الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خارج عن النص – في عشق اللغة

عيسى بن ضيف الله حداد

2020 / 3 / 24
الادب والفن


بمحض من الصدفة – ظهر الأمر متعلقاً بموقفي من لغتي العربية ..- ولعله حدث ولأول مرة، تجري قراءات في اللغة العربية في كنيسة فرنسية.؟
اعترف بكوني لست متدينا، ولا متمسكا بتقاليد منبتي في قريتي – بيد أنني احترم الدين كتاريخ وفعل في عقل البشر وتطويرهم نحو إنسانيتهم، والإسلام لي ولنا هو من بلوّر ثقافتنا وأسس لنا لغتنا واحتوى في نصوصه مسيحيتنا القديمة والتراث الذي سبقها، وصهر أجزاء ثقافات منطقتنا في وحدة جدلية حضارية، كان لها دورها في تطور تاريخ وحضارة البشرية.
في ظل من ذلك، عنوان مقاربتي – قراءات عربية في كنيسة فرنسية..
في شهر تموز من عام 2005، وأمام مهام التحضير لحفل احتفال زواج لأبني – مازن، وقد أرادا هو وقرينته إقامة احتفال فولكلوري كنسي، بُعيد مراسيم الزواج المدني الرسمي في مقر البلدية، الشأن المعمول به في فرنسا...
طلب الكاهن منهما- كالمعتاد في تلك البلاد- أن يحددا مقاطع من القراءات الإنجيلية، بالإضافة لغيرها وهي: مقطع من العهد الجديد، ومقطع من العهد القديم، بالإضافة لمقطع أدبي شعري أو نثري منتخب من خارج النصوص الدينية (على سبيل المثال مقتطف من النبي، لجبران خليل جبران أو غيره).
ولمّا كنت في عرفهما، متبحراً في هذه المادة، توجها إلي (مازن وعروسه).. – بعد برهة من التفكير رأيت، اختيار مقطع من العهد الجديد يحمل عنوان عرس قانا، تلك التي أظهر فيها المعلم (يسوع) معجزة تحويل الماء إلى خمر..؟ - مع مقطع من العهد القديم يتمثل بمقطوعة منتقاة من نشيد الإنشاد، لكونها وفق المنظور الوضعي، تمثل أناشيد مفعمة بعبق الحب والأعراس..
حالما أقدمت، بدا لي أن شأن الاختيار كان من السهولة بمكان، أمام نصوص العهد الجديد، ففيه الكثير مما يصلح في هذا السبيل.. وما كان دافع اختياري لمقطوعة عرس قانا، سوى استجابة لأحاسيس رمزية مكثفة تستدعيها تلك اللحظة الاستثنائية..
في المقابل، كان الشأن على اختلاف كلي، حين توجهت ببصيرتي لنصوص العهد القديم، من حيث كون هذه النصوص غمرت ذاتها، بسرد قبلي ومنظور عصبوي.. وحتى نصوص أناشيد الإنشاد لم تكن متحررة في كثير من مقاطعها من هذه الرؤية.. مما دفعني للبحث مليّا لانتقاء مقطوعات متفرقة تنأى بذاتها عن " بنات أورشليم " " وعن " مشاهد الحب الحسي، شبه الجنسي "..-
الجدير بالبيان، أن النص المنتخب من العهد الجديد تلقى قراءته على كاهل الكاهن، في حين أن قراءة نص العهد القديم ملقاة على عاتقي والدي العروسين، كما تتم قراءة النص الأدبي المنتقى، من قبل العروسين...
كان الوفاق، أن أقرأ النص باللغة العربية، مقابل قراءة والد العروسة باللغة الفرنسية، في حين يقرأ ابني النص الأدبي من النبي لجبران، باللغة العربية وعروسه تقرأه باللغة الفرنسية..
في نهاية المطاف عبّر الكاهن الكاثوليكي عن حصافة اختياري، من حيث كون هذه المقاطع المختارة تمثل إحدى النصوص المعتمدة كنسياً في قراءاتها في مثل هذه المناسبات.. بمعنى ثمة مقطوعات أخرى من نصوص العهد القديم، لم تدخل في معادلة الموافقة على القراءة..- لمَ إذن ؟
ثمة مشكلة إذن، في جوهر خطابها !!.
في غمرة الاستمتاع مع هذه الحكاية أضيف: لقد قيض لي كعربي وعلماني، أن أترنم بقراءة مقطوعة شعرية بلغتي العربية، كحدث فريد أو لأول مرة في كنيسة فرنسية، نصفها الأول مقتطف معدل من نشيد الإنشاد ونصفها الثاني أتى من فلذات شعري بذاتي..
في ظلها أصغى الجمع في الكنيسة الفرنسية لولدي في ألحان الوجدان لمقطوعة مختارة من نبي جبران خليل جبران (إن جاءتكم المحبة فأطيعوها).
على وقع من ذلك، كان تجاوب الحضور رائعاً.. لما في اللغة العربية من موسيقى، بالرغم من جهلهم للغة العربية.. وهكذا كان..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | بصوته الرائع.. الفنان الفلسطيني معن رباع يبدع


.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر




.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته


.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع




.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202