الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لن اموت في الكورونا

كمال الموسوي
كاتب وصحفي

(Kamal Mosawi)

2020 / 3 / 14
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


ان تكون صحفيا متطوعا في كل الأزمات التي لن تتوقف عن هذا العالم العجيب، عليك ان تتحمل ثقل المسؤولية الكبيرة التي فرضتها عليك المهنة الصحافية، خاصة وأنك جئت اليها برغبة جامحة لا دفعك اليها مال ولا الطمع بالشهرة.
مررت في الكثير من الأزمات التي عصفت في بلدي وأنا اتابعها وأخوض غمارها بكل مالدي من قوة مهنية، فبرغم غياب الدعم المعنوي والغطاء القانوني في اغلب الأحيان وبرغم معارضة المعترضين للقيام بالمخاطرة، الا انني كنت ولازلت ابذل قصارى جهدي في سبيل تحقيق ما أريده في عالم الصحافة الذي اصبح في العقدين الآخرين شبيه لحد ما لعاهرة واقفة على حافة الرصيف فيرتادها الفاسدون لغرض قضاء حاجتهم معها وتشويهها اكثر من قبل.. الصحافة مهنة من لا مهنة له.. هكذا تسميات عادة ما تطلق عليها .
لكن هناك من لايزال ملتزمًا بقواعد العمل الحقيقية وضمير المهنة،
من اهم تجاربي التي افتخر بها في تاريخي الصغير في عالم الصحافة هو مشاركتي في عمليات التحرير للقوات الأمنية في محاربتها للتنظيمات الارهابية لاكثر من اربع سنوات، أما عملي التخصصي في الصحافة السياسية فكان منذ العام 2003 وليومنا هذا ، لكن الأشد خطورة في مسيرتي هذه هو محاولتي للعمل عن قرب مع مصابي خطر وباء " كورونا" ، قد يعتقد البعض ان خطرها يكمن في انتقال العدوى..! لكن في الحقيقة لم يكن الخطر في هذه التفصيلة التي ان بلغت أقصى حالاتها فأنها تؤدي الى الموت ، الموت الذي لا فرار منه،! الخطر الحقيقي هو ان ترى مصاب ينتظر الموت في لحظات من الرعب والخوف والهلع، ان تموت طبيعيًا لا نختلف على ذلك، لكن ان تموت وانت مقتولاً على يدي فيروس خفي فهذا الأمر مرعبا جدا، كيف لك ان تصارع هذا القاتل..؟!
هذا ما قاله لي احد الذين تم شفائهم من هذا الوباء، يقول لا اعرف كيف اصف لك تلك اللحظة التي اخبرني بها الطبيب عن إصابتي بهذا الوباء ، ويجب علىّ ان اخضع لمرحلة الحجر الصحي والعزل التام، في تلك اللحظة شعرت ان كل مخاوف الكون قد نزلت على رأسي ومر شريطا سريعا في خاطري يحمل بين حدوده كل تفاصيل حياتي التي عشتها، لا اعرف الى أين ذهبت قواي وكيف تحولت اقدامي الى أعواد من الثقاب اذ لم تعد قادرة على حملي او الحركة، لكن كل هذا لم يجدي نفعا فقد أحاطني الملثمون الذي يشبهون الى حد كبير منفذي الاعدامات بحق المجرمين الذي طالما كنت أشاهدهم في الأفلام العربية والأجنبية ، بل انني رأيت فيهم صور من عناصر التنظيمات الارهابية التي كانت تبث فيديوهات للقتل والإعدام، غير ان الحقيقة مغايرة تماما ، فليس هناك من وجه يشابه بين هؤلاء واؤلئك، لكنها مخاوفي هي التي جعلتني افكر بهم بهذا السوء حتى أوصلوني لغرفة الحجر الصحي وتكلم معي احدهم كلامًا شعرت معه بالامل في البقاء ، وقد اخبرني هذا " الملثم" بالأبيض ان أكون قويا لاتغلب على هذا القاتل المجهول، كان يحدثني وهو يحاول البحث في ذراعي عن شريان او وريد ليغرز فيه إبرة النجاة ، وحقق ما كان يبحث عنه دون شعور مني ، فأنا مغيب تماما في لحظة اللاوعي المخيفة حتى أتم عمله وودعني قائلا ان احتجت لشيء اضغط على زر الجرس هذا.. وخرج واغلق الباب بإحكام وكأنه اغلق حياتي كلها، لم يعد بأمكاني الحركة خارج إطار هذه الحجرة التي لا تتجاوز الثلاثة أمتار المربعة، .
ومرت الساعات وأنا في اشد حالات الضعف والأعياء، منقطعًا عن كل الدنيا ولا افكر سوى بالموت القادم ، حتى قررت ان احارب قاتلي وان لا استسلم لهذا المارق الخطير حتى وان تمكن مني وقتلني، يجب ان أقاوم بكل ما تبقي لدي من قوة، فضغطت على الجرس وأخبرت الطبيب بعد ان جائني مسرعا اني سأقاوم هذا الوباء وانتصر عليه، فتبسم فرحًا ذلك الطبيب من وراء الكمامات التي كانت تغطي وجهه، وقال ستنتصر عليه حتما أعدك بذلك.
وفعلًا بدأت رحلة العلاج التي في اشد حالاتها لم تتجاوز وخزة " إبرة " مضادة للحرارة المرتفعة والسعال او الرشح المستمر.
ومرت الأيام حتى اخبرني طبيبي المختص انني تعافيت تمامًا من هذا الوباء ويجب علىّ الخروج من هذا الحجر الذي طال لأكثر من عشرة أيام متواصلة،
واكمل حديثه معي وهو يفصل لي شعوره عند خروجه من ذلك المحجر الذي يقول عنه ، انه كان اهم مرحلة في حياتي وأكثرها خطورة وأنها كانت معركة خطيرة كان لابد لي من الانتصار فيها، وفعلًا تمكنت من تحقيق ذلك الانتصار الذي أعده اهم انتصار في حياتي كلها،. انتهى حديثه..!
لمست من خلال حديث هذا المحارب الكبير الذي نال شرف الانتصار في هذه المعركة الخطيرة، ان للقوة الذاتية دورا كبير في تحقيق اصعب الانتصارات في اصعب المعارك حتى وان كان عدوك فتاك ومجهول وخفي، فذاتك الخفية لها القدرة على النزال لمواجهة كل مخاطر هذا الكون ولها القدرة على المقاومة والانتصار وتحقيق الأهداف ، وعليه فأن كورونا لم يكن بهذه القوة التي تشاع عنه مادمت تمتلك قوة ذاتية لها القدرة على قهره والافتاك به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا