الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من الوباء والموت إلى الحياة....

عمر عبد الكاظم حسن

2020 / 3 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الموت نهاية حتمية وقدر نهائي يطال جميع الكائنات الحية على وجه الارض مهما طال بها الزمن او قصر لكن الانسان يتناسى هذه الحتمية ويتحاشى التفكير بها لأنها تشكل مصدر قلق له .

وبما ان الموت الحقيقة الوحيدة المتفق عليها من الجميع لهذا كانت هذه الحقيقة دائما وابدا محل مخارج ما قبل المرحلة الدينية من عمر الجنس البشري ومن ثم المرحلة الفلسفية ومن ثم المرحلة الدينية تحاول هذه المخارج جميعها ايجاد نوع من التهدئة للسيطرة على القلق البشري المرعوب من هذه الحتمية النهائية .

فقد اخترع الانسان البدائي قبل المرحلة الدينية عدة مفاهيم واراء واساطير تحاول طمانة هذا الخوف والقلق المسيطر على العقلية البشرية من الحتمية النهائية وما ملحمة كلكامش الا واحدة من عشرات الاساطير التي بحث في هذه الجدلية جدلية الحياة والموت وحاولت بعث رسالة الى الجنس البشري من ان الموت هو الحتمية النهائية التي لا تستدعي القلق ويجب الاستعداد لها في اي وقت .

ومن ثم اتت المرجلة الفلسفية على يد الفيلسوف سقراط حيث يعتقد ان سقراط أول من تناول وبشجاعة فائقة هذه الحتمية من خلال محاورت الدفاع الشهيرة فيقول الميت يكون علي احد حالين اما أن يصبح عدما و لا يكون له احساس كما هو الحال في حالة النوم و اما بحسب ما يقال انه يحدث تحول و هجرة للنفس من هذا المكان إلي مكان آخر فالموت في محاورة الدفاع هجرة النفس من الحياة الدنيا الي الحياة الاخرة و سقراط هنا يجعل مستمعيه.

بين اختيارين فاما ان يكون الموت هو نوم بلا احلام او أنه عبور و هجرة لعالم اخر و لذا فانه إذا كان حلما فانه يعد مكسبا فانه مكسب ان امضي للقاء نهايتي بدون مسحة من الالم فهذا بلا شك كسب لكل إنسان غمرته المتاعب و الهموم.

أما إذا كان هجرة من مكان إلي مكان اخر فانه سيكون خيراعظم و يؤكد سقراط علي حقيقة خلود النفس بعد الموت بمعني أن النفس لا تفني بفناء الجسد بل هناك حياة اخرى بعد هذه الحياة الدنيا و هذا ما يبرر إقدامه علي تجرع السم ولهذا حاول سقراط من خلال موقفه تحطيم فكرة القلق وبعث الطمانينة للجنس البشري في مواجهة حتمية الموت .

ومن ثم أتت المرحلة الدينية ( يهودية / مسيحية / اسلامية )التي حاولت من خلال بعض التطمينات والتعاويذ والوعود الاخروية والطقوس والنصوص على تهدئة هذا القلق الذي يسكن النفس البشرية لمواجهة هذه الحتمية المقلقة .

جميع هذه المراحل حاولت ومازالت تطمئن الانسان وتهدا قلقه من هذه الحتمية وبما ان العالم اليوم يمر بازمة قلق مرعبة من هذه الحتمية المفزعة من خلال انتشار فيروس كورونا الذي تحول الى وباء .

لهذا فلا داعي للقلق ابدا من هذه الجائحة رغم ان القلق كان ومازال رفيقا للجنس البشري لان الوباء لن يتحول الى فناء مطلق ولان العالم يدرك حتمية ان الوباء سوف يحصد ارواحا كثيرة .

الا ان الاجراءات الوقائية والتمسك بالعلم والاجراءات الطبية والابتعاد عن الخرافات والاساطير الدينية واللاهوتية سوف يعزز من انتصار الارادة الانسانية في معركتها المصيرية مع هذا الوباء .

وسوف يتحول رفيقنا المزعج القلق الى قلق مشروع بوجه هذه الجائحة وحتمية الانتصار على الوباء والفناء وانتصار الحياة هي حتمية نهائية ........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تقتحم بلدة شرقي نابلس وتحاصر أحياء في مدينة را


.. قيادي في حماس: الوساطة القطرية نجحت بالإفراج عن 115 أسير من




.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام