الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نداء الفاسد لا يحظى القبول بالمطلق .

يوسف حمك

2020 / 3 / 12
الادب والفن


في بلدان الشرق المنحوسة المنكوبة لا معركة ضد الفاسدين بجديةٍ ، ولا مواجهة للمختلسين ، ولا محاسبة للصوص و المتسلقين .
فالقانون سائبٌ لا يلف الانتباه ولا يُؤخذ به .
والقضاء تابعٌ بلا استقلاليةٍ ولا فاعلية له .
اللصوص محصنون ، و الأنظمة حريصةٌ على عدم رفع الحصانة عن الفاسدين . و يستحيل محاسبتهم من قبل الطبقة الحاكمة كونها ملوثةٌ هي الأخرى بقذارة الفساد .
و السياسيون مضللون و لهم شركاءٌ بملفات نهبٍ كبيرةٍ .
الجميع محترفون في خلق وسائل الخداع و الختل ، و مبدعون في ممارسة ألعاب السلب و السطو ، و حتى القتل حين الضرورة .
و لِمَ لا إذا كانوا بالأصل هم رجال سلطةٍ و جاهٍ ولا رجال دولةٍ ، ولا بناة الأوطان . و مهمتهم خلق منظومة الفساد ، لا صنع الرقي و الرفعة و بناء العظمة و الأمجاد ؟

أما الشرفاء فالأبواب أمامهم مغلقةٌ ، و فرص الفوز للبناء و النهوض معدومةٌ .
بلدانٌ منحوسةٌ ، ثقة العباد بها متبخرةٌ ، و المزاج الشعبيُّ فيها سيءٌ للغاية ، مشاعر الناس لكثرة الخيبات مشمئزةٌ ، النفوس مضطربةٌ ، و القلوب محطمةٌ لتغلغل الفاسدين في مواقع صنع القرار .
نعم محاسبة الفاسدين مطلبٌ جماهيريٌّ شرعيٌ ملحٌ لإعادة الهيبة للدولة ، من منطلق : " لا أحد فوق القانون " .

جميلٌ حينما ينادي الشريف لمحاربة اللصوص - و لو أن نداءه كالهمس لا يسمعه أحدٌ ، و إن ضج ولامس مسامع الغير فمصيره هو الكتم على الفور ، و يصيبه الخرس التام ، أو على الأرجح سيتوارى عن الأنظار للأبد .
لأن المجتمع المسرطن بفيروس الفساد لا إمكانية لتعافيه ، ولا مجال لإنقاذه أو تغييره .

لكن من الطرافة أن ينادي فاسدٌ من العيار الثقيل ، و ضالعٌ في الفساد حتى شحمة أذنيه ، يلبس ثوب الراشد الناصح ليطالب بتطبيق النزاهة و رفع غطاء الحماية عن الناهبين ، و يقدم نفسه ملاكاً طاهراً بأجنحةٍ لمجابهة المختلسين .
ظناً منه أن خدعته تُمرر بسهولةٍ ، ناسياً أن حيلته الشيطانية لن تنطلي على أحدٍ . و الناس على درايةٍ و يقينٍ أن نداءه ليس لتطهير البلاد من الفاسدين ، بل لقبوله مجدداً ، بين صفوفهم كلصٍ بترقية أعلى مرتبةٍ مما كان ، وبغية إعادة تمترسه في خندق الفساد .

نداؤه باهتٌ لا طعم له ، ولا صدى لصوته ، و صرخته ما هي إلا ثرثرةٌ رخيصةٌ لا آذان تصغي إليها ، باستثناء داعمٍ متاجرٍ بدم الشهيد و باحثٍ عن المكاسب بطرقٍ ملتويةٍ .

هذا اللص باتفاق الأدلة ، و الانتهازي بإجماع الآراء في ظاهر صرخته العدل و الإنصاف ، أما في باطنها فهي المنافسة في السلب و الاحتيال و الشراكة في النهب و النصب و إعادة تموضعه بجوار رجال السلطة .
دعوات الفاسد عاقرةٌ ، و نداء اللص لا يلامس الآذان ، و الالتفاف حول المختلس محالٌ .
و عورة المخادع مكشوفةٌ و إن كانت تحت ألف قناعٍ . لا يليق به ثوب البياض و الطهر ، مهما حاول تجميل وجهه و تحسين صورته القبيحة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-