الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة تشرين العراقية كشفت التحالف الثيوقراطي في العراق ج2

ياسر جاسم قاسم
(Yaser Jasem Qasem)

2020 / 3 / 19
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


كما علينا ان نفهم ان هذا التحالف الثيوقراطي المقيت يخاف جدا من ثورات المهمشين /الجياع العدالوية التي تسحب الامكانات منها ، ويعمل هذا التحالف وبكل شكل من الاشكال على القضاء على هذه الثورة الشبابية والسبب فقدانه السيطرة عليهم ، وعدم قدته على تلبية حاجات الثوار الاساسية المتمثلة بعبور الهويات الاثنية /الطائفية والقبول بالهوية الوطنية كذلك ارجعت الثورة قيما كثيرة فقدها المجتمع العراقي ما بعد 2003 تتمثل في ايجاد صور متعددة منها اقتصادية ، اذ ارجع الثوار من خلال مطالباتهم الوطنية بعض الصناعات الوطنية وطالبوا بالحد من الاستهلاك الاستيرادي الذي اهلك الاقتصاد العراقي ، واسهم طوال سنوات في اضعافه وهذا ما عجز عنه سياسيي الكانتونات والحزبيات والفئات وغيرها طوال سنوات حكمهم العرجاء. ان فعل هؤلاء الشباب في بغداد والمحافظات هو فعل شجاع قاوم كل وسائل العنف غير الشرعية التي قامت بها الطبقة السياسية الحاكمة والدولة العميقة معها من قتل وترهيب وتصفيات وتعذيب وخطف في سبيل اسكات الاصوات الحرة (فقد بلغ عدد القتلى من المتظاهرين اكثر من 700 قتيل والجرحى بعشرات الالوف منذ اندلاع الثورة في 1/تشرين 1/2019) لقد انغمست الطبقة الحاكمة بسرقة العراق وانستهم الاموال والصفقات ان هنالك جيلا شابا ينظر الى الظلم ويشير اليه بدون خوف او وجل ويراه بعينه من انبثاق طبقات غنية اثرت على حساب المال العام مع وجود اجيال شابة لا تمتلك عملا يوفر لها حياة حرة كريمة، فكانت الديناميات التي اطلقت هذه الاحتجاجات تتمثل في غياب العدالة الاجتماعية فكان اكثر الثوار من المناطق الفقيرة المحيطة بمراكز المدن من اتباع الجهات الدينية ، الا انهم كشفوا وان فات الوقت ان هذه الجهات قد اخذت بالدين كونه مرنا الى منحى السرقات والاستحواذ على الاموال واستخدمت هؤلاء الشباب وقودا لحروبها وها هي اليوم تقتل بهم وتفتك. وكان الامر الاساس الذي ادى الى انبثاق هذه الاحتجاجات هو الحرمانالذي مني به هؤلاء الشباب المحرومون ، وهكذا خرج هؤلاء المظلومون عبر كل المفاهيم عما الفه رجال الدين ومناصريهم حتى في القضية الحسينية ، نجد ان هؤلاء الثوار اخرجوها من منظورها التقليدي الطقسي الى منظور متجدد يستلهم ما عرف عن الحسين بمواجهته الخليفة المستبد انذاك مطالبا بالعدالة الاجتماعية ، في خوض غمار ثورتهم على الطبقة الفاسدة الحاكمة في العراق، بعد 2003م ، اذن نصل الى نتيجة حتمية ان المحرك الاجتماعي الاكبر في احتجاجات العراق هو الرفض للطبقة الاوليجاركية الحاكمة التي عجزت من ان تتعاطى مع التحولات الاجتماعية السريعة وقد وجه هؤلاء الشباب اكبر صفعة ضد هذه الطبقة عندا رفعوا شعار ( الولاء للوطن) وان لا ولاء اخر يحركهم ، كيف لا وقد امست "اكثرية الجموع المذهبية او المكوناتية التي ما زالت تنمو خارج مؤسسات التاثير السياسي والاقتصادي ، بعيدة عن تحصيل الثروة العادل وتقاسم مصالح الدولة الريعية وصنع الارادة السياسية فيها" ((مظهر محمد صالح، اكاديمي عراقي، من صراع المكونات الى صراع الطبقات ،مقاربة في الاقتصاد السياسي" والثروات بيد الميليشيات والاحزاب المتحكمة /المتنفذة التي سيطرت على كل مقدرات الدولة ، واضحى المال سائبا بيدها واضحى الشعب متطلعا الى كل هذا الظلم والفساد اذ نمى الفقر واستفحلت البطالة وعم الخراب في البلاد في ظل التكالب الكبير على مقدرات البلد وريعه النفطي /لعنة النفط، وهكذا انتج هذا الخراب "منظومة سياسية تمتلك القدرة على استدامة امتصاص الفائض الاقتصادي للدولة الثرية لقاء خلو البلد من التنمية" م.س
واضيف اليها ان هذه المنظومة السياسية تستغل الناس عاطفيا وتركز على تحالفاتها مع رجال الدين للنهب والسلب والتصدي لاية حركة ثورية تطالب بالحقوق في ظل هذا التحالف الثيوقراطي البغيض.
كثيرا ما نسمع ان برامج التنمية التي تستهدفها الحكومات العراقية المتعاقبة تهدف الى محاربة الاقصاء والتهميش والسعي الى اعطاء مزيد من الفرص للفئات المحرومة كي تتمكن من كسر طوق التهميش ، وتسهم بفاعلية في عملية التنمية كأن مجرد تطوير نظرة اخلاقية تجاه هذه الفئات كفيل بأن يجعلها تتجاوز وضعية التهميش التي تردت فيها وهكذا نرى اليوم ان ثورة تشرين اوجدت مناخ وجدت فيه الذوات المقموعة والمغيبة الفرصة المواتية للتعبير عن هويتها والمطالبة بحقها في الوجود، وهكذا فان الهامشي اليوم يستغل ما الزمت به الدولة نفسها من حقوق المواطنة والديمقراطية والحرية للطالبة بالحقوق المسلوبة عينا في البلاد. ونجد الدولة عاجزة اليوم عن ضبط ايقاع المجتمع وبشكل واضح مع زيادة مطردة في الكثافة السكانية مع امية واضحة يشهدها المجتمع خصوصا في الفئات العمرية الشابة وامتداد الفوارق الاجتماعية وانسداد افاق الرقي الاجتماعي امام فئات واسعة من المجتمع.
كل هذا يضعف النسيج الاجتماعي ويحقق عجز الدولة عن معالجة ما اوردناه مع ضعف واضح في اجهزتها في مجال وضع الخطط الاستراتيجية لمعالجة هذه المواضيع وليس الاكتفاء بالحلول الترقيعية التي زادت الامور سوءا.



(( ان درجة الهامشية لدى المهيمن عليه مرتبطة بمدى نجاح المهيمن في اقصائه من النسق كليا او جزوئيا ، مشاركة الهامشي في هذا النسق متوقفة على الصورة التي يقدم بها ذاته /فهو اما مسلّم بالاقصاء المسلط عليه، واما هو ساع كمقصى الى ان يعيد بناء ذاته بما يضمن له فرض وجوده في معادلة الصراع بطريقة لا يغفل فيها المهيمن وزنه ووجوده)) فالمهمش صاحب سلطة ونفوذ ، وحائز كل الاليات التي من شأنها ان تحول المفعول به الى ذات خاضعة سلبية بل فاقدة لكل قدرة على تحويل موازين القوى لمصلحتها.
ان امتلاك الساسة في العراق /المهيمنين لكل وسائل القهر والالزام ،الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية مما يشرع له الاعتمادعلى العنف المادي والمعنوي لحمل المهمش على قبول وضعيته تلك.
نحن ننظر الى الحراك الاجتماعي اليوم في العراق بوصفه ينتقل الفاعل الاجتماعي فيه من وضع الحرمان والجوع والتهميش والاقصاء الى وضع يسودهالعدالة الاجتماعية بمفهومها الحقيقي.
والدولة بعد كل هذه الاحتجاجات اتبع سياسات امنوية spolitique تهدف الى ترقيع اوضاع الفقر ومحاولة الحد منها حتى لا تتفاقم وتفضي الاوضاع الى الاسوء لتؤجل بذلك محاولة فاشلة منها (الانفجارات المجتمعية)
تتفاقم وتفضي الاوضاع الى الاسوء لتواصل بذلك محاولة منها لا اكثر (الانفجارات الاجتماعية)
لكن المجتمع المدني المتمثل بالشباب اللامنتمين في اغلبهم قد اوضح انه اقوى من الدولة وهو الذي يعطيها المشروعية ، والدولة هي معطى من معطياته ومنسق بين قواه ونشاطاته وحارس للعقد الاجتماعي لا اكثر ،هي ليست كما يريدها رجال الدين والعشائر ابوية /بطرياركية وهي ليست وصية على الشعب وليست بسلطة فوقية كما يراد لها، بل هي حارسة لمصالحه.
الشعب الذي خرج بالضد من التنافر الذي حصل في البلاد ، احياء من الصفيح ومساكن(الحواسم) التي لا تستجيب للمطلب الانساني ناهيك عن الاذواق الجمالية التي تسهم في ادامة وديمومة العطاء الانساني تقابلها عمارات ومولات (اسواق) باهضة وانماط حياة تقوم على استهلاك بذخي يرتبط بفئات محددة انخرطت في اقتصاد الرفاه واغلبها اثرى على حساب المال العام ، تتضارب مع مشاهد الفقر والبؤس المنتشرة في تخوم المدينة عبر السلوكيات اليومية ،ثقافة العنف مجسدة في الاستيلاء والاغتصاب وادمان المخدرات حتى باتت تلك الاحياء يعيش فيها ويعشش التطرف الديني والسياسي وحالة من التشرذم الاجتماعي والتهميش حولت مجتمع المدينة الى قطيع سلبي يستبطن العنف المادي والمعنوي المسلط عليه اصلا، حتى انطلقت الشرارة للانتفاضة من قبل الشباب المظلومين المحرومين الذين رأوا فيما يعانونه من الالام ونفضوا عن انفسهم كل هذه المساوئ حالمين بمستقبل امن لهم ولاولادهم وهكذا فرض المهمشون وجودهم وهم يصرخون بالحق ويصدحون به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عبد السلام العسال: حول طوفان الأقصى في تخليد ذكرى يوم الأرض


.. Britain & Arabs - To Your Left: Palestine | الاستعمار الكلاس




.. الفصائل الفلسطينية تسيطر على طائرة مسيرة إسرائيلية بخان يونس


.. مسيرة في نيويورك لدعم غزة والشرطة الأمريكية تعتقل المتظاهرين




.. قلق أوروبي من تزايد النفوذ الروسي داخل أحزاب اليمين المتطرف