الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا: ماذا سنفعل؟ هل انتهت الحلول!

محمود الصباغ
كاتب ومترجم

(Mahmoud Al Sabbagh)

2020 / 4 / 2
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


"-السكرتيرة: هل ما زلت تحس بالخوف؟
-دييغو: لا
-السكرتيرة: إذن فلست أملك شيئاً ضدك"*
يلخص هذه المقطع الصغير سبل " المقاومة" والتمرد على الخوف بإجابة مختصرة من دييغو – ومن قبله بسلوك الدكتور " ريو" والكاهن " تارو"**
بدى عالمنا " المُعَوْلَمْ" انفتاحاً وانكشافاً منذ ظهور كورونا وكأنه يعيش في قبضة الشيطان, وكلما زادت البيانات الإحصائية عن الوباء, كلما عظمت القبضة وصارت أشد قسوة وانضغاطاً, وكلما زاد عدد الضحايا, كلما اكتشفنا حدة شعورنا باللاجدوى ومقدار هشاشتنا إزاء " أمنا" الطبيعة التي طعنت كبريائنا " العلمي" حين اعتقدنا – مخطئين- إننا انفصلنا عنها منذ زمن. وتحيلنا المشاهد المتدفقة عبر شاشات أجهزتنا إلى عالم مقفر, معزول, ومدن تبدو بائسة وقاتمة, رعب حقيقي يتسلل إلى بيوتنا ليظهر مقدار عجزنا, لكنه في ذات الوقت يدفعنا لضرورة التفكير " الجماعي" من أجل ضمان نجاة من سوف يتبقى على هذا الكوكب لإعادة إنتاج الحياة.
للبعض- وهم كثر في الحقيقة و متنوعين , وكثرتهم وتنوعهم ليس عيباً على كل حال- رأي آخر هنا, إذ يعتقدون أن العالم ليس في قبضة الشيطان, بل هو في الواقع في كف الرحمن, كناية عن التدبير الإلهي لمصائرنا الأرضية, ولعل أبلغ ما قيل في هذا المجال ما صرح به رئيس الوزراء الإيطالي غوسيبي كونتي ( 19-3-2020):" لقد فقدنا السيطرة, الوباء قتلنا جسدياً وعقلياً, لم نعد نعي ماذا سنفعل, لقد انتهت جميع الحلول على وجه الأرض, الحل متروك للسماء"
وكانت الصحافية اللبنانية " ملاك عبد الله" قد نشرت مقالاً ملفتاً في هذا الخصوص نشرته في موقع 180 [يمكن العودة للمقال من الرابط التالي: https://180post.com/archives/9158] سأحاول إيجازه هنا بالتركيز على ما ورد فيه من معلومات دون الالتفات لاستنتاجات الكاتبة أو تأويلاتها, فهذا خارج مجال هذا المنشور.
تقول الكاتبة أنه في الخامس من آذار- مارس الحالي كتب الصحافي الصيني " ووفي يوWufei Yu " في نيويورك تايمز مقالاً بعنوان " هل فيروس كورونا هو انتقام البنجولPangolins"؟ استشهد فيه بما ورد في الكتب الصينية القديمة التي تحذر من أكل الحيوانات البرية, مثل البنجول والثعابين والخنزير, حيث يرى الكاتب أن ثمة احتمال أن يكون الوباء انتقل للإنسان عن طريق البنجول وهذا يعني أن انتشار الوباء ليس سوى انتقاماً " بنجولياً " رداً على عدم انصياع البشر لوصايا النصوص القديمة.
أما الدكتور محمد خليفة البدري- أستاذ مقرر أصول الفقه بجامعة الأزهر- فقد صرّح بأن البلاء " لا يحلُّ إلّا بذنب, ولا يُرفعُ إلّا بتوبة, وبالنظر إلى ما فعلته الصين مع المسلمين نجد الأمر عسيراً ألّا نفسره على هذا النحو" فـ "الصين دولة معادية للدين على وجه العموم ولا مانع إذن من أن يكون ذلك نزل بسبب ذنوبهم وعدائهم لله". ويبلغ الأمر بالدكتور أيمن أبو عمر-وكيل وزارة الأوقاف ومدير عام الفتوى وبحوث الدعوة في مصر- حدّ القول أن من مات بسبب فيروس كورونا فهو " شهيد". وفي ذات السياق نقلت وكالة تسنيم الإيرانية تصريحاً لرجل الدين الإيراني البارز علي رضا بناهيان يزعم فيه أن انتشار فيروس كورونا " مقدمة لظهور إمام آخر الزمان".[ داعياً الإيرانيين لنشر الفيروس للتعجيل بظهور المهدي المنتظر, وقال عن كورونا أنه نوع من الحرب البيولوجية ضد البشرية و تيار المقاومة], واعتبر الحاخام رون تشابا [ في شريط فيديو منشور على موقع يوتيوب]أن الوباء علامة على ظهور " المسيا" زاعماً ايضاً أن " جميع العلامات التي تحذر من مجيء المسيح أصبحت ظاهرة للعيان الآن ومتوفرة, ومن المأساة أن نظل غير مبالين [ لها].
ويرى رجل الدين اللبناني يوحنا خوند [ المعروف باسم " الأب الحبيس في وادي قاديشا والذي يبلغ من العمر 83 عاماً] أنه لولا كورونا لوقعت حرب عالمية محت البشرية جميعها " لأن أمريكا وإيران والصين كانوا مثل الديوك على بعضهم"***
وفي هذا الصدد- أي خلاص البشرية- ظهر شريط فيديو مسجل لأحد رجال الدين المسلمين يعترض فيه على التدابير المشدد لوضعية الأماكن المقدسة, وهو ما ردد المرجع الديني العراقي قاسم الطائي[ مرجع ديني من النجف و أحد مؤسسي التيار الصدري] الذي دعا إلى الإكثار من زيارة الأماكن الدينية و إقامة صلوات الجماعة و الجمعة على اعتبار أن الفيروس " لا يصيب المؤمنين"****. في حين استأجر الأب مجدي علاوي [ رجل دين لبناني تحول من الإسلام( المذهب الشيعي) إلى المسيحية ( الكاثوليكية) ] طائرة خاصة وحلّق بها فوق لبنان لمباركته و حمايته من الفيروس, وكانت الصحف اللبنانية قد نشرت في بداية شهر آذار- مارس الجاري خبر ظهور القديس شربل لامرأة يطلب منها أن " تأخذ تراباً من دير مار مارون في عنايا[ مزار القديس شربل في منطقة جبيل بمحافظة جبل لبنان] فتقوم بغليه في الماء و تصفيته ثم تنقله إلى مشفى رفيق الحريري في بيروت لمعالجة المصابين في الفيروس. وكان مذيع قناة الرحمة المصرية أسامة حجازي[ شقيق صفوت حجازي] قد أطل على جمهوره ليؤكد أن النقاب والوضوء يشكلان معاً علاجاً فعالاً لفيروس كورونا معتبراً أنه لولا الحرج لأمرت منظمة الصحة العالمية دول العالم أن تجبر مواطنيها على ارتداء النقاب لمواجهة الفيروس.
أما إمام الجامع الأموي بدمشق توفيق البوطي فقد رأى أن " حبة البركة" التي تحدث عنها النبي محمد هي الدواء الشافي من كورونا و أن " كل ما في الأمر أن عليك أن تحسن تصنيعها و استثمار هذه المادة الدوائية بأسلوب علمي تقني متطور" . وفي موريتانيا نشر الشيخ يحظيه ولد داهي[ صاحب مركز علاج السحر في نواكشوط وكان قد أعلن خوضه النفسة على منصب رئاسة بلاده سنة 2019] تدوينة على صفحته قال فيها" كورونا تعالج بالرقية الشرعية عند أحباب الرسول ولا داعي للقلق و مستعدون للذهاب إلى الصين". كما أنه أوضح لاحقاً أن العلاج يتم بالقرآن الكريم و عشبة تعالج عدة أمراض مستعصية كان الرسول قد أخبر عنها. أما في " إسرائيل" فقد قام أحد الحاخامات بتوزيع بيرة " كورونا " على المؤمنين و الدعاء للرب أن يحد من انتشار المرض*****. وكان رجل الدين الإيراني ناصر مكارم الشيرازي قد أفتى لصحيفة " همدلي" الإيرانية بخصوص لقاح محتمل للفيروس قادم من إسرائيل قائلاً " ما لم يكن العلاج فريداً من نوعه ولا بديل عنه فإن ذلك لا يُشكّل عقبة"
أما في العاصمة الهندية نيودلهي فقد أقام عدد من المؤمنين و الناشطين الهندوس****** حفلاً لشرب بول البقرة لوقاية أنفسهم من كورونا. .... انتهى كلام الكاتبة ملاك عبد الله.
تعقيب:
لاشك أن البشرية أمام خيارات صعبة, ولكن [ دائماً هناك ولكن] سوف ينتصر الإنسان في نهاية المطاف وإن كان بتكلفة عالية وعندها سوف نشهد معانٍ جديدة للتضامن الاجتماعي و الحلول الجماعية لم نكن نعرفها و ستكون المرأة أحد أبطال هذه الحلول بطريقة ما , وكما يقول "دييغو" مخاطباً فكتوريا" إن العالم في حاجة إليكِ, إنه في حاجة إلى نسائنا لكي يعلّمن الناس الحياة"
.................
*مقطع من حوار بين سكرتيرة" الطاعون" و " دييغو " بطل مسرحة ( حالة طوارئ) للكاب الفرنسي ألبير كامو ( عرضت أول مرة سنة 1948) وهي تعدّ امتداداّ لرواية الطاعون التي صدرت سنة 1947 لكنها بقالب أكثر عبثاً و تهكماً مع احتفاظها بذات معاني الرواية, حيث يعالج فيها كامو معنى " الخوف" كأحد أشكال الدفاع السلبي التي نستخدمها في حال تعرضنا لأخطار مفاجئة مجهولة وكيف يتحول الخوف بحد ذاته إلى قاتل شرس اشد فتكاً بنا من الوباء نفسه, في رواية الطاعون يموت الدكتور "ريو" لأنه تجاوز عتبة الخوف " الوجودي" فقضى على المرض, لكنه انتهى به الحال إلى الموت أيضاً, كنوع من التضحية التي هي هنا ضرورة حتمية أكثر منها استهلال أخلاقي أو تأمل فكري. وفي " حالة طوارئ" ثمة سؤال جوهري عن المغزى من التضحية إذا كان حجم الموت أكبر منها, لاسيما في شدته وسرعة انتشاره. يتحدى " دييغو" الموت بعدم الخضوع له فيخاطب الطاعون أن " اخلع ملابسك.. حين يخلع رجال القوة ملابسهم فإن مرآهم لا يكون جميلاً" ( الفصل الثالث), وهنا تتضح لنا أهمية اختيار دييغو لمصيره بيده لا بيد غيره, فثمة مسارين لا ثالث لهما, إما الاستسلام و الانتهاء بين " أحضان" الطاعون,أو المواجهة و كسر حواجز الخوف و الرعب. بالطيع سوف يقاوم الطاعون, فهو -مثله مثل أي مستبد بيده قوة غاشمة- لن يستسلم بسهولة’ بل سيحاول أن يحرف دييغو عن مسعاه عبر مغريات عديدة وإقناعه للالتفات لشؤونه الشخصية
-الطاعون: أيها الأحمق[ مخاطباً دييغو] إن عشر سنوات في حب هذه المرأة [ يقصد فكتوريا حبيبة دييغو] أفضل من قرن من الحرية لهؤلاء الناس.
-دييغو: حب هذه المرأة هو مملكتي أنا, استطيع أن أفعل بها ما أشاء, اما حريّة هؤلاء فهي ملك لهم و لا أستطيع التصرف فيها.
فهذا الطاعون الذي كان ينظر للناس على أنهم " قطيع" يبدو من الظاهر قوياً لكنه من الداخل خاوٍ وعديم الفائدة, يشعر الطاعون باقتراب نهايته لأن شخصاً واحداً قوياً لا يخشاه و لا يخضع لإرادته وعلى استعداد للتضحية يمكنه أن يهزمه.
** " ريو" و " تارو" بطلي رواية " الطاعون" التي تتحدث عن الوباء الذي يضرب المدينة [ وهران الجزائرية] و يقضي على أرواح على العديد من السكان. " ريو" باختصار طبيب ملحد يتحدى الوباء من خلال " منطقه" الفلسفي و رؤيته الوجودية لهذا العالم (يرى العالم يون رب) , أما " تارو" فهو كاهن يحارب الوباء " روحياً, كلاهما يخوضان الحرب ضد الوباء على طريقته الخاصة و إيمانه الخاص, " ريو" يبحث عن خلاصه من خلال محاربته لهذا المجهول القاتل, أما خلاص " تارو" فسوف يجده في الندس خارج الفضاء اللاهوتي, يصر " تارو" على أن " الطاعون" جزء من مملكة الرب ( ولكن من قال أن مملكة الرب هذه لا تحتوي على الأوبئة و المستبدين و الطغاة و الجبناء جناً إلى جنب مع الأشياء الجميلة), ينظر " ريو" على السماء كضرورة وجودية لنا و لكن ليس بالضرورة أن تكون سكناً لأحد, ومع ذلك هناك العديد من الحوافز التي تجعله يقضي على الوباء , لكنه للأسف يموت بسببه , سوف يرثي " تارو" صديقه الطبيب الملحد الذي يحبه كقطعة منه سوف يبكيه كما لم يبك أحد.
*** يقول القس الأمريكي ريك وايلز مؤسسة منصة ترو نيوز Tru News من أن الفيروس هو " ملاك الموت" مرسلاً من الرب و "جائحة لتطهير العالم من الخطية مع اقتراب النهاية".
**** الملفت للنظر أن مقتدى الصدر, زعيم التيار الصدري, اعترض على منع صلا الجمعة في الكوفة, لكنه لم يحضرها, بل اكتفى بإرسال ممثل عنه.
*****يقول الحاخام زمير كوهين -الذي يخضع للحجر الصحي-" الفيروس نتيجة طبيعية لأن غير اليهود يأكلون أي شيء". و يرى الحاخام مئير معزوز" أن الرب ينتقم من الشخص الذي يقدم على أفعال غير طبيعية". وكان الحاخام إيهودا غليك قد وجّه تحذيراً للسلطات الصينية قال فيه " إن فيروس كورونا عقاب من الرب لحكومة الصين بسبب اضطهادها المؤمنين بالكتاب المقدس و انتهاكات حقوق الإنسان"
****** وهم أعضاء منظمة " هندومهاسبها" الهندوسية القومية المتطرفة حيث ارتدى أفرادها ثياباً ذات لون أصفر زعفراني مخصصة للطقوس الدينية و راحوا يرددون ترانيم هندوسية وتقدموا بالصلوات للبقرة المقدسة, ثم بدأوا بشرب البول بأقداح خزفية. وكان "شَكرباني مهراجا" زعيم هذه المنظمة قد صرّح أثناء ذلك أن كورونا تجسيد للإله " فيشنو" لمعاقبة من يأكل اللحم, وتابع" لقد اجتمعنا هنا وصلّينا من أجل أن يعُمَّ السلام في العالم, وسنقدم قدحاً من بول البقر إلى فيروس كورونا حتى يهدأ", ثم قدّم " مهراجا" قدحاً من البول إلى رسم كرتوني على هيئة الشيطان " لتهدئته".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير الاستخبارات الأميركية: أوكرانيا قد تضطر للاستسلام أمام 


.. انفجارات وإصابات جراء هجوم مجهول على قاعدة للحشد الشعبي جنوب




.. مسعفون في طولكرم: جنود الاحتلال هاجمونا ومنعونا من مساعدة ال


.. القيادة الوسطى الأمريكية: لم تقم الولايات المتحدة اليوم بشن




.. اعتصام في مدينة يوتبوري السويدية ضد شركة صناعات عسكرية نصرة