الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هيئة اجتثاث البعث تلقي المسؤولية عن اكتافها
جليل البصري
2006 / 6 / 11اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لم تكن مفاجأة لاحد ان يصدر قانون اجتثاث البعث وتشكل لجنة له بعد سقوط نظام البعث في العراق، فعمليا قد فعل البعث الكثير في تغيير البنية الاخلاقية والاجتماعية والسياسية في العراق وهي البنية الفوقية التي تكون عصية على التغيير أكثر من البنية الاقتصادية (التحتية)، ولذلك فإن اجتثاثه هو الطريق الوحيد لاعادة تغيير هذه البنية لتكون بيئة صالحة لنمو بذرة الديمقراطية.
ولكن أين نقف الان بعد مرور أكثر من ثلاث أعوام على سقوط النظام البعثي من عملية اجتثاثه من بنية هذا البلد؟
لقد فهم البعض ان الاجتثاث هو عملية تحتاج الى تصفيات جسدية لرؤوس وقادة النظام البعثي واقطاب الحزب على مستوى العراق والمحافظات، وجرت هذه الامور بشكل شخصي أو منظم مما دفع البعثيين للتحرك باتجاهات مختلفة كان أولها التخفي ومحاولة دخول الهيكل الحكومي من الباب بعد خروجهم من الشباك وهم الخبيرون بالتلون والتزلف والمحاباة والتسلق عبر الاحزاب .. بينما توجه البعض الاخر الى اعادة التنظيم والقيام بالعمل الارهابي المسلح وهو ما لديهم مؤهلات له تتلخص في اجراميتهم أولا وعلاقاتهم القائمة اساسا بعناصر القاعدة والمتشددين الاسلاميين..
اذا فقد جرت الامور (تنفيذ عملية اجتثاث البعث) بطريقة غير صحيحة وكانت النتائج سلبية خطيرة على الوضع ، فهم يضربون من خارج الحكومة بعنف ويعيثون فسادا بالجهاز الجديد للدولة الذي وصلت مديات الفساد فيه الى القمة.. وهذه النتيجة هي التنفيذ الدقيق لما أعلنه تقرير القيادة القطرية المؤقتة للبعث المنحل عام 2003 من خطط لمواجهة الوضع الجديد.
وقد ظلت مسالة البعثيين من اعضاء الفرق والشعب الحزبية مسألة تتذبذب فيها القرارات بدون اساس.. فمرة يمنع اعضاء الشعب من العودة الى العمل الحكومي ومرة يمنع اعضاء الفرق ايضا ، فيما يجري استثناء البعض الاخر تحت شرط عدم الاشتراك في جرائم الحزب ضد المواطنين (بشكل مباشر طبعا)، لان أحد قوانين هذا الحزب الفاشي الاساسية للترقية الحزبية هي كتابة التقارير الامنية والتي يذهب جراؤها مواطنون ابرياء ومعارضون الى السجون او الى المشنقة.
فهل يمكن دمج هؤلاء بالمجتمع وإعادة تربيتهم ليكونوا مواطنين طبيعيين ؟ وما هي الوسائل التي وضعت لذلك؟
بالتاكيد لم توضع وسائل ولا خطط ، وسارت الامور بشكل كيفي واعتباطي وتحولت احيانا قضية اجتثاث البعث الى وسيلة للمنازعات السياسية بين القوى المختلفة، مثلما حولت العملية الديمقراطية البعثيين الى عملة ذات ثمن يحاول كل طرف ان يجد وسيلة للحصول عليها دون أن "يتلوث" بتاريخها.
وأخيرا ، وهو السبب في كتابة هذا المقال، فإن لجنة اجتثاث البعث تريد ان تتنفس الصعداء وتلقي عن اكتافها هذا الحمل الثقيل، فهي تستعد لعرض مسودة قرار على مجلس النواب الجديد يقضي بمنح اعضاء الشعب راتبا تقاعديا واعادة اعضاء الفرق من الراغبين الى وظائف حكومية، وهو قرار يطلق يد الاخرين في التعامل مع البعثيين في هذه المستويات ودونها ويمهد لالغاء الفروق بين من قمع الشعب وأذله وبين الشعب نفسه ومناضليه ، وهو ما يمهد أكثر لاخلاقية جديدة تبرر الفعل السيء باعتبار ان لا فرق بين مرتكبيه ومرتكب الفعل الحسن، فهل تدرك هذه اللجنة ما تفعل؟ اما من وسيلة لتجنب هذه المعادلة الخطيرة ؟ وكيف سنجتث جذور السوء بعد ذلك؟
ان الاعلان عن سيئات هؤلاء وجعل الاخرين على دراية بها تشكل استحقاقا للمظلومين واستحقاقا لهم ايضا ، لا يلغي حقهم في العيش ولا حقهم في العودة الى صفوف الشعب، وهو حق سيجعل الجميع على يقين بان الجرائم ضد الشعب لن تمر دون عقاب عادل ، عقاب القانون لا شريعة الغاب التي استخدموها عندما كانوا في السلطة.. وهذا لوحده يمكن ان يشكل اساسا صحيح لاعادة لحمة هذا الشعب الذي مزقه البعث واستعدى بعضه على بعض واغرق بعضه في دماء بعض ولا يزال.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. حرب غزة.. هل تتسبب في تفاقم الأوضاع في الأردن؟ | المسائية
.. 16 قتيلاً حصيلة 24 ساعة من القصف المتبادل بين إسرائيل وحزب ا
.. العراق.. توجه لحجب تطبيق -تيك توك-! • فرانس 24 / FRANCE 24
.. الرهائن ووقف إطلاق النار.. آخر تطورات المفاوضات بين إسرائيل
.. واشنطن.. نتنياهو وافق على إعادة جدولة اجتماع رفح