الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاقتصاد الريعي... وتأثيره على البيئة الاجتماعية

زيد شبيب

2020 / 3 / 20
الصناعة والزراعة


ان من المشاكل الرئيسية التي تعصف بالبلد وعملت على تدهور التشكيلة الاجتماعية, وبالتالي تدهور الشروط الاجتماعية بجوانبها العديدة, هي الطابع الريعي للاقتصاد العراقي ما بعد 2003, المتبلور نتيجة فشل الطبقة السياسية الحاكمة من فهم المخاطر المحدقة بالبنية الاقتصادية, وتأثيرها على الواقع الاجتماعي وارتباطها بمستقبل العراق الداخلي والخارجي.

ارتكزت السياسية المالية لدولة على العائدات المالية الناتجة من ايرادات بيع النفط بشكل اساس, حيث وصلت درجة الاعتماد على النفط بالموازنات 90% كما يذكر, مع اهمال متعمد للأشكال الاقتصادية الاخرة المتمثلة بالزراعة (وانحسار الارض المزروعة من 25 مليون دونم الى 12 مليون دونم للمحاصيل الشتوية, ومليون وسبعمائة الف دونم للمحاصيل الصيفية) والصناعة (توقف 13428معمل منذ 2003 والى الان), بالإضافة الى الجانب السياحي, الايرادات الاستثمارية, المنافذ الحدودية, عدم تنفيذ التعرفة الجمركية, الضرائب المفروضة, وعمليات الجباية, الخ.

وعلى الرغم من الموازنات الانفجارية بين (2005-2014), الا ان غياب التخطيط الاستراتيجي عن ارادة الطبقة السياسية لأسباب داخلية وخارجية, بالرغم من تحذيرات الاصوات الوطنية بالمخاطر الاقتصادية المحدقة على المدى البعيد, نتيجة اعتماد اقتصاد العراق بالريع (احادي الجانب), المرتبط بتقلبات سوق الاقتصاد العالمي, وتأثير ازماته على سعر النفط, كما يحدث اليوم نتيجة انتشار فايروس كورونا, والصراع السعودي-الروسي.

ان الاسباب الداخلية منها: (تفشي الفساد المالي والاداري بمفاصل الدولة كافة- اللجان الاقتصادية للأحزاب-الاستثمار في مشاريع وهمية واخرى متوقفة-استثمارات غير مجدية-غياب التخطيط الاستراتيجي-غياب الارادة السياسية-السلاح المنفلت-زيادة الانفاق التشغيلي على حساب الاستثماري).

ان تفشي الفساد وسوء التخطيط من العوامل الاساسية على هدر المال وعدم استثمار عائدات الريع النفطي. حيث من اولوية الاحزاب الحاكمة, ومن يرتبط فيها هي النهب والاستحواذ على حساب مصالح الشعب, وانعكس هذا في تكدس طغمة مالية سائبة بيد اقلية على حساب افقار الشعب.

وعمدت على تعطيل الادعاء العام, وتحويل هيئات النزاهة الى هيئات تتأثر بالمال السياسي والبعد الحزبي نتيجة بنية النظام المبني على اساس المحاصصة مع قضاء غير قوي يخضع لإرادة الطبقة السياسية الحاكمة.

اللجان الاقتصادية للأحزاب لعبت دوراً سلبيا وفعال في سرقة الموازنات على مدى اعوام, ودخلت الاموال المنهوبة الى غرف تبيض الاموال مثل انشاء المولات وشركات الاستهلاك, ونتج عن ذلك زيادة الطابع الاستهلاكي, بالإضافة الى المصارف الاهلية التابعة لجهات سياسة لضمان حرية حركة الاموال مع ضعف الرقابة والمحاسبة. وكانت تعمل تلك القوى على شرعنه السرقات عن طريق الاستثمار في مشاريع وعقود وهميه واخرى بيعت بين مجموعة مقاولين يرتبطون بتلك الطبقة السياسية بمصالح سياسية-اقتصادية. وحسب وزارة التخطيط ان 6000 مشروع غير موجود على ارض الواقع تمت سرقة امواله.

ان لهذه الاقتصاديات مستشارين يدرسون جيدا اين تقع المصلحة الحزبية حيث تنعكس تلك المصلحة على التخطيط بالاستثمارات والعقود غير المجدية التي توفر فائدة مالية حزبية كبيرة وبأسرع وقت على حساب مشاريع اخرى ملحة.

وكان للغياب المتعمد او ضعف التخطيط الاستراتيجي في توزيع موارد الدولة, لبناء خطط انية للوصول الى خطط التنمية المستدامة, تلبي حاجات الحاضر ولا تؤثر على الاجيال القادمة, واحد من الاسباب في تحول الاقتصاد العراقي الى اقتصاد احادي الجانب يعتمد على النفط كمورد رئيسي, بينما في دول اخرى يكون النفط في جانب الاعتماد الثانوي. وحسب وزارة التخطيط ان 30% من المواطنين تحت خط الفقر, بواقع 5--$-- كدخل يومي. و 8 مليون عاطل عن العمل, و250 الف خريج سنوي, لا يستعطون الدخول في سوق العمل.

ان نظام مثل العراق, قائم على المحاصصة الحزبية والأثنية, مع اعتماده على النفط في بناء اقتصاده, اعطى الامكانية لتلك الاحزاب الحاكمة المتحكمة في عائدات الريع ان تكون في مكان المتسلط على معيشة المواطن. وتوضح الفشل بشكل بيّن بسياسة بناء الموازنة لعام 2020, حيث بنيت على عجز يقدر ب50 مليار دولار, وكان هذا الحساب على اساس سعر برميل النفط 53--$--. ومع ازمة اليوم من الواضح جدا حجم الخلل الفكري في بناء الموازنات بعد وصول سعر البرميل ال25--$-- تقريبا.

ان غياب الارادة السياسية وتأثيرها واقترانها بالمصالح الحزبية الضيقة وارتباطها وارتهان سياساتها الى دول جوار واخرى اقليمية, سبب في تدمير الاقتصاد العراقي الصناعي والزراعي, وما آلت اليه تلك السياسات من تفجر الازمات, منعكسه من بنية نظام المحاصصة وفشلة في ادارة الدولة.

وان غياب الجانب الامني الذي يوفر بيئة مناسبة لتحريك رؤوس الاموال الداخلية وجذب رؤوس الاموال الخارجية, بما يضمن المصالح الوطنية, سببا عمدت الطبقة السياسية على ادامته للحفاظ على مكتسباتها الداخلية والخارجية عن طريق تشكيل مليشيات تستقوي على القوى الامنية التي عملت على اضعافها وتقوية ميليشياتها لتحقيق اكبر قدر من الاستقرار لحماية اعمالها الغير القانونية, وبالتالي هروب الرأس المال الوطني, مما اعطاها هيمنة اكبر على المجتمع.

اثقال الموازنة واظهار طابع الانفاق التشغيلي اكثر من الجانب الاستثماري جاء من اجل, الحصول على مكتسبات حزبية بالانتخابات, عن طريق تحويل تلك السيطرة للدولة العميقة على الريع النفطي وتحويلها الى إعانات متمثلة بالتعينات وبالتالي إثقال كاهل الدولة, او اغراء الشباب لدخول في تشكيلات ميليشاويه تابعه للأحزاب, بدل من استثمار تلك الاموال والطاقات البشرية في جانبي الزراعة والصناعة. وبالتالي اصبحت البطالة المقنعة جانب واضح في تشكيل بنية الدولة المؤسساتي, عدد كثير من الموظفين دون حاجة, بالإضافة الى كثرة المليشيات.

ومن الاسباب الخارجية هي, ارتهان الاحزاب لدول جارة واخرى اقليمية تعكس مصالح تلك الدول بتدمير قدرة العراق الصناعية والزراعية, وسياسة ارتباط العراق باقتصاد السوق وانعكاسها بعدم سيطرة الدولة على الاستيراد البضائعي على حساب الناتج المحلي, "فتح الاسواق العراقية امام تدفق السلع الاجنبية دون تنظيم وبشكل منفلت".

ومع كل هذه المشكلات, اصبحت الحكومة امام ازمة مالية حقيقية, بسبب صرف مئات المليارات من الدولارات من الريع النفطي دون نتائج حقيقية ملموسة تنعكس على الواقع الصناعي والزراعي, بسبب سرقة تلك الاموال, حيث التجأت الى المديونية وتأثير سياسة الدين الخارجي, حيث خضعت لسياسة صندوق النقد والبنك الدوليين. مع هذا ما زالت الطبقة السياسية تهيمن وتسرق الريع النفطي وتوظفه لمصالحها الحزبية !, غير مكترثة للازمة الاقتصادية, وتشبثها بمصالحها الحزبية رغم الازمة المحدقة بالاقتصاد العراقي مع وصول سعر برميل النفط هذه الايام 25--$-- ومن المحتمل وصوله لنصف هذا السعر. مع اهمال مستمر للجوانب الاقتصادية الاخرى لدولة مثل العراق تتمتع بخيرات مادية منقطعة النظير.

الحلول للخروج من هذا الطابع:
1- توفير الامن, وحصر السلاح خارج اطار الدولة, لتوفير بيئة امنه.
2- استرجاع الاموال المنهوبة ومحاسبة سارقيها من كبار المسؤولين.
3- الغاء جميع امتيازات الرئاسات الثلاث, والهيئات المستقلة بشكل كبير جدا, مع وضع ضوابط للمخالفين.
4- ضبط الحدود, ومنع سيطرة المافيات عليها.
5- تفعيل قانون التعرف الجمركية, ومنع سيطرة المافيات عليها.
6- تطبيق قانون حماية المنتج و المستهلك.
7- مكافحة عمليات غسيل الاموال, وانتقال الاموال الغير مشروعة.
8- مراجعة سياسة النقدية للبنك المركزي لتحقيق الاستقرار النقدي.
9- وضع خطة تنموية لتوظيف العوائد النفطية لأغراض الاستثمار بالقطاع الصناعي والزراعي.
10- فتح صندوق استراتيجي, يتغذى بنسبة من الريع النفطي.
11- استثمار عائدات قطاع السياحة, وتوظيفها في تطوير هذا القطاع.
12- تأهيل المعامل والاعتماد على منتوجاتها والدفع نحو تطويرها تقنيا وتطوير كوادرها.
13- مراجعة قوانين الزراعة, والعمل على تطوير الريف, والدفع بالاعتماد على منتوجاته, وحماية المنتج الوطني وتقنين الاستيراد.
14- تطوير السياحة, والعمل على الانفتاح بكل جوانبها.
15- اعتماد هيكلة السياسة الضريبية والاعتماد على الضريبة التصاعدية, مع مراعاة ذوي الدخل المحدود.
16- رفض الخصخصة بشكل مطلق.
17- الاسراع في اصدار قوانين النفط والغاز.
18- تحريك رأس المال الوطني, وخلق بيئة مناسبة لرؤوس الاموال الخارجية, بما لا يضر بالمصلحة الوطنية.
19- الاهتمام بالصناعات البتروكيمياوية والتكريرية .
20- اعادة تأهيل وهيكلة شركة النفط الوطنية, لتتولى الادارة والأشراف على عمليات الاستكشاف والتطوير في حقول النفط.
21- محاربة تهريب النفط.
22- مراجعة آليات جولات التراخيص وعقودها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل ينهي الرد المنسوب لإسرائيل في إيران خطر المواجهة الشاملة؟


.. ما الرسائل التي أرادت إسرائيل توجيهها من خلال هجومها على إير




.. بين -الصبر الإستراتيجي- و-الردع المباشر-.. هل ترد إيران على


.. دائرة التصعيد تتسع.. ضربة إسرائيلية داخل إيران -رداً على الر




.. مراسل الجزيرة: الشرطة الفرنسية تفرض طوقا أمنيا في محيط القنص