الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من اوراق الأمس - على طريق العرقوب

عيسى بن ضيف الله حداد

2020 / 3 / 31
الادب والفن


(خارج قوس)
من أوراق الأمس
كنا نكتب بلغة الحلم والأخيلة..
(يوم في الجنوب اللبناني - عندما كان لبنان لبنانياً )
يعود هذا النص لعام لأواخر 1969 - كنت طالبا في الجامعة - أيامنا الغضة. - كنا نكتب بمنطق الحلم ونستعمل لغته..
لوحة واقعية، تعبر عن لغة ذلك الزمن، فكراً ولغةً، وحلماً سائداً.. ينطوي على أهمية تاريخية، من حيث كونه يعكس فكر تلك المرحلة، ورؤيتها في واقعها ووقائعها والمعطيات المحيطة بها.. (مستمد من جيل الثورة – 1969)

على طريق العرقوب
بإجراءات بسيطة تلفت الانتباه، بدأت رحلتنا.. تناول كلٍ من الرفاق الخمسة ورقة صغيرة عليها أسمه الحركي.. قابلنا أسماءنا الجديدة بفرح طفولي..
كانت الشمس قد رسمت لوحة الشرق، أشعتها الشاحبة تغمر المدينة الكبيرة..- مع المسيرة السريعة التي بدأها السائق الشاب، في سيارة قادرة على عبور دروب الجبال.
بدأت رياح التغيير تهب على ساحاتنا الشعورية.. الصمت المتأمل شكّل أحلى الملامح التي سيطرت على مجتمعنا الصغير داخل السيارة، وهي تنهب الأرض وتصعد الطرق الملتوية الترابية الوعرة..
نظراتنا تمتد بعيداً على جانبي الطريق، لتفحص
معالم الأرض التي كثيراً ما كنا ننسى دفئها، ووجودها العميق في دواخلنا.. تلك التي نذكرها فقط – حين يحلو لنا الحديث، لمجرد الحديث، عن الثورة والاشتراكية والعودة والجماهير والفلاحين والعمال والكفاح المسلح الثوري..
الأرض تمتد أمامنا بكل تموجاتها وخصبها، وثرائها، وتترآى أمام عيوننا الصامتة الشاخصة..
كأنما نرى هذه الأرض ولأول مرة.. كأننا قد عقدنا مع هذه الأرض التي نسير عليها بسرعة، حديثاً، عميقاً، دافئاً..
اكتشفنا عن كثب، ماذا يعني احتلال الأرض، وما يعني الانتماء لها وللوطن، وللثورة..
عرفنا زيف المدينة وتعقيداتها الفكرية والحضارية، وحتى تلك التي يمكن أن نطبعها بالطابع الثوري.. لمسنا كيف تكون الثورة، صافية، بسيطة، عميقة، صادقة. من امتدادات هذه الأرض الجميلة، ومن أخاديدها العميقة.. ومن خطوات فلاح شاب أسمر على صخورها.. ومن ابتسامة طفل يرمق الفدائي بسعادة. يرى فيه الأمل، والفجر، والثورة..
على بعد يسير من المدينة الكبيرة الراقدة في حضن الغوطة المخضرة.. كان عالم جديد يتشكّل.
هناك على سفوح الجبال وفي الوديان التي تمتد بعيداً، بعيداً.. لتصل عميقاً إلى أرض الوطن المحتل، ولتصلها بالشمال والشرق غير المحتل..
في هذا العالم الجديد بدأت ملامح الحرب الشعبية تخط بداياتها الأولى، على وجه الأرض وعلى السفوح الجبلية، وانحداراتها.. وفي قرى المنطقة المطلة على الأرض المحتلة..
ظهر الوجود الفدائي واضح المعالم، فالخيام تحرس الطرق الجبلية المتفرعة... الطعنات الخلفية ممكنة في أية لحظة.. العلامات ما زالت قائمة من حفر الألغام التي أزيلت، إلى الصخور الكبيرة التي ألقيت لتمنع المرور.. وإلى أحاديث المعارك التي ما زالت حية، تعيش في أذهان الفلاحين وسهراتهم في الريف الجبلي..
في هذا العالم الجديد، لم يكن ثمة أهمية لمسألة الحدود.. الفدائي لا يعرف الحدود.. وليس لها من وجود في حسه الشعوري والواقع المرئي..
في هذا العالم الجديد.. كانت جماهير الفلاحين على طول الطريق الجبلي، وقبله في الريف السهلي البعيد.. تعيش العلاقة الثورية مع الحرب الشعبية.. فلقد غدت جزءاً هاماً من كيانها و وجودها وحياتها وآمالها، وغدها المشرق..

يمتد الطريق الذي سلكناه عبر الجبال، بعد اجتياز
الامتداد السهلي الواسع القادم من الشرق الذي يتلاشى عند قدم السفوح..
الجبال شاهقة الارتفاع، يتخللها وديان عميقة، تكسوها أشجار متكاثفة حينا ومتباعدة حيناً آخر، تفرقها صخور ضخمة عملاقة..
بدت لنا هذه اللوحة الجبلية الجبارة، و كأنها تتمركز حول القمة الثلجية، تلك التي لها في أعماقنا معنى خاصاً..( يتمثل في جبل الشيخ.)..
الطريق يسير ملتوياً، حلزونياً عبر الجبال، مجتازاً قرى كبيرة وصغيرة.. يقطنها فلاحون فرحون للمرور الفدائي..
هناك على عتبة الجنوب وعلى حدود الأرض، في وقفة على جبل صغير، ومن بين الصخور، وبين جذوع الأشجار الكثيفة، وعبر الضباب، بدت لنا الأرض المحتلة..
في أعين حزينة رأينا امتداد السهل الجميل، ومصائد السمك.. وفي القرب منها إلى الشرق، تمتد الأرض التي ذهبت بعد الحرب الأخيرة لترتفع في علو حزين.. ( هضبة الجولان)
هو ذا أحزن من الحزن، شدنا إلى الأرض، إلى التأمل، إلى الوقوف بجمود..
على مقربة منا فدائيون، في عيونهم إصرار ثوري عميق.. كانوا يتكلمون ببساطة دونما تعقيد، يتحركون.. وينامون.. ويتحدثون.. ويبتسمون ببساطة.. مسكنهم صخرة على كتف جبل. أو في ظل شجرة. أو في كهف أو تحت إنشاءات بسيطة بدائية.. في عيونهم نلمح حزن الأرض.. نرى في وجوههم التراب الأحمر.. وفي أيديهم القوية نلمس عنف الثورة وصلابتها.. في كلماتهم نحس صدق الجماهير وعفويتها، وعمقها..

مع فتى فدائي
كان عميق الملامح، عيناه الصغيرتان تتحركان بسرعة.. كلماته الأولى توحي كونه عميق الثقافة الثورية، بيد أنه قد تبسط في حديثه، ونزع عنه الغلالات الثقافية المعقدة – تلك التي دأبنا نغلف فيها أحاديثنا السياسية اليومية - عزونا ذلك إلى التفاعل العميق مع الأرض والجماهير والثورة..
على صخور صغيرة مصقولة، جلسنا ننصت إليه باهتمام كلي: " منذ عام قدمنا من خلف القمة الثلجية، على الأقدام.. خلسة في الليل وتحت الثلج. رحلتنا الأولى كانت قاسية، ولكنها ممتعة، فلأول مرة أحسسنا عمق الثورة.. مكثنا جانب القرية عدة أيام، نرقب المنطقة.. رأينا فيها للوهلة الأولى أرضاً مناسبة لحرب العصابات الثورية.. لم تكن لدينا الصورة الكاملة لهذا الواقع- وما كان لدينا منذ البدء سوى معلومات جغرافية مبسطة.. "
" من خلال التماس الأول مع أهل القرية، ظهر الترحيب الفلاحي حاراً.. رائعاً.. قدموا لنا كل عون.."
" في البداية، كنا نتجنب أن تعلم السلطة بوجودنا.. فهي من خلال تكوينها الطبقي والسياسي هي عدوة لنا... نحن بغنى عن الصدام معها، ولنا أن ننأى عنه بأقصى ما نستطيع.."
يجلس الفتى وراء طاولة عادية عليها بعض الأوراق، وكتب تتحدث عن الحروب الشعبية والكفاح المسلح الثوري.. كان ينظر بين الفينة والفينة نحو الجنوب والغرب، ليشير لنا إلى المناطق التي يتحدث لنا عنها...
" أنظروا أيها الرفاق، نحو الجنوب القريب، لتدركوا مدى أهمية وجودنا.. وأهمية المستقبل الثوري لحربنا الشعبية من هذه المنطقة.. هناك وعلى مقربة منا يقع الرأس للمحتل بقواه البشرية والحربية.. تتضافر عوامل مناخية واقتصادية وجغرافية في تثبيت تلك الأهمية.. يعيش الكثير من العرب في تلك المنطقة من الجليل..-"
"بصدق وثورية أقول لكم أيها الرفاق.. إننا لم نوجه بعد للعدو ضربات موجعة.. ما زلنا في المراحل الأولى من حربنا الثورية.. نحن في مرحلة التعرف على الأرض.. وتثبت الأقدام الأولى.. وتمتين العلاقة الثورية مع الجماهير.."
" غدا الوجود الأول لنا راسخاً عميقاً في بطن الأرض وعمق الجماهير. ومشهد الأحداث الماضية والقريبة، أكدت هذه الحقيقة.. "
" والآن أيها الرفاق دعوا الأرض تحدثنا والواقع والجماهير.. إنها وحدها التي ترسم الحديث الصادق.. منها وحدها نتلمس الحقيقة.. ودعكم حينها من أحاديثنا وتحليلاتنا، لأنها قد تكون ذاتية.."
قادنا الفتى للتجول عبر التخوم المحيطة بنا.. صعدنا على الجبال التي استطعنا.. شاهدنا آثار المعركة.. ولمسنا العلاقة الثورية مع الجماهير القروية.. رأينا المقاتلين الثوريين ببساطتهم.. وصدقهم.. ورأينا مقاتلات ثوريات..
كانت لوحة ثورية رائعة.. لا نستطيع رسمها ببساطة.. كان من شأنها هيمنة معالمها والحسية الشعورية، على أعماقنا الخفية..

مع قائد احدي القواعد:
سألناه عن الصدام مع السلطة – قال لنا " اجتاز العمل الفدائي هذا الامتحان بصلابة. جاء الصدام مع السلطة، منذ اللحظة الأولى للحضور الفدائي، اتخذ أشكالاً عديدة مختلفة - من خلال أجهزة القمع المتعددة وركائزها في المنطقة - مارست سياسات الضغط والإرهاب على الطلائع الفدائية الأولى، بغية خنقها والتخلص منها، لتنعم باستقرارها السياسي الاستغلالي الخياني الفاضح..
كان واضحاً لنا منذ البداية، أن السلطة بأجهزتها وركائزها تخشى من الوجود الفدائي، فهي بحكم تكوينها الطبقي والسياسي، تفرض عليها عدداً من الالتزامات التي تتهرب منها، فضلاً عن خشيتها في قيام تفاعل يومي بين فروع المقاومة الثورية المسلحة والجماهير الشعبية في المنطقة.
انتظرت السلطة، توافر شروط سياسية وعسكرية ومناخية ملائمة، بعد عمليات التمهيد والتخطيط مع كل القوى المضادة العالمية والعربية والمحلية.
فمع قدوم الشتاء، حيث الأمطار والثلوج، وبعد التحضير العسكري، أقدمت السلطة لتضرب ضربتها.. التي سقطت كلياً..
كان واضحاً منذ البدء، أن حركة المقاومة المسلحة تتحرك بين خطين من النار.. خط التحدي الأمامي مع سلطات الاحتلال، وخط التحدي الخلفي مع قوى السلطة الحاكمة بأجهزتها وعسكريتها.. ناهيكم عن ركائزها الاجتماعية والطبقية في المنطقة..
سقطت حسابات السلطة، أمام الصمود الفدائي الثوري الواعي، وأمام التلاحم الفدائي- الشعبي..
تشير الدلائل الأولية، على أن التحرك الثوري الموحد بين المقاومة والجماهير أمام تحوّل حاسم، يسير باتجاه تكوين الحركة الشعبية الكفاحية القادرة على تهديم النظام، وتقويض ركائزه الاجتماعية والاقتصادية.
سيلي ذلك امتدادات أوسع من الواقع القطري ليأخذ بعداً عربياً شاملاً، ليهدد الأنظمة التي لا تستطيع بحكم تكوينها، أن تتفاعل مع واقع المقاومة والكفاح المسلح الثوري.
كأن الصدام قد جاء ضرورياً ليجعل للمقاومة الثورية، جذوراً عميقة في باطن الأرض.. وعلى الامتداد الجماهيري العربي الواسع.. سقطت محاولات الاقتلاع.. وتحررت في القطر قطاعات شعبية هامة، من وصايا الزعامات الإقطاعية التقليدية والطائفية..
أظهر هذا الصدام، قصة الإرادة الشعبية المتحررة من الإسار التقليدي، وقصة التلاحم الثوري الشعبي الكفاحي، وحكى عن ملحمة الصمود والبطولة.. تلك التي جعلت النظام وقوى السلطة، بكل ما تملك من بربرية وعنف، تخاطب الوجود الفدائي بخوف وحذر.. "
كنا نجلس على صخرة كبيرة.. نرقب الغرب والجنوب.. تتدفق فينا أحاسيس حارة.. تحتل تدريجياً أركان الهزيمة الذاتية التي جرحتها هموم الحياة اليومية، وآثار التعقيدات الحضارية والسياسية.. ومع الرياح الباردة القادمة من الغرب، كان في أعماقنا، ينمو الإحساس الثوري الدافئ.. وتتلاشى فينا الزوايا الباردة..
قال أحد الفدائيين " كمثال حي- أيها الرفاق – يعطي الدليل على مدى التلاحم الشعبي الفدائي الكفاحي:
في مدينة صغيرة كنا عدد محدود من الفدائيين.. أرسلت لنا القيادة العامة أمراً لنا بالتوجه إلى الجبال، كي نقي جماهير المدينة من ما يمكن أن يتسبب لها من ضرر، من قبل إرهاب السلطة وعسكريتها البربرية..
حالما علم أهل المدينة بالأمر، تحلقوا حولنا بأعداد كبيرة.. وشكلوا سياجا ًشعبياً.. أعلن عن تعلقه النهائي بوجودنا.. وعن رفضه الحاد لخروجنا.. لقد منعنا هذا السياج الشعبي الثوري، من تنفيذ أوامر القيادة.. وأحبط محاولات السلطة،
لكثافته وصلابته وإصراره..
علق القائد.. وهو ينظر إلى الغرب..: " لقد انطلقنا من هذه المنطقة.. موجات إثر موجات، باتجاه الغرب.. كانوا يترقبون قدومنا، في الليل أو في الفجر.. كأنهم كانوا يحسون بحياة جديدة دافئة مع قدومنا..
إنها الأرض العطشى.. الجماهير تنتظر المطر، المتمثل في الطليعة الكفاحية المسلحة.. الريح الثورية تهب.. والسياج الثوري يتكوّن.. إننا لننعم بالدفء، المنبعث من الجماهير، فمن دفئها نستمد الحس العميق في الحياة والثورة.. إننا نشعر هنا، بأن لا شيء يستطيع اقتلاعنا من أرضنا الجماهيرية الثورية.. جذورنا أقوى من الاقتلاع.."
حول سؤال آخر، قال القائد السياسي للقاعدة..
وهو ينبش الأرض بعصاه الصغيرة الرفيعة..: " لم
تقف علاقاتنا بالجماهير في حدود الاستجابات العفوية.. بل غدت منظمة..
في ظلها تشكلت اللجان الشعبية في قرى الجنوب وفي كل المخيمات.. تقوم هذه اللجان بأدوار هامة.. تجلت في تقديم الدعم المادي ورفد المقاومة بأسباب الحياة والعناصر القتالية.. كما قد تشكلت المنظمات المساندة، وبعثت القوى السياسية التقدمية في المنطقة من رقادها..
لقد غدا النضال السياسي الموازي للقدوم الفدائي وتحركه واضح المعالم والتأثير والفعالية، تحولت معه المخيمات ومدن الجنوب وقراه إلى سياج جماهيري كامل يحتضن المقاومة..
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل غدت العلاقة الجماهيرية بحركة المقاومة منظمة ومشتركة.. من بينها علاقة مشتركة في العمل الزراعي.. حيث برز دور مساهمة قوى المقاومة فيه.. فضلاً عن التفاعل الحياتي اليومي والعون والمساعدة والأحاسيس المشتركة الواحدة..
غدونا نحس بفرح غامر، إزاء ملامح الحياة الثورية الجديدة التي تهب على الجنوب.."
حدثنا فدائي - ما زال فتياً – عن المعركة الأخيرة.. حيث عاش وقائعها لحظة إثر لحظة.. وصف لنا واقع الهجوم وشراسته.. وكيف قتل نائب القائد السياسي أمامه.. كنا نعجب لمدى البساطة التي يعرض بها مسار المعركة، لكأنها حلم صغير مر أمامه..
علق القائد: " كان العدوان الأخير على قواعدنا، استكمالاً لمحاولات الاقتلاع.. لكنها سقطت أيضاً، أمام صمودنا الكفاحي البطولي.. يا رفاق.. إننا أمام المرحلة الثانية، مرحلة الهجوم الثوري.. وبناء مجتمع الحرب الشعبية الثورية.. "
في جلسة الصخرة الكبيرة والتأملية، دارت في تلك الوقفة الفكرية مناقشات مشتركة ومتعددة.. قادتنا إلى تحليل مشترك.. انطلق من المعطيات الهامة التي أظهرتها الأحداث والمعركة الأخيرة..
تناولت معظم هذه الأحاديث، تقييم المدى الذي حققه العمل الفدائي الأولي- لهذه المنطقة - من تقدم سياسي ونضالي ملموس للواقع الجماهيري، يتجاوز إلى حد كبير التقدم البسيط الذي قدمته النضالات السياسية البحتة، الذي جرى بقيادة القوى السياسية التقدمية في القطر اللبناني.. وإذ كان ثمة نهوض شعبي لهذه القوى السياسية، يتجاوز رقادها التاريخي.. فإن ذلك يعود إلى التحرك الشعبي الذي خلقه الوجود الفدائي الكفاحي
الثوري..
وإن أرادت تلك القوى قيادة النضال الجماهيري.. فلا بد لها، أن تجري تبديلات أساسية في أساليبها وتركبيها..
تجلّى لنا كون هذا المنظور، لينطبق كلياً وعملياً على القوى السياسية العربية التقدمية التي تعيش أنماطاً متباينة من الرقاد النضالي التاريخي. .
في ظل ذاك المدى، عندما استهدفت السلطة السياسية في لبنان حركة المقاومة، فقد خلقت لنفسها اختلالاً عميقاً في معادلة التوازن الخادع الذي رسمته لنفسها، من خلال تضليلها التاريخي
للجماهير..
ينطبق الأمر بحذافيره على معظم الأنظمة العربية الرسمية، فيما إذا استمرت في سلوكها السياسي، المعادي السري والعلني لحركة المقاومة....
آخر ما تجلّى في رؤانا:.. بصدد ملامح الخلاف القائم بين قوى المقاومة، تجلّى لنا في البعض منه، هو ما تفرضه الظروف الموضوعية المحيطة بها.
بيد أن الكثير من أشكاله تغذيه وتكرسه أهواء الهوس الشخصي في بعده الذاتوي النامي لدى بعض من العناصر القيادية للأجنحة السياسية -
لهذه القوى..
على وقع هذه النظرة الأخيرة، ران صمت عميق على الجلسة الدائرية حول الصخرة الكبيرة..
كنا نتأمل الشقوق الصخرية العميقة، ونداعب أعشاب الأرض بأصابعنا الباردة..
ومن خلال الضباب وقطرات المطر، كانت نظراتنا تمتد بعيداً عبر الأفق، لنتخيل معالم العالم الجديد، ترسمه الحرب الشعبية الثورية الطويلة..
في أعماقنا تصاعدت رغبة ملحة للانصياع للمعاني البسيطة والعميقة لمجموع العرض التحليلي السياسي الثوري الذي أفصحت عنه جلسة الصخرة الكبيرة، على إحدى السفوح الجبلية المطلة على أرضنا المحتلة...

الشمس على عتبة الغروب، غمرت الأفق بباقتها
الوردية.. الصمت المتأمل يرافقنا.. إحساس جارف يراودنا، يذكرنا بكوننا، في حاجة عميقة إلى إجراء تبديلات فكرية وسلوكية، تدفعنا إلى تعميق مدى التزامنا الكفاحي بالقضية والأرض والثورة..
الليل يطل علينا، يرتفع القمر قبة السماء، يغمر الكون بنوره الفضي.. في أعماقنا ينساب صفاء ثوري.
نصل أخيراً إلى مدينتنا الكبيرة، الراقدة بكسلها، تحضنها غوطتها في عنفوانها الأبدي..
(دورية جيل الثورة،، ص 28 -37 )








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي


.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل




.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا