الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- ووهان - تنهض وتفضح أنانية الرأسمالية

رضي السماك

2020 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


تتمتع مدينة " ووهان " الصينية عاصمة إقليم هوباي والتي كانت حتى الأمس القريب بؤرة انتشار فيروس كورونا وغدت اليوم ايطاليا ، تتمتع بموقع استراتيجي فريد من نوعه باعتبارها نقطة التقاء محورين كبيرين ، ألا هما نهر يانغستي الذي يُعد أطول نهر في آسيا الذي يشقها من الغرب إلى الشرق ، والمحور الشمالي ( بكين - هونج كونج ) . لذا فهي محطة ملاحية مهمة مع اوروبا والشرق الأوسط والولايات المتحدة ، وبها قنصليات لدول مهمة كفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة . ويُعرف عن أهلها البأس والقوة فهي المدينة التي شهدث تاريخياً سقوط آخر امبراطور مفترض في الصين ، ألا هو الطفل بوبي ، إثر تمرد ثكنة المدينة العسكرية عام 1911 . وفي عام 1957 تم تشييد أول كوبري حديث على النهر خلال عهد الزعيم وقائد الثورة الشيوعية الراحل ماوتسي تونج . ومع أن إسم المدينة الصينية يرتبط بشهرتها الصناعية العالمية إلا أن ڤيروس كورونا أو كوفيد 19 الذي ضربها منذ أواخر العام الماضي 2019 جعل شهرة ارتباط إسمها بهذا الوباء تطغي على شهرتها الصناعية الأصلية ، لكن هاهي المدينة التي يكاد يجمع العالم ، تحت تأثير البروباغندا الإعلامية الغربية ، على لعنها وتشويه سمعتها الحضارية تأخذ طريقها نحو التعافي بفضل جهود قيادتها السياسية وشعبها في مكافحة الفيروس ، وقد شاهدنا مؤخراً زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ بلا كمامة كدلالة على تشافيها من الوباء ، كما أعلنت بكين دخولها اليوم الثالث بلا تسجيل أي إصابا جديدة ، فيما أخذ هذا الوحش الجرثومي يتنقل بين بقاع عديدة من العالم حاصداً المزيد من المصابين والأرواح الجُدد بلا تمييز بين أقوى الدول وأضعفها ، بين أفقر الطبقات وأغناها ؛ وفيما تحاربه الامم والدول المتقدمة بوسائلها العلمية لتحد من انتشاره والقضاء عليه تزايد وتستهر بقوته فيروسات الجهل في عالمنا العربي على أيدي قطاع كبير من المعممين من خلال وصفاتهم الجاهزة في الشعوذة الدينية والسخرية من تعاليم الوقاية الطبية ، وهذه بطبيعة الحال فيروسات لا تقل فتكاً بمجتمعاتنا من كورونا .
لكن وفي المقابل هل كانت دول العالم الرأسمالية المتقدمة ، وعلى رأسها الولايات المتحدة ، تجهل أن " ووهان " يمكنها تصدير الوباء إلى سائر أنحاء قريتنا الكونية بأسرها منذ لحظة ظهوره ؟ كيف نصدق بأن الدول الغربية الكبرى تبدو الآن فقط أشبه بالمباغتة بهجوم الفيروس يجتاح مدنها التي باتت مهجورة الشوارع والمقاهي والمطاعم والاسواق ؟ وأين كانت طوال الثلاثة شهور ونيف استعداداتها الاحترازية المفترضة لمواجهة الفيروس قبل وصوله إلى عقر دارها ؟ كيف يمكننا التصديق بأنها بوغتت به وهي التي لا يرتبط العديد منها بمصالح اقتصادية بووهان فحسب ، بل وتملك من التقدم العلمي والتكنولوجي ما يمكنها التنبؤ الدقيق بغيب الزلازل وشتى الكوارث الطبيعية والمناخية القريبة ؟ دع عنك تنبؤاتها الدقيقة بتقلبات اسعار النفط والبورصة والذهب والعملات في العالم ، ناهيك عما تملكه من أجهزة استخبارات بشرية وآلية كبرى عريقة ومتطورة ، فما من دابة على الأرض إلا وترصدها . فكيف كانت غير قادرة على رصد وضبط جداول الرحلات الجوية والبحرية والبرية المقررة سلفاً من وإليها في سوح القرية الكونية ببحارها وفضائها وبرها ؟ كيف يمكن فهم الآن فقط تهافت مختبرات شركاتها الدوائية على التنافس المحموم للوصول إلى قصب السباق للظفر باللقاح الأنجع بعد أن وصل الشر داراها ؟ فهذا إن دل على شئ فإنما يدل على وقوفها موقف المتفرج على المدينة المنكوبة طوال احتدام أزمتها الوبائية الصحية بدلاً من أن تبادر على الفور إلى تقديم كل ما يمكنها من أشكال دعم ومساعدات إنسانية وعلمية - طبية كما تقتضيه المباديء والأعراف الدولية في أوقات المحن والكوارث الطبيعية الذي تمر بها أي دولة من دول الأسرة الدولية بغض النظر عن أنظمتها الاجتماعية المختلفة .
أليست المدينة التي لُعنت وتدفع الآن تلك الدول الغربية ثمن شماتة تفرجها عليها في أوج محنتها هي المدينة ذاتها التي صنفها مركز " ميلكن انستيوت " في المرتبة التاسعة الأفضل اداءً بين المدن الصينية ؟ بدءاًً من صناعات الكومبيوترات والطب الحيوي وليس انتهاءً بالقطارات السريعة وصناعة السيارات ( 500 شركة لتجهيزات السيارات وقطع غيار لشركات يابانية وفرنسية ) . كيف لمدينة هي واحدة من أكبر القلاع الصناعية في الصين والعالم ، وارتبط إسمها بهذا التطور والتقدم المعروفين ، يتخلى العالم عنها وينظر إليها نظرة دونية وكأنها خارج التاريخ والحضارة الإنسانية المعاصرة ؟ وكيف سمح المجتمع الدولي أن يُعامل أفراد الشعب الصيني خارج وطنه معاملةً أشبه بالعنصرية ؟ كم كان دامياً للقلب ما عبّر عنه المدرب الأسباني خوسيه غونزاليس لفريق نادي " ووهان " الرياضي ببلاغة نادرة عند مغادرته وفريقه الأراضي الأسبانية عائداً للمدينة المتشافية : بأن الناس عاملوه وفريقه في أسبانيا كفيروسات تمشي على قدمين ! مؤلم أن يغدو التقدم التكنولوجي والعلمي الذي أضحت عليه البشرية والذي وحّد العالم في قرية كونية واحدة صغيرة مشتركة أن تكون هذه القرية اليوم أشد تفرقاً مما كان عليه بالأمس قبل تشكلها ، وما ذلك إلا لأن البشرية لما تتخلص من جراثيم الرأسمالية التي تكاثرت وتعاظمت شرورها بعد بلوغها طور العولمة واحتكار حصاد الثورة العلمية والتكنولوجية لصالح القلة المهيمنة على دولها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. من هي نعمت شفيق؟ ولماذا اتهمت بتأجيج الأوضاع في الجامعات الأ


.. لماذا تحارب الدول التطبيق الأكثر فرفشة وشبابًا؟ | ببساطة مع




.. سهرات ومعارض ثقافية.. المدينة القديمة في طرابلس الليبية تعود


.. لبنان وإسرائيل.. نقطة اللاعودة؟ | #الظهيرة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف بنى تحتية لحزب الله جنوبي لبنا