الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الاحتجاجي

امغار محمد
محام باحت في العلوم السياسية

(Amrhar Mohamed)

2020 / 4 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



ان مقاربتنا لمفهوم الاحتجاج داخل المجتمعات المعاصرة ،ومنها المجتمع المغربي ينطلق من اعتبار انه في المجتمعات الديمقراطية ،او مجتمعات الانتقال الديمقراطي ، فان نشاط المواطنين لايقتصر فقط على المشاركة السياسية المتمثلة في اختيار المنتخبين بالتصويت ،ونشاطات الحملات الانتخابية المباشرة او الغير المباشرة والنشاط الاجتماعي المدني.
بل غالبا ما يتعدى نشاط المواطن في بعض الأحيان وعن حق ،حدود ممارسة السياسة التقليدية الى مجال المشاركة في المظاهرات، والاحتجاجات ،واشكال اخرى من الحراك السياسي ،المرتبط بالعمل السياسي الغير التقليدي.
وفي هذا الإطار فان الحراك الاحتجاجي يختلف عن ممارسة السياسة التقليدية في عدة نقاط منها:
- الاحتجاج هو بمثابة الية عمل مباشرة لمواجهة النخبة السياسية.
- الاحتجاج يركز على قضايا محددة وأهداف سياسية، او ما يعرف بالملفات المطلبية.
- مكان وزمان الاحتجاج يخضعان لسيطرة الجمهور.
ويرى المدافعون عن حرية ممارسة الاحتجاج ،ان باستطاعة الجماهير المحتجة ان تعزز تأثيرها على صناع السياسة بشكل كبير لتحقيق مطالبها.
ومن المؤكد ان الحراك الاحتجاجي ليس عنصرا جديدا من عناصر السياسة في المجتمعات الإنسانية، وبلغة التاريخ، فان الاحتجاج الفردي او الاحتجاج الجماعي يعتبر آخر الأعمال اليائسة التي يلجأ اليها المواطن ، للتعبير عن مطالبه مدفوعا في الغالب بمشاعر الإحباط والحرمان.
و يتركز الحراك الاحتجاجي في الغالب الأعم بين المتضررين اجتماعيا ،او الجماعات التي أبعدت عن العمل السياسي الرسمي، لذلك كان العمل السياسي الغير التقليدي المتمثل في الاحتجاجات هو متنفس هذه الجماعات المحرومة من ممارسة السياسة، او الاستفادة من منافعها من خلال القنوات التقليدية.
ومن خلال الدراسات والملاحظات المباشرة لتطور أشكال الحراك الاحتجاجي يمكن وضع نموذج عقلاني لشكل ومستوى المشاركة في الاحتجاج بدءا بالحراك الاحتجاجي ،الأقل تطرفا وانتهاءا بالأكثر تطرفا .
المستوى الأول: الانتقال من السياسة التقليدية الى السياسة الغير التقليدية مثال التوقيع على العرائض والمشاركة في المظاهرات المشروعة وهي نشاطات سياسية غير مألوفة .
المستوى الثاني: الانتقال الى ردود الأفعال والعقوبات التأديبية.
المستوى الثالث: النشاطات السياسية الغير المشروعة والتي تخلو من العنف مثال ذلك الإضرابات الغير الرسمية او الاحتلال السلمي للشارع العام.
المستوى الرابع: الحراك الاحتجاجي العنيف .
وهذا ما يوضح أن الحراك الاحتجاجي هو عمل تراكمي متسلسل، ويشارك الافراد الناشطون سياسيا بشكل عام في أشكال الاحتجاج الأقل حدة.
ويظهر الجانب السيئ من السياسة الاحتجاجية عندما يتجاوز المواطنون المستوى الرابع ويقحموا أنفسهم في السلوك العنيف.
وهذا ما يدفعنا الى التساؤل عن أسباب الاحتجاج؟
لقد حاول علماء الاجتماع تنظيم هذه الأسباب والدوافع من اجل توضيح المصادر العامة للنشاط الاحتجاجي وتم اقترح عدد من النظريات العامة لتفسير الدوافع الفردية والجماعية للاحتجاج ومنها،
نظرية الحرمان، والتي تعتبر أن الاحتجاج يستند في الأساس على مشاعر الإحباط والعزلة السياسية، ولقد اعتبر المحللون منذ عصر أرسطو ان عدم الرضا الشخصي والنضال من اجل ظروف أفضل هي الأسباب الأساسية للعنف السياسي ,ذلك ان التسلسل السببي الاساسي في العنف السياسي يبدأ بتنامي الشعور بالاستياء ومن تم تسييس هذا الاستياء، وينتهي بتجسيده في العنف السياسي ضد أهداف وشخصيات سياسية.
إن المضمون الرئيسي لهذا النموذج هو ان عدم الرضا والعزلة السياسية لا بد ان يكونا مؤشرين أساسيين على الاحتجاج.
وتوحي هذه النظرية بصورة غير مباشرة بان النشاط السياسي غير التقليدي لابد ان يكون أكثر انتشارا بين الأفراد العاديين والمجموعات المبعدة من السياسة الرسمية ممن يجدون سببا للشعور بالحرمان وعدم الرضا.
نظرية النموذج المرجعي، في هذه النظرية لا ينظر الى الاحتجاج والعمل الجماعي على انهما ارهاصان انفعاليان لأناس محبطين بل ينظر الى الاحتجاج على انه ملاذ سياسي آخر كالتصويت او نشاط الحملات الانتخابية او النشاط الجماعي قد تلجا اليه جماعة ما في سعيها لنيل اهدافها، ولا يفيد السلوك السياسي غير التقليدي انحرافا متهورا كما يوحي نموذج الحرمان بل ينظر الى الاحتجاج كجزء طبيعي من العملية السياسية حيث تتبارى الجماعات السياسية من اجل الوصول الى السلطة، واذا ما استثنينا التصويت والانتخابات فان الاحتجاج واحد من أشهر أشكال المشاركة السياسية الشعبية.
وتعتبر هذه النظرية فعالة لقياس العلاقة ما بين المشاركة السياسية التقليدية والمشاركة السياسية الغير التقليدية ومدى شعبية كل واحدة منهما.
وباختصار فان الاحتجاج ليس مجرد متنفس لأولئك الذين يشعرون بالعزلة والحرمان وفق نظرية الحرمان بل غالبا ما يثبت العكس، ان عدم الرضا حافز على الاحتجاج الا ان النموذج المرجعي يقدم وصفا أكثر دقة للاحتجاج والمحتجون هم الأفراد الذين يمتلكون القدرة على التنظيم والمشاركة في النشاطات السياسية في كافة الأشكال ومن ضمنها الاحتجاج.
والاحتجاج اليوم لا يعد سلوكا معاديا للديمقراطية بل في الغالب ما هو الا محاولة من المواطنين العاديين للضغط على النظم السياسية لكي تكون أكثر ديمقراطية، وفي اغلب الاحيان يضغط المحتجون على النخبة السياسية لإطلاق العملية السياسية و هذا ما يدفع افراد النخبة لكي يكونوا اكتر فعالية تجاه القضايا المستجدة ولهذا فان عددا محدودا جدا من المواطنين هو من يشارك في الاشكال المتطرفة من العمل السياسي الاحتجاجي العنيف .
ان توسيع المشاركة السياسية لاحتواء أشكال الاحتياج والاستجابة لمطالبه ليس مشكلة بل انه فرصة للديمقراطية يمكنها من الاقتراب من مستوى المثل الديمقراطي.
وباختصار، فان أزمة الديمقراطية هي في الحقيقة نوع من التجديد، لان ديمقراطية صناديق الاقتراع بحاجة الى ملائمة نفسها مع السياسات المعاصرة والدور السياسي الجديد للمواطن، لذلك فان حرص الجميع على مستقبل الديمقراطية يجعلهم يؤمنون ان عليهم ان يجازفوا بمزيد من الديمقراطية، الاقتصادية والاجتماعية والتغيير قد يخيف البعض لأنه يمثل مخاطرة حقيقية، لكن التغيير ضروري، والتحدي بالنسبة للديمقراطية يتجسد في قدرتها على الاستمرار في التطور لضمان الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والتنموية وزيادة قدرة المواطن على التحكم بمصيره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان - 49 عاما بعد اندلاع الحرب الأهلية: هل من سلم أهلي في


.. التوتر يطال عددا من الجامعات الأمريكية على خلفية التضامن مع




.. لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريبات للبحرية


.. اليوم 200 من حرب غزة.. حصيلة القتلى ترتفع وقصف يطال مناطق مت




.. سوناك يعتزم تقديم أكبر حزمة مساعدات عسكرية لأوكرانيا| #الظهي