الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علم ومهارة اتخاذ القرار السليم ..الطب..

مسَلم الكساسبة

2020 / 3 / 26
الطب , والعلوم


الطب هو الحكمة.. والتي هي علم اتخاذ القرار السليم في معاضل ومشكلات الحياة والمجتمعات..

ثم اطلِقت الكلمة على علم النظر بمشاكل الناس الصحية لما يحتاجه من دقة وحصافة في اتخاذ القرارات الصحية .. ووصف المشتغلون بهذا العلم بانهم حكماء وأطباء .

فالطب من الفعل الثلاثي طبَّ بمعنى حذِقَ وبمعنى رقّ أيضا...وهي من الرفق والكياسة في النظر بالأمور.

ويسمى الطب حكمة..وينادى الطبيب حكيما احيانا .. لما يحتاجه النظر في علل الناس وادوائهم من مهارات تشبه مهارات الحكماء الذي ينظرون في شؤون الحياة والمجتمعات ..

وتعني الحكمة فيما تعنيه النظر العميق في الامور ليس في ذاتها (فقط) بل وفي اختلاطاتها وتداخلاتها وعلاقاتها ببعضها وتاثير كل منها على الاخر .. ومحاذير ذلك التأثير و/او ايجابياته على الأمر المنظور به والمترفق له.. ومن ثم محاذير واثار اي قرار او اجراء يتخذ لمعالجة الامر وايجابياته ..وهو ما يتصف به الحكيم اصلا..اقصد حكيم الحياة لا الدواء.

بالمثل فالطبيب الذي يستحق ان يوصف بالحكمة .. اي انه في نظره بعلل الأجساد يشبه حكيم الحياة في نظره بعلل المجتمعات وادواء الحياة . فلا ينظر لها كحالة نمطية مصنفة مسبقا ولها علاجها المعروف والمقرر كما تعلّم في الكتب ..بل وينظر لها ايصا في خصوصياتها وكما لو انها مرض جديد تماما و عليه النظر بالتالي في سياقها مما سبقها وما يليها او ينشأ عنها في الجسد .. في التشخيص كما في العلاج ..

مضافا له خصوصية المريض ذاته كمريض فريد وحالة فريدة رغم نمطيتها كحالة معروفة نمطيا تشخيصا وعلاجا.. سوا من عمر وامراض اخرى وسيرة مرضية وتحمل ومناعة واحتمالية نشوء ذات الاعراض عن اسباب مختلفة والاثار الجانبية للعلاج … .الخ.

ماذا يعني هذا ؟

اي ما ذا يعني ان الطبيب يحتاج ان يكون حاذقا .. ورفيقا.. اي (حكيما ) .. بمعنى ما المهارات التي يحتاج ان يُلم بها بمهنته ويتوجب عليه امتلاكها كي يحقق معنى الكلمة التي يحملها كلقب او مهنة له .. وليكون حكيما أي حاذقا ورفيقا؟؟

فعدا عن مهارات الحكمة الاجتماعية .. حكمة التصرف واستيعاب المريض واحتوائه للحصول منه على تفويض عن قناعة ورضى بالتصرف لحل مشكلته الصحية ..

فهناك ايضا مهارات حكمة النظر في المشكلة الطبية ذاتها ، وتتعلق بامتلاك مهارات تفكير مختلفة تتعلق باسلوب ابتكاري لحل المشكلات باسلوب حاذق رقيق وبنظرة اكثر شمولية وعمق واحاطة .. لا تبدا وتنتهي من عند المشكلة ذاتها كمشكلة نمطية موصوفة مسبقا في الكتب..

بمعنى أنه لا يكفي ان يعرف تشخيص المرض ويعرف دواءه المناسب كتصنيفات عامةوجاهزة ومسبقة ومحفوظة لديه في الكتب فقط .. لكن يجب ان ينظر ويعرف الاختلاطات والتأثيرات الاخرى .. سواء منها المسببة والمنتجة للمرض او الناتجة عنه . وكذا بخصوص العلاج ذاته بدوره واختلاطاته ايضا. . من مثل ما إذا كانت تلك الاغراض ناشئة عن اسباب غير الاسباب النمطية المعروفة مسبقا لديه في الكتب التي قرأها او الحالات التي مرت عليه .. ومن مثل فيما إذا كان لدى المريض موانع من العلاج النمطي .. ومن مثل احتمالية ان يكون المرض ناشي عن مرض آخر او انه تأثير جانبي لعلاج اخر ...الخ ..
وبمعنى .. ان كل مريض هو حالة اخرى فريدة ومختلفة حتى لنفس الاعراض او المرض .. لذلك مش كل طبيب حكيم إذا لم يمتلك تلك المهارات .

فنظر الطبيب في المرض ينبغي أن يكون كنظر الحكيم في شؤون الناس والحياة .. يتسم بالعمق والإحاطة والنطر في الجوانب المختلفة والتداعيات المحتملة للقرار لطبي الذي يتخذه .. سواء ما تعلق بالأسبات او بالنتائج والتداعيات.. وسواء فيما تعلق بالتشخيص ذاته او العلاج فيما بعد.

كذلك قلنا الحكمة بمعنى كياسة التصرف وبعد النظر في الامور .. وهي المهارة التي يشترك بها الطبيب مع الحكيم لذا اطلق على المشتغل بالطب بانه حكيم . . في حين ان الحكيم بالاساس هو صاحب التجربة العميقة في الحياة والقادر على ايجازها وتلخيصها في عبارة مكثفة بليغة.

لكن لان الطبيب يحتاج لمهارات وقدرات بمهنته تشبه تلك التي لدى الحكيم المتبحر في الحياة من الصبر وبعد النظر والتؤدة والرفق في النظر بالأمور ومعرفة اثار اي قرار يتخذه سمي ووصف بالحكيم.

وكما ان الحكيم يتخذ قراراته بترو وبعد نظر وإعمال فكر .. ويظر في كل الاثار المحتملة لاي قرار يتخذه .. ويملك نفسه وقواه لكي يتمكن من اتخاذ القرار الصحيح ولكي يرى لمسافة اعمق وابعد .. وكذلك يتصف بانه يتحكم بانفعالاته ويشكم النفس من الجموح والشطط ليقدر على الررؤية الشفافة النافذة ..
كذلك يفترض بالطبيب ليكون جديرا بلقب حكيم ..كونه يتعاطى مع الناس وهم مرضى .. اي فى اسوء حالاتهم الجسدية والنفسية .. مثلما هو الحكيم يتعاطى مع صعاب الحياة ومشاكلها .. فعليه ان يملك مهارة الحكمة النفسية ايضا غير الحكمة العلاجية .. اي رياضة ضبط والتحكم بالانفعالات .. ليكون مقنعا لمرضاه بحكمته لينال تفويضهم وثقتهم وتعاونهم معه بقوة الحكمة لا بقوة او سلطة كونه طبيبا معالجا فقط.. وليتمكن ان يمضي رسالته في حل مشكلاتهم الصحية وعلاجهم منها .. تماما كما ان الحكيم يستوعبهم ويحتويهم ليفوضوه بحل مشكلاتهم الحياتية بحكمته ودرايته ولطفه..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة: ما حقيقة المقابر الجماعية في مجمع ناصر الطبي؟ | بي


.. حديث السوشال | مشاهدة مذهلة لأعماق الكون .. ناسا تنشر لقطات




.. ممرض يشكو سوء الوضع الطبي في شمال غزة


.. اتفاق تشاوري حول المياه الجوفية بين الجزاي?ر وتونس وليبيا




.. غزة: انتشال 332 شهيدا من المقبرة الجماعية فى مجمع ناصر الطبى