الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في التسامح

محمد هالي

2020 / 4 / 1
الادب والفن


لتسامح مفهوم يندرج ضمن مبحث القيم، و عندما نريد ترتيبه و وضعه في سياقه الممارستي يبقى رهين بطبيعة الشخص الذي يجسده على ارضجججچ الواقع، و بهذا فهو يرتبط بالضمير و مدى جرأة الانسان على استخدامه في تنفيد أفعاله. يستوقفني هنا تصور ايمانويل كانط الذي عمل على إعطاء مبحث القيم ما يستحقه من الدراسة و التمحيص، يقال أن به اكتملت فلسفة الانوارالاوروبية،زفهو يرى أن الانسان لا يكتمل الا بفعل الاخلاق مندخلال تجسيد فعل العقل العملي ما يستحق من ممارسة ، فالانسان في مجال العقل النظري يبقي غير دي قيمة لا ينسلخ عن الحيوان تحركه الغريزة لا العقل رغم امتلاكه للعقل، فهو يبقى حبيس السلوكات الطبيعية المبتدلة، من هنا يتبين أن الاكتمال ينم في انخراط الانسان في مجال العقل العملي و لا يبقى حبيس العقل النظري، و قد خصص لمبحث القيم كتابا يعد من أضخم الكتب في هذا المجال بعنوان"نقد العقل المحض" لهذا ضمن هذا الكتاب اردف كانط في شرح كل المسائل المتعلقة بالقيم، و اعطى لمسألة الضمير المنحى الاكثر الاشياء التي تبرز ممارسة الانسان الفاضلة كمسألة الواجب و الحرية.. الخ لنعد لموضوعنا الرئيسي الا وهو التسامح، فهو كأي قيمة مرتبط بالإنسان باعتباره كائنا اخلاقيا بامتياز، و في هذا السياق نجد جون لوك هو الفيلسوف الذي وضع تحديدا دقيقا لنفهوم التسامح في رسائل نشرت بعد موته و يعتبر هذا الأخير من اهم فلاسفة الانوار الى جانب كانط و روسو و مونتسيكيو و غيرهم يحدد التسامح في رسائله على الشكل التالي "ليس لأي إنسان السلطة في أن يفرض على إنسان آخر ما يجب عليه أن يؤمن به أو أن يفعله لأجل نجاة روحه هو، لأن هذه المسألة شأن خاص و لا يعني أي إنسان" إن مضمون جون لوك يطول في تبيان اهمية التسامح و في تبجيله و مدحه الى درجة وصف الانسان الغير المتسامح بأنه إنسان شرير يمكن وصفه بخاصية الافتراس لدى الحيوان.
و بناء على تلك الفلسفات السابقة تم صياغة مجموعة من المبادئ التي صاغتها اليونيسكو في "اعلان المبادئ حول التسامح" الذي تم توقيعه في 16 نونبر 1995م . اذكر منها ما يلي"
التسامح هو الانسجام داخل الاختلاف، ليس التسامح فقط واجبا أخلاقيا، بل هو كذلك ضرورة سياسية و اخلاقية، التسامح هو فضيلة تجعل السلام ممكنا، و تساهم في احلال ثقافة السلم محل ثقافة الحرب"
بناء على هذه التحديدات يمكن التوقف على النقط التالية:
1 – أن التسامح ظهر في سياق الفلسفة السياسية التي سعت الطبقة البورجوازية التجارية بلورتها ضدا على الفكر الفيودالي الاستبدادي و عملت هذه الفلسفة في مجال جعل حرية الفرد في التصرف في كل معتقداته و تصرافته شريطة احترام الآخرين، و بالتالي كان بالضرورة التركيز على مبحث القيمو جعله ممارسة انسانية أساسية من اجل اكتمال الانسان و جعله يتميز عن الكائنات الطبيعية الأخرى، و في هذا السياق كانت الفلسفة الانوارية قاسية جدا في وصف الانسان بأبخس الشتائم لجعله يطبق القيم في أفعاله و التركيز على مفاهيم أساسية كالواجب و الحق و الحرية و حتى مسألة ااتسامح..
2 – في عالمنا العربي لم نؤسس لهذا المفهوم بل وقع خلط في مفاهيمنا، و اختلط الكذب بالنفاق، و الخير و الشر، مما اصبح التسامح ضعف في الانسان مما يزيد من تعميق الصراع و جعل المتسامح في موقع حرج لا يعرف كيف يتصرف ، تقتله طيبوبته و تجعله في المراتب الدنيا من التهميش، و يصبح الطاغي يتسم بالرجولة و الشهامة ، فيتحول التسامح الى اذلال و تهميش عوض ترجيح مسألة الضمير الأخلاقي الذي يحرك الانسان من اجل بناء سلام يخدم الطبيعة و الانسانية جمعاء.
3 - التسامح لا يمكن ان يتم الا في سياق خلق مواطن سليم في مجتمع سليم يؤمن بحرية الانسان و باحترام مبادئه وقيمه، و يعلندعلى ان الفرد كيفما كان ذكرا او انثى له نفس الحقوق و نفس الواجبات و أن خدمة الآخر و احترامه هو في نفس الوقت احترام للذات

-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا