الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حصان حسين أوباما الطروادي

طارق الهوا

2020 / 4 / 5
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أعلنت جماعة "كير" الاسلامية في أميركا أن رئيس الولايات المتحدة الاميركية سيكون مسلماً سنة 2030.
مقدمة لازمة
سواء كنت تؤيد الدعوة السياسية الاسلامية في القرآن المدني، أو كنت علمانياً كافراً لا تؤيد تسييس الدين بشكل عام، يقول التاريخ بأن هذه الدعوة نجحت في اجتثاث جذور حضارات دول جنوبي البحر المتوسط تماماً، ووأدت هوياتها وأديانها، حتى الكنيسة القومية المصرية أصبحت ميتة سريريا، رغم وجود أكثر من عشرة ملايين مسيحي مصري في البلد.
كما نجحت هذه الدعوة في مد جسور في أوروبا من شرقها وغربها للوصول إلى السيطرة عليها يوما، وقد فشلت هذه المحاولات بعد خروج الحكم الاسلامي السياسي من اسبانيا، وهزيمة خليفته العثماني على أبواب ڤيينا، لكنها عادت منذ منتصف القرن الماضي للحياة بشكل غير عسكري، كما يقول القرضاوي "فتح (يعني تاريخياً وأد) أوروبا ليس بالضرورة أن يكون عسكريا".
تسللت هذ الحركة عبر التاريخ حرباً ثم بالدفع الذاتي بعد الحروب إلى قلب آسيا، وتطمح اليوم لحكم الولايات المتحدة الاميركية، بعد انتشارها في أوروبا بشراء وسائل الاعلام والذمم والجامعات، وتأسيس المشاريع الخيرية-السياسية، وحتى شراء النوادي الرياضة بعد إزالة الصليب من على شعارها، كما حدث مع نادي ريال مدريد الإسباني الشهير (إحتراما لمشاعر المسلم) وكأن الصليب رمزا عسكريا يخيف مشاعر المسلم المُسالم.
نجاح قبل الاوان
الدعوة الاسلامية السياسية نحجت فعلا في زرع رئيس مسلم في البيت الأبيض قبل سنة 2030 كما أعلنت "كير" لكن بطريقة التقية، لأنهم أتوا بمسلم فبركوا عليه أنه مرتد، ودعموه حتى وصل لرئاسة الولايات المتحدة بعد فوز غريب تم حتى في معقليّن جمهوريين كبيريّن هما أوهايو وڤرجينيا بسبب وجود منظمات خيرية إسلامية كبيرة هناك، اضافة إلى دوائر نفوذها المالية.
انتبه بعض مُحللي السياسة الاميركية الكبار إلى ضبابية وأهداف حسين أوباما ومن أتوا به إلى الواجهة، وظهرت على سبيل المثال على غلاف "نيويوركر" عدد 21 تموز 2008 صورة كاريكاتورية للمرشح أوباما وزوجته وهما يرتديان زياً أفعانيا وتحمل هي رشاشاً، وقامت دوائر النفوذ السياسية الاسلامية فورا بحملة مضادة، هاجمت فيها بلسان أميركي مبين لا لكنة فيه مَنْ لا يحترمون "المساواة والاصول العرقية غير الجنس الابيض والتعددية والديمقراطية وتعددية مجتمعات الدولة الاميركية"، وهو ما لا تؤمن به الدعوة السياسية الاسلامية منذ 1441 عاما، فقد دمر رسولها نفسه تعددية الاديان والانتماء القبلي آنذاك فور هزيمة قريش ووأد معالم عبقريتها وعمم على عصرها مصطلح الجاهلية، والايديولوجية مستمرة حتى اليوم، لأنها مرتبطة مباشرة بإله خلق "حزب الله" على الارض، ووضع مكافأة الموت في سبيله الذهاب مباشرة للجنة، وعاقب الكفار الذين يحاربوه بالخلود في النار، واستغل أصحاب طموح الحكم هذا السلاح الفعّال، ومن يتجرأ على معارضتهم يُتهم بأنه عدو الله وفاسد في الارض.
هدف التغيير
رفع حسين أوباما شعار "التغيير" وهو في عمقه وتقيته يتناسب مع تمهيد الطريق إلى تغيير أميركا لقبول نفوذ الجماعة السياسية الاسلامية، أو "حزب الله" كأحد اللاعبين الكبار فيها، تماما مثل أحزاب أميركا الكبرى، والجهود نفسها تُبذل في دول أوروبا، وتتخذ ثمار علمانية الدول كمظلة لها، وسط تعامي مخجل من القيمين على الامور، يصل إلى حد اتهام من يشير بالاصبع على هذا الامر بأنه شعبوي أو يميني متطرف يريد تدمير الدولة.
لم يبد حسين أوباما طوال فترتي رئاسته أي إشارة تدل على اعتناقه المسيحية، فهو لم يذهب إلى الكنيسة في أي مناسبة، ولم يكتب كتابا يشرح فيه هذه التجربة الروحانية، وعندما بدأت تساؤلات الأميركيين عن حقيقة دينه تزداد في فترة رئاسته الثانية، ذهب مرة واحدة إلى كنيسة صغيرة ذرا للرماد في العيون، كما لم يشارك في احتفالات المسيحيين الكبرى مثل الكريسماس والفصح، ولم تتحدث أي جماعة أو منبر اسلامي على مسألة ارتداده ولزوم تنفيذ حد المرتد الإلهي عليه. وعندما اُختير "مسلم سنة 2015" من مجلة "تايم" وظهر على غلافها وجهه مع عنوان “Muslim Of The Year”، لم يذكّر المجلة بفبركة ارتداده ووافق على العنوان كما هو.
لم يبتعد حسين أوباما عن السياسة مثل أي رئيس أميركي سابق، وظل في مجالسه الخاصة وأحاديثه الاعلامية ينتقد الرئيس دونالد ترمب، وهي سابقة في تاريخ الولايات المتحدة الاميركية، فرؤساء أميركا لا ينتقدون بعضهم علانية، كما لا يقول الاميركيون العاديون أن كنيدي (مثلا) فعل كذا وكذا وهذا خطأ، كما يقول العرب عن عبد الناصر حتى اليوم. كل رئيس أميركي يذهب إلى التاريخ بعد خروجه من البيت الابيض مباشرة وليس بعد موته، ولا يظل مؤثرا في الحياة العامة أو حديث الاعلام.
البيات الشتوي
جهود الجماعة السياسية الاسلامية في اميركا لم تتوقف رغم عدم دعم ترمب لهم. دخلوا في بيات شتوي تجنبا للصدام معه لأنه رجل صاحب قرار، وهم مستمرون في خطتهم طويلة الامد لدخولهم علانية في السياسة الاميركية كحزب إلهي ينافس الاحزاب العلمانية، وأفضل من يسهّل لهم جهودهم اليوم بعد فترة رئاسة صعبة عليهم هو نائب حسين أوباما نفسه، الشخص الباهت الذي كان يتقبل وهو يبتسم أن يتحدث معه أوباما واضعا قدمه أو قدميه على المكتب أمام وجهه (وهي عادة وقحة مارسها أوباما مع حتى مع كبار موظفي البيت الابيض وصورها على صور غوغول ويمكن رؤيتها بطبع هذه العبارة Obama and the foot-on-desk controversy) بعدما فشلت الشخصية النسائية القوية هيلاري كلينتون المتعاطفة مع الجماعة السياسية الاسلامية في هزيمة دونالد ترمب، وقد وعد جو بايدن باتخاذ امرأة لتكون نائبا له، والشخصيتان المرشحتان هما هيلاري كلينتون أو ميشيل أوباما، وهو رأيي الشخصي، ما يسهّل جهود هذه الجماعة في تقوية نفوذها في دوائر الولايات كلها بوجود رئيس هزيل ونائب يسيّرهما أوباما، الذي أيد بشكل واضح وصول الاخوان المسلمين للحكم في الدول التي شهدت زوابع ربيعية، وأرسل مبعوثه الشخصي المُلاّ جيمي كاتر ليزف لمحمد مرسي تأييد واشنطن له.
تصويت مُسبق
أعلن حسين أوباما مؤازرته لبايدن من أسابيع قليلة فبدأ كومبارس الديمقراطيين في الانسحاب من السباق الرئاسي، وعقب هذه المؤازرة مباشرة صدرت الاوامر من مساجد الولايات المتحدة للمسلمين بانتخاب جو بايدن، والمسلمون يتابعون ويباركون أصوات الديمقراطيين التي تزداد لتؤهله للوصول إلى ترشيح الحزب له كمرشح وحيد ضد دونالد ترمب، وقد بدأ المسلمون فعلا يرسلون بالبريد أصواتهم لإنتخاب بايدن قبل ترشيح حزبه رسمياً له، كورقة ضغط على الحزب الديمقراطي، ضمن أوراق ضغط "المال الحلال".
انتخابات اميركا القادمة ستتم بين رئيس يضع اميركا أولا، ويغلق الباب أمام هجرة غير شرعية، ويقلّص نفوذ الجماعة السياسية الاسلامية في العالم، وبين مرشح سيمهّد لو ربح الطريق أكثر فأكثر لجعل الجماعة السياسية الاسلامية لاعبا أساسيا في الولايات المتحدة الاميركية مستقبلا، ويدعم نفوذها الذي بدأ يتآكل في دول الزوبعة الربيعية، وسيفتح الباب للهجرة لأميركا خصوصا غير الشرعية منها لإيواء المجرمين ومقاتلي الجماعة الاسلامية الدولية الذين أصبحوا ورقة محروقة.
قد تكون خدعة "حصان طروادة" أسطورة ضمن تفاصيل أساطير هذه الحروب، لكن فكرة الحصان الذي يفتح راكبوه الابواب من الداخل أفضل خدع تاريخ الحروب والسياسة، وقد اتخذها الغرب نفسه لهدم الاتحاد السوفياتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مغالطات كثيرة
ابو ازهر الشامي ( 2020 / 4 / 5 - 10:06 )
تقول
-
وعمم على عصرها مصطلح الجاهلية، والايديولوجية مستمرة حتى اليوم
-
مصطلح الجاهلية مصطلح لم يقله من الاساس رسول الاسلام وانما نشأ مع علماء الاسلام او فقهائهم مع مرور الزمن حتى اخذ الشكل الحالي المشهور
اذن نتستنج انه ليس قول لرسول الاسلام وانما مصطلح نما عبر الزمن
ملاحظة اخرى رسول الاسلام نفسه في احاديثه لم يقل الجاهلية الا في نقاط محددة اي انه وصف المجتمع الذي سبقه بالجاهلية في نقاط محدودة ومحددة

اخر الافلام

.. إيهود باراك: إرسال نتنياهو فريق تفاوض لمجرد الاستماع سيفشل ص


.. التهديد بالنووي.. إيران تلوح بمراجعة فتوى خامنئي وإسرائيل تح




.. مباشر من المسجد النبوى.. اللهم حقق امانينا في هذه الساعة


.. عادل نعمان:الأسئلة الدينية بالعصر الحالي محرجة وثاقبة ويجب ا




.. كل يوم - الكاتب عادل نعمان: مش عاوزين إجابة تليفزيونية على س