الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأقوياء يأكلون الضعفاء

وسام صباح

2020 / 3 / 13
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


في النظم الديكتاتورية المتسلطة على رقاب الشعوب بالحديد والنار والسلطات البوليسية القمعية، يكون الحاكم اسدا قويا ذو انياب ومخالب حادة يستخدمها ضد شعبه الوديع المستضعف، والشعب هم الحملان الوديعة التي تصبح ضحية وطعاما بين فكي وانياب الحاكم القوي الذي يستمد من لحومهم الطرية صحته وعافيته ومصدر قوته .
قصة الحيوانات والطاعون The Animals and the plague
قصة مسلية كانت تحكى قديما للاطفال . لكنها تحوي مغزى سياسي كبير للكبار كتبها كاتب مغمور قبل الميلاد اسمه (ايسوب) عاش بين 620 – 654 ق . م .
كان ايسوب في حياته يروي حكايات وقصص انتقلت شفاها من جيل الى جيل حتى وصلتنا . ولتطابق القصة مع الواقع الحالي لكثير من دولنا و حكامنا نحكي هذه القصة للكبار .
مرة عبر الزمن ان طاعونا اصاب حيوانات الغابة، مات الكثير منهم بهذا المرض الفتاك واصيب الكثير بالعلل والضعف لعدم توفر الطعام الكافي، ولم تكن الحيوانات مهتمة بالأكل او الشرب بل تريد فقط الصراع من اجل البقاء واستمرار حياتها والتخلص من الموت والأنقراض. لم يتبق دجاج سمين يغري الثعلب ليأكلها، ولا ماعز او خراف شهية لياكلها الذئب والنمر، فقد قضى الطاعون على الكثير من تلك الحيوانات الشهية لنهم الوحوش الكاسرة التي تتغذى على لحوم الحيوانات الصغيرة والضعيفة كالدجاج والغزلان والحملان . في النهاية عم الجوع الشديد في مملكة الغابة ، فقرر الأسد ملك الغابة ان يعقد اجتماعا مع الحيوانات المختلفة لمناقشة مشاكل رعيته مع المرض والجوع والبحث عن حل .
وقف الأسد ملك الغابة بين الحيوانات المجتمعة حوله مخاطبا: اصدقائي الأعزاء، اعتقد ان الله ارسل علينا الطاعون كعقاب على خطايانا، ولابد ان نعترف بذنوبنا وآثامنا امام الجميع، ونقدم واحدا منا من قد ارتكب أكثر ذنوبا من الآخرين، لنجعله اضحية للرب ليرفع عنا الطاعون والبلاء ويغفر لنا وننال العافية والشفاء، لتعود حياتنا طبيعية كما كانت قبل الطاعون. وانا اول واحد سأعترف لكم بكل خطاياي وآثامي التي ارتكبتها في حياتي.
لقد كنت طماعا للغاية وافترستُ الكثير من الخراف والغزلان والضباء، رغم انهم لم يؤذوني بشئ ، اكلت وافترست الماعز والثيران والوعول ، والآن اقول لكم الحقيقة، اني افترست حتى بعض الرعاة بين الحين والآخر . ولو ترون اني كنت اكثر واحد فيكم مذنبا، انا مستعد ان اضحي بنفسي . ولكن اعتقد انه من الصواب ان كل واحد فينا يعترف بما ارتكبه من ذنوب كما فعلت انا. وبناء على الأعترافات سنقرر من فينا اكثر من ارتكب ذنوبا لنضحي به قربانا للالهة .
وقف الثعلب وقال : سيدي الملك ما اطيبك خلقا، هل هي جريمة ان تأكل الخراف والغزلان الغبية ؟ لا يا سيدي الملك، انك منحتهم شرفا كبيرا اذ اكلتهم . اما الرعاة الذين افترستهم، فهم ينتمون للجنس البشري المتعالي والمتشامخ علينا الذين يدّعون انهم اسيادنا، فهم يستحقون هذا المصير. فصفق جميع الحيوانات اعجابا بكلمة الثعلب لأطراءه على الأسد ملك الغابة وزعيم الوحوش. وعلى الرغم من ان الدب والنمر والذئب المتوحشين فعلوا نفس الشئ مثل الأسد بالحيوانات الضعيفة تمزيقا في لحومهم واكلهم احياء، فقد ظهروا في ذلك الأجتماع هادئين وديعين وكأنهم ابرياء وقديسين .
الآن جاء دور الحمار ليعترف امام الملك والحيوانات الأخرى عما ارتكبه من ذنوب ، فقال خجلا وهو يشعر بالذنب : سادتي الكرام ، ذات يوم من الأيام وبينما كنت امر بحقل يملكه بعض الرهبان الفقراء وانا جائع، اغراني العشب الأخضر الجميل في الحقل، فلم استطع مقاومة الجوع فأخذت لقمة من هذا العشب واكلتها، وانا اعترف انه لم يكن لي الحق ان آكل من حقل الآخرين . وقبل ان يكمل كلامه هاج وغضب عليه كل الحيوانات المفترسة وكانه ارتكب عملا شنيعا، وصرخ جميع الوحوش قائلين : الحمار هو المذنب الكبير بيننا وهوسبب البلاء والطاعون الذي حل بنا، فيا لها من جريمة كبرى ان يأكل عشبا لا يمتلكه ويعود لغيره . وهذا الذنب كافي ان يُعدم من ارتكب هكذا جريمة بشعة، فكيف بحمار غبي اعتدى على حقل غيره واكل عشبه بغير حق ؟
وفجاءة وقبل اصدار الحكم ، انقض كل الحيوانات المتوحشة هاجمين على الحمار المسكين ليكون هو الضحية لجريمته الشنعاء . وكان اولهم الذئب والنمر ، فقضوا عليه مباشرة وقطعوه اربا ، وقدموه أضحية لآلهتهم بدون الحاجة لأقامة طقوس الذبائح والقرابين .
انتهت الحكاية .
في نهايتها كتب الكاتب الحكمة من حكايته فقال : الفقراء والضعفاء عليهم ان يدفعوا ثمن خطايا وآثام الأقوياء ويصبحوا هم قرابين واضاحي اصحاب السلطة والقوة .
هذا ما يحصل في اي نظام ديكتاتوري بالعالم، لأنه يمتلك القوة والسلاح والنفوذ والميليشيات المسلحة في البلاد ضد العباد والضعفاء . وهذا ما نراه في بلداننا وانظمتنا الحزبية المتسلطة العميلة المدعومة من الدول الطامعة في خيراتنا التي تمارس خطف وتعذيب وقتل الضعفاء والشرفاء من ابناء الشعب .
مالكوا الأنياب الحادة والمخالب الطويلة يفترسون دائما اصحاب اللحم الطري ويتغذون عليهم ليزدادوا قوة وصحة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية