الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية الحاج (العُربي الثاير)

عادل بشير الصاري

2020 / 3 / 13
كتابات ساخرة


الحاج (العُربي الثاير) حاد الطبع لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب ، وقد كتب على نفسه أن يكون ثائرا دائما لا يهدأ أبدا ، فالثورة لديه عقيدة راسخة لا تتزحزح وطبع مكين لا يتغير، هو في غضب دائم من كل شيء وانتفاض مستمر على كل شيء وهياج لا يمل.
قرأ الحاج (العُربي الثاير) في المرحلة الابتدائية التي لم يكملها أنه من سلالة جنس بشري متميز، وأن أجداده كانوا سادة العالم ، فصمم أن يعيش كما عاش أجداده سيدا حرا وفق رؤيته هو للحرية والسيادة، وصمم على ألا يعيش بدون خصوم وأعداء ، فما الحياة عنده إلا عراك ومغالبة، لذلك اتخذ له جيوشا جرارة من الأعداء حكاما ومفكرين وفنانين ودولا وأحزابا وشعوبا وأيدولوجيات مختلفة ، يستمطر عليهم صباح مساء شآبيب اللعنة والموت.
للحاج (العُربي الثاير) أراء بمثابة العقائد الثابتة ، فلا يمكن مناقشته فيها ، فهو دائما يردد على مسامع جلاسه الذين يستفزونه ويستمتعون باستفزازه أن المرأة شيطان وأنها من ضلع أعوج ولا أمان لها، وأن العرب جرب وأنانيون ومتخلفون ، وأن النبي محمدا لو قام من قبره لتبرأ منهم ، وأن الحكومة الحالية كسابقاتها عميلة تتلقى أوامرها من السي آي إيه ومن الموساد ، وأن الفلسطينيين هم من باعوا اراضيهم لليهود، وأن الاعلام ووسائل الاتصال والرياضة والفنون ابتكرها الغرب الكافر لأجل إلهاء المسلمين عن ذكر الله وعن الصلاة ، وأن الأطباق الطائرة وأحداث 11 سبتمبر مؤامرة اشترك في حبكها الاستعمار والماسونية والصهيونية والامبريالية
وأقسم مرات عديدة بالطلاق ـ مع أنه لم يتزوج قط ـ بأن الحكام والساسة العرب كلهم دون استثناء طغاة وعملاء الاستعمار والامبريالية ، وأن الفنانين منحلون ، والمفكرون والاعلاميون والصحافيون زنادقة ومأجورون ، والقضاة والمحامون مرتشون ، والأطباء والصيادلة تجار فاسدون، ورجال الدين منافقون وفقهاء السلطان، ورجال الأمن والمخابرات طواغيت ومجرمون، وأميركا والغرب وبقية العالم شياطين ويكرهون كل ما هو عربي وإسلامي ، والديمقراطية أكذوبة ، والعلمانية كفر، والعولمة استعمار، والحداثة خراب ، والشيوعية فقر وكفر، والرأسمالية نصب واحتيال.
كل هؤلاء خصوم الحاج العُربي الثاير، وهم في نظره سبب تعاسته وشقائه وشقاء من على شاكلته، ونتيجة لانفعاله الشديد أثناء الحديث عن خصومه أصيب بمرض السكر من الدرجة الأولى وبارتفاع الضغط ومرض القلب.
عاش طوال عمره قلقا متشائما ساخطا على كل شيء من حوله، وأضاع المسكين عمره في معارك افتراضية مع خصوم وهميين ، تركوه ينعم في شقاوته وأحلامه ، ولم تصب أيا منهم لعنة من لعناته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج الاردني أمجد الرشيد من مهرجان مالمو فيلم إن شاء الله


.. الفنان الجزائري محمد بورويسة يعرض أعماله في قصر طوكيو بباريس




.. الاخوة الغيلان في ضيافة برنامج كافيه شو بمناسبة جولتهم الفني


.. مهندس معماري واستاذ مادة الفيزياء يحترف الغناء




.. صباح العربية | منها اللغة العربية.. تعرف على أصعب اللغات في