الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة كورونا و الشائعات

عبد الرحمن علي غنيم
كاتب وباحث

(Abdulrahman Ali Ghunaim)

2020 / 3 / 27
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


يعود استعمال مصطلح الأزمة إلى الطب الإغريقي القديم، وكان يقصد بها نقطة تحول في الأمراض الخطيرة والقاتلة والتي تؤدي عادة إلى الموت المحقق أو إلى الشفاء التام للمريض، ونستشف من هذا المعنى أن الأزمة هي عبارة عن حالة مرضية خطيرة تعرف شكلاً من التدهور الذي يفترض تدخلاً سريعاً لدرء وإيقاف تداعياتها الخطيرة.(1)

وباعتقادي المتواضع أن الأزمة: هي عبارة عن حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار الذي قد يطال كافة النشاطات البشرية المرتبطة بالاقتصاد والسياسة والإدارة والزراعة والصناعة والتجارة والأمن............، وقد ينتج عنها تعطل كافة هذه النشاطات وعجزها نتيجة الشلل الذي أصابها سواء كانت على الصعيد الوطني أو الدولي.

أما الشائعة: فهي خبر غير صحيح وغير رسمي من مصدر غير موثوق، يتم تداولها بهدف إحداث البلبلة وإثارة الرعب وبث الخوف في نفوس الأفراد في المجتمع.

وفي ظل تعدد أنواع الشائعات سأكتفي بذكر شائعة الخوف وهي محور الحديث في الوقت الراهن، ويقصد بها : الشائعة التي تنتشر في وقت قلق وخوف المجتمع من قضية معينة؛ حيث يعتقد المروجون للشائعة أن الأفراد لديهم استعداد لتقبل وتصديق أي شيء يسمعونه نتيجة للخوف الذي يعيشونه.

حيث تؤثر الشائعات على المجتمع بأسره، ويرجع ذلك التأثير إلى عدم الدراية والمعرفة الكافية بسلبيات نشر الشائعات والتعاطي معها، بالإضافة إلى عدم القدرة على التعامل مع الشائعات من خلال تحجيمها وإيقافها عند حد معين وعدم السماح لها بالانتشار والوصول إلى أكبر عدد من الأفراد.
ومن خلال متابعتي للأحداث في الوقت الراهن ومع ما يواجهه العالم من أزمة انتشار فيروس كورونا الذي أوقف عجلة العمل والتقدم في مختلف دول العالم المتقدمة منها والنامية، نظراً لما يتمخض عنه من آثار سلبية أدت إلى إرهاق الدول من الناحية البشرية والمادية.

وللتصدي لهذه المخاطر ينبغي وضع آلية للتصدي للشائعات التي تظهر على السطح لتزيد من حدة الأزمة وتعرقل تطبيق سياسات التصدي لها، فالأفراد الذين لا يدركون مخاطر هذه الشائعات في ظل الأزمة العالمية قد يسهمون في خلق حالة من الخوف والهلع لدى عامة الناس، مما يترتب عليه إثارة البلبلة والقلق في النفس وعدم استقرارها نتيجة الخوف.

الأمر الذي يستدعي ضرورة بقاء التواصل ما بين أفراد المجتمع و الجهات المختصة وعلى رأسها وزير الصحة ووزير الإعلام و الإعلام الأمني لتزويدهم بالمعلومات الصحيحة أولاً بأول وعدم حاجتهم إلى سماع الشائعات والمساهمة في نشرها، ( وبعبارة أخرى استسقاء المعلومة من مصدرها الرسمي وعدم الأخذ بأي معلومة مغلوطة أو مشبوهة).

فالأزمة بحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة ( أي عامل الوقت) في محاصرة الأزمة وكيفية التعامل معها مع الأخذ بكافة الاحتياطات اللازمة للتعامل معها كلٌ حسب إمكانياته، بالإضافة إلى كيفية احتواء الأزمة مع العوامل التي تساعد في الحد من انتشارها ( من خلال تحديد حجمها ومعرفة مصادرها)، كما أنها بحاجة إلى حكمة وفن بالتعامل معها ( أي الصرامة في اتخاذ القرار)، ويكون ذلك من خلال إعداد مختصين مؤهلين ومدربين ذو خبرة في التعامل مع الأزمات وكيفية إدارتها ( فلنترك إدارة الأزمات للمختصين لتولي هذه المهمة).

وإن كان دور الإعلام هو الرئيس في الحد من هذه الشائعات عن طريق نشر المعلومات التي يتلقاها من المصادر الرسمية، وذلك من خلال خروج جهة رسمية عبر وسائل الإعلام والتحدث حول ما يتم تداوله وتناقله من قبل الأفراد وتعريفهم بخطورة هذه الشائعات على الأمن والاستقرار الداخلي للبلاد والتوضيح لهم بالعقوبة المترتبة على بث الشائعات وأن كل من يساعد في الترويج لها يعرض نفسه للمساءلة القانونية والعقوبة المقررة التي تصل إلى الغرامة أو الحبس.

فعلى سبيل المثال: في ظل هذه الأزمة أدت الشائعات إلى زيادة تفشي المرض بسبب الخوف الذي يصيب المريض أو المرضى من الإساءة لهم أو التشهير بسمعتهم، الأمر الذي جعل المصابون يمتنعون عن الذهاب إلى المراكز المخصصة للكشف عن ما إذا كانوا مصابين بفيروس كورونا أم لا، علماً بأن هذا الفيروس يشكل خطراً على حياة الأفراد، لذلك فهو يحتاج إلى جدية وصرامة في التعامل معه وعدم التعرض للمصابين بالأذى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وضرورة الالتزام بالتعليمات والقرارات التي تتخذها الحكومات بالتعامل مع الفيروس للمساعدة في حصره وعدم انتشاره حفاظاً على سلامة الأفراد وأمن الوطن.

( ونقصد هنا عامل الوقت) فكلما سارع المريض إلى التوجه إلى أحد المراكز المخصصة للعلاج، كنا في صدد منع أو الحد من انتشار الفيروس بين عوام الناس عن طريق العدوى، وتحديداً عندما يسمع أو يشاهد عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام أن شخصاً مصاب بهذا المرض كان مخالطاً له.

لتفادي الشائعات في وقت الأزمات يجب إتباع ما يلي:

1- الحصول على الخبر من مصادره الرسمية.
2- التمييز بين الخبر الصحيح وبين الشائعة، حيث أن الشائعة تتسم بالتهويل والتضخيم.
3- الإبلاغ الفوري بمجرد سماع الشائعات للجهات المختصة، وذلك لتمكينهم التعرف على مروجي الشائعات.
4- تكذيب الشائعات من قبل الجهات المختصة.
5- تحديد نطاق انتشار الشائعات والسعي لمعرفة مصادر الأشخاص التي تقف ورائها.
6- التعامل مع الشائعة بأقصى سرعة ممكنة، وذلك للقضاء على الأزمة وعدم استفحالها.

خلاصة القول: من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة

• يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6). (سورة الحجرات).

• إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (19). (سورة النور).

• وقد حذر الشارع أشد التحذير من نقل الشخص لكل ما يسمعه فعن حفص بن عاصم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع ) رواه مسلم في المقدمة 6 صحيح الجامع 4482 .


مرجع رقم(1):
• د. إدريس لكريني، إدارة الأزمات في عالم متغير: المفهوم والمقومات والوسائل والتحديات، ط1، المركز العلمي للدراسات السياسية، عمان، 2010، ص12.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة