الوسطي والشمالية من الهند‏ وتصديره الى الصين كوسيلة لدفع قيمة واردتها للصين‏.
اذ ان نبات الأفيون لم يكن معروفا للصين فلم يسبق للصينين زراعته او اختباره.

•بلع الصينيون الطعم واستقبلوا اول شحنة كبيرة من الأفيون في عام 1781م وراجت تجارته وهناك انتشرت عبر سنوات بين الشعب الصيني وتدريجيا بدأ الإدمان وأعراضه وآثاره يغزو الشعب حتى وصل عدد المدمنين الى 12 مليون في عام 1837م حيث وصلت كمية الأفيون فى عام واحد الى 272 طن ‏وغرق الشعب الصيني في الافيون..‏
كان الصينى يبيع أرضه ومنزله.. وحتى زوجته ..!!
وبدأت البلاد تدخل في مرحلة اضمحلال فانخفضت مستوى المعيشة ودبت الأمراض في الأوصال واستمرت بريطانيا في تصدير شحنتها ودخلت #أمريكا اللعبة معها واشترت ذمم العاملين في ميناء (كانتون) الذي اصبح بؤرة للفساد والتهريب ..

•التحرك الصيني كان متأخراً إلا أنه أقدم على طرد التجار الأجانب وأعادت السيطرة على الميناء وطهرته من الفاسدين وقامت بجمع محاصيل الأفيون وحرقها بعد ان رصدوا التجار الممارسين لتجارة الأفيون وحاصروهم .

•إلا ان بريطانيا لم تقف مكتوفة الأيدي وكان الرد سريعا بتحرش الأسطول البريطاني بعدد من السفن الصينية من اجل السيطرة على الميناء واستطاعت البحرية البريطانية تحقيق انتصارات سهلة على الصينيين واستمرت في شن هجمات متتالية على البلاد حتى تمكنت من الاستيلاء على الميناء ومعها جزيرة(هونك كونغ)واضطر الإمبراطور الصيني الى التفاوض من اجل وقف الهجمات الشرسة على بلاده وتم توقيع اتفاقية( نانكين )التي نصت على ان تتخلى الصين عن جزيرة (هونگ كونغ) وتصبح تحت السيطرة البريطانية وتفتح 5 موانيء للتبادل التجاري بعد ان كان ميناءً واحدا ًبل ودفعت الصين لبريطانيا ما يعادل 9 مليون دولار كتعويض لها وللتجار الذين احرقت بضاعتهم بالاضافة الى عدد من الامتيازات الاخرى خاصة بالكمارك وتخفيض رسومها وعدم محاسبة التجار الأجانب امام القضاء الصيني والعديد من الامتيازات الاخرى التي حققتها بريطانيا ومعها رموز الامبريالية في تلك الفترة فرنسا وأمريكا ايضا !!!

• وكان مكسب الصين الوحيد في المقابل ان تتوقف بريطانيا وحلفاؤها عن زراعة الأفيون وعدم تهريبه داخل البلاد ..
لكن لم يكن بمقدور الصينيين كأي شعب يشعر بالكرامة ان يقبل باستمرار تلك الاوضاع التي فرضت على بلادهم وكانوا يسعون الى محاولة تحريك الأمور لصالحهم مرة أخرى عبر تغيير شروط التفاوض الامر الذي كانت تقابله القوى الامبريالية بتهريب مزيد من الأفيون الى البلاد كلما ارادت ذلك
• حتى وقعت حادثة أدت الى نشوب الحرب الثانية , حين اوقفت السلطات الصينية سفينة بريطانية شكت في امرها بأن لها نشاط تهريبي واعتقلت طاقمها الأمر الذي اثار جنون بريطانيا اذ انها اعلنت ان لا يحق للتجار الأجانب بصفة عامة بموجب المعاهدة الأولى ان يخضعوا للسلطات الصينية أصلاً الأمر الذي أدى الى الهجوم (البريطاني-الفرنسي-الامريكي-الروسي)
على الصين كله بدوافع مختلفة وبذرائع عديدة, هذه المرة كانت الحرب أعنف والنصر الإمبريالي كان أقوى واكثر حسماً إذ وصلت قوات بريطانية وحلفاءها الى القصر الإمبراطوري نفسه الذي اضطر في النهاية الى توقيع معاهدة أخرى هي معاهدة (تيانغين) في عام 1858م نصت هذه المرة على فتح 11 ميناء والسماح بالتواجد الأجنبي داخل البلاد دون شرط وإنشاء سفارات اجنبية

• تبعتها بمعاهدة اخرى ملحقة في عام 1860م تنص على فتح المزيد من الموانيء مع ضمان حرية نشر #المسيحية وترك (هونك كونغ) وميناء (كولون) لبريطانيا ودفع تعويضات بالملايين والسماح بتصدير العمال الصينين الى الأمريكتين .. .....

•لم يدم الأمر كثيرا رغم بشاعته فقد استطاع الشعب الصيني مع مطلع القرن ال 20 بالقيام بانتفاضة شعبية باتت تعرف بثورة الملاكمين تمكنت من تغير الاوضاع المزرية للبلاد واضعاف الوجود الاجنبي واسقاط الانظمة الضعيفة المتخاذلة والتمهيد لإنشاء جمهورية قومية ....

•ياترى ماهو أفيون العصر؟
هل هو قرض من صندوق النقد الدولي أو فرض معاهدات للسلام لنهب ثروات الدول ولتفتيت وسرقة الاراضي وفكرة يسوقونها بها لتبرر ثقافة الاستهلاك وتعززه وتبرز كل ما هو تافه وسطحي وغير نفعي او مفيد وتبلوره في صورة حضارية ومدنية وفي حقيقة الأمر ماهو إلا لإنتاج نعاج من الشعوب يسوقونها الى حيث يريدوا.....!
أو هو ڤايروس يهدد بإبادة الأعراق...!!

[منقول من عدة مصادر بعد الترتيب والتنقيح]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق