الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة أولية ـ/// ـ سيكولوجية الإنسان في زمن الفيروس كرونا ــ الجزء الثاني

فائق الربيعي

2020 / 3 / 31
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


تواصلا مع ما سبق في الجزء الأول عن التأثر والتأثير في أنماط السلوك الفردي للإنسان في زمن الفيروس كرونا , نستكمل هنا ونقول بأنّ طبيعة التغيرات الإجتماعي تحتاج الى وقت طويل حتى تظهر بشكل ملحوظ وواضح في بنّية المجتمع ولكنّ هذا لا يمنع أن نتلمس بعض إرتدادت ملامحها مما يدور ويثار من أسئلة وإشكالات بين أفرد المجتمع والتي تظهر تجلّياتها من خلال نافذة التواصل الإجتماعي وبالأخص في هذا الظرف الراهن عندما عمّ العجز وتلكأت بعض المؤسسات الإجتماعية والصحية في الحدِّ من إنتشارالوباء وإنعكس ذلك كلّه على شكل ضغوطات وتحديات أمام ضعف مقدرة الإنسان في ترتيب أولياته الدفاعية وعودته ثانية إلى حياته الطبيعية وتوازنه النفسي لذا نلاحظ التوتر والتأزم والتمرد عند بعض فئات وأفراد المجتمع التي لم تستطيع استيعاب المخاطر الوبائية والتي إعتبرت العزل والحجر تقيداً وحبساً لحريتها بـ ( أفعل ولا تفعل ) والذي تفجر وإنفرط في نقاشات إنفعالية سرعان ما تحولت إلى سيل من المهاترات والتراشق بالشتائم واصبح عند البعض إنغلاق على الذات وعند البعض الآخر إلى تمرد وعدم إلتزام بالنصائح والأوامر التي تصدر من المؤسسات المختصة , بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك في كسر قيود المنع والحجر وإستمروا بالتدافع نحو مقامات الأولياء والصالحين تحدّيا للإجراءات الصحية , في الوقت الذي بادرت ونادت أغلب المؤسسات والمرجعيات الدينية إلى أغلاق الجوامع والكنائس ودور العبادة الأخرى حذراً منها في عدم انتشار الوباء لمصلحة الجميع ,ولكنّ الطرف الذي أصر وتسابق للتدافع وما رافقه من استخذام العنف هو آفة المجتمع المتخلفة .وهذا السلوك والتصرف لم يأتي إعتباطا وإنـّما له خلفيات وتراكمات نفسية فالتمرد والعنف ينخران في بنـّية المجتمع على الرغم من مظاهر السكون والدعة والسلّمية الظاهرية , فمن خلال تحليل هذه الظاهرة التي شاهدنا بعض فصولها عند اصحاب هذا الإتجاه تمثل في التعطش المفرط في إظهار قوتها وإظهار سيطرتها لأنها تعتبر القوة السحر الذي يمنحها السيطرة والتفوق على الآخر, وهذا السلوك الإجتماعي ليس ببعيد عن ماضيها وتراثها ,ومن جانب آخر هناك فئات آخرى تتراوح مخاوفها بين الذهول والذعر وتتسائل في داخلها إلى أين نحن سائرون ....؟ بعد أنْ شاع عدم الطمأنينة والتوجّس والخيفة والإحساس بالخطر نتيجة عدم الدقّة في التشخيص المبكر لحامل الفيروس والذي لا تظهر عوارض المرض عليه إلا بعد إنقضاء فترة حضانة الفيروس والتي تستمر لمدة إسبوعين كاملين , وهذا الأمر سبب ردود فعل سلبية ومخاوف كارثية لدى البعض , مع تزايد الإحساس بالمخاطر كانت أيضا هناك إجراءات الحماية الوقائية التي إتخذت في أحد مظاهرها السلوك الإجتماعي الذي نسميه (الردع الذاتي ) والذي تجلّى في شعار (خلّيك بالبيت) وهنا بدأت تظهرعند بعض فئات المجتمع سلوكيات إجتماعية مبنّية على علاقات التعاطف والتراحم والمشاركة الوجدانية والإنسانية على كافة الأصعدة , وعلى أية حال هذا لا يعني مطلقا إنتهاء الأزمة وإنكفاء تداعيتها وإنّما هي محاولة إلى تجنب التوتر النفسي وعدم الإنكفاء على الذات .. .
وكما افضت هذه التحولات بمجموعها في أنماط السلوك الإجتماعي إلى تصورجديد يقول بإنهيار الأطر والأنماط ما قبل الكرونا والإنتقال إلى تصور وأنماط جديدة على الصعيد الإجتماعي والنفسي للإنسان , ومن هنا لا بد من الإشارة ولو بشكل سريع إلى نتيجة مفادها بأن ليس هناك من علاقة تكافؤ أو حوار بين اصحاب القرار والمجتمع وهذه حلقة مفقودة بين الطرفين وكذلك ليس هناك من تبادل للإلتقاء بين الطرفين ولا نقطة توازن للحفاظ على العلاقات المجتمعية .
وكما يبدو أن اصحاب القرار لا يريدون مواطنين وإنّما يريدون أتباعاً للسمع والطاعة فقط وهذا هو أحد الأسباب المهمة والرئيسية في زعزعة الإنتماء الى المجتمع وفقدان روابط الإنتماء والأخاء بين أفراده .
.
2020/03/31
مالمو / السويد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: حماس تمارس إبادة جماعية ورفضت جميع المقترحات المتعل


.. الدكتور مصطفى البرغوثي: ما حدث في غزة كشف عورة النظام العالم




.. الزعيم كيم يشرف على مناورة تحاكي -هجوماً نووياً مضاداً-


.. إيطاليا تعتزم توظيف عمال مهاجرين من كوت ديفوار وإثيوبيا ولبن




.. مشاهد جديدة وثقتها كاميرات المراقبة للحظة وقوع زلزال تايوان