الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امرأة وسبع عجاف

كمال الموسوي
كاتب وصحفي

(Kamal Mosawi)

2020 / 4 / 4
حقوق الانسان


في ازقتنا العشوائية هناك العديد من الحزن والكثير من الوجع فالجميع هناك متساوون في الهموم والألم والأسقف الاسبستية والاسيجة المغلونة من الصفيح الساخن والتي سرعان ما تتطاير مع اول هبوب اي عاصفة شتوية كانت ام صيفية ، فالغرف المبينة جدرانها من ( البلوك) لا تقينا حر الصيف ولا تدفئ اقدام أطفالنا في فصل الشتاء وترى على جدرانها تشققات تشبه الى حد كبير تشققات قلوبنا وصدء رطوبي عليها مطابق لأرواحنا المصدات من الضيم والقهر، وتجد على كل دارا راية ترفرف بأسم الحسين ع وصورة لشهيد قاد معركة طاحنة من معارك الحشد ، وله في صورته الف قصة والف طفل يتيم.

عند اول الليل في احدى ليالي المطر وحظر التجوال ، طُرقت بابي! خرجت متلفلفا بمظلتي خائفا من بلل المطر، واذا بها امرأة طاعنة في الحزن مليئة بالألم تجر وراءها سبع عجاف كبيرهم لم يبلغ الحلم، امرأة في الثلاثين من وجعها وعلى وجهها اثار لدمار وفوضى داخلية وضيق شديد من كثرة العوز والديون، حاولت ان افتح لها الباب اكثر كي تتمكن وعجافها من الدخول الى وسط الدار، لكنها رفضت وقالت لا اطيل الوقوف عندك ولكنني التمس منك المساعدة لهؤلاء الأيتام ، حتى رأيت في عينيها الانكسار والمعرفة الشديدة بي! فبادرت هي بالسؤال سيدنا ما عرفتني مو؟! صدقا والله ما عرفتكِ سيدتي.. انا.......! يال شدة اندهاشي أأنت هي؟! نعم والله يا سيدنا انا هي.. كيف تحول ذلك اللطف وتلك الاناقة وذاك الدلال لهذا الشكل المثقل بالتعب.. انه الزمان يا جارنا السابق، سمعت ان لك القدرة على مساعدة الأيتام وأنا امتلك منهم الكثير الديك طريق للمساعدة او تدلني عليه، سيدتي الطريق موجود رغم وجعه وارادة التكافل هي الداعم الكبير لكم حين اصدرها قائلها وتكفل بكل تفاصيلها لا تخافي مادام فيه عرق ينبض، قالت انا لست خائفة من ضنك العيش ولكنني خائفة من شدة العوز وغياب ظلال الرجولة في زمن التوسع الذكوري، قلت لها لازلتي تحملين نفس المنطق العالي، قالت ومكتبتي رحلت معه، أكنت تحبيه؟ نعم حتى اني أفرطت بالإنجاب منه وأصبحت امتلك قطيعا من الأيتام كلما رأيتهم تذكرته.
قاسمتها بالاربعون ألف دينار التي امتلكها ووعدتها باليسر ورحلت تجر وراءها تلك العجاف، لكنني لا اعرف كم من الوقت بقيت واقفا على بابي رغم المطر ورغم الريح لا انظر الى شيء الا لمكان وقوفها رغم رحيلها وكنت شديد الاطالة بالتحديق لاماكن اقدام أيتامها وكيف كانت اعينهم تتابع حديثي بصمت مطبق وكيف رأيت أناملها النحيلة تطبق على العشرون الف دينار . رحلت عني نعم لكنها تركت معي ألف وجع وجرح وقلق مميت من القادم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تستبق الاجتياح البري لرفح بإنشاء مناطق إنسانية لاستي


.. إسرائيل.. تزايد احتمال إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرات ا




.. الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا


.. اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بتهمة الرشوة




.. هل ستطبق دول أوروبية نموذج ترحيل طالبي اللجوء؟ | الأخبار