الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل يكون الاسلام المسيحية الثانية ؟!.

صادق العلي

2020 / 4 / 1
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تنبيه :
اتحدث عن الاديان بوصفها امر واقع ولا اتحدث عنها بوصفها نازلة من السماء او صاعدة من مكان اخر .
_________________________________
كثيرون يتطلعون الى نهاية الحرب بين الاسلام من جهة وبين الحداثة او العلمانية وبدقة اكثر الاستراتيجية الامريكية لقيادة العالم الحر من جهة اخرى .
ايضاً يتطلعون الى حجم الاتهامات المتبادلة بين الطرفين والتي تستخدم كل ما يدور حولنا سواءاً من احداث طبيعية او مفبركة لاثبات صحة وجهة نظرهم وشيطنة الطرف الاخر .
وفق هذه الحرب او للمنظرين لها يجب وضع الاسلام ( الدين ) على خطى المسيحية التي تم ترويضها اوتدجينها وبالتالي تحولها من ديانة سماوية ( كما يعتقد بها معتنقيها ) تم تحويلها الى نظام اجتماعي مقبول من قبل جميع الاطرف ( الحكومات المسيحية والمواطن المسيحي ومؤسسات المجتمع المدني ايضاً مسيحية ), لذلك نجحت الى حد كبير نظرية العقد الاجتماعي1 في هذه الدول حتى الفقيرة منها لعدم وجود اي تعارض بينها وبين القرار السياسي كونه يمتلك جميع انواع وسائل الردع حتى اتجاه الدين ذاته لدرجة انه يمتلك حق تجنيد الدين لخدمته .
كما هو معروف واجهت المسيحية بفترات تاريخية متفاوتة العقل المتطلع الى قيم انسانية شاملة لا تتوفر فيها ( بحسب المناهضين لها ) , هذه المواجهة تحولت الى صراع دام ٍ ومنه الى الحروب المسيحية المسيحية التي سجلها التاريخ بأبشع واقذر صورة يمكن للمرء ان يطلع عليها .
كانت المسيحية ( الخاسر الذكي ) في صراعها مع العقل لانها لم تتوانا ان تسقط او تُغير بعضاً من تعاليمها لتكون نظاماً اجتماعياً مقبولاً للجميع كما اسلفت إذ يرعى كبار السن ويجعلهم يتقبلون فكرة الموت مثلاً كون الملائكة تنتظرهم لحظة خروج الروح من اجسادهم ووصولها للرب , بعد ذلك تأخذهم الملائكة للتمتع بالحياة الابدية مع الرب يسوع المسيح طبعاً اذا كان الرب ويسوع من شيء واحد او اذا كانوا عن شيء واحد ... يجب ان يميز القارئ بين ( من ) وبين ( عن ) !.
تتشابه المسيحية والاسلام في الثيولوجياً والاسكاتولوجيا2 هذا صحيح الى حد كبير ولكن هناك الكثير من الظروف المختلفة فيما بينهما اهمها ( الزمكان ) , ايضاً وجود الثورة التكنولوجية الهائلة وما لعبته من دور مهم في نقل المعلومة ناهيك عن الحروب التي افرزت هجرات جماعية كبيرة عملت على نشر ملامح الدين ( الاسلام ) في دول العالم , فلا الشرق الاوسط يشابه اوربا ولا احوال القرن العشرين و الواحد والعشرين هي ذات الاحوال في القرون الوسطى , علينا ان نتذكر ايضاً حقيقة مهمة وهي ان الحروب والصراعات ترسخ التعاليم الدينية اكثر فأكثر وليس العكس , بمعنى ان الصراعات تعطي فرصة اكبر لتأويل النصوص المقدسة عند اصحابها , ايضاً تعطيهم الحق بأيجاد طرق ووسائل غير معتادة للدفاع عن دينهم واهم تلك الوسائل واكثرها انتشاراً هي التضحية بالنفس ... ما حدث في العراق سنة 2003م دليل اخرعلى ان القشرة الحضارة اضعف بكثير من ان تصمد بوجه الاديان .
قد يكون هذا هو المطلوب اقصد الحروب الاسلامية الاسلامية الحديثة3, فقد تزايدت وتيرتها بوجود الثورة التكنولوجية ايضاً خلقت من الانسان المسلم البسيط كاتباً وصحفياً ومحامياً عن دينه وبالتالي له الحق بأيجاد الطريقة التي تناسبه بالدفاع عن دينه , ما جعل الطرف الاخر ( العالم الحر )4 يعيد حساباته بعد كل جولة كما اسلفت في أحتلال العراق وما نتج عنه من انبثاق ميليشيات دينية احرجت الجيش الامريكي اكثر من مرة هذه الميليشيات يمكن ان تُشكل مذاهب وطوائف اسلامية جديدة واقرب مثال لدينا هو الديانة السيخية التي هي نتاج ( هندوسي اسلامي ) في بقعة اخرى من هذا العالم .

المسيحية من فلسطين الى اوربا ومنها الى كل انحاء العالم :
من اكبر الانعطافات في تاريخ الديانة المسيحية هو اعلانها الديانة الرسمية لاوربا واعلان الامبراطور نفسه الكاهن الاعظم 5, شخصياً اعتبرها اهم الانعطافات لسبب مهم جداً وهو خروجها من ارض ( المقدسة والملعونة في آن معاً ) ارض الاديان الابراهيمية الى ارض لا تعرف التعاليم السماوية من قبل , انها الوثنية الاوربية التي دخلت بصراع طويل مع المسيحية وخسرت الصراع العلني معها ولكنها ربحت الصراع الخفي إذ كانت للمجتمعات الاوربية مواصفات خاصة جداً بالتحديد ما يخص النساء وغيرها من تقاليد واعراف الخاصة بها 6 .
اقول كلامي هذا لقناعتي الشخصية بتأثيرات التقاليد والاعراف الاجتماعية الاوربية على الديانة المسيحية واعادة تصديرها الى العالم على انها جزء من ديانة المسيحية التي هي ديانة التسامح والتعايش وهذا محض هراء , على الرغم من وجود تعاليم انسانية اطلقها المسيح في موعظة الجبل7 مثلاً , ومع ذلك نجد في المسيحية ابشع السلوكيات الانسانية على مر التاريخ قام بها المسيحيين سواءاً فيما بينهم في حروبهم او مع الاديان الاخرى 8, ناهيك عن التأويلات العديدة للكتاب المقدس التي خلقت حالة من لاعداء الخفي والذي يظهر بين الحين والاخر, الاهم من كل ذلك هو وجود اكثر من مرجعية ( مكانية ) للمسيحية وما لها من تأثيرسلبي فيما لو وضعنا مقارنة بينها ( المسيحية ) وبين الاديان الاخرى .

الاسلام من مكة الى العالم رجوعاً الى مكة :
على عكس المسيحية حافظ الدين الاسلامي على اهم ملامحه وهي البقاء في ذات البقعة التي انطلق منها بالرغم من انتشاره في بقاع كبيرة وكثيرة من العالم ( الاحتلالات والسبي الاسلامي ) وتأسيسه لدول استمرت قرون طويلة كما حدث في اسبانيا وجنوب غرب ووسط اسيا ومع ذلك كانت المرجعية هي ذاتها التي انطلق منها وهي الجزيرة العربية وبالتحديدة مكة .
صحيح ان المذاهب والفرق الاسلامية مارست العنف بأبشع صوره مثل المذاهب المسيحية سواءاً فيما بينها او مع الاخر المختلف الا انها احتفظت مكة كمركز الاسلام من جهة ومن جهة اخرى انها جندت كل ما انتجه الغرب ( علوم واسلحة وثورة معلوماتية وتعاملات مالية ) والاهم من كل ذلك استخدم الاسلام بطريقة ذكية القانون العالم لحقوق الانسان الذي يعطي الحق للانسان بممارسة دينه في الاماكن الخاصة به وهذا ما جعل دور العبادة الاسلامية ( المساجد والجوامع ) تمتد من اقصى شرق الكرة الارضية الى اقصى الغرب إذ تؤكد بعض الاحصائيات بأنه توجد دور عبادة اسلامية واحدة في اغلب دول العالم ... وهذا ما جعل بعض الجماعات المناهضة للاسلام في تلك الدول الى التنبه للاعداد الكثيرة من مواطنيها الذين يلتحقون بالجماعات الاسلامية الارهابية او حتى لاعتناق الدين الاسلامي والانتقال للدول الاسلامية تقرباً من مراكزها الدينية .
نستنتج مما تقدم بأنه ليس من السهولة ان يكون الاسلام جزء من اي منظومة اجتماعية الا ويفرض اشتراطاته عليها وهناك الكثير من الامثلة على هذا الكلام سواءاً على مستوى المواطن البسيط الذي يقوم بقطع الطريق على المركبات لكي يقوم بالصلاة او حتى دخول الاسلام الى الكونجرس الامريكي عن طريق نائبة محجبة يمكن ان تطالب برفع الاذان .
الاسلام ( الدين ) لا يؤمن اساساً بالحضارة الغربية حتى ان فلسفة افلاطون وارسطو تُشكل منظومة عقلية فاسدة 9 وان المسلم ( المتشدد والمعتدل عللا حد سواء) على يقين بأن الغرب لا ينتج اي شيء صالح للانسانية الا والفساد يعشش بداخله اما المنتج الحضاري فهو مأخوذ من القرآن ولانهم فقد توصلوا الى ما هو اسلامي ولا فضل لهم في ذلك !.
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,هوامش
1-نظرية العقد الاجتماعي التي وضعها توماس هوبز وعدل عليها كل من جون لوك وجان جاك روسو .
2-الثيولوجيا هو علم الالهيات , الاسكاتولوجيا هو علم نهاية العالم .
3-كثيرون يتهمون العالم الحر بصناعة الارهاب الذي يضرب المجتمعات الاسلامية بعضها بالبعض الاخر وتقديمه كدين ارهاب .
4-مصطلح العالم الحر اطلق الرئيس الامريكي جورج بوش بعد هجمات 11سبتمبر كأعلان عن الحرب ضد الريديكالية الاسلامية .
5-في القرن الميلادي الرابع اعلن الامبراطور قسطنطين الكبير ان المسيحية هي الدين الرسمي للبلاد على المذهب الارثوذكسي وانه الكاهن الاعظم .
6- راجع رحلة احمد بن فضلان الى بلاد الغال .
7-موعطة الجبل في انجيل متى 5- 21:1 , تسمى موعظة السهل في انجيل لوقا 6- 49:20 .
8-تدمير مدينة القدس على رأس اهلها اليهود اكثر من مرة – الفتك بالمورسكيين في اسبانيا – الحروب الصليبية التي اطلقها البابا اوربان الثاني -وفي العصر الحديث اطلق الرئيس الامريكي تسمية الحروب الصليبية بعد احداث سبتمبر 2001 .
9-هذا ما كتبه ابو حامد الغزالي تجاه الفلاسفة المسلمين الذين تاثروا بالحضارة الاغريقية ... سيكون موضوع مقالي القادم .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. ا?لغاء الاحتفالات السنوية في كنيس الغريبة اليهودي بجز


.. اليهود الا?يرانيون في ا?سراي?يل.. بين الحنين والغضب




.. مزارع يتسلق سور المسجد ليتمايل مع المديح في احتفال مولد شبل


.. بين الحنين والغضب...اليهود الإيرانيون في إسرائيل يشعرون بالت




.. #shorts - Baqarah-53