الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فيروس كورونا كشف تراجع أمريكا علميّا وسياسيا وأخلاقيّا وفضح ترامب

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2020 / 3 / 19
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


أعلنت منظمة الصحة العالمية فيروس كورونا " وباء عالميا " عابرا للحدود، سريع التفشي والانتقال من شخص إلى آخر، ولا تتوفر التطعيمات والأدوية اللازمة لمحاصرته ووقف انتشاره، وتوفير العلاج لما يزيد عن 200 ألف مصاب بالمرض تزداد أعدادهم على مدار الساعة، مما يعني أن التأخير في محاصرته ومنع انتشاره يهدد الملايين من سكان العالم بالمرض والموت، ويخلق أوضاعا اجتماعية وسياسية واقتصادية لم يشهد العالم مثيلا لترديها وخطورتها منذ الحرب الكونية الثانية، ولهذا فإن الطريقة الناجعة في التعامل مع هذا الفيروس الذي لا حدود له، ولا يفرق بين شعوب وأجناس وأديان وثقافات العالم يجب أن تكون عالمية تشارك فيها كل دولة حسب امكانياتها.
فيروس كورونا كشف تراجع أمريكا علميا وسياسيا وأخلاقيا، وأماط اللثام عن زيف ادعاءاتها بأنها الدولة الأعظم الحامية للحرية والديموقراطية، والحريصة على سلامة الناس وحقوقهم، وأظهرها كدولة فاشلة في التصدي له، ومنع وصوله اليها وانتشاره على أراضيها وحماية شعبها، واعترفت بأنها لا تملك ما يكفي من أسرّة وغرف عناية حثيثة في مستشفياتها لاستيعاب أعداد كبيرة من المصابين، وفشلت في تقديم وتطوير الأمصال والأدوية اللازمة لعلاجهم.
أمريكا التي تكذب باسم قيادتها للعالم الديموقراطي الحر والدفاع عنه، وتلقي نصائح ومحاضرات على دول العالم حول ضرورة احترام الحقوق والقيم الإنسانية، حاولت استغلال الفيروس ضد الصين باتهامها بإخفاء المعلومات المتعلقة به، وتسهيل انتشاره وتصديره للعالم في محاولة لتشويه سمعتها، واستثنت بريطانيا من الحظر الجوي الذي فرضته على العديد من الدول الأوروبية لأسباب سياسية ثم اضطرت للتراجع عنه، ورفضت رفع الحصار عن إيران وإرسال معدات طبية وأدوية لها لمساعدتها في مكافحة الوباء، وأثبتت بتصرفاتها هذه فقدانها الحد الأدنى من الاخلاق الإنسانية، واستهتارها بقيمة الناس والتشفي بمصيرهم؛ أما الصين بالمقارنة فقد هبت لمساعدة إيران، وطلبت من أمريكا وقف الحصار عليها، واعتبرت الموقف الأمريكي في هذا الظرف الذي يتعرض فيه الشعب الإيراني والعالم لأضرار ومخاطر فادحة جريمة بحق الإنسانية.
الفيروس فضح أيضا حماقة وعنصرية وجهل وأكاذيب الرئيس الأمريكي وقد يكلفه مستقبله السياسي؛ في البدء اتهم ترامب الحزب الديموقراطي بالتهويل لهذا الوباء لضرب إنجازاته الاقتصادية لأهداف انتخابية، واستهزأ بوجود الفيروس وخفف من خطورته، وقال في شهر يناير الماضي إنه .. أجنبي .. وسينتهي في الصيف، ولم تتخذ إدارته الإجراءات اللازمة لمنع انتشاره؛ بل إنه كذب على الشعب الأمريكي كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز بقوله في مناسبات مختلفة ان الولايات المتحدة قامت بعمل جيد جدا في مجال الفحص المختبري للحالات المصابة، وإن إدارته اتخذت أشد الإجراءات لمواجهته وإنقاذ أرواح الناس منذ بدء الأزمة في الصين، ووصفها بأنها اشد إجراءات اتخذت في أي بلد، وقال ان نسبة الوفيات أقل من 1%، وهي في الحقيقة لا تقل عن 2%.
ثم عاد قبل يومين ومنح الفيروس "جنسية صينية "، وأخيرا أثار فضيحة عالمية قوبلت بغضب واستنكار دول وشعوب العالم بعرضه على شركة " كيور فاك " الألمانية مليار دولار لحصول بلاده على الحقوق الحصرية للقاح الذي تقوم الشركة بتطويره حاليا، ونسي الرئيس الأمريكي ان هذا الوباء يهدد البشرية كلها، ويجب اعتبار اللقاحات والأدوية التي تستخدم في مقاومته والقضاء عليه جزأ من حقوق الإنسان التي تدعي أمريكا أنها تدافع عنها، مما اضطر الحكومة الألمانية للتدخل، ورد وزير اقتصادها بيتر التماير على محاولة ترامب الرخيصة بالقول " ألمانيا ليست للبيع "، موجها بذلك صفعة قوية له وللولايات المتحدة.
الصين اثبتت نجاحا كبيرا فيما يتعلق بقدراتها العلمية وتميزها البحثي والانتاجي، ووعي مجتمعها، وصحة إجراءاتها، وتمكنت من احتواء الفايروس، وأرسلت معدات وفرق طبية لمساعدة إيطاليا، اسبانيا، اليابان، كوريا الجنوبية، العراق، إيران، ودول إفريقية وأوروبية وعربية أخرى، بينما فشلت الولايات المتحدة والدول الديموقراطية الأخرى كأمريكا وإيطاليا واسبانيا ودول الاتحاد الأوروبي في مواجهة المرض وما زالت عاجزة على التعامل معه والسيطرة عليه.
الولايات المتحدة بقيادة ترامب تخلت عن قيادة النظام الدولي ولم تعد جديرة بالثقة، فبينما هي ترسل حاملات طائرات لتهديد الشرق الأوسط والسلام العالمي، وتدعم العنصرية في الداخل الأمريكي وأوروبا وإسرائيل وتحاول الهيمنة على الاقتصاد العالمي، تقوم الصين بمساعدة الدول المتضررة بفيروس كورونا، وتعمق علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية مع شعوب ودول العالم، وتكسب المزيد من الحلفاء والشركاء والمعجبين على الصعيد الدولي، وتتقدم بخطوات ثابتة لتحل مكان الولايات المتحدة كأعظم دولة في عالمنا المعاصر خلال السنوات القليلة القادمة؛ ولهذا فإن عالم ما بعد كورونا سيكون مختلفا تماما عن عالم ما قبله!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أهلا بكم في أسعد -أتعس دولة في العالم-!| الأخبار


.. الهند في عهد مودي.. قوة يستهان بها؟ | بتوقيت برلين




.. الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تزداد في الجامعات الأمريكية..


.. فرنسا.. إعاقات لا تراها العين • فرانس 24 / FRANCE 24




.. أميركا تستفز روسيا بإرسال صورايخ سراً إلى أوكراينا.. فكيف ير