الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القلب الخفي لعدوى الكوفيد

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2020 / 3 / 29
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


باولو جيوردانو Paolo Giordano روائي إيطالي من الجيل الجديد، ولد في تورينو عام 1982، درس الفيزياء النظرية والرياضيات، اكتسب سمعة عالمية بعد نشر كتابه الأول، وحدة الأرقام الأولية La solitudine dei numeri primi سنة ٢٠٠٨ ، الذي بيع منه أكثر من 3 ملايين نسخة حول العالم. ثم ندين له برواية الجسم البشري Il corpo umano سنة ٢٠١٣ و إلتهام السماء Divorare il cielo ثم الأسود والفضي Il nero e l argento.
بين 29 فبراير و 6 مارس ، قبل دخول إيطاليا إلى مرحلة الاحتواء الكلي نتيجة جائحة الكورونا، نشر باولو جيوردانو كتابا صغيرا بعنوان العدوى. هذا المنشور- المقال هو امتداد لمقال نشره يوم 25 فبراير في صحيفة كورييري ديلا سيرا Corriere della Sera اليومية في ميلانو، حيث يشرح باستخدام الرياضيات والإحصائيات مبكانيكية إنتشار هذا الفيروس المدمر، ولماذا يجب أن يظل الناس معزولين لكسر سلسلة العدوى. هذا النص تم قراءته من قبل 3.5 مليون قاريء على موقع الصحيفة الإلكتروني، مما أعطاه "الدافع الضروري" لتطوير هذا المقال ونشره في كتاب يمزج فيه بين الرياضيات والإيكولوجيا والمعلومات الضرورية المتعلقة بالكوفيد ١٩، ويقول جيوردانو "إن هذا الكتاب الصغير ، إلى حد ما ، هو النهاية المفاجئة للأعمال التي بدأت ، منذ زمن بعيد ، بالنسبة لي." علما بانه قرر أن يتبرع بجزء من حقوق الطبع والنشر الخاصة به لإدارة الطوارئ الصحية والبحث العلمي في إيطاليا.
فيروس الكورونا، أو الفيروس التاجي يعتبر من أبسط أشكال الحياة المعروفة لدينا، اكتشف لأول مرة في مدينة ووهان، وسط الصين، في شهر ديسمبر 2019. ويُعتقد أنه نشأ لدى الحيوانات البرية، وانتقل إلى البشر من خلال الاختلاط بالحيوانات المصابة أثناء عمليات تجارة الحيوانات البرية في الأسواق الرطبة. ثم انتشر الفيروس إلى المقاطعات الصينية الأخرى في أوائل ومنتصف شهر يناير عام 2020 بسبب أعياد السنة الصينية الجديدة. يتشابه هذا مع فيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (SARS-CoV). الفيروس لا يهمه بطبيعة الحال الوضع الإجتماعي لموضوعه، ولا يهمه لون الإنسان أو جنسه أو سنه أو جنسيته أو لغته، إنه من أكثر المخلوقات ديموقراطية وعدالة. ويقول باولو جيوردانو بأن الفيروس يقسم الناس إلى فئات ثلاثة : المعرضين للعدوى، المصابين بالعدوى، ثم المحميين من العدوى، سواء لأن الفيروس قضى عليهم أو لأنهم نجوا من الموت وتحصلوا على نوع من المناعة ولم يعد الفيروس يستطيع أي شيء ضدهم. ففي نهاية شهر مارس ٢٠٢٠، أي بعد ثلاثة أشهر من النشاط الفيروسي المكثف، هناك ما يقارب الـ ٧٠٠ ألف حالة معروفة في العالم من المصابين بالكوفيد ١٩ - هذا فيما يتعلق بفئة المصابين، وما يقارب ٢٠٠ ألف فيما يتعلق بالفئة الثالثة بين الموتى ٣٠ ألف، والذين تمكنوا من الشفاء من المرض وعددهم يقارب الـ١٥٠ ألف. غير أن الذي يهمنا في الدرجة الأولى هي الفئة الأولى، أي المعرضين للعدوى والذين يصل تعدادهم إلى ما يقارب الـسبعة مليار إنسان، أي كل سكان الكرة الأرضية.
تخيلوا بأننا سبعة مليار كرة زجاجية - مثل التي يلعب بها الأطفال ـ من الفئة الأولى أي القابلين للتعرض للتلوث، وها هي كرة زجاجية ملوثة تأتي وتصطدم بكل قوة بنا، هذه الكرة سنسميها المريض الصفر، ولها إمكانية الإصطدام بكرتين قبل أن تتوقف. وهاتين الكرتين نتيجة لصدمة الكرة الأولى ستتحركان بدورهما لتصطدم كل منهما بكرتين أخريين، وهكذا حتى نهاية السبعة مليارات كرة. في البداية تنتشر العدوى حسب ما يسمى في الرياضيات بالدالة الأسية fonction exponentielle - exponential -function-، غير أن سرعة الإنتشار تعتمد على رقم يسميه باولو جيوردانو بـ "القلب الخفي" لكل جائحة ويسميه بـ °R "آر زيرو"، وكل مرض له رقمه الخاص به، وهو عدد التكاثر الأساسي (العدد المتوسط للأشخاص الذين قد يعديهم كل شخص مصاب)، وفي مثال الكريات الزجاجية، هذا الرقم يساوي ٢، لأن كل كرة يمكن أن تعدي كرتين. غير أن هذا الرقم لا يحدد درجة خطورة المرض وإنما سرعة العدوى، فمرض الجدري مثلا له سرعة إنتشار تقدر بـحوالي ١٥، بينما الإنفلونزا الإسبانية بـ ٢,١ وهذا لم يمنع هذه الأخيرة من قتل نصف سكان أوروبا بين سنة ١٩١٨ و ١٩٢٠، أما بالنسبة لكوفيد ١٩ فإن سرعة تفشيه تساوي ٢,٥. الشيء المهم إذا في هذه المعادلة هي الوصول إلى أن يكون هذا الرقم أقل وأصغر من ١، أما إذا كان أكبر من ١ ولو بكسر صغير جدا فإن ذلك يعني بداية الوباء. غير أن الخبر المهم الذي يركز عليه باولو جيوردانو فهو أن هذا الرقم ليس ثابتا ويمكنه أن ينقص أو يزيد، وذلك لا يعتمد على قانون طبيعي أو أو شيء من هذا النوع وإنما يعتمد علينا نحن كمواطنين نعيش في مجتمع بشري، ويعتمد على قدرتنا لكسر سلسلة العدوى وجعل هذا الرقم يتراجع حتى يختفي الفيروس نهائيا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحكمة العليا تنظر في حصانة ترامب الرئاسية في مواجهة التهم


.. مطالب دولية لإسرائيل بتقديم توضيحات بشأن المقابر الجماعية ال




.. تصعيد كبير ونوعي في العمليات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل|


.. الولايات المتحدة تدعو إسرائيل لتقديم معلومات بشأن المقابر ال




.. صحيفة الإندبندنت: تحذيرات من استخدام إسرائيل للرصيف العائم س